أنا أؤمن بأنه توجـد عدالة سماويّة, وأن جميع ما يُصيبنا في الحياةِ الدنيا من مُنغصات انَّ هـو الاّ جـزاءٌ وفاق لِما أجترحناه في أدوارنا السابقة من آثـامٍ وشـرور.ولهـذا يجب علينا أن نستقبلَ كلّ مـا يحـلّ بنـا من آلامِ الحياةِ ومآسيها غير مُتبرّمين ولا متذمّرين , بل قانعين بعدالةِ السماء ونُظمها السامية.

Highlighter
أحبُّ الكُتُبَ حبَّ السُكارى للخمر , لكنَّني كلَّما أزددتُ منها شرباً, زادتني صَحوا
ليس مّنْ يكتُبُ للهو كمَن يكتُبُ للحقيقة
الجمالُ والعفّــة فـردوسٌ سماويّ .
لا معنى لحياةِ ألأنسان اذا لم يقم بعملٍ انسانيٍّ جليل .
اعمل الخير , وأعضد المساكين , تحصل على السعادة .
من العارِ أن تموتَ قبل أن تقـوم بأعمالِ الخير نحـو ألأنسانيّة .
الموتُ يقظةٌ جميلة ينشُدها كل مَنْ صَفَتْ نفسه وطَهرت روحه , ويخافها كلّ من ثقُلت أفكاره وزادت أوزاره .
ان أجسامنا الماديّة ستمتدّ اليها يـد ألأقـدار فتحطِّمها , ثمّ تعمل فيها أنامل الدهـر فتتَّغير معالمها , وتجعلها مهزلةً مرذولة . أمّا ألأعمال الصالحة وألأتجاهات النبيلة السّامية , فهي هي التي يتنسَّم ملائكة اللّه عبيرها الخالد .
نأتي إلى هذا العالمِ باكين مُعولين، و نغادره باكين مُعولين! فواهً لك يا عالمَ البكاء والعويل!
جميعنا مُغترٌّ مخدوعٌ ببعضه البعض.
العدلُ كلمة خُرافية مُضحكة.
أمجادُ هذا العالم وهمٌ باطل، و لونٌ حائل، و ظلٌّ زائل.
لا باركَ الله في تلك الساعة التي فتحتُ فيها عينيّ فإذا بي في مكانٍ يطلقون عليه اسم العالم .
أنا غريبٌ في هذا العالم، و كم احنُّ إلى تلك الساعة التي اعود فيها إلى وطني الحقيقيّ.
الحياةُ سفينةٌ عظيمة رائعة تمخرُ في بحرٍ، ماؤه الآثام البشريَّة الطافحة، و امواجه شهواتهم البهيميَّة الطامحة، و شطآنه نهايتهم المؤلمة الصادعة.
كلّنا ذلك الذئبُ المُفترس , يردع غيره عن اتيانِ الموبقاتِ وهو زعيمها وحامل لوائها , المُقوّض لصروح الفضيلة , ورافع أساس بناءِ الرذيلة .
الحياةُ سلسلة اضطراباتٍ وأهوال , والمرءُ يتقلَّب في أعماقها , حتى يأتيه داعي الموت, فيذهب الى المجهولِ الرهيب , وهو يجهلُ موته , كما كان يجهلُ حياته .
من العارِ أن تموتَ قبل أن تقومَ بأعمالِ الخير نحو الانسانيّة .
المالُ ميزان الشرِّ في هذا العالم .
السعادةُ ليست في المال , ولكن في هدوءِ البال .
كلُّ شيءٍ عظيمٍ في النفسِ العظيمة , أمّا في النفسِ الحقيرة فكلُّ شيءٍ حقير .
الرُّوح نسمةٌ يُرسلها الخالق لخلائقه لأجل , ثم تعودُ اليه بعجل .
الرُّوح نفثةٌ الهيَّة تحتلُّ الخلائق , وكل منها للعودة الى خالقها تائق .
الرُّوح سرٌّ الهيٌّ موصَدْ لا يعرفه الاّ خالق الأرواح بارادته , فمنه أتتْ واليه تعود .
أنا أؤمن بأنه توجـد عدالةٌ سماويّة , وأنَّ جميع ما يُصيبنا في الحياةِ الدُّنيا من مُنغِّصاتٍ وأكدارٍ انَّ هـو الاَّ جـزاء وفاق لمِا أجترحناه في أدوارنا السابقة من آثـامٍ وشـرور . ولهـذا يجب علينا أن نستقبل كلَّ مـا يحـلُّ بنـا من آلام الحياة ومآسيها غير م
الحرّيةُ منحة من السماءِ لأبناءِ ألأرض .
الموتُ ملاكُ رحمةٍ سماويّ يعطف على البشر المُتألّمين , وبلمسةٍ سحريّة من أنامله اللطيفة يُنيلهم الهناء العلويّ .
ما أنقى من يتغلّب على ميولِ جسده الوضيع الفاني , ويتبع ما تُريده الرُّوح النقيّة .
ما أبعدَ الطريق التي قطعتها سفينتي دون أن تبلغَ مرفأ السلام ومحطَّ الأماني والأحلام .
الراحة التامّة مفقودة في هذا العالم , وكيفما بحثت عنها فأنت عائدٌ منها بصفقةِ الخاسر المَغبون .
ليس أللّــه مع الظالم بل مع الحقّ.
ان الصديق الحقيقي لا وجود له في هذا العالم الكاذب.
ما أكثر القائلين بالعطف على البائسين وغوث الملهوفين والحنو على القانطين , وما أقلَّ تنفيذهم القول.
يظنُّ بعض ألأنذال ألأدنياء أنّهم يُبيّضون صحائفهم بتسويدِ صحائف الأبرياء , غير عالمين بأنَّ الدوائر ستدور عليهم وتُشهّرهم.
ما أبعدَ الطريق التي قطعتها سفينتي دون أن تبلغَ مرفأ السَّلام ومحطَّ الأماني والأحلام .
رهبة المجهول شقاء للبشرِ الجاهلين للأسرارِ الروحيَّة , وسعادة للذين تكشّفت لهم الحقائق السماويَّة .
الموتُ نهاية كل حيّ , ولكنه فترة انتقال : امّا الى نعيم , وامّا الى جحيم .
الحياةُ خير معلِّمٍ ومُؤدِّب , وخيرَ واقٍ للمرءِ من الأنزلاقِ الى مهاوي الحضيض .
حين تشكُّ بأقربِ المُقرَّبين اليك تبدأ في فهمِ حقائق هذا الكون .
مَنْ يكون ذلك القدّيس الذي لم تخطرُ المرأة في باله ؟ لو وجدَ هذا لشبَّهته بالآلهة .
المرأة هي إله هذه الأرض الواسع السُّلطان. و هي تحملُ بيدها سيفاً قاطعاً لو حاولَ رجالُ الأرض قاطبةً انتزاعه منها لباؤوا بالفشلِ و الخذلان .

