أنا أؤمن بأنه توجـد عدالة سماويّة, وأن جميع ما يُصيبنا في الحياةِ الدنيا من مُنغصات انَّ هـو الاّ جـزاءٌ وفاق لِما أجترحناه في أدوارنا السابقة من آثـامٍ وشـرور.ولهـذا يجب علينا أن نستقبلَ كلّ مـا يحـلّ بنـا من آلامِ الحياةِ ومآسيها غير مُتبرّمين ولا متذمّرين , بل قانعين بعدالةِ السماء ونُظمها السامية.

Highlighter
أحبُّ الكُتُبَ حبَّ السُكارى للخمر , لكنَّني كلَّما أزددتُ منها شرباً, زادتني صَحوا
ليس مّنْ يكتُبُ للهو كمَن يكتُبُ للحقيقة
الجمالُ والعفّــة فـردوسٌ سماويّ .
لا معنى لحياةِ ألأنسان اذا لم يقم بعملٍ انسانيٍّ جليل .
اعمل الخير , وأعضد المساكين , تحصل على السعادة .
من العارِ أن تموتَ قبل أن تقـوم بأعمالِ الخير نحـو ألأنسانيّة .
الموتُ يقظةٌ جميلة ينشُدها كل مَنْ صَفَتْ نفسه وطَهرت روحه , ويخافها كلّ من ثقُلت أفكاره وزادت أوزاره .
ان أجسامنا الماديّة ستمتدّ اليها يـد ألأقـدار فتحطِّمها , ثمّ تعمل فيها أنامل الدهـر فتتَّغير معالمها , وتجعلها مهزلةً مرذولة . أمّا ألأعمال الصالحة وألأتجاهات النبيلة السّامية , فهي هي التي يتنسَّم ملائكة اللّه عبيرها الخالد .
نأتي إلى هذا العالمِ باكين مُعولين، و نغادره باكين مُعولين! فواهً لك يا عالمَ البكاء والعويل!
جميعنا مُغترٌّ مخدوعٌ ببعضه البعض.
العدلُ كلمة خُرافية مُضحكة.
أمجادُ هذا العالم وهمٌ باطل، و لونٌ حائل، و ظلٌّ زائل.
لا باركَ الله في تلك الساعة التي فتحتُ فيها عينيّ فإذا بي في مكانٍ يطلقون عليه اسم العالم .
أنا غريبٌ في هذا العالم، و كم احنُّ إلى تلك الساعة التي اعود فيها إلى وطني الحقيقيّ.
الحياةُ سفينةٌ عظيمة رائعة تمخرُ في بحرٍ، ماؤه الآثام البشريَّة الطافحة، و امواجه شهواتهم البهيميَّة الطامحة، و شطآنه نهايتهم المؤلمة الصادعة.
كلّنا ذلك الذئبُ المُفترس , يردع غيره عن اتيانِ الموبقاتِ وهو زعيمها وحامل لوائها , المُقوّض لصروح الفضيلة , ورافع أساس بناءِ الرذيلة .
الحياةُ سلسلة اضطراباتٍ وأهوال , والمرءُ يتقلَّب في أعماقها , حتى يأتيه داعي الموت, فيذهب الى المجهولِ الرهيب , وهو يجهلُ موته , كما كان يجهلُ حياته .
من العارِ أن تموتَ قبل أن تقومَ بأعمالِ الخير نحو الانسانيّة .
المالُ ميزان الشرِّ في هذا العالم .
السعادةُ ليست في المال , ولكن في هدوءِ البال .
كلُّ شيءٍ عظيمٍ في النفسِ العظيمة , أمّا في النفسِ الحقيرة فكلُّ شيءٍ حقير .
الرُّوح نسمةٌ يُرسلها الخالق لخلائقه لأجل , ثم تعودُ اليه بعجل .
الرُّوح نفثةٌ الهيَّة تحتلُّ الخلائق , وكل منها للعودة الى خالقها تائق .
الرُّوح سرٌّ الهيٌّ موصَدْ لا يعرفه الاّ خالق الأرواح بارادته , فمنه أتتْ واليه تعود .
أنا أؤمن بأنه توجـد عدالةٌ سماويّة , وأنَّ جميع ما يُصيبنا في الحياةِ الدُّنيا من مُنغِّصاتٍ وأكدارٍ انَّ هـو الاَّ جـزاء وفاق لمِا أجترحناه في أدوارنا السابقة من آثـامٍ وشـرور . ولهـذا يجب علينا أن نستقبل كلَّ مـا يحـلُّ بنـا من آلام الحياة ومآسيها غير م
الحرّيةُ منحة من السماءِ لأبناءِ ألأرض .
الموتُ ملاكُ رحمةٍ سماويّ يعطف على البشر المُتألّمين , وبلمسةٍ سحريّة من أنامله اللطيفة يُنيلهم الهناء العلويّ .
ما أنقى من يتغلّب على ميولِ جسده الوضيع الفاني , ويتبع ما تُريده الرُّوح النقيّة .
ما أبعدَ الطريق التي قطعتها سفينتي دون أن تبلغَ مرفأ السلام ومحطَّ الأماني والأحلام .
الراحة التامّة مفقودة في هذا العالم , وكيفما بحثت عنها فأنت عائدٌ منها بصفقةِ الخاسر المَغبون .
ليس أللّــه مع الظالم بل مع الحقّ.
ان الصديق الحقيقي لا وجود له في هذا العالم الكاذب.
ما أكثر القائلين بالعطف على البائسين وغوث الملهوفين والحنو على القانطين , وما أقلَّ تنفيذهم القول.
يظنُّ بعض ألأنذال ألأدنياء أنّهم يُبيّضون صحائفهم بتسويدِ صحائف الأبرياء , غير عالمين بأنَّ الدوائر ستدور عليهم وتُشهّرهم.
ما أبعدَ الطريق التي قطعتها سفينتي دون أن تبلغَ مرفأ السَّلام ومحطَّ الأماني والأحلام .
رهبة المجهول شقاء للبشرِ الجاهلين للأسرارِ الروحيَّة , وسعادة للذين تكشّفت لهم الحقائق السماويَّة .
الموتُ نهاية كل حيّ , ولكنه فترة انتقال : امّا الى نعيم , وامّا الى جحيم .
الحياةُ خير معلِّمٍ ومُؤدِّب , وخيرَ واقٍ للمرءِ من الأنزلاقِ الى مهاوي الحضيض .
حين تشكُّ بأقربِ المُقرَّبين اليك تبدأ في فهمِ حقائق هذا الكون .
مَنْ يكون ذلك القدّيس الذي لم تخطرُ المرأة في باله ؟ لو وجدَ هذا لشبَّهته بالآلهة .
المرأة هي إله هذه الأرض الواسع السُّلطان. و هي تحملُ بيدها سيفاً قاطعاً لو حاولَ رجالُ الأرض قاطبةً انتزاعه منها لباؤوا بالفشلِ و الخذلان .

المتسكع وقارعة الطريق

المتسكع وقارعة الطريق

في

رحاب الدكتور داهش

سامي واصاف

إسم الكتاب : المتسكع وقارعة الطريق في رحاب الدكتور داهش

إسم المؤلِّف :             سامي واصاف

الطبعة :          الأولى 2022

عدد الصفحات : 250 صفحة

الـــــــــــــورق :                   70 غرام شاموا

الطباعة والتجليد :        مطبعة الأمير

 

الحقوق محفوظـة للمؤلف

    لا يجوز نسخ أيَّ جزءٍ من هذا الكتاب، أو استعماله في أيِّ شكلٍ من الأشكال، أو بأيّة وسيلةٍ من الوسائل ـ سواء التصويرية أو الإلكترونية أو الميكانيكية، بما في ذلك النسخ الفوتوغرافي، والتسجيل على أشرطة أو سواها، أو حفظ المعلومات واسترجاعها ــ من دون إذنٍ خطّيٍّ من المؤلف .

الفهرس

المقدمة  11

بائعات الهوى   17

اقنوم ثلاثي للشر  19

اللعب على حوافي الهاوية  21

سطوة نباتات مقتدرة 24

قارورة عطر فقدت محتواها 27

ذكريات   29

هذا الربيع  31

أبناء الهة سقطت ام سلالة الشياطين؟  33

المتسكِّع على دروب المعرفة  36

على الطرف الآخر من الخيط  38

الألم والموت   40

الطعم الجاذب   42

الاستراحة المرتجاة 44

روائز المعرفة ومجسَّاتها 46

من يشاركنا حيِّز المكان-الزمان  49

استراحة عابرة 51

بدأ المخاض     53

الآلهة ورقعة الشطرنج  58

اُضيء السراج  62

إنه النبي داهش    65

اللقاء المنتظر  71

الخبرة تتكلم 78

على عرش الفكر  81

الواقع يبدِّد الأوهام 83

السحر والإيمان  85

الوعي والإيمان مراتب روحية  87

ضجيج المتناقضات   92

كهنة الرعية والابن الضال  94

رعية تأكل إلهها 102

ماذا فعلت الداهشية بربيع  108

الحقيقة تتخطى قانون الديموقراطيَّة  110

الاضطهاد قدر المصلحين  112

الانتقال الى مرحلة دراسية جديدة 123

النظام الالهي المعقد 126

في اية فصيلة من الكائنات   130

تتصنَّف المخدرات   130

المرآة العجيبة لو وُجدت   134

الموت معجزة الخلق   138

حلم بطرس    140

الذاكرة نعمة ام نقمة  142

الحاجة الى الصلاة 145

تداخل العوالم 152

اتكون المرآة نافذة بين عالمين  155

التعاليم الداهشيَّة  157

الهادي الإلهي   163

كلّنا قايين  167

الأحاجي والمتناقضات   171

يا مريم هذا ابنك   174

شخصية سماوية تفتدي شخصية بشريَّة  174

في رحاب الدكتور داهش    181

العبور  183

هذا ما حصل لبذرة المشمش    189

النبي نوح والطوفان  197

زينا تسأل  204

ويُطوى الزمان  213

العطاء الصامت   218

ألله   224

معجزة الولادة ومعجزة الموت   226

سفسَطة  232

استراحة المحارب   234

عود على بدء  235

كائنات مقتدرة تقتات على حصاد ما تبذره فينا 238

صوت آخر  243

سلام عليك أيها العلي   247

يا حارس الكوكب   247

تمهيد

اليوم هو السادس من آذار 2014، في مقهى الـ Starbucks في (Methuen MA) المدينة التي أسكنها في أميركا (وهذا المقهى وهو في تجمع تجاري اسمه (loop) يقصده الكثير من الناس فهو دائماً مكتظٌ ، زبائنه من المثقفين، والكل منهمك بقراءة أو عمل أو محادثة ، ومعظم ذلك يجري عبر الـ I Pad أو الهواتف الذكية أو Laptop من الاحجام الصغيرة.

القهوة بقربي لم ارتشف منها اية قطرة بعد.

أتذكر انه ومنذ فترة طويلة تجتذبني فكرة كتابة قصة قصيرة عنوانها "قارعة الطريق". ولا أدري ان كنت سأبدأ اليوم كتابة صفحاتها الأولى .

سامي واصاف

صباح الخميس في ٦ شباط ٢٠١٤ Starbucks

المقدمة

قارعة الطريق،

تلك الفريدة المتحولة،

 فتاة شارع تبيع الهوى،

ولكنها،

 ليست هيروديا،

ولا هي لور سيدة المعاصي،

ليست دليلة " التي مَلَّقَتْ شمشون بحسنها المأجور"،

وسمَّمَ فحَيحُها فراشه،

فاسْتَنْزَفِتْ عزمه، وأرْدَتْهُ عبداً ذليلاً.

 لكنها مَرْتا ألبانِيَّة، "خليلة" جبران، التي واساها وهي تحتضر قائلاً:

"هنيئا لك يا مرتا أنك الزهرة المسحوقة ولست القدم الساحقة"

انها المجدلية عاشقة الجسد،

  أَطْرَبَ مسامعها،

 وهي تستقي على حافة بئر،

 نغم سماوي،

قتل فيها الوحش وأيقظ الإنسان،

أطفأ فيها شبق التراب،

 فإذًّاها عاشقة للروح،

نقية كأنوار الصباح،

بريئة كَبَتَلات السوسن،

مريام الناصري،

 حبيبة يسوع،

بل،

 لعلها خلال درب جلجلتها وفي حيواتها المتلاحقة

هيباتيا([1])" 370 ميلادية" عروس عرائس الجنة

التي ذبحها جهل أحبار مرقصِيّي مصر الأوائل فسلخوا جلدها، وقطَّعوا أطرافها وهي حية يا ويلهم ودماء يسوع الثائر المبشر بالحرّية لا تزال رطبة على الصليب؛

او لعلها جان دارك شهيدة الفردوس التي احرقها رهبان فرنسا حية عام ألف وأربعمائة وواحد وثلاثين وهي في التاسعة عشر من عمرها بعد ان اتهموها بالسحر كما اتهموا هيباتيا.

وحين اعتلى منصة المحرقة

 " قيافا فرنسا "

 الاسقف بيار كوشون ؛

ليسألها طلب المغفرة: صاحت بوجهه بعد ان طلبت ان يكون الصليب الى يمينها:

" اموت على يديك يا بيلاطس"

 وكأنها تقول له لا تغسل يديك يا حفيد قيافا الذي ستتلطخ روحه بدماء هذه الصديقة؛

وارتفع اللهب يلتهم شبابها البض، يفري حشاشتها ويُصَعِّد لله شكاتها ممن أدَّعوا زوراً انهم خلفاؤه .

وتستمر قارعة الطريق في مسيرتها الدهرية عبر العصور،

 فإذاها فكرة تشتاقها الأوراق العطشى الى حبر دواة،

يَتَقَطَّرُ من ثغور الأقلام الْولهى للجمال،

ويُهرق مداداً على صفحات بيضاء منتظرة،

 لإرواء كتب لم تكتب بعد.

اما المُتِسِكَّعُ الجَوَّال فإنَّه ذلك المتسوِّل الذي يطرق كل الدروب ويَقْرَعُ كل الأبواب مستجدياً الأجوبة على اسئلته التي تَتَدَفْقُ بلا حدود؛

يسْتَجْدي المعرفة وغفران الآثام؛

يلهث دون امل لبلوغ بحيرة النسيان لتغتسل روحه بأنوارها الْوَضَّاءة، لعله يلقي عن منكبيه ثقل الأيام والدهور التي قضاها ولا يزال تائهاً في أرجاء الكون وقد برَّحَهُ الوجد الى فردوسه المفقود.

اما ما ورد عن الدكتور داهش وعن الداهشيَّة

فإن هي إلّا مُلَخْصَات مُقْتضبة عن رجل خارق وعقيدة روحية رؤيويه تؤسِّس للقرون التوالي في مستقبل الأرض؛

يوم يصبح الكوكب وسكانه مُعَدِّين لاستقبال افكارها الثورية الرائدة.

ما ورد في هذا الموضوع يُلزم بالمسؤوليّة المتسكع الغريب الجوَّال دون سواه، فإن وجد هوىً فأمر يسعده ويرضيه، وإن تعرَّض للنقد فهذا أمر بديهي، وإن جُوبِهَ بالرفض فلا ضير في ذلك، إنَّها سنَّة الحياة.

فقد رُفض سقراط والمسيح ومحمد...

فكيف بقارع طريق، مُتَسكِّعٍ جوّال، يتسوِّل المعرفة على كل باب.

امَّا موقفه من رجال الدين فلا يَتَعَمَّد المسَّ بجوهر الحقائق الروحية التي من اجلها ضحَّى معلمو الأرض العظماء، بل، انها دعوة للإصلاح والكف عن استغلال الآيات المنزلة والكتب المقدسة لتقييد حرية الناس واستعباد أرواحهم وسوقهم الى مذابح الرغبات التي لا ترتوي.

لقد جعلوا الإيمان بالله ايمانا بطقوسٍ واسرارٍ ابتدعوها أغلالاً طوّقوا بها أعناق المؤمنين البسطاء ليسهل استعبادهم. وقَيّدوا بها ايادي النافذين ليكونوا طائعين راضخين لمشيئتهم، والا فَيَرْفَضُّ القطيع، وعنهم ويتشتَّت.

سامي واصاف

٢١ تشرين الأول ٢٠١٩

 

بائعات الهوى

الميول قوية، جياشة، طاغية؛ ومهما اعتقد الإنسان نفسه محصناً فأنها تجتاحه بسطوة وجبروت، وتجعله عبداً صاغراً .

هذا ما واجهه ربيع لفترة طويلة حتى التقى أول قارعة طريق، في مقتبل العمر، تنضح بالرغبة، بائعة هوى.

رغبته الكامنة زينت له انه يقوم بعمل جيد محاولاً إنقاذها من الشارع وإدمانها على المخدرات، فهي اوهمته انها تبيع جسدها من اجل هذا الشيطان الرجيم، وهو لم  يدرك ولم يعرف ان الرجيم أصبح جزءاً من هذا الجسد الناضح بالشهوة إلَّا بعد فترة طويلة ومخاض عسير وانخراطٍ نَهِمٍ لا يرتوي في عالم الرذيلة.

عدد قارعات الطريق لا يحصى، والظمأ الى الرغبة لا يرتوي، بل يزداد كلما ازدادت وتنوعت بائعات الهوى.

أصبح مدمنا عليهن إدمانهن على المخدرات، الفرق انهنَّ يَـبِعْـنَ الهوى وهو أحد ألمشترين.

خلال هذه التجربة، عرف ان المدمنات قادرات على فعل اي شيء للحصول على المخدر، فلا ممنوعات لديهن أبدا، إنّـهُ إلَهَـهُـنَّ المعبود والوصول اليه لا يتوفر إلا بالمال وأسهل الوسائل بيع الجسد لأي راغب كائناً من كان،              

شرط أن يتوفر في يديه الأصفر الرنان أحد حكام هذا الزمان وفي كل زمان.

