مُعجزات
الدكتور داهش
و ظاهراته الروحيّة
ضراعة لخالقِ البرايا
تبارك اسمك يا الله!
السماوات تُحدّث بعجائبك،
و الكواكب تُنبئ عن صنع يديك،
و السُّدم تُذيع أخبار مُعجزاتك،
و المجرّات تُنشر أنباء خوارقك،
و البحر الجبّار الثائر المتلاطم الأمواج
يخشع أمام جبروتك العاصف،
و العاصفة تنكفئ و تستكن أمام مهابتك الإلهية،
إن عظمتك أيَّها المُوجد
لأعجز من أن يصفها قلمي المسكين!
داهش
من كتاب ابتهالات خشوعية
اضطُهدت فإذني انقلب لنمرٍ مفترس،
و تبهنست ثم وثبتُ على المُعتدي الوغد،
فمزقته بمخالبي الفولاذية تمزيقاً مروعاً...
و إذا بصيحات الألم الرهيب المدويّ،
يسجّلها التاريخ بين دفتيه.
داهش
من كتاب كلمات
ثمَّة حقيقة عظيمة!
لقد انعمَ الله علينا!
فالأرضُ لم تُشاهد قط حتى هذا اليوم
ما نشاهده و ما سنشاهده أيضاً!
إن الدكتور داهش هو وسيط علوي بين السماء و بيننا
به نتَّصلُ بالعوالم الروحيّة،
و تتجسّد فيه أسمى الأرواح فتعطينا أدلّة محسوسة على وجودها.
لقد اهتدينا، على يدِ الدكتور داهش إلى طريق الله، و أي طريق!...
لا يؤبه للزمان ؛ فسوف ندركه بواسطة الدكتور داهش و أعماله،
عظمة الأبدية حيث يمضي بنا نحو السعادة!
ماري حداد
مقدمة
داهش المُعجزة !
في سالفات السنين أمضي، سنين مشحونة حكايات ووقائع ليست بالعادية مطلقاً، وفي عمري الأول طالما انتظرت الحدث الجَللْ: المُعجزة. لا ، لن يخيب أملي، سيأتي ذاك الذي كانت تناديه روحي.
أشياء الحياة، من موت وولادة، قران و أحداث، أحزان و أفراح، كان شريطها يعرض بهدوء. لا شيء كان يثير. إنما ذات يوم حدثت الصدمة، و كما الصاعقة انقضّت عليّ.
في تلك الآونة كانت الشمس تشرق و تغيب ، كالعادة، و القمر و النجوم تأهل السماء بحضور دائم. أحياناً كانت تنطلق نيازك أو نجوم مذنّبة، أو يحدث كسوف، أو في بعض ليالي الصيف مثل انفجار بين شتى الكواكب يشبه عراك الملائكة القديم. و لكنّ نفسي لم يكن ليتبدّل فيها شيء...
بهدوء كنت أنتظر، و إذا الصدمة- النبأ أعُلن لي بعبارات أقل ما فيها العجب. أهذيان وجنون و هوس؟ ما هذا الذي يرويه لي هذا الولد الكبير الساذج الذي لا ريب أنهم خدعوه؟! لا، قلت ساخرة، لن أُخدع. و لكن إلحاح الرجل المسن سيتغلّب على السخرية، لأن صدق قلبه كان حقّاً. وإذا بي أكتشف العظيم الذي أعلنه حليم دموس!
نعم فقد كان الشاعر المُلهم حليم دموس أول من أوصل إلينا أخبار الدكتور داهش مكتسية بثوب غريب عجيب. كان ذلك الرجل الطيب صادقاً لا يعرف الخبث إلى قلبه سبيلاً. أخبرنا بما رأت عينه و سمعت أذنه و لكن، كان مُحالاً، بادئ الأمر، أن نتناول أنباءه بجديّة، فكنا نتابع الإصغاء إليه، و البسمة تعلو ثغورنا، لظننا أن الحليم الوديع قد وقعَ في شرك بعض المشعوذين. غير أن إيمانه الوطيد بحقيقة ما يروي و تأكيده البطولي لصحّة ما يخبر، جعلانا، على شكوكنا، نتحسَّس نبرة الصدق و هي تهدر في عباراته. فقرّرنا زيارة الدكتور داهش.
في تلك الأثناء كانت ابنتي أندره في مستشفى الدكتور توفيق رزق تضع ابنها البكر (إيليا). و في الثامن من أيلول من تلك السنة لدى مغادرة أندره المستشفى، قرعنا باب منزل الدكتور داهش الذي كان تجاه المستشفى، فاستقبلنا بحفاوة بالغة.