 

 

 

 

 

الداهشيّة

حقيقة روحيّة تؤيّدها المعجزات

 

من لبنان من بلاد أرز الربّ , أخاطب الإنسان الضائع , الهارب من قلق نفسه , ومن أشباح مأساته , الباحث دونما جدوى عن الطمأنينة . من أرض المشرق , أرض الأنبياء , أخاطب إنسانيّة أسكرتها كبرياء الإكتشافات العلميّة , وخدّرتها خمرة  الأطماع , والشهوات الدنيويّة , فنزفت جراحها , واقترب الفناء الرهيب حثيثاً منها , وهي ما فتئت تظنّ أنّ نضارة الحياة ما زالت ملء جسدها .

للساعين وراء الحقيقة الهادية , وهي تهرب منهم , أقول  : لو كانت الهداية في نظريّات المفكّرين , واجتهادات الفقهاء , وأراء الزعماء , والأرض ملأى بهم , إذن لسطعت شمسها , وتوحّدت إشعاعاتها , واطمأنّت في نورها العقول . لكن الحقيقة الهادية بعيدة عنهم , فهي ترفض التجزّؤ والتناقض , وتأبى أن تكون أوهاماً وافتراضات , ونتائجها شرّاً ورذيلة وفساداً , لأنّها وجود حيّ يجب أن يفعل فعلاً خيّراً في الفرد والمجتمع .

للباحثين عن السعادة في الإغراءات الجنسيّة , والمتع الحسّية , والأمجاد الماديّة , والإغراق في الرفاهية , أقول : لقد حان الوقت لتصحوا من خدركم , فتدركوا أنّكم تبصرون سراباً لا ماء , وتقبضون على جمر يحرقكم وأنتم لا تشعرون , وأنّكم تحاولون الهرب من كوابيس الفواجع الجاثمة فيكم وحولكم , بمجرّد إغماض   العيون , وهذا منتهى الجنون .

فما الذي يبهر عيونكم , يا بني وطني وأبناء الأرض ؟

أمدنيّة غربيّة أم شرقيّة ؟ ومدنيّة العالم , اليوم , شجرة امتدّت فروعها , وتعالت  أغصانها , حتى كادت تملأ الأرض وتلامس السماء , لكنّها شجرة إن بهرت البصر , بكت لها البصيرة , لأن لبّها بدأ ينخر , ونسغ الحياة فيها أخذ يجفّ , وجذعها يتهيّأ لضربة الفأس القاضية , وأغصانها تعدّ محرقةً للنار العظمى .

ما الذي يفتن عقولكم , يا بني وطني وأبناء الأرض ؟

أسفن فضائيّة تحطّ على القمر ؟ والظلم مستشر في نفوس البشر ! حقوق تؤكل , وأراض تغتصب , ومشرّدون يتعيّشون على البؤس والجهل والأحقاد ! وضعفاء بين أنياب وحوش أسياد ! أم تفتنكم مصانع جبّارة , وأسلحة قهّارة , ومختبرات عظيمة , ومكتشفات عجاب , ومبان تناطح السّحاب ؟ ونفوس الناس خراب يباب , والسيّد الآمر الناهي شريعة الغاب !

من الشواطىء التي أطلقت الحرف الى أرجاء المعمور , من المشرق الذي بزغت فيه شمس المسيحيّة والإسلام على العالم تبدّد الديجور , من مهبط الوحي العريق , تعود الحقيقة الروحيّة الحضاريّة الكبرى لتظهر , فتنبّه ضمائر الراقدين , وتبعث الأمل في قلوب اليائسين , وتزف عكّاز الهداية للعميان والمقعدين , وتقدّم خشبة الخلاص لركّاب سفينة الأرض الغارقين ؛ إنّها الحقيقة الداهشيّة .

 

 

 

فما هي الداهشيّة ؟

 

قبل أن أقدّم خلاصة عن حقائقها الروحيّة , لا بدّ من إيضاح .

في القسم الثاني من هذا الكتاب , ذكرت عدداً وافراً من خوارق الرجل العظيم , وكلّها محسوس دامغ الحجّة , ثابت على الزمن وفي الصور , مؤيّد بأسماء عشرات الشهود من الإختصاصيين والمثقّفين النابهين , وذلك يصفع شكوك المفترين المكابرين والمؤوّلين المعجزات الحقّة تأويل خداع أو إيهام .

إنّ المح   و بعد , فمن هو داهش؟

إننا لا نؤمن به إلهاً, بل نؤمن بأنه هاد من هداة الله طبقاً للآية القرآنية الكريمة :" و لكل قوم هاد " (سورة الرعد : 7 ) . و نحن قوم تبلبلت أفكارنا , و تجزّأت أدياننا و تناحرت مذاهبنا و شاع الكفر فينا , و تغلب النفاق على الإيمان , فتدخلت رحمة الله , و أرسلت إلينا هادياً , يهدينا الى سبيل يخرجنا من حيرتنا و اضطرابنا و مآسينا , ويعيد الينا الثقة بالمسيح و الأنبياء والإيمان برب العالمين .

و من الهداة من وهبهم الله عقلاً نيراً و نفساً نقية , كسقراط و غاندي و الإمام علي , و منهم من أيدهم تعالى  بروح من لدنه , فصنعوا المعجزات  بقدرة العليّ , تصديقاً لدعوتهم الروحية . والروح , كما قال السيد المسيح : " يهب حيث يشاء" ( يوحنا 3: 8 ) , و قد شاء أن يهب في لبنان , أفنرفضه  فنكون من الأغبياء الخاسرين ! والخالق سبحانه هو الذي يختار من يريد من الناس لإحلال روحه فيه , تصديقاً لقوله :" رفيع الدرجات , ذو العرش , يلقي الروح من أمره  على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاقي" (غافر:15) , و قد شاء أن يلقي الروح على رجل من أرض الأنبياء هو داهش. أفنناقش الله و نرفض مشيئته ؟

لم يبارك التاريخ مضطهدي سقراط و بوذا و المسيح و الرسول العربي و غاندي , بل لعنهم , و خلد اولئك الهداة و الرسل والمصلحين , و خلّد رسالاتهم . أما المؤسسات و التكتّلات و الدول كلها التي قاومتها , فقد قضى التاريخ عليها بالفناء و دمغها باللعنة الأبديّة .

ذلك بأن الحضارات لا تقوى على البقاء الاّ بغذاء القيم الروحية. و كل شعب تخلى  عنها مصيره الإنحلال و التبدد , مهما تعاظم وشمخت مدنيته , و مهما صال و جال الباطل فيه , فالباطل دولته قصيرة , و التاريخ شاهد على ذلك . و القيم الروحية لا سياج لها إلاّ الرسالات السماويّة و الدعوات الإنسانية .

حتى الحركات الإجتماعيّة الثورية تستمد مقومات إصلاحها من تلك القيم . فالعدالة و الأخوة و التعاون ورفع الظلم و الإستثمار التي تنادي بها , تجد أصولها في الرسالات الروحيّة الصحيحة . و القيمة الحقيقيّة لكل حركة إصلاحيّة تكون بنسبة تطبيقها تطبيقاً عمليّاً تلك القيم الروحيّة .

