ان للكرامة الشّماء و للحرية الابية ثمناً فادحاً من البذل و التضحيات. أما الاستسلام و الخنوع , و الذل و خضوع النفس لإسترضاء الطغاة البغاة والرضوخ لظلمهم الشنيع... فهة نذالة فاضحة, و نكبة فادحة لا و لن تنال مني منالا ً.
داهش
ايتها الحرية
انتِ قبس الله الساطع و مشعل من مشاعل الفردوس
انتِ انشودة كل حي ينشدك الجميع بلهفة و شوق
انتِ عصفور فتان , اطلقه الله من فراديس الجنان
فالمسيني ايتها الحرية بسّيالك العجيب فتحييني
فكم من سجين حزين يدعوك بكل ما فيه من امل
و كم من رهين في قيوده يتمنى ان تهبيه عطفك
لأنك رسولة السماء , و حبيبة الرسل, و عشيقة الملائكة والكاروبيم
فأنتِ هي إبنة الله.
فادن ِ مني ايتها الحرية.
داهش
من كتاب" من وحي السجن و التجريد و النفي و التشريد"
انا نار تهوي على اللؤماء
لست اخشى مواكــب الاعـــداء كيف يخشى الذباب نسر الفضاء
صاعقات الزمان تعنو لأمــري و تنــــادي بهمتـــي و مضائــي
و بــروق الغمــــام لمع بريقــي ورعــود السماء صوت ندائـــي
انا نـور يهدي سبيــل صحابــي انا نار تهوي علـــى اللؤمـــــاء
انا حق, و الحــق دومـا امامــي و بنـو البُطل ِ هائجون ورائــي
حسدوني لؤما ً و كيدا ًفثــاروا و تواروا كالبـوم فــي الظلمـــاء
بهرتهم مواهبــي يــــوم شعّــت في سماء الاكوان كالكهربــــــاء
عجبوا من صلابتي و اقتـداري و كفاحي و عزمتــي و بــــــلاء
و نفضت الاكفان عني, ولاحت ظاهراتي كالبرق فـي الليـــلاء
ياصغار النفوس لا تستشيطــوا بل فموتوا بغيظكم و هجائـــي...
كلمــا ( زدتــم) ذلـــة وهوانـــا ذدت مجدا في صولتي و علائي
داهش
انا القوي الجبار و العنيف البتار . فمهما حاولت الاحداث ان تتغلب عليّ, او تخضعني لجبروتها فأنها لن تعود الا بصفقة الخاسر المغبون .
نحن قوم مسالمون كالحملان .لكن, عندما يعتدي الظالمون على حريتنا التي هي هبة من لدن الله جل اسمه , اذ ذاك , ننقلب الى نسور كاسرة , و ننقض على اولئك المعتدين, و نمزق لحمانهم تمزيقا ً , و بذلك نؤدبهم تأديبا ً رهيبا ً جدا ً .
داهش
تمهيد
اخي الحبيب,
كنت قد بعثت لي منذ شهور عديدة كتاب عنوانه " سلسلة العلوم البارابسيكولوجية-الجزء السادس" لرجل يدعى روجيه شكيب خوري؛ و اخبرتني ان هذا الرجل الذي يمتهن توليد النساء في لبنان , قد دأب منذ سنوات طويلة على إغراق شوارع بيروت بمترجمات يبشر فيها بما يُعرف ب" البارابسيكولوجيا" . و قلت لي ان هذم المُترجمات التي تباع في بيروت , كما تباع مثيلاتها في سائر مدن العالم , مع القصص البوليسية و الرويات الجنسية وحكايات الخيال العلمي و كتب التنجيم و السحر و الشعوذة, و غير ذلك مما يقع في باب الادب الرخيص , ما كانت لتلفت إنتباهك لولا ان الرجل المذكور يتعرض فيها لمؤسس الداهشية .
و طلبت إليّ ان ابدي رأي بذلك الكتاب . و لقد اجبتك في حينه اني قد تصفَّحت الكتاب المذكور و اني اعتذر عن الاجابة . ان الانسان ليخجل من إدخال مثل هذه الكتب الى دائرة اهتمامه السلبي او الايجابي. فموقع البارابسيكولوجيا من العلم , كما تعرف , كموقع الخلاعة من الفن .