اقنوم ثلاثي للشر

الجنس والمال،

إلهان يتكاملان،

تتربع بينهن إلهة الجسد.

اقنوم ثلاثي للشر،

إله متوحش جشع بثلاثة رؤوس،

خلفه بل فيه يستتر السر العظيم...

 مصدر الرغبات القاتل؟

اليد الخفية التي تستعملنا، تتلاعب بنا، تتلذذ برؤيتنا دُمَىً عاجزة في يديها،

وقد جردتنا من كل ممانعة،

ولم تبقِ لنا الا القليل من إرادة واهنة للتحرك،

فأِذانا بيادق على رقعة الشطرنج.

من يستطيع ان يفض الحجاب عن مصدر هذه الرغبات

ومحركها، إنَّها قوية جبارة جامحة، تستطيع الإطاحة بالميول السامية ورميها جثة هامدة في ميدان الوجود.

 كوكب من هذا الكوكب!

من إلهه!

ومن حاكمه؟            

 

اللعب على حوافي الهاوية

سطوة الرغبة الملحاحة تجعلها نهمة لامتلاكٍ وفيرٍ وسريع للمال ؛

ومهما كانت المخاطر.

هذا ما تمتهنه عصابات الإتجار بالمخدرات عبر شبكات واسعة من المروجين.

مافيات اختزنت في صفوفها كافة أصناف البشر، من رجال امن وأطباء وطلاب ومبشرين... الى رواد اندية الليل وبنات الهوى.

الكل يلعب على حافة الهاوية، وفي أشداق الخطر.

لقد تَفَشَّتْ هذه الموبقات المتلازمة في المدارس والمعاهد والجامعات والشوارع، بل دقّت ابواب المعابد، جاورَت المثقفين، لازمت المجرمين، وقاربت العاديين من الناس، فغدا كل فرد بحسب مركزه دياناً، قاضياً، مروجاً، قارعاً او قارعة طريق.

عالم متكامل من الرذيلة، يجتذب كل النفوس بقوة جارفة.

بعضهم أسقط برقع الحياء فجاهر وأصبح واضحاً،

وآخر لبس قناع الخبث والدجل. اما ثالثهم فوقع مستسلماً تحت وطأة هذا الثالوث الشرير المُقْـتَـدِر يتصنع المقاومة بين الفترة والأخرى ليعود ويقع، راضياً مرضياً، متمرغاً بحمأة الرغبة القاهرة القاتلة.

رحمة إلهية،

 قوة قاهرة،

مرض عضال،

بل ربما الموت وحده من يستطيع انقاذ الإنسان من هذه السلطة التي تضجُّ بكل الموبقات.

لعل جزءاً من عقاب الإنسان على الأرض، وقوعه في هذا الفخ الغريب الذي يستسيغ ألمه ومرارته،

فاذا به يستجيب الى الميول الوثنية الجارفة، المشبعة بالدونية وتأنيب الضمير.

يرتدع الى حين، لكن الرغبة الجامحة لا تتوانى فترتد عليه كالوحش الكاسر، لتعود فتتأكله المهانة، وتفري حشاشته المرارة.

ما هذا...؟

صراع رهيب لا ينتهي، والنصر فيه عموماً لمثلث الشر الذي يضيف كل يوم، الى اتباعه جدداً مخلصين.

وقف ربيع في خضم معركته، متأملا الجميل والقبيح في ذاته، راجيا نهاية مقبولة ان لم تكن جيدة، قائلاً:

لكم تبدّل هذا الجميل النقي بما فعلته عوامل التجارب.

 

سطوة نباتات مقتدرة

سطوة عالم المخدرات.

كيف اكْتُشِفَتْ هذه النباتات؛ بل هذه الكائنات؟

هل اكتشفها الانسان؟

ام ان هذه المخلوقات المقتدرة، اجتذبته ودفعته الى التعرف اليها والتفنن في تصنيعها، لتعود فتلبس جسده وتشارك الكائن الذي فيه تقمصه ودورة حياته؟

باندفاع وقوة، تستعمل نفس الصدفة والكائن المُحْتَبَسُ فيها للاستجابة لرغباتها النهمة التي لا ترتوي،

تجعله مطواعا يدفع كل ما تطاله يداه، حتى وجوده، ثمنا لنوالها وزرعها حميمة في اعماق أعماقه.

تتربع على قدراتها،

آلهة وثنية،

تسوقه صاغرا،

راغبا،

متعبدا الى ميولها النهمة التي لا تعرف أية حدود.

تبيعه من اجل ذلك في سوق النخاسة، وتنتهي بإتلاف روحه وجسده ودفعه الى الهلاك.

هل هذه النباتات كائنات مقدسة ام ابليسية؟  

الأطباء، يَصِفونها لأصحاب الأمراض المستعصية والآلام الجنونية فتسهِّل حياتهم، الى حين ولوجهم العالم الاخر.

لكن المصيبة الجلل انها تستعمرالأصحاء المتعاطين، فيغدون عبيدها المدمنين، تتلذَّذ بتدمير حاضرهم ومستقبلهم وأسرهم، تعطل نظام حياتهم، وتنتهي بهم الى الهاوية.

من هي هذه الكائنات المقتدرة، أهي إكسير لكائنات اخرى تقوى على احتمالها ...

ام انها مدمرة بالمطلق؟

.. اسرار ما بعدها أسرار...

المنزل في العاشر من أيار 2014الساعة 7:50مساءً

 

قارورة عطر فقدت محتواها

لكم نُقش من التغيير على هذه الصفحة الخجولة التي كانت ذات يوم فاتنة،

فغدت تؤرّخ لكل الخطوط القبيحة.

لقد غدت روعتها آثاراً عرَّتها عوامل الطبيعة

من ملامس الفنان الذي أبدعها.

 دهور مرت على العبق الذي كان فيه...

فغدا باهتا كقارورة عطر فقدت محتواها.

الندم يتآكله والزمن في عالم البشر يسير باتجاه واحد؛

فالعودة للماضي بهدف الإصلاح مناف لقانون الطبيعة،

وهو لا يثق بما يمكن ان يقوم به في آتي الأيام.

 تداعت الأفكار، وامّحت الذكريات الحلوة، التي قد تمنحه بعض الرضى والطمأنينة ...

فهل لاستعادتها من سبيل؟

لعل النسيان يبسط جناحيه السعيدين ويطير بربيع الى حيث يبسط سلطانه .

في٩شباط ٢٠١٤ في 11:21 د من صباح الأحد

 

ذكريات

"ذكريات كما الذنوب جسام"([2])

تجتاحه تهاجمه بشراسة ودون رحمة، تحمل معها كل مواقفه وتجاربه الفاشلة.

لا يمكن لرحلة حياته ان تكون متشحة بالفشل والأوزار فحسب.

لا بد أن تكون له بعض النجاحات والمآثر ولكنها مغمورة بالنسيان.

انه يشعر بانَّه كائن دهري تكرر مروره في هذا الكوكب لآلاف المرات، وان الارتكابات والذنوب الجسام تراكمت عليه فغدت تثقل ليله ونهاره، صبحه ومساءه.

من عمق هذه الظلمة تردَّد رجع صوت القدير النقي: إنك في هذا الكوكب تُؤدّي عقوبة محددة، وما آلامك وأحزانك إلاَّ شوق دفين الى فراديس علوية فقدتها لمعاصٍ اقترفتها.

إن صدى ذكراها المتردّد بين الحين والآخر يشعرك بهذه الغربة وستبقى يحدوك حنين عميق اليها.

لا بد من يد رحيمة غفورة، تبلسم جراحك وتعود فتصقل ذاتك فتعيدها نقية شفافة كالبلور.

في خضَّم هذه المعاناة تذكر ربيع ما قرأه لفريدريك نتشيه في رائعته "هكذا تكلّم زرادشت" بأنّ مصدر الآلام هي الذاكرة.

ألا ليته يستطيع ان يمحو هذا التاريخ الفاشل.

آه ما اروعك يا إله النسيان!

ليتك تلمُس قَدَري فتُنسيني هذه الذكريات الأليمة، وعاد فاستدرك...

ربما تكون هذه الذكريات مع ما يرافقها ويتأتّى عنها من قسوة المعاناة وسيلة تساعد على تنقية النفس والسمو بها.

 

هذا الربيع

ربيع...

مسكين… هذا الـ "ربيع"،

انه مع الآخرين جسدٌ وتمثيلٌ،

ولكنه في الحقيقة محتجزٌ في جحيم الذكريات.

هذا الواقع الغريب،

ادخله الى عالم نفسه،

متسائلا؟

متعجبا!

كيف يستطيع انجاز أعماله دون اخطاء فادحة؟

كيف يبدو متماسكاً وليس مخبولاً شارد الذهن والنهى

ومعظم طاقته مستهلكة؟

هذه لا شك،

 نعمة،

أسبغها الباري عليه،

فسبحان القدرة التي تحميه وتقيه.

الساعة 5:50د مساء

السبت الواقع في الــ 25 آذار 2014

Star Bucks on the Loop of

Methuen MA, 0184

 

أبناء آلهة سقطت ام سلالة الشياطين؟

مرآة النفس، غيرها ما اعتدنا من المرايا انها خاصة بكل فرد، وهو وحده يرى فيها كل ما يختزنه من خير وشر، من حسنات وموبقات، تريه صورته التي امتدت إليها الرغبات فأمعنت فيها تشويهاً وجعلته مسخاً قبيحاً.

توقف ربيع امام سيل افكاره الهادر المتدفق المتنقل دون ترابط ملحوظ لكثرة ما تتلاطم متناقضات الحياة في يَمِّ خياله الحائر ليتساءل، إزاء ما يتكرَّر من الفواجع المرعبة التي يقترفها من بيدهم السلطة:

   من هم هؤلاء المقتدرون الذين يَلِغُون في دماء وعذابات شعوبهم وهم سعداء في كل انتصار وحشي يحققونه.

يخطبون، يمارسون حياتهم العادية كأن شيئاً لم يكن.

لأية فصيلة ينتمون؟

من منحهم هذه السلطة؟

أَهم أَبناء أَبالسة؟

أم ابناء آلهة سقطت؟

ام ماذا؟

انهم ليسوا كباقي الناس فقد أُعطوا القدرة على فعل ما يفعلون وهم معتدّون وفخورون بأيديهم الغارقة بالدماء.

ينكلون بالشعوب على مذابح عروشهم التي لا يريدون لها ان تَهْتزَّ او تتأرجح والرعية ساجدة مَبْهورة مُتَعَبِّدَة.

لا فرق بينهم وبين الجزارين الذين يذبحون النعاج لإشباعنا نحن أصحاب الاجواف الجشعة، شركاء الجزارين المتسابقين على شراء لحم الذبائح لإرواء لذّة الجسد؛

وما ألثمن الا ألم صارخ تدفعه هذه المخلوقات التعيسة،

ولكن،

كم تبادلنا الأدوار بين ذابح وذبيحة،

إنَّه... إنَّه قانون العدالة الكونية لو تعلمون؟

 

المتسكِّع على دروب المعرفة

ربيع، قارع الطريق هذا يكاد يُجن،

والتساؤلات تزداد فيضاً،

والأفكار تتدفَّقُ بلا حدود

ننظر الى ما يحيط بنا...

فماذا نرى؟

حقيقة؟

وهم؟

ام رؤية خاصة بنا نحن البشر،

غيرها يرى النسر...

وغيرها الذئب ...

وتتعدّد الرؤى بتعدّد الكائنات.

نبني معارفنا، على اجهزة الرصد التي مُنحت لنا؛

يضاف اليها جهاز التمييز والتحليل ومقارنة النتائج واستحداث التوقعات.

امر مذهل النتائج...

فكل معارفنا تتبدل إذا ما تبدلت او تعدَّلت مجسات الرصد،

اذ ذاك أين تستوي معارفنا وقد تغيرت استجابة أجهزة التلقي والتحليل للإشارات؟

أَوليس هذا ما يحصل لمن يصابون بما نسميه الجنون او الخبل حين تتعدَّل كفاءات هذه المجسَّات فتتبدل قدرات الالتقاط لديهم ويجري التماس بينهم وبين عوالم سُفْلية؟

أَليس هذا التعديل ما يدفع النسر الجميل الجليل بأن يستطيب الجيف ونحن نولي الإدبار عنها، هاربين؟

 

على الطرف الآخر من الخيط

صياد السمك يستطير طرباً حين تعلق السمكة بصنارته ويتبخر من ذاته أي احساس بما تعانيه تلك الضحية التي تلاقي مصيراً مُفْجِعاً على الطرف الاخر.

أمر مذهل يحصل على طرفي الخيط الواحد ولنفس الحدث صيادٌ مغتبطٌ الى حد النشوة وسمكة ملتاعةٌ الى اللّا حدود... الى اليأس المطلق!

الرابط بينهما هذا الثريد وكل أسرار الخلق والحياة والموت.

والاغرب ان هذه السمكة كانت قبل قليل تفترس واحدة أخرى وتجتاحها فرحة الصياد،

تتبدل الأدوار،

تتكرّر مسرحية اللّذة والالم.

حجم من المتناقضات يتخطى قدرة ربيع على الاحتمال.

يا للهول!

ما هذا الكوكب الذي اوقعنا أنفسنا في شباكه.

ما هذه الهوة بل الهاوية الشرهة الشدقين التي رمتنا بهذا الكم من الرغبات المحرمة ومنحتها تذوقاً قاتلاً يجتذبنا بسطوة سحرية.

إنه الطعم الذي استعمله الصياد لاجتذاب السمكة.

ولكن...؟

من يصطادنا ويتلذذ بنا على مائدته الغريبة؟

من هو اللاعب المقتدر على الطرف الاخر من الخيط؟

 

الألم والموت

 ليس هنالك عقاب أكبر من هذا العقاب الذي حجب الرؤية والمعرفة ودفع الإنسان الى براثن الجهل والمرض والألم.

ولكن،

ما هو الألم...؟

أنقيض اللذة هو...

ام انه في مهمته العادية انذار لدرء الأذى ومنح فرصة أطول للاستمرار لأداء المهمة المرسومة المجهولة.

حتى فضُّ الرصد عن بوابة العبور الى المكان الآخر

 وإحداث الموت في حيِّز المكان ـ الزمان.

والموت باعتقاد ربيع،

هو انتقال من حالة حياتية الى حالة أخرى،

في عالم الارض،

أو رحيل الى عالم آخر،

 وبأشكال غير معروفة ومدركة،

تتوافق مع المرتبة التي بلغها المخلوق،

على امتداد المدى وبلا حدود.

 

 

الطعم الجاذب

كيف يمتزج الجمال بالقبح والخير بالشر؟

هل هما شيء واحد والفرق فقط في كيفية التلقي؟

ما هو سر الخلق والوجود وما الذي يختبئ خلف مظاهر الأشياء؟

الكرَّام يفلح الارض ويطيّبها، يهتم بأوراق الكرمة وزهرها ومحصولها ويحاول حمايتها بشغف من كل ما يمكن ان يهددها ليبيع محصولاً جيداً يعود عليه ببعض النفع.

الخمار يشتري المحصول، لا رغبة في خدمة الكرام ، بل ليصنع الخمرة، وكذلك الشاري لا يشتريها ليخدم الخمار بل ليَتلَذَّذَ بها ويغيب ولو جزئياً عن الواقع...

والكل يشارك في تحقيق الهدف الأكبر الغامض عبر انجاز اهداف جزئية وهمية، أهداف صغيرة متلاحقة تد فع بالتوالي الى مواصلة          المجهود.

دورة متكاملة يختفي وراءها المرمى الكبير من أُحجية الخلق.

الحب هو الطعم الجاذب للجنس!

والجنس هو الطعم الجاذب للإنجاب!

والانجاب هو الطعم الجاذب للتكاثر!

وهكذا تستمر وتتكرر سلسلة الحياة!

ويبقى الهدف والمرمى الذي تسعى اليه كل الكائنات بشغف وجنون مُغْلَقٌ عن الجميع!

الظاهر منه وحسب عدد لا يحصى من الإغراءات "الأشراك" الجاذبة والتي تستقطب سكان الأرض جميعا ودون استثناء.

الساعة 6:30د مساء

Star Bucks Loop Methuen MA USA

 

 

الاستراحة المرتجاة

وقف ربيع متأملاً منهكاً مستنجداً يا رب، لقد تعبت من كل هذا، ارجوك ان تمنحني استراحة قصيرة، لأستلقي في ظلال شجرة الزيتون المباركة، قرب الكرمة، متنشقاً اريج الزهور، هارباً على زورق الخيال، مغتسلاً ببحيرة النسيان، راحلاً الى البعيد لألج عوالم ألجمال والمعرفة وأزور الفراديس المفقودة والتي لا يزال ظلالها ماثـلاً في هذا ألحنين ألحزين المجهول الذي يمتلكني.

استلقى ذلك التائه منهكاً وقد هدّته الذكريات والأسئلة التي لا ترحم.

 رنا الى البعيد لعله يتمتع ولو لحظة بروعة الذي سكب هذا الجمال الأخاذ على الوردة بألوانها   ونسقها واريجها وقدرتها على الجذب والاستمرار، كما عد لا يحصى من المخلوقات التي تتكرّر على هذا الكوكب والتي لو فقدت مرة لفقدت للأبد فالإنسان عاجز عن اعادة تكوينها.

الساعة 11:50 صباحاًStar Bucks on the Loop of Methuen MA, 0184

 

 

روائز المعرفة ومجسَّاتها

ما هي مجسَّات المعرفة التي يمتلكها الانسان؟

وما هي الروائز؟

كان بديهياً ان يرى ربيع انها الحواس الخمس وسيدتها العين، تليها الاذن ...

والى ما يعرف بالحاسة السادسة التي نادراً ما تتدخل وان فعلت فأنها تمنح القدرة على الإحساس بالصواب.

وهي أعظم الهبات ولا ترتكز على منطق سهل التفسير.