و إذا كان المتاجرون بالقدسيات قد أفرغوا الأديان من معناها الروحي  القويم , كوجود حي سام  فاعل في الإنسان فرداً و جماعة ,ليجعلوها نظريات و غيبيات و أدوات لكسب المغانم  و بسط النفوذ , فإن الداهشيّة , بمشيئته تعالى , ظهرت لتدعو الى إعادة الأديان لنقائها الأصلي و تأثيرها الخير الحيّ ووحدتها الروحيّة , فتبني نفوس الناس فرداً فرداً, مواطنين شرفاء أنقياء السريرة , أبطالاً أحرارا ًمتعاونين متحابين  عادلين , أناساً تسامى فيهم الإنسان , وتصاغرت البهيمة .

فالأنظمة مهما كانت صالحة لا تؤدي وحدها الى أي إصلاح حقيقي إذا كان الإنسان فاسداً . فالإنسان وجد أولاً , و النظام من أجله وجد . و هل يمكن  بناء صرح قويّ , مهما كانت عبقرية مهندسه, إذا كانت حجارته سريعة التفتت ؟ و ماذا ننتفع بالكأس , و إن تكن ذهباً ما دام الماء فيها سمّاً زعافاً , و نحن عطاش ؟ و هل تتبدل قيمة اللوحة التافهة إذا ما أحيطت بأطار ثمين ؟ فكل إصلاح جذريّ , لا يبلغ هدفه ما لم يصلح الفرد نفسه .

ألا فلنرفع الغشاوة عن بصائرنا , و لنع أننا لسنا وحدنا في الكون , فنكف عن الإستكبار و التأله . و لندرك أن الإرتقاء الصحيح يقضي بأن نتخذ لنا مطلقاً صحيحاً فنجعل الله كمالنا و غايتنا الأخيرة , لتستقيم الطريق  التي تبلغنا السعادة العظمى . الا فلنفهم أن اضطراباتنا و ضعفنا و تخلفنا و مشكلاتنا و حيرتنا و شقاءنا سببها كلها نحن , و نحن مختارون و مسؤولون . و ما لم نغير أنفسنا , فلن تغير أوضاعنا . أما قال العليّ : " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " ( سورة الرعد : 11) ؟

*              *                *

اكم المدنيّة والجزائيّة تصدر حكمها في أيّة قضيّة – وقد يترتب على الحكم حياة أو موت – إذا ما تهيّأ لديها بضعة إثباتات مادّية وبعض شهود . وخوارق الدكتور داهش معروضة أمام محكمة العالم منذ نصف قرن ؛ وألوف هم الشهود الذين يؤكّدون صحّتها , وفيهم مدّعون عامّون , وقضاة كبار , ومحامون لامعون , وأطبّاء مشهورون , وأدباء , وأساتذة جامعيّون , وصحافيّون من مختلف الجنسيّات . أفلا  يكفي هذا الحشد من الشهود لتتنبّه الضمائر الحيّة , وتتجرأ النفوس الشريفة  فتعلن الحقيقة الروحيّة الكبرى , بصوت مدوّ في كلّ أنحاء العالم ؟ ! خصوصاً أنّ بين الشهود مئات ممن يجمعون الى الكفاءات الثقافيّة العالية سيراً نقيّة وأخلاقاً سامية ؛ إذ فضّلوا التخلّي عن مناصبهم ومكاسبهم المادّية , ودخول السجون , ومعاناة الإضطهاد والآلام  , على أن يتخلّوا عن إيمانهم بحقيقة تيقّنت منها عيونهم , واقتنعت بها عقولهم , واهتزّت لها قلوبهم .

فإن كانت الكفاءة العلميّة لا يوثق بأهلها , والكفاءة المسلكيّة لا يطمأن الى شهادة أصحابها , فما الذي يجعلنا نؤمن بالحقائق العلميّة وهي ألوف ,  ولم يختبرها منّا إلاّ القلائل ؟ إذ من يجرؤ على الزعم بأنّه قاس سرعة النور بنفسه , وفحص تكوين الذرّة بعينه , وحلّق بين الكواكب , وغاص في أعماق البحار , ودرس ما فيها من أسرار , مطّلعاً بنفسه على كلّ الحقائق العلميّة التي يسلّم بها دونما جدال ؟ !

وما الذي يجعلنا نؤمن بمعجزات السيّد المسيح ؟ ونحن لم نر منها معجزة واحدة , ولم يخبرنا بها أحد من المؤرّخين أو المعارضين , إنما عدد قليل جدّاً ممن آمنوا بها , بعد أن رأوها أو سمعوا عنها !

إنّ المنطق السليم يجعلنا نؤمن بالحقائق العلميّة كما نؤمن بمعجزات المسيح , لأنّ الذين خبروها وشهدوا لها كانوا يتمتّعون إمّا بكفاءة ثقافيّة أو بأمانة خلقيّة , فكيف بنا والشهادات على معجزات الدكتور داهش تتواتر وتتكاثر حتى الألوف , ومن أنصاره وأخصامه على السواء , ومن عدد كبير من الذين يجمعون العلم الرفيع الى الخلق النبيل ! وكيف بنا ورجل الخوارق ما زال حيّاً بيننا , يستقبل عشرات الوافدين يوميّاً , فيصوّر عجائبه المصوّرون , ويحتفظ بإثباتاتها المادّية الزائرون , ويخرج الكافر من لدنه مؤمناً باللّه وأنبيائه دونما تفريق , ويخرج المعاند المكابر شاهداً لحقيقة المعجزات , وإن لم يؤمن , لعلّة فيه , بدعوة صاحبها . ولا عبرة بقلّة ممن زاغت قلوبهم , وعميت عيونهم , واستؤجرت أقلامهم , فآثروا الباطل على الحقّ ؛ فدولة الباطل ساعة , ودولة الحقّ الى قيام الساعة .

ومع ذلك , فما دام الرجل بيننا , فلكم الحقّ في أن يكون إيمانكم كإيمان توما مبنيّاً على اللمس . فقد سعينا وتيقّنا , فما عليكم إلاّ أن تسعوا لتتيقّنوا . ولكن , " طوبى للذين آمنوا ولم يروا " ( يوحنا 20 : 29 ) , كما قال سيّد المجد .

من المعجزات التي ثبتت , إذن , لدى الألوف , ننطلق لإعلان الحقائق الروحيّة الداهشيّة , فيكون سيرنا , لا في فضاء النظريّات والتخمينات الفلسفيّة أو اللاهوتيّة , بل على أرض الواقع الصامد .

 

 

 

الحقائق الداهشيّة

لئن استطاع العلماء أن يكشفوا عن بعض أسرار الوجود , فما يزال مغلقاً دونهم ما لا يحصى منها . ولذا فهم يقفون وسط بحار المجهول المحيطة بهم حائرين خاشعين .

لقد أثبتوا , بعد مراجعات كثيرة , وتجارب طويلة , وجهود جبّارة , أنّ الجماد ليس جماداً , فالحركة تحييه , كما تحيي غيره من أنواع الكائنات , وأنّ في أساس تكوينه , كما في أساس تكوينها  , الطاقة الكهربائيّة المغنطيسيّة , وأنّ هذه الطاقة لا تفنى , فهي محفوظة في الكون .

ولكن , ما سرّ هذه الطاقة ؟ وما مصيرها بعد زوال مظاهرها المحسوسة ؟ وما صلة الإنسان الجوهريّة بغيره من الكائنات ؟ وكيف تتطوّر الحياة ؟ وماذا قبل الولادة وبعد الممات ؟ هذه الأسئلة ومتفرّعاتها , ما برح العلم عاجزاً عن الإجابة عليها .