قبل زيارتنا تلك، كنا قد أمضينا عدة أسابيع في قرية ( جورة الترمس) في الجبل. و يوم السادس عشر من آب، شاهدنا سقوط بالون دفاعي ضخم للجيش البريطاني حطَّ قرب الفندق حيث كنا نازلين. و الغريب أن معظم سكان تلك الناحية قد اضطربوا، في حين أننا كنا مسرورين.
و بعد بضعة أيام، عدنا إلى بيروت، و قمنا بزيارة الدكتور داهش. و في خلال المقابلة، طلبَ زوجي، إذا كان ممكناً، أن يسمح له بجلسة روحيّة يتحقَّق فيها شيء من الأعاجيب التي أسمعنا الكثير عنها صديقنا حليم دموس. فسُمِح له بذلك. فطلب، إذ ذاك، زوجي أن يحصل فوراً على غرض معين موجود في بيتنا الكائن في الطرف الآخر من المدينة، و هو كناية عن قطعة أثرية من الخزف معلّقة، بإحكام، في خزانة قاعة الاستقبال. و في الحال ظهرت القطعة المطلوبة بين يديه، و ذلك على مرأى أشخاص كثيرين. كان الحادث بالغ التأثير: شيء ينتقل من بيت إلى آخر بسرعة البرق!
أخذتنا الدهشة و تملكنا الجمود، فقرَّرنا مُتابعة أختباراتنا مع الدكتور داهش. و طفقنا نتجاذب أطراف الأحاديث، حتى تطرقنا إلى موضوع تمضية فصل الصيف، فذكرنا أننا كنا في (جورة الترمس)؛ و إذا ملامح المفاجأة ترتسم على وجوه الحاضرين، و كان بينهم الدكتور خبصا ويوسف الحاج و حليم دموس. فأخذ حليم دّموس يروي حادث البالون الغريب. قال:" كنت سائراً في المدينة برفقة الدكتور داهش، و على مقربة من مركز البريد، خاطبني الدكتور قائلاً:" أنظر هنالك في الفضاء، بالونات الدفاع المؤقت، للجيش البريطاني".
ثم تابع:" أنظر هذا البالون"، و أشار بإصبعه إلى أحدها. في اللحظة نفسها، رأيتُ البالون المُشار إليه يطيعه فيقطع حبله الفولاذي، و يطير بعيداً حتى يغرب عن عيني. سألته، مدهوشاً، عن سبب الحادث، فأجابني:" دوّن في مفكرتك تاريخ هذا النهار، و اعلم أن البالون سيحلّق إلى ما فوق قرية لبنانية حيثُ يهبط. سبب ذلك أن في تلك القرية تنزل أسرة ستؤمن بالرسالة الداهشيّة، وستقوم فيها بدورٍ خطير، و قد تقدمت الحادثة لنبقى متذكرين اليوم الذي فيه ستدخل تلك الأسرة هيكل الرسالة الداهشية".
لدى سماعنا الخبر، ذُهلنا و صرخنا:" إن البالون هبطَ أمامنا في السادس عشر من آب، وهو تاريخ النهار نفسه الذي فيه، و [إشارة من الدكتور داهش، قطع البالون حبله، و انطلق محلّقاً في الأجواء، حتى هبط في جوار الفندق حيث كنا نصطاف في ( جورة الترمس)!"
بعد ذلك اليوم، تكرَّرت زيارتنا للدكتور داهش، و كانت كلمات حليم دموس لنا تتأكّد أكثر فأكثر. فكلّ يوم كنا نشهد خوارق جديدة، و نتساءل في الصباح هل كان ما شاهدناه بالأمس واقعياً ؟ أيكون حلماً؟! كم من مُعجزات مُذهلة رأينا: تكثير الخبز و الثمار، تعدّد الشيء الواحد بحيث يصبح أشياء، نبوءات دقيقة صحيحة، تحويل مادة إلى أخرى، و عجائب شفاء!.. لقد كانت الخوارق حقيقية في الصبح و المساء كما في أية لحظة من لحظات النهار. حقاً لم يكن ذلك حلماً !
للعجائب في الماضي كما في الحاضر مغزى عميق: إنها مُعدَّة لفتح عيوننا على قضايا الحياة المهمّة؛ إنها تدعم حقائق، لولا العجائب، لظلّت، غلباً، بلا تأثير في الرُّوح الإنسانيّة.