ثم الوعي وهو سيدها جميعاً،

شفاف مجرد مخضب بالعطر والروعة،

باب مضيء على المعرفة،

مُرْهَـفٌ منشٍ،

محظوظ من إذا جاوره، جاورته إشراقة نشوة عارمة؛

بل شَعَـر أنَّه مبارك بلحظات التجلّي النادرة.

لكن مجال حواسنا غير رحب للأسف وهي قادرة على التقاط موجات محدودة الاهتزاز فحسب،

أمَّا خارج ذلك الحيّز فإن مجسَّتنا فاقدة للفاعلية...

العين عمياء، والأذن صماء...

الدماغ يتلقى الإشارات، ويشكِّل منها الصور والاصوات والروائح ...

وهكذا يبنى المعرفة البشرية بعد ان يضيف اليها التحليل،

وربط المعلومات، والاستدلال والاستنتاج والتوقع.

وهذا كلَّه منقوص إن لم نقل خاطئ انه مرتكز على معلومات مجتـزأة منقوصة

فكيف للإنسان ان يعمِّم المفاهيم؟

كيف له ان يميز بين الخير والشر بالمعنى الكوني الأشمل؟

كيف له ان يدرك وجود الخالق؟

جهل متمكن،

رغم أنَّنا نتمتع بهذه الميزة،

فإننا نطرح الأسئلة ونزعم امتلاك الجواب!

 

 

من يشاركنا حيِّز المكان-الزمان

تداعت الأفكار بسرعة جنونية وتوقف ربيع عند امكانية وجود كائنات شفافة تشاركنا نفس الحيز في الزمان والمكان دون ان يكون لنا قدرة على الاتصال بها.

ففي الجانب الإيجابي،

وحدهم الملهمون والانبياء من يقيمون هذا الاتصال ،

ولزمن محدود جداً،

لكن نتائجه فمذهلة ...

كالنبوة لدى الرسل،

والإبداع الفني لأصحاب المواهب،

لدى ألْتَمَاس مع عوالم راقية.

اما في "الجانب السلبي"

فهي نوبات الهستيريا المدمرة،

لدى تماس من نسمِّيهم بالمجانين او المجرمين، بعوالم سفلية

جحيميه فيقترفون الأمور الجسام وحين يعودون الى روعهم

يفترسهم الندم وتتآكلهم المرارة بل ينكرون ما اقترفت أيديهم.

اما نحن المتفرجين فنرجو القدير ان يبعد عنا لحظات التخلي وساعات التجارب الكافرة لنعبر هذه المحن بأقل قدر ممكن من الأذية.

الثلاثاء الساعة 11:15 صباحا، ًفي 18/3/2014

Star Bucks Loop Methuen MA

 

استراحة عابرة

اخذ ربيع نفسه من نفسه لاستراحة صغيرة وقصد مقهى على الشاطئ، يشرف على الامواج المتكسرة، وامامه بعض الصيادين يرمون "سنانيرهم" لالتقاط الاسماك السيئة الحظ والى جانبهم شباب وصبايا يتمشون على الرمال ويداعبون بأجسادهم البضة رذاذ المياه وهم يتحدثون ويحلمون،

وكثير من الأولاد يسبحون ويلهون.

نظر الى رواد المقهى وكل منهم يتمتع بنارجيلته (فالمقهى مشهور بجودة أراجيله)

تذكر بشوق يوم كان يستمتع بسيجارته وقد كانت رفيقته الدائمة.  

تركها من زمن بعيد وهو ما يزال يقول ليتها لا تضر فإنها خير رفيقة.

 تذكر أيضاً حبيبته ايام كانا يزوران هذا المكان فيتلذذان بطيب السمك، وتسبح احلامهم مجنحة على امواج البحر اللامتناهي، ينفثون سحابات الدخان من سجائرهم المشرّعة.

كيف تمضي الايام فتخبو جذوة الحب كأن الافاً من طبقات الصدأ اعتلتها،

فمسؤوليات العائلة، والشغف بالأطفال،

والتناقضات في المفاهيم،

والاختلاف في مقاربة المواضيع،

" وهي امور تتوارى في زمن الحب حتى لا تفسد مفعول الطعم الذي ألقاه الصياد الاكبر."

أضف إليها مسؤوليات الحياة الزوجية التي طغت على كل شيء...

فتبدَّ لت الأمور وتحول ذلك الشغف الى الاحفاد.

 

 

بدأ المخاض

نشأ هذا اليافع طفلاً حالماً، حزيني الطبع، عالمه

الخيال وهو ملتاعٌ أبدا لفردوس مفقود.

 انه مختلف عن أترابه.

فوقع مجريات الحياة اليومية عليه مختلف،

فما لا يلفت انتباه رفاقه قد يكون شديد الأثر عليه.

يتأمل الشروق والغروب بذهول ويرى فيها صلاة الطبيعة وخشوعها ،

تلهب اشعاعات شمس الصباح المنعكسة على صفحة المياه الرقراقة في النهر الصافي البديع مشاعره.

لكم استوقفته تلك الحجارة الملساء التي تداعبها المياه،

 فتبدو بديعة تأسر الالباب،

زاهية ضاحكة تناجيه.   

موسيقى المياه المترقرقة،

 لها وقع مختلف.

 يقف متأملاً،

 متعجباً،

 كيف يمضي رفاقه ليبلغوا بحيرة رأس العين ليبتردوا بالماء، ولا تستوقفهم هذه الروعة في الخلق!

هذا الادهاش وتلك العظمة!

وكبر ربيع ومعه كبرت التجارب،

كانت عليه شديدةً، فهو ناري المشاعر ولقد اجتاحه إحساس طاغ

بان الهيكل المقدس يكاد يدمَّر، وأنه عاجز لاحول له ولا قوة .

فالتجارب قوية طاغية جبارة كإلهة وثنية مقتدرة.

   تمضي الايام على ربيع ويكبر وتكبر معه احزان لا يعرف مصدرها ...

غدا ثائرا وتملكه الشعور لو، أنَّـه قدر لثورته ان تنطلق لأحرقت الكوكب بأكمله...

لكم وقف حالما متأملاً،

فاذا به ملك يخطب في شعبه،

مُـفَـكِّـرٌ يخوض أعمق المواضيع ويعالج أدَقَّـهـا،

فيلسوف يمخر عباب الكون،

 موسيقيٌّ يعزف اشجى الالحان،

شاعر يُلْقِي ارقَّ القصائد،

عاشق يرى حبيبته مصوغة من اشعة والوان والحان وعَـبَـق.

ثم لا يلبث ان تجتذبه التجارب والرغبات من عالمه السحري الرائع وتقتنص منه اطيب اللحظات وانقاها فَـتُـمَـرِّغَـهـا بالرغام.

يا لهذا العالم المزري!

يا لهذا الكوكب الذي اوصل نفسه ليستحق ان يولد فيه،

فيعلق بشباكه التي لا خلاص منها الا برحمة إلهية.

انه يرجو ان يكون لهذا العقاب زمن محدود تُؤدَّى فيه ضريبة

معلومة ليعود الى عالم أفضل ويقترب من الفردوس المفقود.

اما فيما يتعلق بينبوع راس العين ومياهه الصافية المتدفقة،

 فان حلماً عجيباً مدهشاً استمر يراوده،

 ولا يزال وقْـعَـهُ شديدٌ كأنَّـه الواقع المحتم،

 المكان يتراءى في الحلم مغارة متوهجة، جواهرها مضيئة فـتَّـانـة تتلألأ تحت المياه الرقراقة وبجانبها تسبح اسماك عجيبة الجمال!

مشهد كأنه الابتهال!

يدفعك بالا تلمسه فتدنس قدسيته وجلاله.

حلم كأنَّه من الجنَّة تنزَّل.

 

 

الآلهة ورقعة الشطرنج

لماذا خلقنا منذ الازل مع القدرة على اقتراف الذنوب،

ما الحكمة من وراء كل هذا... هل نحن بيادق على رقعة الشطرنج التي يلعب عليها الآلهة،

وكيف صنعهم القدير الغامض الموغل في البعد؟

كيف يفكرون ويشعرون،

وكيف يتمتعون، يرحمون، يهبون الهبات،

يقسون، او يعاقبون؟

هل حقيقة اننا "بيادق" على رقعة الشطرنج وهم حولها يلعبون يلهون

ويرتشفون اكسيرهم السماوي بكؤوسهم الاثيرية؟

العب ما شئت أيها الخيال فهم في البعيد ولا رجاء لك في ولوج عالمهم السحري.

فَأُفٍّ لهذا الكم من الجهل الذي يغمر واقعنا،

كل ما يرجوه ربيع الآن لا يعدو الإفلات من اعاصير الأسئلة، علَّه يتمتع بشروق الشمس وغروبها،

بعبق الازهار ورونقها، بتغريد العصافير الرائعة،

والفراشات اللطيفة التكوين الآتية من العوالم العلوية، بعيداً عن طريدات الفراديس الماجنات اللواتي يبعن الهوى ويتلاعبن بالقلوب ويصرعن الرجال،

فنتساقط بإذلال على اقدامهن...

سجد ربيع في عمق ذاته راجياً رحمة القادر،

 الغامض المجهول،

متعجباً من قدرة الأنبياء والعظماء على عبور تجارب الكوكب الصارخة.

من يكون هذا السيد القائل:

 من نظر الى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه.

من هذا الزائر السماوي الذي يوصي مريديه:

"احبّوا اعداءكم باركوا لا عينيكم...."

كم كان يتألم من تنافس تلامذته وخلافاتهم ليقول لهم:

" احبّوا بعضكم بعضاً كما انا احببتكم"

من هذا الهابط من عالم الإلهة وقد تُوِّجَ بإكليل من الشوك،

وسُمَّر على خشبة الصليب،

 ليتغلب على الخوف والألم والثأر والكراهية،

 يرنوا الى العالم الذي منه اتى ويطلب من القدير ان يغفر لأجلاف يسومونه ضروب العذاب والذل والسخرية؟ بطل أسطوري يستطيع والآلام تفترسه وتفري حشاشته ان يعذر ويسامح انه؛ ولا شك؛ كائن سماويٌ يفترش المحبة.

 صباح الأحد الثلاثين من آذار 2014

  الساعة 11:30د صباحاً في مقهى Starbucks

 

 

اُضيء السراج

ربيع ينهي دراسته الابتدائية والتكميلية، وتبدأ المرحلة الثانوية حيث حصل أمر لافت للانتباه.

ترامى الى مسامعه ان أستاذا في الادب العربي يحمل افكاراً ثورية جديدة التقاه صدفة على درج معهد الدراسة الثانوية.

سأله عن موعد لمناقشة الافكار والتعرف عليها،

فتحدَّد الموعد دون تردُّد،

 (ومذ ذلك ما لبث هذا الاستاذ يكرر ان ابتسامة مضيئة لا تُنْسى ارتسمت على محيا ربيع)

وتم اللقاء مع غازي وهو استاذ ادب عربي، شاعر مرهف كثير الاعتداد بالنفس على عادة الشعراء.

كان برفقة ربيع صديق له من نفس البلدة.

استمر اللقاء حوالي الساعتين وربيع يقارع الحجة بالحجة والمنطق بالمنطق المضاد المشكِّك الى ان انتهى المضيف وقد اعياه المنطق الى القول ببسمة ولطف وتقدير:

إن تقبُّل هذه الافكار يا ربيع يحتاج الى ما يفوق المنطق انه يحتاج الى صفاء نفسي.

 صمت ربيع وكأن ما قيل اخيراً كان حجة الحجج ...

وأصبح واحداً من تلاميذه اما رفيقه الذي استمر صامتاً طوال ساعتين وأكثر فقد صار ضابطاً في الجيش يتبختر ببذته العسكرية التي ترضي غروره.

بعد هذا اللقاء كانت لقاءات ولقاءات فإذا بالأستاذ يبشر بنبي عظيم يجترح المعجزات ويحمل افكاراً ثورية جديدة.

وحين أعلن الاستاذ على ربيع هذا النبأ شعر الاخير بان سراجاً اضاء داخله وملأه فرحاً وقدرة أكبر على الوعي والفهم وتقدير الأمور.

إن السراج الذي أُضيء أوقد شعلة الايمان التي لن تخبو مع مرور الأيام.

عرض غازي على ربيع لقاء المعلم فطلب مزيداً من الوقت

لعله يشذِّب ما أمكن، مما خَطَّـتْ التجارب على شخصيته من التشوهات وما علق في نفسه من الأدران.

 3 نيسان 1914

Starbucks @ the loop of

Methuen MA

 


إنه النبي داهش

استاذ ربيع كان غازي وهو استاذ ادب،

محاضر بارع،

شاعر واديب،

حصيف،

حباه الله حنجرة نحاسية.

اما النبي المنتظر الذي آمن به ربيع، بفعل الضوء المنير الذي شع في ظلمة نفسه قبل ان يعرف اسمه أَوْ يلتقيه،

فهو الدكتور داهش؛

وهو في نظر معظم الناس منوم مغناطسيٌّ كبير، وفي نظر رجال الدين خدين الشياطين،

- وهذا تكرار وتماثل مع احبار أثينا واحبار اليهود واحبار قريش واحبار روما إزاء سقراط والسيد المسيح والرسول العربي وغاليليو وغاندي... والسلسلة تطول وتطول؛

فالتاريخ يكرِّرُ وقائعه.

غريب امر سكان هذا الكوكب كيف ينقضون على عظمائهم ويسومونهم مرَّ العذاب وهم بينهم، ليعود احفادهم وربما هم في حيواتهم المتلاحقة ليمجدوهم بانتظار ضحية جديدة يستنزلون عليها كل ما يملكون من اذى.

أدرك ربيع انه كما اضاءت هذه المعرفة نور نفسه، سلطت كذلك، سوطاً رهيباً غير منظور على اولئك العابثين الذين يدَّعون باطلاً حماية المعتقدات؛

اذَّاك استشعروا خطراً عظيماّ يتهدَّد كيانهم،

فناصبوا الرسول الجديد مُرَّ العداء.

وهذا ما يعود بالذاكرة الى قول ڤولتير الثائر إثر تعرضه لحملات رجال السياسة والدين فانْتَهَـرَهُـم قائلاً:

"انا المرآة، فلا يظُنَّنَ شيطانٌ انه سيرى ملاكاً حين ينظر الي."

هكذا الرسول الجديد، وكما كل الأنبياء، مرآة للنفوس.

وحين يتعرَّض فرد او تتعرض جماعة بكل شراستها واذيتها لأحد المصلحين، فإنما تصارع انعكاس صورتها على صفحة تعاليمه الصَقيلة وتقاتل نفسها دون ان تعلم.

أدرك ربيع في عمق ذاته ان الرسالات السماوية في زمن الأنبياء هي اشبه بالنار حين تأتي على الأشياء،

فإذ ما مرَّت على غابة الصنوبر او ما هو دونها منزلة انتشر العبق أكان اريجاً طيباً منعشاً او كان خلاف ذلك،

المفارقة هي في ان النار تحافظ على جوهرها، اما الرائحة المنتشرة فهي من خصائص من تَلْفحه بشواظ لهبها المقدَّس.

ان التعاليم الجديدة هي اشبه بالحقل المغناطيسي تَتَصَنْفُ الاشياء تلقائياً في حضورها،

او كطوفان الماء على بقعة من المكان فما ان يستقر حتى تترتب الأشياء فمنها ما يستقر في القعر ومنها ما يطفو على السطح ومنها ما يسبح في الوسط.

لا يختلف الحقل المتأتي عن التعاليم الداهشية في أثره عما سبق من تشبيه، فبمجرد وجوده غير المنظور بالمعهود من حواسنا حتى يحدث التغيير، وينتج عن تفاعله مع المجتمعات والافراد انعكاسات فورية ودائمة،

من لا مبالية،

الى مؤيدة مؤمنة مجاهدة، الى معادية مُـشْـبَعَـةٍ بالأذى.

وهذا ليس حال الانبياء والمصلحين فحسب،

بل انّه يشمل القادة والزعماء فما ان ينتشر الحقل الذي مُنِحَ لاي منهم لسبب مجهول منا، حتى يتصنَّف الناس من مؤيدٍ حتى

العبادة الى معادٍ حتى الجنون.

 

اللقاء المنتظر

كل هذه الافكار كانت تتفاعل في كينونة ربيع وتزيده استعدادا لليوم المنشود يوم اللقاء بالدكتور داهش النبي

بحسب اعتقاده الثابت، وتحدد الموعد سيكون بين الـحادية عشر والواحدة على ما يذكر.

وكان المجتمعون في بيت غازي في مدينة زحلة اما الاتجاه فإلى مدينة بيروت، حي القنطاري قرب جنينة الصنائع والقصر الجمهوري القديم.

وكان اللقاء الأول المنتظر مع الدكتور داهش.

 ووصلنا الى البيت،

فُتح الباب وتسلَّقنا الدرج فالبيت من البيوت التراثية القديمة سطحه قرميد وسقفه عال،

هو اشبه بالمتحف منه بالمنزل،

فداهش عاشق للرسوم والتحف الفنية كما للكتب وكل ما له

علاقة بالثقافة.

عرف هذا البيت ولا يزال ببيت الرسالة، وهو يتميز بِعَبَقِ

الروائح الطيبة المنشية، حتى ان رائحة يدك التي تصافح

بها الدكتور داهش ستبقى عابقة بالشذا لفترة طويلة،               

فان الرجل مولع بأرقى وأنْدر انواع العطور.

إنه كهل اسمر اللون،

ليس بالطويل،

مربوع القامة،

موفور الصحة،

وجهه يوحي بالثقة والطمأنينة،

مقلٌّ في الكلام على عمق،

ولكن إذا تحدث ترغب في حفظ كل كلمة قالها،

فلغته أَدبية نبيلة.

كلامه مرهف منتقى،

عبارته واضحة مختصرة وقصيرة،

لماح حاد الذكاء،

في صوته بحة دافئة محببة،

وسبحته لا تفارق يده.