أمّا الإجتهادات  الفلسفيّة , والتأويلات المذهبيّة , فتناقضاتها تزيد الإبهام والبلبلة , وقيمتها تلزم صعيد التخمينات والنظريّات , فلا تكتسب قوّة الحقائق الواقعيّة .

وهنا خطورة معجزات داهش , فهي تستبق العلم في ما تزفّ الى المعرفة البشريّة من فضّ أسرار وإيضاح غوامض , وفي ما تهدي الى الحائرين من أمر دينهم ودنياهم نوراً ساطعاً يضيء لهم الطريق .

حتى الأمس القريب , كان العلم هو السبّاق , والمذاهب الدينيّة تحاول اللحاق به , جاهدة مرغمة . حسبنا الإلماع الى مأساة غاليليو ( 1564 – 1642 ) , ومقاضاة محكمة التفتيش الكنسيّة الرومانيّة لتقدّم المعرفة بمقاضاته , كما الى الحكم الذي أصدره بيوس العاشر , سنة 1907 , ضدّ الحركة العلميّة الحديثة .

أمّا اليوم , فالمعجزات الداهشيّة هي التي تطرح التحدّي على العلم , فيجري وراءها لاهثاً . ذلك بأن الداهشيّة ليست نظريّات وافتراضات , بل حقائق روحيّة مدعومة بالبراهين المحسوسة . وللمرّة الأولى في التاريخ , يرفع القناع عن المجهول بهذه القوّة والعظمة .

فما هي خلاصة هذه الحقائق ؟

يمكن إجمالها بأربع :

1 – وجود الروح وخلودها .

2 – السيّالات الروحيّة هي نسيج الكون وقوام كائناته .

3 – السببيّة الروحيّة والجزاء العادل .

4 – التقمّص .

 

 

 

 

الحقيقة الأولى :

وجود الروح وخلودها

 

الكتب الدينيّة كلّها تحدّثت عن وجود الروح , كذلك أكثر الفلاسفة . ومع ذلك , فليس من عصر شاع فيه الإلحاد والتشكيك بوجودها كهذا العصر . ذلك بأنّ الناس باتوا لا يؤمنون بالمجرّدات . فهم يطالبون بإثبات ماديّ لوجود الروح يكون بمستوى العصر , لآنّ العلم المنتشر في أرجاء المعمور رسّخ في أذهانهم منهج التحقّق الماديّ الإختباريّ .

وليس ثمة من برهان ماديّ ساطع على وجود الروح إلاّ المعجزة . فهي " بخرقها " قوانين الطبيعة الأزليّة التي تحكم البشر جميعاً , تثبت أنّ القدرة التي تصنعها لا يمكن أن تكون قدرة بشريّة . فأعظم الإختراعات , وإن تكن الصواريخ والسفن الفضائيّة , لتبدو ضئيلة باهتة لصاحب البصيرة النيّرة , حيال أيّة معجزة من أي نوع كانت . ذلك بأنّ المنجزات العلميّة ليست سوى أعمال بشريّة يستفيد بعضها من بعض , ويبنى أللاحق منها على السابق , ومهمّتها محاولة الكشف عن المزيد من أسرار الطبيعة والإستفادة منها ؛ وهي لا تستطيع خرق قوانينها , بل تجاريها . وكلّ إنسان بوسعه القيام بالأعمال العلميّة إذا  ما راعى الشروط والظروف والوسائل المادّية المقتضاة . أمّا المعجزة فليست من قدرة البشر , وإن احتشد لها علماؤهم من جهات الأرض الأربع .

فهل إستطاع الأطباء , على التقدّم العظيم الذي حقّقوه , أن يشفوا أيّة علّة أو إصابة عضويّة بغير عقاقير , أو دونما لجوء الى عمليّات جراحيّة لدى الإقتضاء ؟ هل إستطاعوا أن يقفوا , مثلاً , أمام برصاء متهرّئة اللحم ويقولوا لها : فلتشفي . وتشفى على الفور ؟

أو هل يستطيع العلماء مجتمعين أن يحوّلوا ورقة يانصيب خاسرة الى ورقة رابحة بمجرّد أمرها ؟ أو أن يكوّنوا صحيفةً , قبل صدورها , بعدّة أيّام , بمجرّد قولهم : كوني , فتكون ؟

ذاك لم يحدث ولن يحدث , لأنّه لو جرى , لخرج الإنسان عن طبيعته البشريّة , وأصبح إلهاً , أو روحاً تطيعه المادّة وتخضع له القوانين التي ما أرادها أللّه تخضع إلاّ لمشيئته , لأنّه مبدعها وحافظها .

أمّا الدكتور داهش فقد إستطاع ذلك , ويستطيعه يوميّاً , لكن ليس بقدرته البشريّة , بل بقوّة الروح العليّ الذي اتّخذه إناءً مختاراً , ليصنع معجزات الهداية , على يديه .

وفي القسم السابق من هذا الكتاب , ذكرت مفصّلاً عشرات المعجزات الملموسة الدامغة التي إجترحها رجل اللّه , أمام مئات من الشهود المثقّفين الكفوئين , مما يدع أعاظم العلماء والمفكّرين , في حيرة وذهول , خاشعين عاجزين .

فإزاء هذه الخوارق لا يسع ذا البصيرة النيّرة إلاّ التسليم بوجود قوّة روحيّة تتخطى القدرة البشريّة , وتخرق القوانين الطبيعيّة وتهيمن على الكائنات , تماماً كما يسلم المرء بوجود الطاقة المغنطيسيّة من جرّاء ملاحظته تأثير جاذبيّتها على بعض الأجسام , مع أنّه لا يستطيع القبض على الطاقة المغنطيسيّة .

فإذا ما زدنا الى خوارق الدكتور داهش التي لا تحصى , مئات من النبوءات سلّمها الى مئات الأشخاص , إزداد يقيننا بوجود هذه القوّة الروحيّة المتفلّتة من قيود الزمان والمكان التي تكبّل كلّ بشريّ .

ومن هذه النبوءات ثلاث تتعلّق برئيس الجمهوريّة اللبنانيّة الأسبق , بشارة الخوري :

الأولى , سلّمت الى عقيلته السيّدة لور في 13 تشرين الثاني 1943 , إثر إلقاء السلطة الفرنسيّة القبض عليه ؛ وذلك بعد توسّلها الى الرجل الخارق لإطلاعها على مصير زوجها , وذلك بواسطة شقيقتها الأديبة ماري حدّاد التي كانت آمنت بالرسالة الداهشيّة . وممّا جاء فيها أنّ بشارة الخوري سيعود الى الحكم في 22 تشرين الثاني 1943 , مع إيضاح ملابسات الأحداث التي ستجري .

والثانية نشرتها جريدة " الصحافيّ التائه " في 20 شباط 1944 ؛ وخلاصتها أنّ إضطهاداً سيشنّه بشارة الخوري على الدكتور داهش , وسينزل جزاء روحيّ بالمضطهد , وذلك بكسر يده من كتفه , فيضطرّ الى قصد القدس للإستشفاء , في 15 شباط 1945 . وقد تمّت النبوءة بحذافيرها , مع العلم أنّها نشرت , قبل نحو عام من وقوع أحداثها .