فأنت اذا امسكت ذلك الكتب و نفضته كما تنفض السجادة من الغبار و الاقذار , فأسقطت منه الحشو و التكرار و الإطالة والصفحات الطويلة المترجمة و الرسوم السخيفة التي لا علاقة لها بالموضوع , لا من قريب و لا من بعيد ؛
ثم نفضته فكنست منه الاحاديث الطويلة المثيرة للإبتسام عن " مواهب " المؤلف و " مواهب " ابيه , و تلك اللائحة الرخيصة من الالقاب الرخيصة التي يعرض فيها ذاته , كما يعرض الطاووس ذنبه و كما تعرض الرقصة اذيالها ؛
ثم نفضته فأسقطت منه المقاطع الطويلة التي يتذمر فيها " المُحاضر اللامع" و يبكي لأن الصحف ــــ و منها " النهار" على سبيل المثال لا الحصرـــ كما يقول , ترمي بمقالاته في سلة المهملات, و التي يشكو فيها من المذيعين و مقدمي البرامج
التلفزيونية و الاذاعية لأنهم يرفضون حضوره الثقيل في المناظرات و المناقشات , و من المثقفين عامة لأنه , و إن كان عند نفسه " علما من اعلام التنوير" , فهو عندهم علامة من علامات التدنّي الفكري , و لأنه , و أن كان عند نفسه ثورا ً, فهو عندهم ضفدعة تتشبه بالثور؛
ثم نفضت كتابه فأزلت منه بعود ٍ ـــ او بغيره مما يجنب الاحتكاك المباشر ـــ الشتائم التي يكيلها دون حساب لزملائه واقرانه من تجار البارابسيكولوجيا في بيروت , في حروبهم للسيطرة على سوق الدجل و الشعوذة ؛
ثم نفضته فأسقطت منه تلك الحملات الدونكشوتية المُضحكة التي يشنَّها " المُفكر الشاب " ــ كما يصف نفسه بكل تواضع ـــ على مفاهيم داهشية فلسفية لم يتمكَّن من فهمها على وجهها الصحيح , مثلما يقول بها الداهشيون , كمفهوم " السّيال" و مفهوم
" وحدة الاديان " لا " توحيد الاديان" ـــ و مفهوم " التقمُّص"؛
ثم نفضته فأزلت منه تلك " الظواهر" التي تنسبها الشائعات العامة للدكتور داهش في حين ان الداهشيين لا يعرفونها و لا يثبتونها, و تلك المعلومات الكاذبة الخاطئة عن عائلة الدكتور داهش و عن ماضي مؤسس الداهشية , و عن تاريخ الداهشية في بدء ظهورها و اسباب اضطهاد السلطات السياسية و الدينية لها في لبنان , و هي معلومات نهلها " الباحث الموضوعي" من مستنقعات يعلم تمام العلم انها مشبوهة موبوءة ؛
ثم نفضته فوضعت تحت قدميك الحقد السافر الصريح والعداء الواضح الذي يُعلنه " الباحث " جهارا ً على الدكتور داهش أنه خالف الكنيسة , و على الداهشية لأنها تختلف عن الكاثوليكية , و على الداهشيين لأن كثيرين منهم , و ان يكونوا من اصل مسيحي , فهم يؤمنون بنبوَّة النبي محمّد ؛ علما بأن هذا " الباحث العلمي المنزَّه من التعصب الطائفي " كما يصف نفسه , يعلن بكلِّ وقاحة انه لو كان موجودا ً حين نشطت الداهشيّة, لكان شارك السلطة السياسية و الدينية في قمْعها ! و لكان منع ظهورها بواسطة التعاليم البارابسيكولوجيا ! و هو الآن , بأي حال , باسم الرخصة التي استحصل عليها من احد المعاهد اليسوعية البرازيلية من اجل استيراد البارابسيكولوجيا و نشرها , يريد " دفن " الداهشية !