استمر لقاؤنا حوالي الساعة وكنا موضوع ترحيب فالبيت كريم الضيافة بكل ما في الكلمة من معنى.

وتركز اللقاء على الرمز الداهشي، وهو صلاة ترفع حرقاً

ليتصاعد النور المتولِّـد عن الاحتراق،

حاملا باعتقاد الداهشيِّين،

الصلاة الى السماوات العُلى.

وهكذا تعزَّز اعتقاد ربيع الذي انجذب الى حقل العقيدة الجديدة بكل سلاسة وفرح. 

كان في المنزل كثيرٌّ من الداهشيين بينهم الدكتور فريد ابو سليمان،

وقد قُسِّمنا الى مجموعات صغيرة وكان مع كل مجموعة أحد الحضور يعلِّم كيفية كتابة وطي وحرق

الرمز الداهشي. 

إنها قصة إيمان ترتكز على حاسة الوعي التي تشعرك بالفرح

ان كنت على صواب، او بالقلق إذا كنت على خطأ، إنها لا ترتكز على مماحكة أو محاكمة عقلية مضبوطة الإيقاع.

القبول او الرفض امر شخصي مصون بحرية الانتقاء.

كان نصيب ربيع ان يعلمه كتابة الرمز شاب ابيض البشرة وسيم الطلَّة، ملامحه تدل على اعتداد بالنفس مع طيبة غامرة وأصالة محتد انه حسن، واستمرَّ هذا الرمز بحوزة ربيع فهو يؤرخ لأول زيارة إلى الدكتور داهش وكان ذلك في ٣/٤/١٩٦٤ الساعة الواحدة الا عشر دقائق من بعد الظهر.

والمميز في هذه الصلاة انَّه ولأول مر ربما، لا يستعمل فعل الأمر في مقام التوسل والرجاء والطلب كالقول:

ارحمني،

اغفر لي

  ساعدني،

 استجب اليَّ....

اما في الصلاة "الرمز"

فان الطلب يأتي بصيغة المجهول،

"ان يسمح لنا بجلسة او مساعدة روحية"،

لتتبعه صيغة،

"مستجاب بحق الله تعالى"،

ثم يطوى الرمز بطريقة خاصة،

ويحرق لتتصاعد الصلاة والتهجُّد،

بحسب اعتقاد الداهشيين

موجات مرسومة بالنور،

ترجو تصعيد الدعاء الى القوة الموجدة.

الجمعة 4 نيسان 1914

Starbucks @ the loop of Methuen MA

 

الخبرة تتكلم

ان نشر الأفكار ليس أكثر من شرارة أهميتها في ان تصيب طاقة جاهزة للاشتعال وإلا فلا جدوى، وكوننا لا نعلم أيتها هي، وأين تكمن،

فلا بد من إيجاد أفضل الوسائل للنشر،

مع الابتعاد عن الوعظ المَمْجُوج.

واستعداداً لذلك اكَبَّ ربيع بوعي جديد مضاعف على قراءة الانجيل والتوراة والقرآن قراءة معمقة، مقارنة، فهو يرى في المعاني اموراً كان يمر عليها بالماضي مرور الكرام.

في الداهشية تتساوى الأديان فالداهشي يؤمن بالضرورة بالكتب المنزلة، دون استثناء، حتى الأساطير والمعتقدات الوثنية ان هي الا أديان اعترتها عوامل التشويه التي ستَمُسُّ جميع الأديان مع مرور الزمن كما يحصل الان للبوذية والمسيحية والإسلام وليست الداهشية باستثناء فمع مرو الزمن ستعتريها اعراض مشابهة،

فقدرة الإنسان على إفساد العقائد غير محدودة.

الداهشيون يؤمنون بجوهر الأديان، ولكن مع حذر شديد من   التعاليم المُلْحَقَة التي اضافها الأحبار فأصابوا الأصل بالسوء،

بل عكسوا التعاليم، لتتوافق مع ملكتهم المادية القائمة على ابتزاز الناس، وسوْقهم كالقطعان،

وزرع الخوف في نفوسهم،

فلا يجرؤون على المساءلة.  

غرسوا عميقاً في اللاوعي الجماعي لاتباعهم،

ان الشك بتصرفاتهم عمل من رجس الشيطان.

وكانوا اشداء بطاشين على مرِّ العصور، وحينما تتسنى لهم القوة لا يتوانوا بأن ينكلوا اشد التنكيل بمن يشير الى اخطائهم وحبائلهم..

وما محاكم التفتيش الا مثل وخير دليل على تاريخهم المظلم الحافل بالعبر،

فكم باسم الدين، حرَّقوا من الضحايا الاحياء!

وكم باسم الله كفَّروا وذبحوا بلا تردُّد!

ودون ان يرف لهم جفن؛

بل كانوا يحتفلون ويبتهجون بجرائمهم التي ناء بثِقَلها التاريخ وضَـجَّـتْ بها ابالسة الجحيم.

هذه سيرتهم من قبل سقراط... والى ما بعد غاليليو...

تذكَّر ربيع ذلك إثر اطلاعه على الاضطهاد الرهيب الذي تعرض له الدكتور داهش واتباعه، ظلما وتجنّياً،

على يد بشارة الخوري رئيس الجمهورية آنذاك وحاشيته،

ولا سيما زوجته لور وهي شقيقة ماري حداد الداهشية المجاهدة.

 

على عرش الفكر

عاد السؤال يتصدر مائدة ربيع الفكرية،

ملكا متربعا على عرشه.

هل ان القوة الموجدة تتدخل مباشرة ام انها خلقت أنظمة وقوانين تعمل بإتقان لا يوصف وعليها تلقى المهمة وحسب ولا حاجة بعد ذلك للتدخل المباشر؟

لقد منحت الداهشية ربيعاً باباً جديداً للمعرفة،

فَـضَّـت امامه الكثير من الاسرار،

لكنها واجهته بآلاف الأسرار الجديدة،    

والأحاجي التي لا جواب لها،

وان أتت الإجابة من قدرات متفوقة،

بوحي من عوالم أرقى،

في انعطافات نادرة مباركة،

فمعانيها تبقى مغلقة الا لمن منح وعياً مميزاً،

او من تخطَّت درجته كوكب الارض فانتقل الى عالم أرقى.

نحن في عالم الموت والجهل كما ألْـمَـحَ الى ذلك" المسيح" عليه

السلام أحد كبار المعلمين الذين زاروا هذا الكوكب المتربع على

أبواب العوالم المظلمة.

الساعة 7:30د مساءا بين 5 و7 نيسان 2014

Starbucks the Loop of Methuen

 

الواقع يبدِّد الأوهام

وعيٌ جديدٌ اندفع في اعماق ربيع، وكان فرحه والسراج الذي أضاء داخله حاضراً قوياً الى حد التوهُّم ان كائناً من كان، سيتوهَّجُ غبطة غامرة، إذا ما بلغته تلك البشارة،

ولكن!

سريعا ما سيُبَدّد الواقع اوهامه فان الذين سيرفضون ويسخرون سيشكلون الأكثرية.

ان يكون الدكتور داهش منوماً مغناطيسيّاً مقتدراً، ساحراً دونه كل السحرة، فإنَّه امر مقبولٌ، بل مُسْتَحَبٌ لا يعتريه الشك، اما ان يكون صاحب رسالة سماوية او عقيدة إصلاحية،

فإنَّه امر مرفوض.  

إذاً درب جهاد طويل بانتظار ربيع يبدأ من أقرب المقرّبين

اليه ليمتدَّ الى ما لا نهاية.

 

السحر والإيمان

بدأ هذا اليافع القلق النهم الى المعرفة قراءة مُعَـمَّـقـة للإنجيل والقرآن والعهد القديم، كما للكتب التي تعالج مواضيع السحر والتنويم المغناطيسي، وتكشف الرصينة منها ان هذين الآخرين لا يغدوان أكثر من حيل ذكية لاصطياد الطرائد البشرية والاستفادة من مكامن ضعفها وحاجاتها لحلول مستحيلة، والذين يقعون في هذه الحبائل هم العاجزون عن التمييز بين المعجزة والخديعة، وليسوا بأقلية، وينتمون الى مختلف الطبقات والمستويات الفكرية،

وهذا مفاجئٌ فعلا.

وكان الذي يدفع ربيع للتعجب هو ايمان هؤلاء بالسحرة والمنومين المغناطيسيين كما بالأنبياء على حَدٍّ سواء؟

انها لأحجية عصية على الحل، ذلك ان صحت الواحدة فإنَّها تبطل حكماً الأخرى.

وهذا ما واجهه السيد المسيح، إثر مقارعته احبار اليهود، إذ اتهموه بالسحر والشعوذة، وانَّه بروح رئيس الشياطين يصنع المعجزات...

مما دعاه الى تسفيه منطقهم مجيباً:

"كل مملكة تنقلب على ذاتها تخرب" فكيف لأحدهم ان يجترح معجزات من صنع الشيطان ليبشر بالله وبالخير والفضيلة  

...ولكن هذا هو الإنسان!

وهكذا تتمنطق الأمور لديه!

 

الوعي والإيمان مراتب روحية

وليست عقلية

وتبدّى لربيع ان وعي الامور هو مرتبه روحية وليست عقلية، العقل مسخرٌ لمقدار الوعي الذي تبلغه مرتبة الانسان الروحية.

الوعي يرتبط بالفضيلة ورقي النفس، وهو بشكل من الأشكال

ملامسة عوالم المعرفة العلوية، بغير العادي المعروف من الحواس، وهنا تبدَّى لربيع ان للأقوياء الفاعلين على كوكب الأرض، سواء كانوا اشراراً كمعظم الابطال والقواد،

أو فاضلين كالأنبياء والمصلحين...، حقولاً غير منظورة ومجال تأثير شفاف.

 إن الذين ينجذبون الى هذا المجال ويصبحون في حقل تأثيره يَـفْـتَـدونَـه بمالهم وحلالهم وأولادهم وارواحهم ويَتَدَخَّـلُ العقل والمنطق في المرحلة التالية لتدعيم اتجاهاتهم

ولو ادعوا عكس ذلك.

على ان التجاذب والتفاعل بين البشر والقواد أو الزعماء فأسرع تأثيراً وأكثر سيطرة.

اما مع الانبياء والمصلحين فهو في الغالب سلبياً رافضاً،

وهذا ما يفسر اجتماع الناس،

على محاكمة سقراط، وصلب المسيح... واضطهاد محمد...

واذلال غاليليو...واغتيال غاندي...  

اما وعي الحقائق التي عاشوا وماتوا من اجلها واصبحت ايمان هؤلاء البشر بعد الكثير من تكرار عودتهم الى الأرض،

فلا يغدو أكثر من فلكلور مزيف كَسبوه بالوراثة، والتصق بنفوسهم من خلال التنظيم المادي الرهيب لرجال الدين، الذين كما في زمن الوثنيين،

استأثروا بمراسيم:

الولادة

والزواج

والموت

والعلاقة بالله،

والتكفير وغفران الذنوب،

وجعلوها حصراً بهم.

تربعوا على مفاصل الحياة البشرية،

وادعوا امتلاك المفاتيح السحرية لفض أختام الموت والحياة،

فهم المدخل للمولود الجديد،

وهم المتحكمون بقوانين الزواج،

فإذا مُنِحت الرخصة المدفوعة الثمن،

شُرِّعت العلاقة،

وإلا فالاتهام بالزنى،

وهم المنتظرون نهاية كل فرد على ابواب المقابر،

كما بدايته إثر الولادة،

بطقوسهم المأجورة طبعا،

ومن خالف وصاياهم فإلى الجحيم.

أنشأوا المعاهد والفرق الموسيقية والحقوا بها الترانيم والاحتفالات الامبراطورية وبذلك تلتحم الرعيَّة تحت هذه المظلة المغرية،

ويصبح القطيع عبداً بإرادته ورغبته مطواعاً لابتزازهم الذي لا ينتهي.

ان مملكة الشيطان تملكت عقولهم واسْـتُـعْـمِـلَـت الكتب المقدسة([3]) وسيلة لقيادة وابتزاز هؤلاء المستسلمين بفرح وخنوع لمشيئتهم.

قال ربيع في نفسه انه لغريب حقاً امر هذا الكوكب، وسر مرتبته في تصنيف المخلوقات الكونية،

فهو قادر ليس فقط على افساد التعاليم، بل استعمالها في عكس الاتجاه التي أنزلت من أجله.

أي سر يختفي في عالم الخلق؟

أي قانون وضعه القادر الموجد، المجهول، الغريب، الذي ينزل التعاليم ويعطي الحرية على إفسادها في آن؟

اليوم ذكرى انتقال الحبيب

 الساعة 11:54 من صباح

الاربعاء الواقع في 9 نيسان 2014

Starbucks Methuen MA

ضجيج المتناقضات

كان الوعي الداهشي الذي بدأ يولد وينمو داخل ربيع،

يدفعه الى يم التساؤلات المتناقض المتلاطم الامواج الذي يهدر بقوة.

فهو هادئ المظهر، ولكن لو تسنى لأحد أن يرى الى عمق ذاته لكان يتعجب ويرتعب من ضجيج المتناقضات، حيث يمتزج الجميل بالقبيح، الاقدام بالجبن والوعي بالجهالة.

امواج الاسئلة الهوجاء المتلاطمة تضرب شمالاً ويميناً شرقاً وغرباً. 

السفينة التي تبدو متجهة الى شاطئ معروف،

تمضي الى المجهول.

ربيع، يدرك جيداً ان داخله غير خارجه لذا فهو دائماً فاقد للصبر وهذه نقيصة تضاف الى الكثير من اخواتها ...

ولكن لا حول ولا قوة الا بالله.

انه أبدا يبحث عن شاطئ مفقود عن امل مهاجر عن حبيب مجرد عن اللحم والدم، فوق الجمال والعطر والألوان...

في اللا مكان واللازمان في عالم السكينة والامان،

في العالم المفقود في الجنة المستحيلة...

 

 

كهنة الرعية والابن الضال

كان ربيع مدمناً على الواجبات الدينية، فهو ماروني الاصل،

من عائلة محافظة، يذهب الى الكنيسة في كل المناسبات يخدم المذبح ويقرأ رسالة بولس كل نهار أحد وفي اي قداس قبل تلاوة لإنجيل. ونادرا ما تخلف عن اداء هذا الواجب.

لذا كان من البديهي ان يلفت انتباه كاهن الرعية غيابه الطويل ؛

فقصد منزل اهله ليستعلم عن السبب، وإذَّاه يجد شاباً صغيراً جديداً لديه ألف سؤال وسؤال،

فتعاليم المسيح شيء وما يراه من ممارسات الأحبار،

شيء آخر مناف لروح الكتاب.

دارت نقاشات طويلة وكان المنطق السديد، يخون الكاهن وصحبه فيعودون بصفقه المغبون.

ظَنَّ المسؤولون الكنسيون ان الكاهن لا يملك ثقافة كافية للتعامل مع ربيع فاستبدلوه بأباتي آخر وهو ذو باع في علم اللاهوت ،

لقد تناول هذا الأخير مع ربيع معظم الامور الجوهرية،

من الاعتراف وغفران الذنوب الى المناولة، مرورا بما تبقَّى من أسرار الكنيسة - بدعة اللاهوتيين - التي كانوا يُتـقنون بها إحكام الأغلال على الرعية.

فسِرُّ الاعتراف، كما يصنّفه مؤرخو العصور المظلمة ومحاكم التفتيش، "جهاز المخابرات" السري المجاني الأول في التاريخ ،

الذي يلقي الاحبار بواسطته القبض على اسرار الناس ورقابهم،

والغفران خدعة جهنمية لاجتذابهم ودفعهم الى البوح بمكنونات صدورهم، فيصبحون عراة في أيدي جلاديهم.

أدى هذا الجهاز واجبه المرعب في القرون الوسطى حيث كانت سلطة رجا ل الدين مطلقة، ومحاكم التفتيش، جهازها الحديدي المرعب يسرح ويمرح في عصور أوروبا المظلمة.

هذا تاريخهم منذ ما قبل "هيباتيا " عروس عرائس الجنة التي افترسها جهل المرقصيين المصريين في أوائل العصور المسيحية والى ما بعد شهيدة حواري الجنة، جان دارك التي احرقها رهبان فرنسا حية في القرون الوسطى.

كانوا يتهمون بالكفر والهرطقة،

اي فكر مستنير يهدِّد سلطتهم وسطوتهم،

وبالسحر والزنى،

اية جميلة او امرأة، تتجرأ على مخالفة أوامرهم ورغباتهم..

بقسوة الأبالسة وحقد الشياطين يصدرون الاحكام،

ينصبون المنصات في الساحات العامة،

يحرقون فرائسهم احياء،

يمارسون الطقوس الوثنية في تقديم الذبائح البشرية،

يرنمون ويرفعون الصلوات الفولكلورية،

يرتدون الألبسة الاحتفالية الخاصة التي ورثوها عن احبار روما

الوثنيين،

يضيئون الشموع،

يسيرون بهدوء رافعين الصلوات والترانيم،

والأدهى من كل ذلك ان القطيع الغبي يشاركهم الطقوس، مُنقاداً كما الخراف، الى راعٍ يسوقها الى المذابح،

لينتهوا بإقامة الولائم تعويضاً على الجهد الذي بذلوه.

اين هم من المعلم المذبوح بأيديهم؟

اين هم من يسوع المجدلية؟

اين هم من القائل من منكم بلا خطيئة فليبدأ ويرمها بحجر؟

اين هم من حبيبنا يسوع جبران؟

البطل؛

عاشق المحبة والعدالة والغفران،

محرِّر العبيد.

اي إله بعل وثني، هؤلاء يعبدون؟

وهل من عدو للإيمان يفوقهم ضراوة؟

وهل من حارس للإلحاد يفوقهم إخلاصا؟

سارقوا الكلمات المقدسة.