والثالثة تكشف تاريخ موت بشارة الخوري , وقد اطّلعت عليها إبنته السيّدة هوغيت كالان بواسطة صديقتها السيّدة وداد نفّاع .

ولو أردنا تفصيل كلّ النبوءات الداهشيّة لملأنا بها مجلّداً . حسبنا الإلماع الى نبوءاته بفوز الأستاذ بشير العثمان في الإنتخابات النيابيّة , مع ذكر عدد الأصوات التي سينالها , وسقوط السيّد محسن سليم , ومصرع الرئيس الأميركيّ جون كندي , وقد تسلّم النبوءة به عشرات الأشخاص , منهم المحامي والوزير السابق إدوار نون , وذلك قبل مقتله بمدّة طويلة (35) .

كلّ تلك الخوارق والنبوءات تلزم الواعين  من البشر الإيمان بوجود الروح وقدرتها . وذلك يستتبع , لزاماً , التسليم بثلاثة أمور :

1 – الإيمان بوجود اللّه عزّ وجلّ ؛ لأنّ الروح تشهد له , فهي نفثة إلهيّة من ذاته , لا يشوبها دنس , ولا يلطّخها أيّة كثافة " مادّيّة " . وهو مبدعها ومعادها . ولأنّها من جوهره الخالد فهي خالدة .

2 – الإيمان بوحدة الأديّان ؛ لأنّ روحاً عليّاً واحداً أوحاها , وغاية سامية واحدة حرّكتها ؛ وبالتالي السعي نحو تحقيق هذه الوحدة في وجود واقعي حيّ .

3 – التسليم بمعرفة الروح الخارقة المحيطة بالأسرار كافّة , والعمل بإرشاداتها الخيّرة .

 

الحقيقة الثانية :

السيّالات الروحية هي نسيج الكون و قوام كائناته 

 

و السيّالات الروحية تعني قوى إشعاعية حية غير منظورة هي امتداد للروح في العوالم الماديّة .
و السيّالات جميعها ذات إدراك و إرادة و نزعات , لكن على درجات متفاوتة .

و قد تأكد لنا , من مئات المعجزات التي شاهدناها و شاهد مثلها الألوف غيرنا , أن السيّالات الروحية هي نسيج الكون و قوام كائناته ؛ هي الجوهر الخالد الذي يوحد الموجدات , و إن اختلفت مظاهرها المحسوسة . و ليست الطاقة الكهربائيّة المغنطيسية التي اكتشف العلم أنها في أساس الوجود كله إلاّ صفة من صفاتها .

فخصائص الحياة النفسية ليست في الإنسان فقط , بل هي أيضاً في الحيوان و النبات و كل ما يسمى " مادة " .

ووجود السيّالات في البشر , على تفاوت في العدد , و الميزة , و الدرجة , بين فرد و فرد , هو الذي يسبب تباين القدرات الجسدية والعقلية , و اختلاف الميول و المواهب النفسية عندهم . كما إن انسجامها و سموها في الإنسان يبعثان السلام و الاتزان في نفسه , وتناقضها و انحطاطها يسببان الاضطراب و الاختلال . كذلك , فإلى تشابهها  أو تباينها , في الأشخاص و الجماعات , يعود التجاذب والتحابّ , أو التنافر و التباغض .

هذه القضايا البشرية , ما يزال المشتغلون في علم النفس يحاولون الوصول الى تفسيرها , جاهدين , من غير أن يطمئنوا الى رأي صائب يتفقون نهائياً عليه , بينما أدركت الداهشية حقيقتها و سرها من زمن بعيد.

و قد أتيح لي , كما لكثيرين غيري , أن نتيقن من أن الفناء الذي يطرأ على الأشياء , إنما هو تبدل محصور في مظهرها الحسي النسبي , و لا يمس جوهرها الحي .

فمراراً كنا نحرق أشياء مختلفة , بينها أوراق مالية , و سندات أو صور أو مخطوطات , أو تحطم أمامنا كؤوس بلوريّة و ما أشبه , ثم يعيد الدكتور داهش تكوينها , كما كانت , بلمح البصر , و بقوة الروح العليّ . و شهود هذا النوع من المعجزات يعدون بالمئات . أكتفي منهم بذكر النائب السابق محسن سليم , و الأديب جورج حداد , و الوزير السابق المحامي إدوار نون , و السيدة ناديا غبريال , والسيدين أنجلو بولو و امين نمر . وسبق أن فصّلت في القسم الثاني من هذا الكتاب , معجزة إحياء العصافير الميتة أمام الشيخ منير تقي الدين و الصحافي إسكندر رياشي.

فهذه المعجزات التي تعيد الحياة الى الميت , و الشيء الذي احترق أو تحطم , الى وجوده السابق نفسه , إنما تؤكد أن السيّالات الروحيّة خالدة , سواء أكانت في الإنسان أو الحيوان أو النبات أو الجماد .

أما الحقيقة الأغرب التي أوضحتها الداهشية , فهي أن كل كائن , بل كل عمل أو رغبة أو فكر , يكون لها نموذج حي او صورة أو تسجيل تحفظ  روحياً  في عوالم خاصة , كشهود على حياة الكائن و سلوكه و أعماله . و إيضاح ذلك يتم في المعجزات التالية :

في 11 حزيران 1943, عقدت جلسة روحية كان من حاضريها الأديب جوزف حجار , و عقيلته السيدة آندره , و مؤرخ الوقائع الداهشية حليم دمّوس .

و ما إن ارتعش داهش بالروح , حتى سمع الحاضرون حفيف أجنحة خفيّة , سرعان ما تبعه تجسد حمامة ناصعة البياض ظهرت في فضاء الغرفة المغلقة , و حطت على كتف السيدة آندره , و في منقارها عرق زيتون أخضر يقطر ماء .

و قد أوضحت الروح , بفم الدكتور داهش , أن هذه الحمامة إنما هي حمامة نوح نفسها . و قد حفظ سيّالها , بعد موتها , في عالم روحي خاص . و كذلك عرق الزيتون , و الماء الذي يقطر منه , حفظ سيّالاهما , أيضاً , بعد زوالهما . وهكذا كل موجود بعد تلاشيه .

و مكثت الحمامة في منزل الرسالة الداهشية ما ينيف على ستة أشهر , كانت في أثنائها تطير من غرفة الى أخرى , و تحط على أكتاف الزائرين , و تأكل من أيديهم بطمأنينة , حتى إذا حل صباح  27 كانون الأول 1943, شاهد المجتمعون في المنزل , تلك الحمامة العجيبة تحوم فجأة حول رأس رجل الروح , ثم تمضي تحوم فوقه مصعدة في فضاء الغرفة , و حجمها يتضاءل شيئاً فشيئاً , حتى تصبح بحجم النحلة محتفظة بشكل الحمامة ؛ و تستمر تصغر , حتى تعجز العيون عن إبصارها . و هكذا تعود الى العالم الذي هبطت منه .