و ما كان منزل الدكتور داهش يفرغ من الناس. و غالباُ ما كنا نلتقي وجوهاً جديدة: أناساً من مختلف طبقات المجتمع، سياسيين و عسكريين و مدنيين و رجال دين، رجال أعمال وموظفين، أطباء و أساتذة و محامين و مهندسين و صحفيين، أجانب ووطنيين.. و في أكثر الأحيان كانت المنفعة المادية- و للأسف- تجتذب جمهور الناس. و مراراً كثيرة، شاهدت أشخاصاً يقبّلون يدي الدكتور داهش عرفاناً بالجميل و شكراً له على مساعدتهم.
أشياء متنوعة تكثّرت كياناتها بقوة المُعجزة أمام ناظري. ما زلت أذكر سيدة حملت معها إلى منزل الدكتور داهش باقة زهر، و طلبت من الدكتور زهرية لتضع الأزهار في الماء. فإذا الدكتور يحمل إليها زهريتين بدل الواحدة؛ فتقول له:" لن أشطر هذه الباقة، فذلك يفرق الأزهار، إن زهرية واحدة تكفي". و كم كانت دهشتي عظيمة عندما رأيت الباقة فجأة تزدوج فتصبح باقتين متماثلتين تماماً: الأزهار نفسها و الألوان عينها و الأعداد ذاتها في كل زهرية.
أحياناً، كانوا يأتون إليه مرضى. شاهدت لديه فتاة مصابة بمرض عقلي. كانت مخطوبة، و قد سببت شقاء كبيراً لأسرتها. الوسائل جميعها أخفقت في معالجة المسّ الذي أصابها، فأتوا بها، أخيراً، إلى الدكتور داهش، فشفاها بمساعدة روحيّة. و تزوّجت الفتاة بعد مدةٍ وجيزة. نعم كان شفاؤها كاملاً؛ و لكن المرضى لا يشفون جميعاً بمجرد طلبهم؛ لأن الشفاء يمنح للمريض كمساعدة روحيّة مثله مثل النِعَم لا تُعطى إلا لمن استحقّها من الناس حسب مؤهلات سيّالاتهم الروحيّة نتيجة لأعمالهم و رغباتهم في حيواتهم السابقة.
و بعد، فما هي التعاليم الداهشيّة؟
الديانات كلها جيدة إذا كان معتنقوها يؤمنون إيماناً صحيحاً بالله تعالى، و يحيون في خوفه وفق العدالة و الحقيقة. إنّنا نؤمن بخلود النفس، و بالآخرة، و بالثواب و العقاب، و التقمّص حتى التطهّر الأعلى الذي يحول دون رجوعنا إلى العوالم السفليّة و الذي يجمعنا مع الله سبحانه في عالمٍ طاهرٍ سامٍ لا دنسَ فيه.
و إننا نعتبر الدكتور داهش مزوّداً بقوة روحيّة علويّة. عندما يصل ممثل دولة ما إلى بلد، يقدم أوراق اعتماده من قبل الدولة التي أوفدته، و بالنتيجة يُستقبل و يقرَّ اعتماده . و الدكتور داهش برهن عن حقيقة رسالته الروحيّة الانسانيّة. إن أوراق اعتماده تثبته بخوارق لا عدّ لها، وكتاب الوقائع الداهشية سيشهد بقوة، و سيكون قريباً مطبوعاً في متناول الجميع.
في الجلسات الروحيّة، تتجلّى أمامنا جواهر روحيّة علويّة، فتدفعنا إلى العمل بموجب إرشادات الدكتور داهش، و إلى العيش في تقوى الله متزودين بنورِ الحقيقة و حبّ العدالة. إنها تقول لنا:" البشريّة لن تبقَ طويلاً، و كل هذه الاختراعات الحديثة الهدّامة ليست سوى دليل على نهايتها المقبلة".
فعلينا ألا نكون عمياناً و منقادين، كما كان الناس زمن نوح : كانوا يسخرون منه، و كثيراً ما حطّموا عمله في صناعة الفلك. لكن عداءهم و هزوءهم لم يمنعا وقوع الطوفان، و تفجعهم وتأسفهم لم يجدياهم نفعاً ساعة الانقلاب العظيم. فيجب ألا نتمثّل بهم، و علينا أن نظلّ أبداً مستعدين مثل العذارى الحكيمات في الإنجيل.
ماري حداد