المتاجرون بها.

المتربعون على رقاب رعية غبية.

أعداء الله جل جلاله.

أعداء المسيح البطل الجبار الذي اعتلى بأنفة خشبة الصليب دفاعا عن عقيدته، وثمنا لتكفيره أحبار اليهود

وتأنيبهم على مخالفة الوصايا، وفداء لقانون المحبة

والمسامحة والغفران.

هذا هو المعلم،

اما هم،

فأَلدّ الدّ أعدائه.

لماذا الإقلاع عن الخوض في عالم الرذيلة،

طالما هنالك دائماً من اليه نعترف وهو جاهزٌ قادر على الغفران؟

ابتدعوا اسرار الكنيسة ومنها واخطرها،

سرُّ الاعتراف،

البدعة الذكية الشريرة التي تخوّل الكاهن غفران الخطايا بعد الاطلاع عليها...

وانكروا انّها سلطة منوطة بالقدير وحده جلّ جلاله،

قد أسقطوها على أنفسهم وادعوا انهم في حالة النعمة يختلفون عن الانسان الذي هم والذي يشارك الناس رغباتهم وميولهم،

ادعوا انهم يبلغون حالة القداسة مهما كانت ارتكاباتهم،  

وأنهم في هَذِهِ الحالة يمتلكون سلطة الغفران.

ما أخطر هذا الاعتقاد وقد استطاعوا ان يجعلوه ايمانا راسخا فخدَّروا عقول الرعية، وجعلوها لمشيئتهم مستسلمة.

إنَّه الامتلاك لرقاب الناس والتشجيع غير المباشر على الرذيلة.

وكان النقاش يدور جديَّاً وحاداً فالجراحة تجري في عمق العقيدة التي ابتدعوها ونسبوها باطلاً لسيَّد الشهداء.

هم يدعون انهم خلال الكلام الجوهري ينزلون جسد المسيح في القربان ودمه في الخمر ثم يكسرون القربان ويوزعونه على قطعانهم المخدَّرة الساجدة امامهم على انه جسد الرب ودمه.

وكونهم يعتبرون ان المسيح هو الله المتجسِّد، فقد منحوا أنفسهم القدرة

على التحكم بالله فأنّى شاءوا أقاموا مراسيم القداديس واستنزلوا القدير من عليائه في قرابينهم يمزجونه بالخمر ...

ثم يقدمونها على انها دم الاله وجسده فيلتهمه المؤمنون وهم يغمضون العيون لشدَّة الورع.

رعية تأكل إلـهـا!

....

 

 

رعية تأكل إلهها

الاحبار هُمْ، هُمْ في كل زمان ومكان لَيْتَهُم يقيمون ذلك للذكرى كما جاء على لسان السيّد في العشاء

السري،

لكنهم يؤكدون ان القربان قد أصبح جسد المسيح الحق،

 وان الخمر قد أصبح دمه الحق.

ويكسرون الخبز قطعا،

يوزعونها على افواه رعية تأكل إلهها!

ان تجرَّأ سائل وشكَّك بما يدَّعون فالتكفير جاهز، كما اللعنة

بالحرمان من الجنَّة والقذف به زنديقًا الى غياهب الجحيم.

لقد صنعوا الهاً طَيِّعاً، مُطيعاً، ورعية مطواعة.

لقد تفوقوا عل سحرة العالم اجمعين،

وعلى أعتى كهنة البعل الوثنيين.

هذا بعض ما كان يواجه به ربيع مع الكهنة من جاهلهم

الى عالمهم ويقول لهم انكم تسيئون الى السيد المسيح والى الله والى الناس بتشويه التعاليم المقدسة واستبدالها بأضاليل، ولا السحرة.

فلماذا لا نعود ببساطة الى تعاليم السيد الفادي؟

ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود؟

كم من مرة سألهم ربيع كيف تخالفون الوصايا وتُـسمُّـون انفسكم بالآباء والمسيح قال:

 لا تدعوا لكم أباً على الارض لان أباكم

واحد هو الذي في السماوات،

كيف تدعون ان المسيح عليه السلام هُوَ الله المتجسد.

والقدير قال يا موسى أنا لا يستطيع ان يراني البشر،

من يراني موتا يموت.

الم يقل المسيح حين سئل عن شريعة موسى:

"اتيت لأكمل لا لأنقض"

الم يؤنِّب المعلم تلامذته،

حين قالوا له أيها المعلم الصالح فأجابهم غاضباً 

"لماذا تدعوني صالحاً لا صالح الا الله"

الم يتهجَّد على جبل الزيتون،

وقد نام تلامذته فشعر انَّه وحيد ضعيف،

فسجد سائلا الله:

"أجز عني يا أبتي هذه الكاس"

وعلى الصليب ألم يخاطب القدير قائلا:

اغفر لهم يا أبتاه فانهم لا يدرون ماذا يفعلون.

الا ترون في كل هذا دليلاً على الضلال في اعتبار المسيح

هو الله، بل تجنٍّ واذية لهذا النبي العظيم..

كان ربيع – لسذاجة خبرته في الحياة- يتوقع،

تقديراً،

يقظة،

استفاقة من هذا السبات المدمِّر،

ولكن بدلا عن ذلك كانوا يمتعضون اذ تعياهم الحجة،

فيُصرّون بأسنانهم ويسارعون بالانصراف غاضبين،

وفي تعابير وجوههم الوعيد والتهديد.

وبعد أشهر من المناقشات تبيّن للأحبار ان لا عودة لربيع الى الحظيرة، بل بات يشكل خطراً بأفكاره وآرائه، إذا ما انتشرت، فازداد الحقد عليه الى ان اُوعز الى كاهن الرعية بان يستعمل

سلاح الإشاعة ويعلن في عظة الاحد منبِّهاً:

"في الرعية شاب يعبد الشيطان فعليكم ان تتجنبوه... إنَّه قادر ان يسمِّم أفكاركم وأفكار فلذات اكْبادكم"

وكما العادة فالرعية تأنس الى راعيها وتلتزم تعليماته دون اي اعمال للمنطق، فهي مخدرة بالطقوس التي رافقتها منذ الولادة، حتى غدت ثابتا مقدسا من ركائز حياتها.                                

ذلك جرى في شتاء السنة الدراسية ١٩٦٣-١٩٦٤

وكان ربيع في صف البكالوريا القسم الاول الفرع العلمي. 

وفي صيف تلك السنة التي انهاها بنجاح أمضى الايام والساعات في قراءة مقارنة بين الانجيل والتوراة والقرآن، وهو كان يرى التكامل في هذه العقائد السماوية وما يبدو من تباين كان لا يشكل    اليه اية مشكلة، بل كان يتعجب كيف ان اليهود والمسيحيين والمسلمين يبحثون عن نقاط التباين لِـيُـسَـفِّـه بعضهم بعضاً متجاهلين الكم الهائل من التعاليم المتشابهة المتداخلة، المتكاملة.

 ان الإنسان قادر على افساد اية عقيدة سماوية كانت ام ارضية. باسم الدين وباسم الله،

ذبح البشر بعضهم بعضاً على مر التاريخ،

والله والدين منهم ومن افعالهم براء.

كان ذلك الصيف الواعد فرصة غنية لربيع فوقع في احدى

المكتبات على انجيل بوذا فتعرف على هذا النبي العظيم الذي يشبه المسيح عليه السلام الى حد بعيد...

 

ماذا فعلت الداهشية بربيع

شرَّعت نوافذه على المعرفة، دينية كانت ام علميةٍ ام ثقافية ام فنية... لا فكر محرم.

الجهل والتعصب والغباء... هي الاشياء المحرمة وحسب.

ولكن عزلة ربيع كانت تزداد فرجال الدين من مختلف الطوائف، وأخصهم المسيحيون،

يعادون العقيدة مرّ العداء.

انهم اشد لؤماً وايلاماً من احبار اليهود...

فعقيدة داهش تشكل خطرا حقيقياً عليهم.

لطالما بنوا امبراطورية لرغباتهم والمؤمنين فيها زبائن.

بنوا قصورهم واسموها اديرة على ما قال جبران،

حوروا تعاليم المسيح الى قيود رسف بها قطيعهم وقد جعلوه يؤمن بمسيح هم صنعوه، ووضعوا تعاليمه،

منحوا أنفسهم القدرة على التحكم برقاب العباد.

فمن الطبيعي ان يناهضوا الداهشية عداءً شديداً، أنها ان انتشرت مبادئها فلسوف تنجلي الحقيقة ويندفع المؤمنون بعيداً عن سيطرتهم فتَتَهدَّم إمبراطورتيهم المادية وتنهار...وهذا ما دفعهم على

 تحريض بشارة الخوري رئيس جمهورية لبنان آنذاك، وزوجته لور على محاربة الدكتور داهش والتنكيل به...

الساعة 5:36 من مساء الخميس الواقع في 15 ايار 2014

Starbuck

 

الحقيقة تتخطى قانون الديموقراطيَّة

الديمقراطية قانون الأكثرية العددية،

اما الحقائق فزاد الأقلية النادرة من الانبياء والمصلحين؛

فيها بذور التعاليم والأفكار الثورية الجديدة التي إذا ما نَبَتَتْ أحدثـت تطوراً جذرياً في مسيرة الأمم.

الاكثرية العددية أدانت هؤلاء،

سمّاً لسقراط،

نفياً وعبوديةً لأفلاطون،

صلباً للمسيح،

اضطهادا لمحمَّد،

والسلسلة تطول على امتداد التاريخ.....

لعلَّ هؤلاء الهداة شرَّعـوا نوافذهم أكثر مما ينبغي، فأصبحت مختزناتهم مباحة لكل قارع أو قارعة طريق،

ففقدت قيمتها وخصوصيتها،

وغدت مداسا للإقدام، تعود عَلَيهِم بالأذية.

الكل يهاب المحاط بالألغاز والطلاسم،

يستخفون بمن شرَّع صدره وأبوابه.

فالويل لمن لا يصمت ان لم يكن محصناً بمستمعين مهيئين

وإلا فسيهان بالإهمال واللامبالاة،

ويُسام الأذية.

لقد خاطبت روح افلاطون،

الحضور،

في احدى الجلسات الروحية

على لسان الدكتور داهش قائلة:

"الويل لمن يعلم الناس بأكثر مما يستطيعون ان يتعلَّموا"

 

الاضطهاد قدر المصلحين

قصة حزينة شرسة لئيمة تتكرّر ولا من يتعظ.

هذا ما تداعى من افكار لدى ربيع وهو يستعيد باختصار قصة اضطهاد الدكتور داهش، القاء القبض عليه، معاملته بالإهانة والايذاء الجسدي والسجن الى تجريده من الجنسية اللبنانية والنفي الى سوريا ومنها الى الحدود الايرانية دون مستندات تحدد هويته.

فقد تجاوز بشارة الخوري الدستور وأصدر ذلك المرسوم الرئاسي المشؤوم في ٦/٩/١٩٤٤ بيمين ستكسر ورشد سيفقد وفقاً لنبوءة للدكتور داهش أرسلت لرئيس الجمهورية إنذاراً له قبل التوقيع.

إنْتُزِعَتْ جنسية الرجل اذاً، فاكتملت الجريمة وأصبح شريدا 

ألقي القبض عليه في أذربيجان كمتسلل على الحدود الإيرانية،

وجرى اعدامه كجاسوس في ١/٧/١٩٤٧ وقد وثَّقَتْ الصحف صور اعدامه.

قصة تَـتَـطَـلَّـب من المستزيد عودة الى ما كتب

ونُشِرِ ووُثِّقَ حول هذه المأساة المروعة

.

قبل الإعدام

بعد الإعدام

"أذربيجان ١-١-١٩٤٧"

كل ذلك لأن هذا الرجل عمل بمبادئ الإصلاح وبشَّر بها،

وعوضاً عن ان يصحِّح الأحبار مسيرتهم ويفتحوا قصورهم التي اسموها ملاجئ للفقراء وخزائنهم التي يتكدس فيها الأصفر الرنان لمواساة المعذبين، وموائدهم الزاخرة بأفخر أصناف الطعام والشراب شراكة مع الجائعين... تحولوا بكل ما فيهم من حقد وشراسة ولؤم على رجل الاصلاح وحَرَّضوا بشارة الخوري ،

رئيس جمهورية وزبانيته في ذلك العهد على التنكيل بهذا المصلح البار...

لاحقوا تلاميذه المخلصين وجلهم يكبرونه سناً، وهم ذووا ثقافات عالية بينهم الأطباء كخبصا وأبو سليمان والشعراء كحليم دموس، والأدباء كالأديبة العصامية والفنانة ماري حداد التي باسمها أُصدِرَتْ الكتب السوداء والمناشير التي تتحدث بالتفاصيل الدقيقة عن مخازي ارتكابات بشارة الخوري وعائلته وحاشيته.

معلومات مباحة للجميع عقاباً لتلك العصابة المجرمة التي نالت ظلماً وافتراء من سمعة الدكتور داهش ونعتته بأحط الصفات عبر صحفها المأجورة مانعة عليه حق الرد، وانتزعت جنسيته اللبنانية خلافاً للدستور وسامته العذاب في السجون اللبنانية والسورية لينتهي مشرّداً..

حاولت ماجدا الحمامة الذبيحة ابنة جورج وماري حداد اغتيال بشارة الخوري لما فعله بالدكتور داهش بسب إيمان عائلتها به، فاتاها جواب داهش جازماً يمنعها من اقتراف اي عمل عنفي.

فما كان منها الا ان انتحرت لتعلن على الملأ احتجاجها الصارخ على اهل الحكم الذين يسيئون استعمال السلطة...

ايغالاً في الحقد والضغينة دفعت أجهزة بشارة الاخرى ابواقها لتنسب الانتحار الى عمل مشين من نسيج افكارهم الدنيئة ووقائع حياتهم اليومية، بان الدكتور داهش اعتدى على ماجدا، فأقدمت على الانتحار درءاً للفضيحة.

طلب الحكم لجنة طبية لتكشف على الجثة ؛

فإذا ماجداً فتاة عذراء، بل حمامة بيضاء، ذبيحة على مذبح دناءتهم.

edited by S.W September, 21,2021

 

فما كان من الأم البطلة ألأديبة والفنانة الجريحة الى ان تحوَّلت لبوءة تزأر وتبصق في وجه اللجنة الفاحصة ومن يرافقها من زبانية البلاط وتنشب مخالبها، لتنهش بحق،
 سمعة الاسرة الحاكمة وتظهرها على حقيقتها " المخزية المستورة" امام القاصي والداني عبر مناشير وكتب السوداء ملأت بيروت، ودور البعثات الدبلوماسية وقاعات الأمم المتحدة...

 فجن جنون بشارة الخوري وزوجته لور التي اتهمت شقيقتها ماري حداد بالجنون واودعتها سنة كاملة في مشفى الأمراض العقلية المعروفة بالعصفورية آنذاك

ليتكشَّف لها كم الجرائم المُـقْـتَـرَفَـة في ذلك المكان...

وليس اقلَّها ما أٌقْـتُـرٍفَ بحق الكاتبة مي زيادة،

لوضع اليد على ميراثها...

خلال فترة سجن داهش وسومه العذاب والتشريد قضت والدته

التي لم تستطع ان تتحمل المصاب،

وهي بحسب شهادة صديقتها ورفيقتها ماري حداد امرأة فاضلة

شريفة مؤمنة، اسلمت الروح حزينة متفجِّعة وهي لا تنفك تردِّد:

ان ابنها،

نقي فاضل،

بار،

بريء من كل ما ينسبونه اليه.

Starbucks Loop Methuen

السبت الواقع في 17 ايار 2014

الساعة 12:18 ظهراً  

 

 

الانتقال الى مرحلة دراسية جديدة

ينهي ربيع المرحلة الثانوية وهو يرغب بالانتقال الى الجامعة لمتابعة التحصيل الدراسي ولما كانت العائلة لا تستطيع تحمُّل اعبائها المادية فكان لا بد له من الاشتراك في مباراة الدخول الى كلية التربية وهي فرع مميز في الجامعة اللبنانية يُـعِـدُّ المتفوقين من الطلاب الى التعليم في المدارس الثانوية برتبة مربٍ، وتُقدِّم لهم منحة شهرية خلال الدراسة.

حصل ان ربيع لم يُوفَّق في المباراة فقد أَغْـفَـل إقْـفَـال احدى مسابقاته، ليأتي المسؤول عن المتحان في اليوم التالي ويُــنَــبِّــه المتبارين بأقفال مسابقاتهم لأن واحدة وُجِـدت غير مقفلة في اليوم السابق وقذ أُلغيت وهذا سيؤدي حكماً الى رسوب المتباري

مما اضطره الى التقدم الى امتحان آخر، عُيِّن بموجبه مدرساً .

بانتظار السنة القادمة ليتقدم الى المباراة من جديد.

كانت سنة التدريس مليئة بالنشاط والحيوية والتبشير بالرسالة عقيدته الجديدة، وأصبح لديه كثير من الطلاب والمريدين مما دفع كاهن البلدة الى مناهضته وإمام البلدة الى التحريض عليه من على منبره في خطبة الجمعة طالباً "كسر فمه"،

 فتدخِّل اللواء "س. خ" وهو ذو شان في البلدة وعلى معرفة بالدكتور داهش وهدَّأ من روع الإمام وخفَّف من غلوائه،

اما ربيع ولنقص في خبرته فما كان ابداً ليقدر حجم الاخطار المحدقة به فعلاً.

خلال العطلة الصيفية تحضّر ربيع للمشاركة من جديد في مباراة الدخول الى كلية التربية وفاز في القسم العلمي وكان ترتيبه العام ٢٨ على مجموع الطلاب المتبارين وكانوا يربون على الألف طالب وهذه الرتبة ستكون رقم ملفه في كلية التربية "الجامعة اللبنانية".