كذلك , فعشرات هي المرات التي كان يفاجأ فيها زائرو الدكتور داهش باطلاعهم عنده على أحاديثهم  مسجلة بحرفيتها , و أفكارهم الصامتة مدونة  بخلجاتها , و أوضاعهم المختلفة مصورة بتفاصيلها. ذلك ما جرى مع السيدة رسمية الحريري و زوجها , و السيدين شفيق المقدم و مصطفى الخطيب , و الآنسة إيلين ضاهر و شقيقها نقولا , و غيرهم كثيرين . مع العلم أنهم كانوا , ساعة حديثهم أو تفكيرهم أو عملهم , منفردين في منازلهم , بعيدين عنه .

بهذه المعجزات وحدها نفهم معنى الآية القرآنية :" و إن من شيء إلاّ عندنا خزائنه , و ما ننزّله إلاّ بقدر معلوم "  (الحجر : 20 ) , و الآية القائلة : " يوم تشهد عليهم ألسنتهم و أيديهم و أرجلهم بما كانوا يعملون " (النور:24). كما يتحقق أمامنا ما قاله السيد المسيح :" أقول لكم إن كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس يعطون عنها جواباً في يوم الدين " ( متى 12: 36). و يضيء في أذهاننا قوله تعالى : " أم يحسبون أنّا لا نسمع سرهم و نجواهم ، بلى و رسلنا لديهم يكتبون " ( الزخرف : 80).

 

الحقيقة الثالثة :

السببية الروحية و الجزاء العادل

إن الأحداث اليومية التي تقع , من مرض و موت و خسارة , أو شفاء و نجاة و ربح , و غير ذلك , يعللها معظم الناس بأسبابها  المادية المباشرة , و إن جهلوها فبالصدفة . فإن تدهورت سيارة , مثلاً , و قتل فيها فرد , و جرح ثان , و سلم آخر, عللوا اختلاف مصاير الركاب بالصدفة , أو بأسباب مادية محضة .

و فضل المعجزات الداهشية أنها توضح أنها  مصاير البشر ونتائج أعمالهم تشرف عليها قوة روحيّة عادلة  حكيمة مدبرة , لا يفوتها شيء , مهما صغر و دق , و لا يعجزها أمر , مهما عظم وتعقد .

فالصدفة لا وجود لها , على الإطلاق . و السببية قانون كوني شامل ؛ لكن الإنسان لا يدرك منها سوى الوجه المحسوس , أو الذي يستطيع عقله وعيه , بينما تبقى العلة الحقيقية , و هي دائماً علّة روحية , محجوبة عنه . فالمرء , سواء مات في فراشه ميتة هنيئة , أم في حرب , أم إثر حادثة معينة , فتحديد أجله إنما يكون بموجب نواميس روحية , وفق استحقاقاته و درجة سيّالاته . فأن حان أجله , فاجأه الموت أينما كان , و لم يعصمه حصن , و لا بحر , و لا طبيب , في أي مكان. و إذا لم يحن أجله أنقذ مما لا ينقذ منه سواه .

و بغية الإيضاح الواقعي, سأعطي مثلين عجائبيين:

خلاصة المعجزة الأولى انه بينما كان الدكتور خبصا بصحبة الدكتور داهش وراء صيدلية حمادة في بيروت , إذا برجل الخوارق يرتعش بالروح و يخاطب رفيقه قائلاً :" أنظر الى هذا البائع الجوال" . و كان إزاءهما على بضعة امتار بائع أمام عربة عليها بطيخ . فأشار الدكتور داهش بيده , فإذا بطيخة ترتفع في الهواء , وتقع على الأرض محطمة . ثم أعاد الإشارة , فارتفعت بطيخة أخرى, و سقطت محطمة . فسأله الدكتور خبصا , متأثراً : " لكن لم ذلك ؟ فهذا البائع مسكين , و هذه الخسارة تكلفه غالياً ". فأجابه الروح العليّ بفم الدكتور داهش :" أجريت ذلك أمامك , لأعلمك أن العدالة تجري على جميع الكائنات , كبيرها و صغيرها  , بصورة طبيعية , من غير أن ينتبهوا لكيفية سيرها . فهذا البائع ربح أكثر مما يجب له في هذا النهار , و ربحه غير الحلال , و إن يكن ضئيلاً , خسره بتحطم البطيختين . و لو لم أرك ذلك بالمعجزة , لتتنبه , لكانت العربة سقطت في حفرة من غير انتباه صاحبها , و لتدحرجت البطيختان نفسهما من فوقها و تحطمتا ".

هذه المعجزة , و كثير من أمثالها , وضحت للداهشيين أن ما يزرعه الإنسان يحصده , و أن أعمال البشر جميعاً , وعلاقاتهم بعضهم ببعض , تترتب عليها نتائج من شأنها أن تقيم العدل الإلهيّ بينهم ." فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره , و من يعمل مثقال ذرة شراً يره"(سورة الزلزال:7- 8) و " إن الله لا يظلم مثقال ذرة " ( سورة النساء:40)

أما المعجزة الثانية فتوضح كيف تتم المساعدات الروحية وفق استحقاق أصحابها .

في 3 آب 1964,  زار السيد شفيق المقدم الدكتور داهش بصحبة عقيلته السيدة رباب و شقيقتها .و كان في الجلسة آخرون .

فارتعش رجل المعجزات بالروح و قال لشفيق :" إن حادثاً فظيعاً سيقع لك و لأسرتك قريباً , و لكن لا تخف, فإني سأطلب مساعدة روحية من العناية الإلهية لرفع الخطر عنك ." و طلب الدكتور داهش الى الدكتور أبي سليمان  الذي كان حاضراً , أن يرسم الرسم الداهشي المقدس, و يضمنه دعاءً لله عز و جلّ , لرفع الخطر. ووقع الحاضرون جميعاً أسماءهم على الدعاء.

و بعد ثلاثة أيام من هذه الزيارة , و عند الساعة الحادية عشرة و النصف ليلاً , بينما كان السيد مقدم عائداً مع بعض أفراد أسرته من النبطية , (37) , في سيارته البويك , و هو يجري بسرعة كبيرة  تتراوح بين 120 و 140 كلم في الساعة , وصل الى منعطف خطر , فحاول أن يخفف السرعة , لكنه فوجئ , بعد نحو خمسة أمتار من المنعطف , بشاحنة كبيرة  واقفة في عرض الطريق الضيق , بسبب عطل طرأ عليها , و امامها بقعة موحلة , و كان الطريق مسدوداً بها, و على أحد جانبيه , صخور عالية , و في الجانب الآخر هاوية . وفقد شفيق السيطرة على سيارته , ووجد نفسه وجهاً لوجه , أمام موت رهيب. و زعق الجميع للمشهد الفظيع , و للمصير الرهيب المنتظر , و برق في رؤوسهم الدكتور داهش  ووعده بتخليصهم من الكارثة المتوقعة. و شاهدوا سيارتهم تصطدم بسرعة فائقة بالشاحنة , ويتقصف المعدن أمامهم , و يتحطم الزجاج , و يحسّ السائق بالصدمة في صدره ؛ كل ذلك في ثانية , و في ثانية أخرى , كانت السيارة و ركابها في الجانب الآخر أمام الشاحنة . لقد تمت المعجزة , و أنقذت الأسرة من الموت الشنيع , بإذن الله , و مساعدة رجل الله. فاخترقت السيارة بصورة روحية إعجازيّة الشاحنة , من غير أن تمسّ بخدش واحد , لا هي ولا ركابها . فحمد الجميع الله و مجّدوه , وازدادوا يقيناً و إيماناً بالدكتور داهش و بصحّة رسالته . (38)

فأية قدرة في العالم تستطيع فعل ذلك ؟ أن تجعل كتلة عظيمة من الحديد تخترق كتلة أخرى من غير خدش يصيبها ؟ أن تسحق المعدن على اللحم و العظم , فيعلك البشر و سيارتهم  في صدام رهيب , ثم ينجوا من الموت المحتوم , و لا جرح في أجسامهم ! إنها قدرة الله , وحده سبحانه , تتجلى على يدي عبده و مصطفاه  داهش العظيم .