باختصار , اذْ انتَ كنَّست هذا الهذيان المَرَضي , و نفَّضتَ الكتاب تنفيضا جيدا , لن يبقَ منه الا صفحات قليلة . انَّ الرجل من المؤمنين بتعاليم البارابسيكولوجيا الى درجة الوسواس و الهلواس . و انطلاقا من ايمانه هذا ( بارك الله له فيه !) عمد الى بعض المعجزات الداهشيّة فانتقى منها ما توهَّم انه يدخل في قوالب " الظواهر "البارابسيكولوجيا , فادخله في الك القوالب الجاهزة .
ثم انه , لجهله بأصولِ التفكير المنطقي ، عَّمم فقال ان جميع المُعجزات الداهشيّة ما ادخله منها في قالبه ، وما اصيب عند قراءته له بالعمى المفاجىء المقصود فلم يستطع ادخاله ، ما يعرفه منها وما لا يعرفه ــــ هي "ظواهر" تُفسَّر باراسيكولوجيا.
وانت تعلم، يا اخي، ان الباراسيكولوجيا هي جملة من الاكاذيب المختلفة تفسرها جملة من المعتقدات السحرية. وكنا سنعجب حقاً لو لم يصل هذا الرجل الى مثل تلك النتيجة! انه، والله، كان سيسيءالى المُعجزات الداهشية، لو اعترف بها، اكثر من إساءته اليها بإنكاره لها!
إعلم ان جماعة من المؤمنين بالعلوم الكاذبة حاولوا المحاولة نفسها واستعملوا الطريقة عينها ووصلوا الى النتيجة ذاتها. فالذين يؤمنون باوهام السحر قالوا ان مؤسس الداهشية ساحر؛ والذين يؤمنون بتسخير الجان قالوا انه يستخدم الجان ؛ والذين يؤمنون بامكان الاتصال بلأرواح ومخاطبتها قالوا انه "وسيط روحاني"؛
والذين يؤمنون بالتنويم المغنطيسي قالواانه "منوم مغنطيسي" ؛ وهذا المؤمن بالباراسيكولوجيا يقول انه " صاحب مواهب بارابسيكولوجية". فكلهم نطح تلك الصخرة الجبارة الهازئة بعاديات الزمان التي سَخِرتْ بالطغاة، فكيف بالأقزام؟ وكلهم ارتد عنها خاسئاً وانفه في التراب. فلا جديد تحت الشمس.
ان الداهشية ، كما هو ثابت من تاريخها, رسالة روحية فكرية فنية موجهة الى الخاصة والى الخلاصة والى الصفوة والى النخبة والى الذُّؤابة. وكتاب هذا الداعي موجه الى من هو في حاله وعلى مثاله؛ فلا يلتقيان.
إلا انك ـــــ اصلحك الله ـــــ اعدت الكرّة ، وارسلت لي كتاباً اخر لصاحب الرخصة البرازيلية ذاته ، وعنوانه" البارابسيكولوجية في خدمة العلم". وقلت لي ان هذا الكتاب الصادر عام 1980 , هو أول منشورات الخوري المذكور واصل هذه المنشورات اللاحقة كلها ؛ اذ إن هذه المطبوعات العديدة التي يبشر فيها بما يسميه "البارابسيكولوجيا اللبنانية" ما هي الا توسيع لفصول الكتاب الاول,فهو يسوّق بضاعته القديمة الرخيصة ذاتها بعد ان يغلفها باغلفة جديدة.
وقلت لي: " لقد نقلَ الينا اخواننا الذين سبقونا في الإيمان ان مؤسّس الداهشية كان يحرص حرصا شديداً على ان يكون الداهشي عليماً باساليب تلك الفئة من منتحلي "المواهب" السحرية, خبيرا بألاعيبهم وفنونهم مختصاً بكشف إحتيالاتهم في تفويض أسس معتقداتهم ونقض إدعاءاتهم وقد وضع عدة مؤلفات في هذا الباب. وتابعه في ذلك الداهشيون. فالدكتور فريد ابو سليمان اشتهر بحملاته الاعلامية على الدّجْل من مؤمنين وعرافين, وبالندوات التي كان يعقدها ويقوم اثناءها , امام الجمهور، بكشف الاعيب اولئك الكذابين. والدكتور غازي براكس كتب سلسلة من المقالات في نقض السحر وفضح اساليب الشعوذة, قديمها والحديث. فالداهشية تعلّم العقل ، والداهشيون اصحاب تراث عريق وتقليد ثابت وباع ٍ طويل في نقض السحر والخرافة ونقض العلوم الكاذبة والمعارف الزائفة. فهم اجدر الناس بإلقاء الضوء الساطع على الاكذوبة الباراسيكولوجية السخيفة".