اما من ناحية العقيدة الجديدة واقصد الداهشية التي اعتنقها فمَكَّنَتْهُ حياة العاصمة بيروت من القيام بنشاط استثنائي وقد ألقيت محاضرتان مميزتان عن الداهشية، خلال هذه المرحلة حضرهما الاف المثقفين واحدة في الجامعة الاميركية([4]) وأخرى في الجامعة اللبنانية كلية الحقوق([5])، وكان لربيع ورفاقه الداهشيين الطلاب الذين يشاركون نفس السكن اليد الطولي في تنظيم هاتين المحاضرتين اللتين القاهما الدكتور غازي براكس.

نهار الاحد في 25 ايار 2014

Border’s Library Salem NH

 

النظام الالهي المعقد

الأفكار الجديدة دفعته الى التبصُّر بعملية الخلق العظيمة والاعتقاد بان النظام الالهي المعقَّد جعل كل كائن يختزن في نفسه تاريخ حيواته.

فلما لا تكون شرائحٌ للذاكرة مركزة في سيَّالات([6]) كل كائن تسجَّل تلقائياً وآنِيَّاٍ ما يراوده من الاحلام والافكار وكل ما يأتي به من الاعمال، سِجِلٌّ يرافقه عبر رحلته الدهرية في ارجاء الكون ويحدد مصيره وفقاً للقوانين الكونيَّة الإلهية.

وهكذا،

يحمل الكائن قدره بيديه،

يحمل ثوابه وعقابه على منكبيه،

وفقاً لذلك فالإنسان في وضعه الحالي مُحَصِّلَةَّ لما انجز في رحلته الدهريَّة عبر كل أشكال الحياة، وفقاً لقانون توالي الأدوار او التقمص بمفهومه الكوني.

نظام تُـشْـبِـه فيه العدالة قانون الجاذبية فمن لا يحترم قواعدها سيهوي دون تدَّخل أي عامل آخر.

ليس الانسان ما هو عليه بالظاهر، انَّه اجزاء من فلذات كثيرة منتشرة، حيث لا ندري، في أرجاء الكون.

فلذات تتأثر بعضها بالبعض الآخر رقياً ودنواً كالأوعية المتصلة.

اما نحن فيغمرنا الجهل ونتخبط على غير هدى في مجاهل العتمة، ولعل هذا ما دفع السيد المسيح الى القول باننا اموات،

والإمام علي إلى القول بان الناس نيام إذا ماتوا استيقظوا.

اسرار.... اسرار!!!

يقف الانسان امامها عاجزاً ضائعاً مشوشاً قلقاً.

وحدها الفنون، كالرسم والموسيقى والنحت والأدب...

ما يترك في النفس بعض الطمأنينة والهدوء والسكينة،

 انها قارب يهرب بالإنسان من واقعه المؤلم الى عوالم السعادة.

فهنيئاً لمن منحه الله هذه الموهبة،

وشقيٌّ من امتلكها وحملها على اللإنكفاء والانحدار.

استدرك ربيع قائلاً

انا لا املك الا صدىً باهتاً من الوعي،

ومعاذ الله ان ادعي امتلاك القدرة على فتح الاغلال لولوج معبد المعرفة المقدس.

ان ما سبق لا يعدو كونه محاولة خجولة في مقاربة مفهوم النظام   الإلهي المعقَّد،

ان ما ورد في هذه المحاولة الفكرية ليس أكثر من "حصوة ملساء او صدفة أبهى وأجمل من الصدف المعروف، وجدها هذا المتسكع على شاطئ الكون الفسيح والذي لا يتعدى نصيبه منها، الا ظلالاً باهتاً وكَـمَّـاً لا محدوداً من الجهل"([7]).

 

في اية فصيلة من الكائنات

تتصنَّف المخدرات

وكعادته بالوقوع في مخالب الاسئلة التي لا ترحم عاد ربيع

ليتساءل كيف تتحكَّم المخدرات بضحاياها؟

هم الذين يتذكرون ان اول تعاطٍ لها أكسبهم شعورا بامتلاك الجنة، ثم تحول هذا الى جحيم قاتل يحكمهم مدى الحياة ويجعلهم عبيداً لسعادة وهمية.

الى أية فصيلة مقتدرة من المخلوقات تنتمي المخدرات؟

ومن هي هذه النباتات، التي ما ان يتعاطاها الفرد حتى تغير نظامه الكيميائي فَتَتَعَدّل الحواس لديه فيرى ويحس ويسمع بشكل مختلف،

حتى ان بعض المخدرات على ما يقال تدع المتعاطين يتذوقون طعم الالوان ويشتمون روائح الموسيقى ويتمكنون من ملامستها ... والى ما هنالك من الاشياء الغريبة العجيبة

ولولا وضع المتعاطين المزرى البائس الذي يؤولون اليه

لعجزنا عن التمييز بين النافع والضار....

وتتداعى الافكار ماخرة عباب الزمن فيتذكَّر سقراط  ساعة تجرِّع السم،

رفع كأسه تحية للآلهة قائلاً:

 هذا شرابهم!

هل كان حقاً يعني ما يقول وانه كان يشارك الآلهة

اكسيرهم السحري الذي لا نقوى على احتماله،

بل يردينا قتلى،

يَفُضُّ الرصد،

ويفتح الباب لدورة حياتية جديدة؟

ولِم لا؟

فحين اراد موسى ان يرى الرب أجابه،

يا موسى،

انا لا يستطيع ان يراني بشر.

من يراني موتا يموت. 

اليس هذا ما حصل لحبيبة إله الآلهة زوس

حين أغْرَتْها حيرة،

إلهة الآلهة،

زوجته الغيور،

وقالت مخادعة،

لو أنه يحبك لظهر عليك بشكله الإلهي

وليس متخفيا بثوب إنسان.

وبحزن شديد استمع زوس الى حبيبته الارضية...            

وعرف ان حيرا اوقعت بها وانه سيفقد حبيبته الإنسانة الجميلة بشكلها البشري الذي أحب.

حاول دون جدوى اقناعها للتراجع، بل رجاها العدول عن طلبها واختيار اي شيءٍ آخر فأصرَّت.

تقول الاسطورة انه خفف طاقته الى الحد الاقصى وحين ظهر لها بشكله الإلهي تبددت هباءً منثوراً وفقدت شكلها البشري الذي أحب.

اليس هذا مماثلاً لما يحصل للفراشة حين يجتذبها النور

فتحترق بلهب النار!...

تسارعت أفكار ربيع في التداعي فعادت به الى الزمن القريب

ليرى ان غلالة تحجب الحقيقة عمن أحب،

وهو حزين لذلك، صامت لا حول له ولا قوة،

فقد زرع البذور ولكنهم الى الآن في المتاهة،

لعلهم يستطيعون العبور في مقبل الايام،

او عبر اولادهم.

Starbucks at the Loop Methuen MA

الساعة 10 و53 من صباح الاحد الواقع في 27 نيسان 2014

 

المرآة العجيبة لو وُجدت

يختلف الناس بعضهم عن بَعْض بشدة المكر والدهاء لبلوغ الأهداف.

والمفاجئ،

انه حتى الذين تربوا على مبادئ راقية، يؤدون فروض الاحترام والمهابة لمن يمتلكون المال والسلطة أكثر مما يؤدونه بعضهم لبعض.

يتنافسون على إرضاء الآخرين...

فان عبادة الذات، والكبرياء، والغرور، والاعتداد المزيف بالنفس، والى ما هنالك من نزعات انانية...  

ان هي الا قارعات طريق تستوطن النفوس،

تحمل الأذية وتتوالد بعضها من البعض الآخر، فتؤجّـِج الغيرة والحسد،

الإنسان إذا امتلك المال وأَنِـسَ السلطة ـ الَّا فيما ندر ـ مَـنَـحَ نفسه القدرة على تصنيف الآخرين،

والعصمة في توزيع مراتبهم،

مُسْـقِـطـاً فاعلية الرقيب الداخلي،

غافلاً عن الالتفات الى حجم الاذية والخطأ المترتب عن هذا الفعل.

ان اشدَّ السهام مرارة تُرمى من الاقربين،

ولكن الرامي غالباً ما يعتبر نفسه ضحية،

لو راودت المرمي رغبة بالعتاب.

...

في شرع سكان هذا الكوكب،

الآخرون وحدهم يتأبطون الهفوات والمعاصي والذنوب.

اما الأنـــا،

فبريئة منزَّهة!

لذا،

بات ربيع يتمنى وجود مرآةٍ سحرية،

يستطيع فيها أي انسان،

ان يرى الى داخله والى داخل الآخرين،

وبات يناجيها قائلاً:

اين انت ايتها المرآة العجيبة المقدَّسة،

التي،

لو وُجِّـدَتْ،

لذبح الناس بعضهم البعض،

ولأنتحر من نجا.

 

 

الموت معجزة الخلق

كيف تجتذبنا الارض بهذا العنف،

وكيف سُجِنت سيّالاتنا في صدفه؟

وعلى هذه الصدفة يجري قانون هذا الجُرْم

بكل ثِقَلِهَ ووحشيته؟

نستمر في الأغلال الى ان تحصل معجزة الموت فَـنَـتَـحَــرَّرُ

من لباسنا الأرضي الى ارضي اخر او الى لباس يتناسب مع كوكب مختلف

ننتقل إلى حيث لا ندري!

"الموت يفوق معجزة الخلق لو تعلمون"،

صوت يتردد من الغيب صداه،

رهيب عجيب ما أُغلق على المعرفة البشرية،

 لذا بعضنا يبلغ الإلحاد وبعضنا الإيمان،

وليس في العمق كبير فرق بين الإثنين.

 ففي كلاهما، من هم فاضلون، ومن هم مرتكبون وضالون.

الايمان والإلحاد مفهوم دقيق جداً.

فهنيئاً لمن امتلك نعمة الإبحار في عالم الايمان وقرن الأقوال بالأفعال.

كيف حكم الإنسان على نفسه بالسقوط الى هذا العالم الموجع حيث ان الرغبات الوثنية لا تتوقف عن امتطائه جوادا صاغراً، عبدا، يكرس نفسه وماله وكرامته من اجل تلك اللحظات المجنونة العطشى دون ارتواء.

ما من عبودية وثنية تتخطى هذه العبادة.

ولعل حلم بطرس، الذي أورده الدكتور داهش في كتابه "يسوع" الناصري يلقِي بعض الإضاءة على هذا الأمر .

 

حلم بطرس

مذكرات يسوع الناصري الجزء الأول للدكتور داهش

رأى بطرس في الحلم انه في صحراء قاحلة يفترسه السغب فيشرب رمالها وكلما ازداد شرباً ازداد عطشا، حلقه جاف متيبس، الحر القاتل يلفح وجهه بوحشية، وهو يتلوَّى تحت لهب البيداء وحرِّها القاتل،

وفجأةً، يأتيه ملاك الله، فيأخذه الى العوالم السعيدة،

ويُعلمه ان ما عاناه في الصحراء ان هي الا الرغبات

والميول التي تلهب وتعذب ولا ترتوي، بل تُضاعِف الظمأ.

ولما انتهت الرحلة السعيدة، اعاده بسرعة رهيبة هَلَعَتْ لها روحه، أحس انه يهوي الى ما لا نهاية،

وانه سيتحطم ويتشظَّى حين يرتطم برمال الصحراء،

وما كاد ان يبلغ الكوكب وروحه تتطاير فَـرَقـاً،

حتى ظهر الملاك النوراني،

فتلقاه بيده العجيبة وجعله يلمس

الارض بلطف شديد...

وبطرس يرجوه العودة الى ذلك الفردوس السعيد.

فأجابه الملاك بانه المكان الموعود إذا أنهي أيامه بنجاح.

رحلة رائعة فهنيئاً لك يا بطرس عالمك السعيد الذي بلغته حقيقة بعد ان زرته حلماً وانت من قاطنيه الان...

كم ستمضي من الحقبان والدهور، حتى ننال نعمة إلهية

فننضم الى عالمك السعيد.

مذكرات يسوع الناصري الجزء الأول

من ص٩٨ ا الى ص ١٠٦، اصدار الدار الداهشية في َ٢٠ كانون الثاني ١٩٩١

Starbucks

الساعة 11:53 قبل الظهر

3 أيار 2014

 

الذاكرة نعمة ام نقمة

منتشرة في ارجاء الوجود هي،

قانون من عظيم قوانينه،

ناظمة لعلاقات الكائنات بعضها ببعض،

حافظة للمعلومات، كما للأشكال والمضامين بترتيب متسلسل عبر التاريخ،

تعيد تكوين المعلومات بدقة مذهلة ساعة يجب، مع ما يطرأ عليها من التعديل والتبدُّل سواء كان صعوداً او هبوطاً،

خلال الأدوار المتلاحقة.

تحكم كل الكائنات من مجهولها الى معلومها.

الهة تتربَّع على مجد قدرتها،

تبسط سيادتها في ارجاء الكون دون منازع.

يحتاجها القانون الكوني المحتجب عن مداركنا،

حاضرة ابداً امام الرقيب الداخلي،

تغنيه بالمعلومات،

فلا يتوانى عن المكافأة او الملامة والتأنيب.

تستعرض على الفرد شريط إيامه،

فتنتابه عواصف الانفعالات على تناقضها،

فيقع فريسة التفجع،

والفرح،

والالم

والرضى،

والندم.

وإذ لاحظ ربيع انَّه يجنح الى التحليل ارتدَّ مستدركاَ فان المعرفة تعوزه والقدرة تنقصه لإتمام هذا الدور الجلل!

قدره ان يطرح السؤال ليقبض على جَـمْـرِ الفراغ .

إنه مدمن على قرع باب المعرفة التي تمنحه نشوة عارمة.

لَــكَـأنَّــه بِـهــا،

يغتسل بعبق الزهور،

ويمخر عباب الكون في قارب من نور.

 اتكون الذاكرة هي التاريخ الذي يسجل وقائعنا عبر الدهور،

تحفظ قدرنا،

تقرر خطوات مستقبلنا،

فنحمل عقابنا وثوابنا في ذواتنا،

عبر نظام ألــهــيٍّ شديد الدقة والتعقيد؟

 

الحاجة الى الصلاة

عقاب الجهل يُطْبِقُ علينا في هذا الكوكب،

انه نوع من العمى، أضف اليه الرغبات النهمة، والتجارب التي لا ترتوي، فتكتمل صورة المأساة.

وحدها رحمة القدير تُغِّيرُ مصائرنا وتعطينا بعض الدفع.

لعل هذا ما يستوجب الصلاة

"...فارحم يا رب ضعفنا الموروث..."

على ما قاله داهش في صلاة الحبيب الهادي والتي تذكّرنا بصلاة

المسيح:

"أبانا الذي في السماوات

ليتقدس اسمك

ليات ملكوتك

لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض

أعطنا خبزنا كفاف يومنا

...واغفر لنا خطايانا كما نغفر نحن لمن اساء الينا

ونجنا من الشرير آمين."

كم كان السيد المسيح قوياً ليصلي هذه الصلاة، ليقول:

"اغفر لنا خطايانا كما نغفر نحن لمن اساء إلينا"

لا شك ان المرددين يكررون آليا وبَبْغَائياً صلاة هذا السيد العظيم،

والا لتوقفوا بخشوع ووَرَعْ امام هذه العبارة التي لا يقوى

على التفوه بها الا هذا الثائر المعلق على الخشبة.

وحده، من دون كل الآخرين يستطيع ان يغفر،

ووحده جبران، في كتابه يسوع ابن الانسان، 

من أدرك انه دعاء إله وليست صلاة إنسان،

فعدل هذا الجزء وقال:

"اغفر لنا خطايانا وساعدنا فنغفر لمن اساء

الينا..."

لقد طلب المساعدة من الباري للتمكن من الغفران.

وبذلك جعل صلاة البطل المصلوب بمتناول الانسان

وبعد ألفين من الأعوام،

ها هو الدكتور داهش،

يصَّعِدُ صلاته،

 مُتَـهَـجِـداً،

" يا ابي وابا البرايا،

ارحم ضعفنا الموروث

شدد قلوبنا كي نؤمن بقدرتك ونحدِّث بعجائبك

أغرس في اعماقنا بذور الحب والشفقة والرحمة والحنان

ابعد عنا التجارب التي تريد غوايتنا واسقاطنا

في دياجير الخطايا

سدِّد خطواتنا في طريق الحق والنور واليقين

ابعد عنا الأفكار الدنيئة ولا تدعها تقرب منا

انت خالق البرايا وما فيها، فرحمتك وحنانك

يسعان كل الكائنات معلومها ومجهولها

أشفق علينا يا الله ولا تحاسبنا مثلما نستحق فنهلك

لا تدع الطمع يستولي علينا فيجرفنا بتياره الرهيب

دع القناعة تحتل ارواحنا فلا نطلب سوى القوت فنمجدك

ابعد عنا الأشرار والهازئين بكلام الله، انر بصائرهم

طهِّر أرواح الخطأة، وأرسل لهم قبساً من انوارك الإلهية

فيخشعوا لعظمتك

أقِلَّنا من العثرات الرهيبة

واشمل الجميع بعين عنايتك الساهرة

أيها الأب العطوف

كل من القى اتكاله عليك، وعمل بوصاياك،

وضحى من اجل اسمك، واحتقر رغباته الأرضية،

 ونبذ الدنيويات، وعطف على البؤساء وبشَّر بعجائبك،

 وآمن بنبيك الحبيب الهادي

فله السعادة والسماء والنور والسناء

هنالك حيث الضياء والبهاء، اذ يخلد مع الخالدين

وينعم بأنوارك الوضاءة

حتى ابد الآبدين

آمـيـن.

١٣ آب ١٩٤٢"

Starbucks- Loop- Methuen

At 11:35 May/1/2014

 

تداخل العوالم

وقف ربيع عند هذا الصباح قائلاً:

لا دليل لدي أقنع به الآخرين لكن قناعتي راسخة الى حدِّ اليقين ان العديد من العوالم تشارك نفس "المكان -الزمان"،

دون تماس مباشر إلا فيما ندر.