هذه المعجزات و امثالها تجعلنا ندرك معنى قول السيد المسيح : " أليس عصفوران يباعان بفلس , و مع ذلك فواحد منهما لا يسقط على الأرض بدون أبيكم . و أنتم فشعر رؤوسكم جميعه محصى , فلا تخافوا , فإنكم أفضل من عصافير كثيرة" ( متى 10: 29 – 31) . كما تجعلنا نفقه معنى الآية الكريمة: "و لكل أمّة أجل , فإذا جاء أجلهم , لا يستأخرون ساعة , و لا يستقدمون " ( سورة الأعراف : 34) .

 

 

 

 

 

الحقيقة الرابعة :

التقمص

لقد أدرك حقيقة التقمص فلاسفة عديدون , منهم فيثاغورس وافلاطون , و آمن بها , اليوم , مفكرون كثيرون , بينهم نابغة لبنان , جبران خليل جبران . و كانت عقيدة التقمص قوام البوذيّة و الأديان الهندوسيّة عامة . و صرح بها القرآن الكريم , دونما تفصيل في قوله : " كيف تفكرون بالله , و كنتم أمواتاُ فأحياكم, ثم يميتكم , ثم يحييكم , ثم إليه ترجعون "  ( سورة البقرة : 28 ) , و في آيات كثيرة أخرى اعتمدتها عدة مذاهب إسلامية شيعية , أو درزية , لإعلان إيمانها بالتقمص. كما ألمع إليها السيد المسيح في مواقف كثيرة , منها قوله  لتلاميذ يوحنا المعمدان الذين سألوه عمن يكون معلمهم , فقال لهم : " إذا أردتم أن تقبلوا فهو إيليا المزمع أن يأتي " ( متى 11: 14) , و كذلك جوابه لتلاميذه , بعد ان سألوه لماذا تقول الكتبة أن إيليا ينبغي أن يأتي أولاً ؟ فقال لهم : " إن إيليا قد أتى , و لكنهم لم يعرفوه , بل صنعوا به كل ما أرادوا... ففهم التلاميذ , حينئذ , أنه عنى بكلامه يوحنا المعمدان " ( متى 17 : 12 و 13 ) .

لكن الداهشيين إن آمنوا بما أنزل في الكتب المقدسة , فهم يدعمون إيمانهم بمعجزات محسوسة  تؤكد التقمص , بانتقال السيّالات الروحية من جسد الى آخر في الأرض , إنساناً كان أو حيوان او نبات أو جماداً, أو بانتقالها الى كوكب آخر علوي أو سفلي , حسب درجة إستحقاقها .

فعشرات هم الأشخاص النابهون , من مؤمنين بالداهشيّة أو غير مؤمنين , الذين شاهدوا الدكتور داهش عدّة شخصيّات , أي عدّة كائنات هي شبهه تماماً . وهي تجالسك وتحادثك ؛ لكنّها مع ذلك , ليست كائنات بشريّة , بل هي إمتدادات روحيّة لداهش تحيا  في كواكب علويّة متفرّقة من الكون , ودرجتها الروحيّة تفوق درجة البشر الى حدّ بعيد , ولذا فهي لا تخضع لنواميس الأرض , (41) .

وليست تجسّدات السيّالات غير الأرضيّة مقصورة على شخصيّات الدكتور داهش , فقد حصلت تجسّدات أخرى عديدة أمام شهود كثيرين , ذكرت منها في القسم الثاني , من هذا الكتاب , تجسّد ندى (42) , وأكتفي , هنا , بذكر أحدها "

في مطلع آب 1942 , كان الدكتور داهش برفقة الأديب يوسف الحاج , والشاعر حليم دمّوس , في منزل الأخير في رأس بيروت . وفي الساعة العاشرة ليلاً , إنتصب رجل المعجزات في الغرفة المضاءة يحدّق من نافذتها الى السماء المتألقة بالنجوم . وما هي إلاّ لحظات , حتى تراءى أمام الثلاثة شبه ضبابة أخذت تقترب وتتكاثف تدريجيّاً , الى أن إنجلت أخيراً عن كائن أشبه بالبشر , إنّما أحمر الوجه , نافذ النظرات , متألّق المحيّا ؛ وأخذ يحدّثهم بسرعة عجيبة , ولغة غريبة لم يفهموا منها شيئاً . فتقّم الدكتور داهش , ورسم الرمز الداهشيّ المقدّس على فمه , فطفق يتكلّم العربيّة .

ومما قال : " إنّه أحد سكان عالم من العوالم التي لا تدركها الأبصار البشريّة , وسبق أن كان أحد أبناء الأرض , منذ بضعة آلاف من السنين . وما أن مات , مخلّفاً جسده طعمة للديدان , حتى وجد نفسه في عالم مجيد بهيّ " . وبعد أن حدّثهم بأمور خطيرة كثيرة , أخذ يتلاشى , أمامهم تدريجيّاً , حتى غيّبه المجهول .

بهذه المعجزات التجسّديّة أصبحنا نفهم ما عناه السيّد المسيح : " إن في بيت أبي منازل كثيرة " ( يوحنا 14 : 2 ) , وما قصده بولس الرسول : " ومن الأجساد أجساد سماويّة وأجساد أرضيّة . ولكن مجد السماويّات نوع , ومجد الأرضيّات نوع آخر , ومجد الشمس نوع , ومجد القمر نوع آخر , ومجد النجوم نوع آخر ؛ لأنّ نجماً يمتاز عن نجم في المجد " ( كورنثوس الأولى 15 : 40 – 41 ) . كذلك إتّضح معنى الآية الكريمة : " فلا  أقسم بمواقع النجوم , وإنّه لقسم لو تعلمون لعظيم " ( الواقعة : 75 و 76 ) .

فالحياة تعمّ الكون بأسره , ذلك بأن الحياة هي المبرّر الوحيد لأي وجود . وما النعيم والجحيم سوى الكواكب والنجوم كلّها مرئيّها وغير مرئيّها .