وقلت لي: "لعلَّ تعرّض السيد خوري المستمر للداهشية ماهو الا نداء استغاثة يوجهه " عقله الباطن اليها" , او هو صراخ ، كما يقول , يدافع به عن نفسه وقد حاصرته الحقيقة الداهشية. وكم من عدو ٍ لفكرة قد تحوّل, بعد صراعه معها, الى رسول لها! فما الذي يمنع , كما اوصى مؤسّس الداهشية العظيم, من شرح الفرادة التي تميز المُعجزات الداهشية وما ينبثق منها من حقائق روحية والتزامات اخلاقية, ومن إفهام السيد خوري ما لم يفهمه من المفاهيم الداهشية, وما غاب عنه من تاريخ الداهشية؟
وما دام السيد خوري يصرّح مراراً وتكراراً في منشوراته أنه شغوف بــ "الاطلاع على الحقيقة", محبٌّ ل ِ" لتنقيب العلمي" , ملتزمٌ ل ِ"مناهج العلم والموضوعية", فلماذا لا نلحقه الى باب الدار؟
وقلت لي ايضا انك كتبت في المسألة ذاتها الى الدكتور غازي براكس والى المحامي فارس زعتر, فعلى الخبير وقعت!
هذا ما قلته لي, وقد نقلته الى أخوي الدكتور غازي براكس والى المحامي فارس زعتر. اما اخي غازي فقد اقترح ان يضع, مجيباً, خلاصة عن سيرة مؤسس الداهشية ويعرض نماذج من معجزانه الدامغة يستقيها من مصادر موثوقة كعادته , ثم يعطيك رأيه في أعلام الباراسيكولوجيا المزعومة ومن لّف لفهم في ضوء اراء العلماء الذين درسوهم؛ وبما متمرّس التحليل النفسي والادبي , فهو سينفحك برأيه في شخص السيد خوري "وأدبه". من جهتي سأبين لك الاسباب المنهجية التي تدعوا اهل العلم الى تصنيف الباراسيكولوجيا في خانة العلوم الكاذبة, والى تصنيف المبشرين بها في الاغرار الجهلة او التجار المزورين؛ كما اقول لك رأيي بإختصار بــ" الباراسيكولوجيا اللبنانية". أما اخي فارس زعتر, فانه يجيبك بدراسة حقوقية تاريخية يوضح فيها بالوثائق الثابتة والادلة القانونية ان ماضي الدكتور داهش القضائي أشد نصوعاً من الثلج على صنين, وان قضيته مع الدولة اللبنانية , في إبان حكم الرئيس الاسبق بشارة الخوري , لم تكن الا اعتداء اثيماً قام به الرئيس المذكور وسخر فيه لأغراضه الشخصية اجهزة الحكم , ويتناول الأخ فارس ببحثٍ قَيِّم مسالة "مناجاة الارواح" في القانون اللبناني وعلاقة ذلك بمؤسّس الداهشيّة.
أي أخي,
ان الداهشية قد نهضت, أمس, من لبنان, كما ينهض الصباح, لم يحل دون شروقها الظلام الكثيف العتيق , وهي تنتشر اليوم , كالضوء في رحابة الآفاق الأربعة ؟! ان كتابنا يتجاوز الرد على الكراريس التافهة التي يبيعها السيد خوري في احد احياء بيروت. انه مساهمة داهشية في نهضة الفكر في لبنان والشرق, ومحاولة لإرساء الثقافة على أسس علمية وروحية سليمة. ان في ذلك معنى من معاني الرسالة الداهشية.
د.ملحم شكر