وتساءل قائلاً لماذا سيكون هذا الحيِّز من الكون وقفاً على الكائنات

الخاضعة لحواسنا؟

ان الكثير من الكائنات غير المنظورة، تحيط بِنَا وهي في الغالب أكثر تطوراً وذكاء وقدرة،

تمتلك من روائز المعرفة ومجسَّاتها، ما يعجز الخيال عن ملاحقتها.

ألا يكون الفرد في حال الجنون على تماس مع عالم سفلي،

والفنان الملهم عموما أكان رساما او شاعرا ... على تماس مع عالم الجمال في لحظات الابداع،

الا يكون العالِم على تماس مع عالَم المعرفة حين تتولد معلومة جديدة تغيِّر في تاريخ الإنسانية بعد طول ركود وسُبات.

والنبي،

النبي وهو أعظمهم جميعاً،

 الا يكون على تماس مع عالم الألوهة في لحظات الوحي.

الا تشارك كل هذه العوالم،

 نفس الحيز الذي نسميه المكان-الزمان.

تساؤلات تتلاعب، وربيع مرمحها،

لكنَّها أصبحت أكثر وضوحاً بفضل المعرفة الجديدة المتلقاة والتي ايقظت في روحه إضَاءات جديدة.

 

اتكون المرآة نافذة بين عالمين

ويعود الى عالم السؤال.

ايتها المرآة؟

من يمتلك الوجود الحقيقي انا ام الصورة التي تتراءى لي

من خلالها،

ام كلاهما حقيقة،

ام كلاهما خيال؟

اين توجد صورة السمكة التي نراها عبر المياه؟

انها ليست في المياه كما انها ليست ابداً في الهواء،

أهي في الامتداد الخيالي للهواء في الماء؟

اين صورة الإنسان التي تراها السمكة وهي في الماء

اهي في الامتداد الخيالي، للماء في الهواء؟

هل هذا التحليل صحيح ام اننا نحتاج الى مفردات جديدة تحمل معانٍ جديدة لنستطيع توصيف هذا الواقع؟

الا نجد في هذا المثل - وشبيهه الآلاف - على تداخل العوالم ومشاركتها لنفس الحيّز في المكان-الزمان؟

 ألا تغدو المرآة او الماء او الهواء نوافذ عبر العوالم...

أين الطريق الى السماء؟

اهو كما تعارفنا، ننظر الى النجوم لنقول هنالك (فوق).

ماذا لو كانت النافذة مركز الأرض؟

او...؟

 لست أدري.

 

التعاليم الداهشيَّة

السؤال الجلل.

لماذا لم يضع الدكتور داهش كتاباً واحداً يجمع فيه التعاليم

والمبادئ، فهي شرارات متناثرة عبر مؤلفاته.

بعد كثير من التبصر طيلة عشرات من السنوات،

تأكد لربيع ان تلك التعاليم، هي من العمق والتنوع بحيث لا يُسْتَطاعُ جمعها في كتاب،

انها سيرة حياة الرجل الذي نشر عقيدته عبر ما ينيف على الماءة

وخمسين كتابا.  

عقيدته تختفي بظلال عباراته.

من كان يبحث بينها عن مؤلف ديني وعقائدي،

بالمعنى المعروف،

فإنه سيقبض على الفراغ.

ان افكار هذا النبي،

الغريب،

العجيب،

المميز،

تنتشر بين مؤلفاته،

كعبق الزهور،

تستطيع ان تتنشق عبيرها دون ان تتمكن من القبض عليها.

 فمفاهيم

الله

الروح

السيالات

الجسد

المادة

النفس

الجحيم

النعيم

الحب

العدالة

التقمص

الكفر

التجارب

الحساب والعقاب

الرحمة

المغريات...

المال

السلطة

النساء والرجال

الحب

الزواج

الولادة

الموت،

الفلسفة

العلم

.....

والى ما هنالك من مواضيع لا تحصى تمر عبر كتاباته، دون ان تكون هنالك كتباً او ابواباً ترويها بالتحديد والتفصيل.

ورأى ربيع ان داهش وَلَجَ هذا الأسلوب لأن العقل البشري

لا يستطيع الإلمام بكل شيء،

وان الأمور متبدلة المفاهيم تتحرك مع رقي المعرفة وتقدمها.

انه يكتفي بالإشارة الى العناوين مع القليل من التفاصيل،

فكتاباته كأريج الزهرة تدل عليها،

تشير الى روعتها،

دون ان تخولك القبض على سرها.

ان اقتطفنا ما نعتقد انَّه الزهرة،

فمصيرها،

الذبول...

والتحلُّل...

اما حقيقتها فقد أصبحت في مكان آخر ليس بمتناولنا...

أدرك داهش، عميقا، ان التعاليم لا يمكن ان تـحْـتَـبِـسـهـا الكلمات.

 لذا كتب مؤلفاته "الميثولوجية" الاربعة العظيمة

"قصص عجيبة واساطير غريبة "

وهي تمتطي عالم الخيال،

 للقارئ ان يرحل بفكره وخياله ما استطاع وما قّدِّر له ذلك.

كل واحد يستطيع بناء إيمانه الخاص من العقيدة المجنحة،

التي بنيت كائناً حياً قادراً على التطور والانطلاق،

لا كلمات وعبارات تسجن فيها الحقائق([8])...

وهذا ما يذكر بقول المسيح (نبي الكلمة لا الكتابة)

الكلمة تميت اما الروح فَتُحيي...

Starbucks- Loop

في 4 أيار 2014

الساعة 11:51 من نهار الاحد

 

الهادي الإلهي

والعقيدة الداهشية

في احدى زيارات ربيع الى الدكتور داهش سنحت الفرصة للتعرف على مكتبته وهي تختزن الاف الكتب والمجلدات والمجلات فوقع على كتاب غريب انه:

"الهادي الإلهي"

وكان فرحه لا يوصف.

انه بلا شك كتاب العقيدة ففتح الكتاب لـيَـلْـتَـهِـمَ،

ما أمكن من محتوياته،

ولكن "يا للمفاجأة"،

الكتاب صفحات بيضاء.

اعتراه عجب شديد،

واذ رَآه الدكتور داهش متسائلاً أجابه،

وعلى ثغره ابتسامته الواثقة اللطيفة المعهودة،

يا عزيزي لقد وُضِع سيال على الكتاب، فأحتجب ما كتب،

لذا اوراقه بيضاء.

ان ما فكر فيه ربيع سابقاً يَرْقَى الى كثير من الصحة

في ان العقيدة العميقة لا يمكن ان تختزن في كتاب

وتسجن في كلمات،

فالعقيدة الداهشية كائن حي،

لها من المفاهيم بعدد الذين يؤمنون بها،

وفيها من المعرفة والعمق ما يجاري كل تطور ممكن عبر العصور،

(او على الأقل هذا ما يعتقده ربيع...)

مع كتاب عقيدة صفحاته بيضاء،

لا مجال للتأويل،

او الادعاء بالعصمة،

وبذلك يتدنى الاحتمال بابتداع المذاهب والفرق...

عقيدة، ابوابها، مشرعة على رياح الحرية،

عقيدة حرة من قيد الكلمة المكتوبة.

حرة من اتباعها،

الذين لا شك سيسيئون لمفهومها،

ولو دون قصد وبحسن نية...

هي للإنسان،

كما للجماد،

كما لكل الكائنات،

احساس بالمعرفة،

ومضات نورانية،

وانعطافات مذهلة.

تحمل معرفة جميلة،

مفرحة كرائحة الزهور،

كنغمات الناي والكمان،

كإشعاعات القمر المتلألئة،

كألوان الفراشات والزهور.

تمر للحظات وتختفي لتبقي اثراً جميلاً في الذاكرة قل دافعاً

محرضاً الى المضي باتجاه الهدف الكوني...

انها عقيدة حرّة لا تستطيع ابداً القبض عليها

تدفع من يؤمن بها الى بناء عقيدته الخاصة([9])،

والتحليق في عوالم الفضيلة والمعرفة والجمال.

إنها الشعلة الخفية التي أضاءت فتيل مصباح ربيع فأنارت داخله ومنحته العزم

والطمأنينة والفرح...

 

كلّنا قايين

وقف ربيع هذا الصباح متأملاً الحياة وما يجري من أمور

على امتداد الكوكب فتبدى له اننا كلنا قايين،

فلا هابيل في الأرض،

امثاله رحلوا من زمن بعيد.

استعاد بذهنه قصة السقوط التي أوردها الدكتور داهش في مذكرات يسوع الناصري (الجزء الثاني) حيث يشرح

يسوع لبطرس كيفية حصولها وعلاقة قصة هابيل وقايين بها. 

اعترى، ربيع، طارق الدرب هذا، ألف سؤال وسؤال.

فقصة السقوط مرعبة بتفاصيلها تجعل الامور أكثر غموضاً،

وتعقيداً،

ملتحفة بالإسرار.

اختام مغلقة مقفلة،

تُذَكِّرُ بقصص الرصد الذي يحرس

الخبايا من الطارقين.

ليس هنالك الا السؤال،

ليس هنالك الا الجهل،

فقط طعم المعارف مسموح بَعْـضُ تَـذَّوُقِـه وكل نتائجه بخيرها

وشرها.

فالسم الذي يحمل الموت الزؤام،

قد يكون الشراب اللذيذ المنعش لكائنات متفوقة،

الم يقل سقراط عن كاس سمه انه شراب الآلهة.

القدير المتربع في الأعالي هو ليس فقط الروعة والجمال بل انه ايضاّ قدرة مدمِّرة وهي تحذِّر النبي على جبل الوصايا حين سال ان يراه!

يا موسى لا يستطيع ان يراني بشر!

من يراني موتا يموت.

اليست الفراشة المتلهْفة الى النور تتلاشى

على لهب القنديل؟

وزوس (إله آلهة الأساطير ألإغريقية)

الم يبدد وهج الوهـيـتـه حبيبته الأرضية رغم انَّه تَخَفّفَ الى الحد الأدنى.

غريب سر اسرار الحياة،

عجيب ما يختبئ خلف الرغبات من دفع لتسيير عجلة الكوكب ونظام الكون.

فما الجوع والحب والجنس والشهوة ورغبة الامتلاك

والانانية والكبرياء...

الا مغريات،

كالطعم الذي يرمى للسمكة،

فتنتهي فريسة على صنارة الصياد.

السنا السمكة ازاء الرغبات والميول المغرية؟

نَقَعُ في شِركِها،

ونُسَاقُ عبيداً للعمل بكد وجهد،

فنؤدّي واجباً غير الذي نتوهَّم اننا نؤديه.

ولكن!

من الصياد المنتظر على الطرف الآخر من الخيط؟

 

الأحاجي والمتناقضات

لنا الفُتات،

وفي معظمه مؤلم الطعم بعض انقضاء الرغبة،

اما المردود الحقيقي فإلى الجهد العام،

الى النظام المجهول،

الذي يقودنا ويقود الكون.

تساءل ربيع هل نحن افراد مستقلون،

ام خلايا في كائن اشمل،

كما الخلايا التي تكون بنياننا؟

هل نحن هباء ونظن ان لنا قيمة؟

انه لأمر محزن، محبط، حقاً...

العصفور بديع الألوان والصوت والتكوين،

معجزة من معجزات الخلق...

كيف زرعت فينا تلك الرغبة،

وأُعطيت لنا القدرة على اصطياده،

وسمح لنا بإتلاف هيكل الجمال؟

ولكن!

هل حقيقة اننا نتلف الجمال حين نفترسه؟  

ام اننا ندمر فقط مظهره الحسي الذي يعطينا المتعة

وبعض المواساة لتقبُّل قسوة الحياة وصلف العيش!

الا نصطاد أنفسنا حين نصطاد هذه الكائنات اللطيفة،

هل اننا نمتلك حقيقةً، القدرة على المساس بالجمال او بقانونه؟

لا،

بل اننا قادرون فقط على تدمير النافذة التي نُطِلُّ منها الى عالم الروعة والإبداع،

 وهكذا نفقد الهبة التي اُعطِـيَـتْ لنا لتخفيف وطأة الحياة وقسوتها في هذا الكوكب المُتَرَبِّع على أبواب العوالم السفلية.

 

يا مريم هذا ابنك

شخصية سماوية تفتدي شخصية بشريَّة

بالعودة الى الحادثة المؤلمة الحزينة،

إعدام الدكتور داهش في أذربيجان على الحدود الإيرانية([10])

وانبعاثه حيَّاً، وهذا لعمري أمر عصي على التصديق.

لكنه جرى توثيق الحدث عبر صور الإعدام، والوقائع التي نشرتها الصحف، والمستندات، التي أرسلتها السلطات "الآذرية" الى السلطات اللبنانية؛ بالإضافة الى المراثي التي وُثِّقت في كتاب المراثي([11])،

ولكن، ما يتخطى شراسة وقسوة هذه الجريمة ان الدكتور داهش ظهر حيا في بيروت واستمر ثابتاً مجاهداً، ولسنوات، في نشر عقيدته حتى ترجَّل عن جواده،  إذ وافاه المصير، مصير كل زائر لهذا الكوكب([12]).

اما التفسير الداهشي فهو الأكثر غرابة:

 ان داهش الأرضي إسْتُبْدِلَ بشخصية([13]) مماثلة من حيث الشكل،

الا انها تنتمي الى عالم روحي،

وما الدكتور داهش الا امتداداً لها.

على تلك الشخصية التي افتدته،

جرى الإعدام،

وكونها خارج قانون الحياة والموت المعروف لدينا،

فقد تبخرت عائدة الى عوالم النور بعد ان تمَّ الفداء.

هذا تماثل وتَـمَـاهٍ لما حصل على الصليب،

منذ الفين من الأعوام،

فقد أستُبْدِلَ يسوع ابن مريم بشخصية سماوية افتدته،        

وكونها لا يجري عليها قانون هذا الكوكب،

فقد صعدت بعد الصلب والدفن، وعادت الى عالمها السعيد.

لذا حين تفحصوا القبر بعد ثلاثة ايام وجدوه خاوياً،

ويتابع ربيع ممتطياً زورق خياله الجامح،

ذو الاشرعة المتهادية مع نسمات الاحلام

المتراقصة على وقع واوتار آلهة النغم،

فيتمثَّل نفسه شاهداً يصف الاحداث:

حين كانت تلك الشخصية على الصليب،

كان حبيبنا يسوع،

يسوع ابن الانسان،

يحضر صلب امتداده السماوي،

وقد وُضِـعَ عليه سَـيَّـالٌ([14]) يجعله مُحْـتجَـبـاً عن الرؤيا،

وحين كانت امه تتفجع لاعتقادها انها ترى ابنها متألما معلقاً

على الخشبة، نظر اليها وقال بسلطة المقتدر،

يا امرأة (لا يا أمي)

هذا هو ابنك،

فرأت يسوع، ابنها، بالقرب منها بعد ان رفع عنها الحجاب.

اما الذين اصغوا بغرابة الى ما قاله الكائن السماوي المعلَّق بين الارض والسماء والقسوة التي خاطب بها مريم "يا امرأة"

- وهم عاجزون ان يروا يسوعاً آخر-

فظنُّوا انه يقصد يوحنا، التلميذ الحبيب الذي كان ايضاً بجوارها([15])

يا للغرابة المدهشة،

يسوع ابن الانسان، يشهد صلب جزئه السماوي، الذي افتداه استجابة لتهجُّده وصلاته([16])

ينظر بأعجاب لهذا الجزء السماوي الذي قال، وهو على الخشبة،

ما لم يجرؤ ان يَــقُــلْــهُ ابن انثى في هذا الكوكب:

"اغفر لهم يا ابتاه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون"

وقد تطرَّق القرآن الكريم الى هذه الواقعة في الآية القائلة

"وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبِّه لهم"([17]).

فثارت ثائرة الأحبار وقد ظنوا، جهلاً، ان تلك الآية تسيء

الى قيمة الصلب والفداء فأنكروا القرآن.

كما ان علماء الدين للطرف الآخر؛ لم يكونوا بأفضل حال؛ فأخذوا جهلاً هذه الآية حجة للتشهير بالإنجيل، والانكار فاعتبروه مزوراً.

مساء الاحد في 18 ايار 2014

الساعة 7:20

Border’s Library Salem NH

في رحاب الدكتور داهش

 

العبور

انَّه في عجلة من امره

المدينة بيروت نهاية ساحة رياض الصلح باتجاه جنينة الصنائع

والقصر الجمهوري القديم.

المكان سيارة الطبيب فريد أبو سليمان،

الزمان اربعينيات القرن العشرين.

الوسيلة الوحيدة لبلوغ المنزل سريعاً هي القيادة بعكس السير وهي مستحيلة فالطريق بالكاد تتسع لسيارة واحدة وهي مكتظة، والسير بطيء.

قال داهش للطبيب السائق "مشي بعكس السير"

أجاب أبو سليمان هذا مستحيل سأرتطم بأول سيارة التقيها

لا محالة.

طلب اليه داهش مجدَّداً وجازماً فامتثل وإذا بهم يخترقون سيل السيارات ومن فيها بكل سلاسة ودون ان يلاحظهم أحد،

يبلغان المنزل في القنطاري وهو منزل الدكتور داهش.

الدكتور فريد أبو سليمان

يترجلان مسرعين، يدخل الدكتور داهش اما الدكتور فريد فيصطدم رأسه بالباب الحديدي للمدخل فيتراجع ليجده موصداً،

يقرعه، ينتظر فيُفتح الباب، يدخل ويصعد الدرج الطويل ليجد داهش داخل المنزل. نظر اليه بعجب وهو يقول في سرِّه:

لقد عبر خلال الباب كما عبرنا السير بالاتجاه المعاكس.   