وقد حان الوقت لندرك بفضل الداهشيّة , أنّ الإنسان ليس مقياس الحياة , كما كان يظن ّ , ولا حتى مقياس مظاهرها العاقلة , ولا هو ذروة تطوّرها , إنّما الإنسان كائن بسيط ضعيف , ومظهر متخلّف نسبيّاً من مظاهر الحياة الكونيّة التي لا حصر لها . وعليه أن يعرف حدّه وقيمته في سلّم الحضارات الكونيّة التي لا يستطيع أن يرقى الى عظيم مجدها ومعرفتها وقدرتها ونقاوتها وسعادتها , حتى بالخيال . فإذا ما أدرك أن ميوله وأعماله في حياته السابقة هي التي أوصلته الى هذه المرتبة الذريّة بين الكائنات السامية , توجّب عليه أن يسعى الى ترقية ذاته في المعرفة الحقيقيّة والروحانيّة ؛ لأنّ أمجاد العوالم العلويّة لا تنال بصاروخ ولا بسفينة فضائيّة , لكن بإرتقاء روحيّ داخلي يؤهّل الإنسان بعد موته , للتجسّد في الكوكب العلويّ الذي يستحقّ . وإلاّ فأنّه إذا سفّل نفسه , وتشبّث بالدنيويّات , يضع ذاته في جاذبيّة العوالم السفليّة ,فتتجسّد سيّالاته , بعد موته في كوكب يعظم فيه الجهل , ويتفاقم الشرّ , ويشتدّ الشقاء والعذاب .

وإنّنا ما كنّا لنبصر شخصيّات الدكتور داهش والتجسّدات الأخرى , لو لم يأتي تجسّدها ضمن مقاييس الأرض . وهذا ما يفسّر عجزنا عن رؤية الروح كما هي , أو رؤية الملائكة وسائر الكائنات العلويّة على حقيقتهم .

فالعلم نفسه أكّد أنّ الإنسان محدود إدراكه الحسّي بشبكة من الحواس له حدود عليا وحدود دنيا لا يمكنه تجاوزها . فالعين لا تبصر من الموجودات إلاّ التي تتراوح أطوال مويجاتها الضوئيّة بي 7600 و4000 أنكستروم في الثانية , والتي تتحرّك بسرعة أدنى كثيراً من سرعة النور التي تبلغ 300,000  كيلومتر في الثانية . والأذن البشريّة لا تسمع من الأصوات إلاّ التي تتراوح بين 15 ونحو 20,000 ذبذبة في الثانية .

ولذا فالروح تبصرنا وتسمعنا , ونحن لا نبصرها ولا نسمعها .

 

   و بعد , فمن هو داهش؟

إننا لا نؤمن به إلهاً, بل نؤمن بأنه هاد من هداة الله طبقاً للآية القرآنية الكريمة :" و لكل قوم هاد " (سورة الرعد : 7 ) . و نحن قوم تبلبلت أفكارنا , و تجزّأت أدياننا و تناحرت مذاهبنا و شاع الكفر فينا , و تغلب النفاق على الإيمان , فتدخلت رحمة الله , و أرسلت إلينا هادياً , يهدينا الى سبيل يخرجنا من حيرتنا و اضطرابنا و مآسينا , ويعيد الينا الثقة بالمسيح و الأنبياء والإيمان برب العالمين .

و من الهداة من وهبهم الله عقلاً نيراً و نفساً نقية , كسقراط و غاندي و الإمام علي , و منهم من أيدهم تعالى  بروح من لدنه , فصنعوا المعجزات  بقدرة العليّ , تصديقاً لدعوتهم الروحية . والروح , كما قال السيد المسيح : " يهب حيث يشاء" ( يوحنا 3: 8 ) , و قد شاء أن يهب في لبنان , أفنرفضه  فنكون من الأغبياء الخاسرين ! والخالق سبحانه هو الذي يختار من يريد من الناس لإحلال روحه فيه , تصديقاً لقوله :" رفيع الدرجات , ذو العرش , يلقي الروح من أمره  على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاقي" (غافر:15) , و قد شاء أن يلقي الروح على رجل من أرض الأنبياء هو داهش. أفنناقش الله و نرفض مشيئته ؟

لم يبارك التاريخ مضطهدي سقراط و بوذا و المسيح و الرسول العربي و غاندي , بل لعنهم , و خلد اولئك الهداة و الرسل والمصلحين , و خلّد رسالاتهم . أما المؤسسات و التكتّلات و الدول كلها التي قاومتها , فقد قضى التاريخ عليها بالفناء و دمغها باللعنة الأبديّة .

ذلك بأن الحضارات لا تقوى على البقاء الاّ بغذاء القيم الروحية. و كل شعب تخلى  عنها مصيره الإنحلال و التبدد , مهما تعاظم وشمخت مدنيته , و مهما صال و جال الباطل فيه , فالباطل دولته قصيرة , و التاريخ شاهد على ذلك . و القيم الروحية لا سياج لها إلاّ الرسالات السماويّة و الدعوات الإنسانية .

حتى الحركات الإجتماعيّة الثورية تستمد مقومات إصلاحها من تلك القيم . فالعدالة و الأخوة و التعاون ورفع الظلم و الإستثمار التي تنادي بها , تجد أصولها في الرسالات الروحيّة الصحيحة . و القيمة الحقيقيّة لكل حركة إصلاحيّة تكون بنسبة تطبيقها تطبيقاً عمليّاً تلك القيم الروحيّة .

و إذا كان المتاجرون بالقدسيات قد أفرغوا الأديان من معناها الروحي  القويم , كوجود حي سام  فاعل في الإنسان فرداً و جماعة ,ليجعلوها نظريات و غيبيات و أدوات لكسب المغانم  و بسط النفوذ , فإن الداهشيّة , بمشيئته تعالى , ظهرت لتدعو الى إعادة الأديان لنقائها الأصلي و تأثيرها الخير الحيّ ووحدتها الروحيّة , فتبني نفوس الناس فرداً فرداً, مواطنين شرفاء أنقياء السريرة , أبطالاً أحرارا ًمتعاونين متحابين  عادلين , أناساً تسامى فيهم الإنسان , وتصاغرت البهيمة .

فالأنظمة مهما كانت صالحة لا تؤدي وحدها الى أي إصلاح حقيقي إذا كان الإنسان فاسداً . فالإنسان وجد أولاً , و النظام من أجله وجد . و هل يمكن  بناء صرح قويّ , مهما كانت عبقرية مهندسه, إذا كانت حجارته سريعة التفتت ؟ و ماذا ننتفع بالكأس , و إن تكن ذهباً ما دام الماء فيها سمّاً زعافاً , و نحن عطاش ؟ و هل تتبدل قيمة اللوحة التافهة إذا ما أحيطت بأطار ثمين ؟ فكل إصلاح جذريّ , لا يبلغ هدفه ما لم يصلح الفرد نفسه .

ألا فلنرفع الغشاوة عن بصائرنا , و لنع أننا لسنا وحدنا في الكون , فنكف عن الإستكبار و التأله . و لندرك أن الإرتقاء الصحيح يقضي بأن نتخذ لنا مطلقاً صحيحاً فنجعل الله كمالنا و غايتنا الأخيرة , لتستقيم الطريق  التي تبلغنا السعادة العظمى . الا فلنفهم أن اضطراباتنا و ضعفنا و تخلفنا و مشكلاتنا و حيرتنا و شقاءنا سببها كلها نحن , و نحن مختارون و مسؤولون . و ما لم نغير أنفسنا , فلن تغير أوضاعنا . أما قال العليّ : " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " ( سورة الرعد : 11) ؟

*              *                *

 

Developed by Houssam Ballout        Copyright 2019 This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.nfo All Right Reseved This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.