هذا ما رواه الدكتور فريد أبو سليمان لربيع بنبرة صوته الصادقة المؤمنة

ظاهرة عجيبة خارقة، لقد تحوَّلت السيارة ومن فيها الى اثير لطيف تعبر العوائق بسلاسة والطبيب أبو سليمان وسيارته ومرافقه يخترقون السيارات والركاب ولا أحد يلحظ وجودهم.

وقف ربيع امام هذه الرواية مشدوهاً فهو لا يناقش صحَّة وقوعها ولا يتوسل استدراج القارئ لتصديقها، فالأمر عنده سيَّان انها ظاهرة من الاف اجترحها الروح عبر الرجل العجيب،

ولحسن حظَّه انه اختبر هذه القدرة الخارقة لفترة طويلة كما عدٌّ لا يحصى من الشهود من مختلف المستويات الفكرية،

المتراوحة من العادية الى اعلى درجات التحصيل المعرفي.

وقف مذهولاً امام ايمان هذا الطبيب متسائلاً:

لوكان مكانه أَكُان يمتثل لهذا الطلب؟

ان حدوث الظاهرات العجيب لا يحصل للتسلية، بل لأهداف تعليمية لتأكيد وجود عالم الروح والكشف عن معارف واسرار مغلقة وايضاح معارف سابقة ونشر رسالة سماوية جديدة تدل عليها قدرة الروح باجتراح الخوارق والمعجزات.

هل كان الهدف بلوغ المنزل في الوقت المحدَّد؟

ربيع لا يعتقد ذلك فهنالك ألف وسيلة ووسيلة لذلك.

تاريخ الدكتور داهش عامر بالخوارق المتنوعة وها هي صخرة الشبانية([18]) التي جلس عليها كل من يوسف الحاج وحليم دموس ... ووقعوا أسماءهم وتاريخ جلوسهم تحضر بلحظة من الشبانية الى بيروت وتتهادى مخترقة سقف الغرفة لتهبط بلطف، يضيق بها رحاب الفناء والحاضرون يلتصقون بالحائط خوف ان تسحقهم.

ولقد تطلب تحطيمها وإخراجها من الغرفة التي ضاقت باحتوائها عدة أيام. ولما تفقدوا موقعها في الشبانيِّة وجدوه خالياً.

الا يجدر التساؤل حول ما إذا كانت ظاهرة إختراق سيل السيارات تشير الى عالم الأثير، وإلى كائنات غير مرئية تشغل ما نسميه الخلاء او الأماكن غير المسكونة بالموجودات الحسية، الا تشير الى مخلوقات متنوعة الاجناس متعددة القدرات والمهمات ولا إمكانية للاتصال المباشر فيما بينها في حيِّز الزمان-المكان؟

اليس هذا قلق الانسان في هذه الأيام، لذا تلجأ مراكز الابحاث الى العلوم الخيالية حين تعجز الوسيلة.

قال ربيع محدِّثاً نفسه لا شكَّ ان الأهداف من معجزات الدكتور داهش هي من العمق بحيث تثير اهتمام المفكِّر الذي يمتلك الذكاء والنشاط الذهني الرشيق.

إنه من البلاهة ان نكتفي بالاستماع والتمتع بغرابة الحدث والتفنُّنْ في نقله، هذه ظاهرات ترمي الى نشر عقيدة مشبعة بالمعارف ورسالة سماوية تأتي متممة لما سبقها ومُمَهِّدَةً لما سيتبعها على مدى العصور.

وسيأتي اليوم الذي ينظر اليها البشر بالتقدير والأسف على إضاعة وقت ثمين.

 

هذا ما حصل لبذرة المشمش

هذا ما حصل لبذرة المشمش([19]) التي زرعها الدكتور داهش في فناء بيته في زمن الاضطهاد وبعض شهودها ماجدا الشهيدة وامها اللبؤة ماري وابوها واخواتها والطبيب الحكيم جورج خبصا كما بعض القضاة... وكان ذلك في زمن الاضطهاد.

تجلَّى الروح عبر الدكتور داهش وجعل البذرة تنبت وتورق وتزهر فتنموا حبوب المشمش وتنضج ويدعوهم الروح

عبر الدكتور داهش الى تذوقها،

 فيعجبون بالجودة المميزة وهم في حالة من الذهول،

ويتساءلون كيف حصل هذا؟

وتتكرر الحوادث المشابهة مع شهود مختلفين وأماكن متعددة وإذا ببذرة الفول كما بذرة البطيخ([20]) تنمو بلحظات وتورق وتزهر وتأتي بثمر تَـذَوَّقَــه الشهود بلذّة وهم خُشَّعٌ يسبحون القدرة الإلهية ...  والسلسلة تطول وتطول...

يبحر ربيع على متن قارب خياله عبر سنوات خَلَتْ ـ والاحداث التي ذكرها قد جرت وهو لم يولد بعد او لربما كان رضيعاً ـ

فَـيَـتَـخَـيَّـل الروح عليه السلام قائلاً:

ما راءيتموه الان يسمى في عالمكم،

معجزة تعليمية.

اما في العالم الذي منه اتيت زائرا                                       

بعدما إذن لي بذلك- فانه جزء من حياتنا اليومية،

انني أعطيت البزرة ما يكفي،

من الماء،

والضوء،

والغذاء،

والعناصر التي يحتاجها النمو حتى البلوغ،

مع اختصار سنوات من الزمن،

وهذا ما يجهل البشر معظمه حتى الان.

هذه النبتة التي ولدت ونمت في لحظات

ستستمر بنمائها الطبيعي بحسب قانون الارض الى ان يأزف أوانها، كما كل كائنات هذا الكوكب.

اما هذه المقدرة التي اذهلتكم، ان هي الا نعمة وهبها الله سبحانه تعالى لكل من استحق ان يبلغ عالمنا ويعيش فيه،

وحين ترتقي سيالاتكم وتستطيعون ان تغادروا كوكب الارض وتبلغوا عالمنا الذي يبعد عنكم آلاف السنين الضوئية فستمنحون هذه الموهبة،

اجتهدوا لإنماء طاقة الخير فيكم باتباع تعاليم الأنبياء الذين زاروا الارض على مدى الزمن ليُجَدِّدوا إيمان سكان هذا الكوكب بعد إفسادهم المتوالي للرسالات السماوية،

وهذه رحمة الهية.

اما الدكتور داهش،

فهو الان الوحيد في الارض،

ولفترة محدودة،

أرسلته العناية الالهية،

لذا فهو رسول.

انه يشبه المذياع،

الذي يبث عبره الروح رسالته لسكان هذا الكوكب.

ولأنه ستجري عبره وعلى يديه ظاهرات خارقة للدلالة على وجود عالم الروح، منح اسم داهش.

هذا ما أستطيع ان أقوله لكم وهو ما يتناسب مع قدرات العقل البشري على الالتقاط.

وما أقوله لكم هو جزء بسيط بل مشوه عن الحقيقة المطلقة،

فان عقولكم أعجز من ان تتفهمها وتتقبلها، كما الفراشة التي تفقد حياتها إثر ملامستها لهب الشمعة المضاءة.

ويتابع ربيع بعد عودته من رحلة خياله قائلاً:

يظن من يقرا ما أوردته - وشهوده الآلاف ممن زاروا الدكتور داهش واختبروا قدرة الارواح العلوية انه ضرب من الجنون،

لا يصدق،

وهو في الحقيقة لا يصدق،

ولو كان غير ذلك فما كان ليوصف بالعمل الخارق،

وما كان من معنى للرجل الذي جرت على يديه المعجزات بان يسمى داهش،

 وسياتي يوم،

وربما ليس ببعيد يدرك فيه العالم قيمة هذا الاصلاحي العظيم الذي دعا الى توحيد الأديان ونبذ التعصب الطائفي والنهل من منابع العلم والفن والتمسك بقيم الكتب المنزلة دون استثناء،

ولكن،

من الكتب نفسها، من الينابيع الصافية،

وليس من العقائد والمذاهب الطفيلية، التي نمت عليها،

لتغتذي بجهل وبساطة الاتباع،

رجل،

نالته الشائعات

لتشويه السمعة،

والحؤول دون انتشار التعاليم،

وهذا ما حصل للمصلحين جميعا،

فطبيعة البشر،

محاربة كل ما يحرك سكون بركهم،

التي تبدوا صافية،

فإذا ما فيها من ترسبات مرضية تظهر،

وتعكر صفو هدوئها الخادع،

وترفع الحجاب عن الادعاء بصدق النوايا وهي خبيثة الأهداف .

تعاليم تشير،

الى عظيم سوء حالنا،

الذي يحتاج الى رحمة الهية تنقذنا مما نحن فيه. 

تَتْطَرِبُ النفوس غير المعدة حاضرا للتغير

فترفض الرحمة بدلا من اللجوء اليها،

وتُظْهِرُ أقسى ما تسطيعه من العداء،

باندفاعة لا شعورية للدفاع عن مصالحها...

عن مملكتها المادية الشرهة.

أنه الصراع الابدي بين الخير والشر.

من له عينان للبصر فليبصر

ومن له أذنان للسمع فليسمع

على ما قاله السيد المسيح عليه السلام

 

النبي نوح والطوفان([21])

ويستمر ربيع في رحلة خياله فيستعيد المشهد؛

المكان منزل الدكتور داهش

الزمان اربعينيات القرن العشرين

الحضور بعض المؤمنين من عليِّة المثقفين يتحلقون حول رجل الروح؛

يسال أحدهم او احداهن عن الطوفان،

عن حكاية نوح؛

اسطورة هي من خيال البشر؟

صناعة راوٍ مجنَّح الرؤى؟

ام هي حقيقة لا تقبل الجدل؟

ما السبيل لمعرفة ذلك؟

يقول من روى الحادثة على خيال ربيع،

 ان رجل الروح سأل الحضور أتريدون ان تروا طائر نوح الذي عاد الى النبي ببشارة بدأ الجفاف؛

حاملاً الغصن الأخضر دليلاً على صدق رواية الطوفان،

فردوا بالإيجاب والتمني؛

رفع داهش، النبي، سبابته باتجاه السماء وخط في الهواء وعبر النافذة نجمة المسيح الخماسية وهي الرمز الداهشي المقدَّس،

فاذا، غمامة بيضاء تتكون وتقترب لتخرج منها حمامة بيضاء

تحمل غصناً من الزيتون تَـتَـقَـطَّـرُ منه حبيبات الماء وتستقر على كتف السيدة أندره...

ويستمر ربيع في رحلة خياله ليرى ذهول الحضور،

وسؤالهم،

كيف حصل هذا كيف أتت الحمامة كيف تجسَّدت حاملة الجواب   وقد مرَّ على الطوفان الاف السنين؟

ليأتيهم جواب رجل الروح صادماً،

بل أكثر وقعاً من المعجزة المذهلة نفسها،

يأتيهم الجواب إكسيراً لمن يشتاق الى معرفة مختلفة،

لمن يتلهف الى غذاء عقلي غير مألوف،

لمن يطرق باب الزمن حائراً خجلاً.

"ليس هنالك ماضٍ ولا حاضر ولا مستقبل،

انه سيال واحد (قوة كونية روحية واحدة)

والمسموح لنا هو ان نعيش اللحظة وحسب"

وتذكر ربيع ان ما قيل يرقى الى اربعينيات القرن العشرين حيث ان الهاتف بدائي،

لا تلفاز، لا أقمار صناعية، لا وسائل للتواصل الاجتماعي،

حتى ان الكهرباء وقف على بعض الاحياء وبعض الأثرياء...

اذاً لا بد من التأمل،

لا بد من التبصُّر،

لا بد من فكر ذكي رشيق،

ليستطيع اللحاق بهذا الفكر المجنَّح،

ليستنتج ان الماضي والحاضر والمستقبل ان هي الا نتيجة كوننا نعيش اللحظة وحسب،

فالكون كتاب مفتوح،

ولكن ليس لنا،

بل، لكائن اخر، ينتمي الى عوالم أخرى، تعيش خارج الزمان - المكان.

اية ثورة فكرية تكمن في فكرك المتطور ايها الرجل العجيب،

أية افق معرفية جديدة ترسم،

ما هي الغرسات التي كٌلِّفت ببذرها لآتي الأيام أيها الرجل المدهش؟

واية متاهات تنتظر جواباً لن يأتي في هذا العالم؟

ويتابع رجل الروح شرح الحياة والموت والتقمص فيضرب الامثال:

ان الحياة كالتيار الكهربائي والكائنات كالمصابيح ما ان يكسر واحد حتى يستبدل بآخر...

...

اسرار ما بعدها اسرار!

أيام شديدة كما لكل المصلحين والانبياء والمفكرين تنتظرك أيها الرجل العجيب وما اضطهادك في اربعينيات القرن العشرين الا امر متوقع وتصديق لنبوءة افلاطون في رسالته الروحية:

" الويل لمن يحاول ان يعلم الناس بأسرع مما يستطيعون ان يتعلموا"

 

زينا تسأل

الزمان اربعينيات القرن العشرين أي منذ ما يربو على ثمانين عاماً.

المكان بيروت عاصمة بلاد الأرز.

من ذلك الزمان والمكان، يستعيد ربيع ما روي من شهود صدق، عن مشاهدات مذهلة،

يمتطي خياله قاربا،

يصوغ الاحداث كما تتراءى له،

كأنه أحد الحضور ولكن دون المساس بالأصل الْمَرْوي؛

زينا ابنة العشرين، مع والدتها ماري وبعض الحضور،

­

يتأملون مع الدكتور داهش لوحة فنية بها منظر طبيعي وفيها شجرة عليها عصفور([22]) بديع التكوين، تسأل الصبية المضيف، وبها ينبض عنفوان الشباب إذا كان بالإمكان ان يتحوِّل العصفور الذي في الصورة الى طائر حقيقي.

يشير الرجل العجيب بسبابته الى اللوحة ويرسم نجمة المسيح الخماسية، الرمز الداهشي المقدَّس، فاذا وبإذن الله تنبض الألوان بالحياة ويتحرر العصفور من بعده الثنائي في اللوحة؛

ليبقى مكانه فارغاً،

ويتخذ البعد الثلاثي له عالماً،

ويطير ليستقر على كتف زوجة الدكتور خبصا،

وتحتفظ به السيدة ماري حداد لسنتين وتريه لكل زائر؛

تروي الحادثة وتستشهد بالحضور الشهود لمواجهة المتشككين.

ماري هذه لن تلبث ان تصبح داهشية مجاهدة تواجه دولة بشارة الخوري بقضِّها وقضيضها انتصاراً لعقيدتها.

وتتكرَّر حوادث الطيور المدهشة التي تتجسد من اللوحات الفنية

بأمر من الدكتور داهش وبإذن العناية الإلهية.

هذا عصفور آخر يتجسد وتدب فيه الحياة فيفرغ مكانه في اللوحة،

يأخذ أحد الحضور منه ريشة يحتفظ بها، ليعيده الدكتور داهش الى مكانه في اللوحة ولكن بصورة تنقصها الريشة التي إنْـتُـزعَـتْ.

ولعل خيال ربيع المجنح يرى:

لوحة فنية جديدة تمثِّل فتاة تحمل خابية على كتفها،

ويحيط بها سرب من الطيور البديعة التكوين والألوان؛

تغادر مكانها بطلب من رجل المعجزات وتنطلق مغردة فرحة في فضاء الغرفة والحضور في ذهول يسبحون القدرة الموجدة.

في زيارةٍ لاحد متاجر الألعاب للأطفال الذي يخص جوزف حجار وعائلته في وسط المدينة بيروت؛

يقترب الدكتور داهش الى طائر مُحَنَّط،

يأخذه بيديه،

ويدفعه في الفناء،

فاذا الطائر المومياء يضرب بجناحيه الهواء،

يطير حراً،

مغادرا المتجر،

محلقاً الى العلاء،

مُـعْـتَـلـيـاً الفضاء،

 ممتطياً قبة السماء.

والشهود الحضور في حالة ذهول وكأنهم في عالم الاساطير،

يتساءل ربيع!

ما اردت ان تقوله أيها الرجل العجيب؟

وانت من رُوي عن لسانك أنك قلت:

ليس هنالك ماضياً وحاضرً او مستقبلاً؛ انَّه نفس السيال،

ولكننا،

كبشر سمح لنا ان نعيش اللحظة وحسب.

من انت!

من انت أيها الآتي من الَّلا زمان!

من انت أيها الراحل الى الفراديس العلوية،

الى الَّا مكان؟

ما هي الرسالة بل ما هي المعلومة التي اراد الروح عليه السلام،

ان يهديها عبرك لأصحاب الادراك الرشيق،

الى النفوس التواقة الى شعاعات المعرفة وظلالها، الى المستقبل الآتـي والاجيال المُعَدَّة والقادرة على تَقَـبُل تعاليمك؟

اهي تشير:

الى مقدار جهلنا لمفهوم الحياة؟

الى كيفية التبدل من حال الى حال في العالم الواحد،

او الصعود والهبوط عبر العوالم ،

اهي تشير الى مفهوم السكون والحركة والى عقم ترتيبنا للمجودات،

من جماد الى متحرك ينبض بالحياة!

الى آخر لا إدراك ولا شعور ولا فاعلية له!

مع هذه الظاهرات،

تغدو المفاهيم التي نعتدُّ بها ساذجة،

والمعارف التي نفتخر بامتلاكها ريشة في مهب الريح.

اذاً، كيف سيتقبَّلك البشر يا رجل الاسرار،

وكيف لن يسومونك مر العذاب وبينك وبينهم فجوة،

فجوة هي الزمان - المكان.

 

ويُطوى الزمان([23])

سمع فيليب حدشيتي انه في الجلسة الروحية تتجلَّى القوة العلوية في داهش وتَجْـتَـرِحُ ما لا يخطر بِـبَـال، ما لم تنظره عين ولم تسمع به أُذن!

ضحك فيليب في سرِّه وقال:

أناس سذَّجٌ ينقلون هذه الاخبار.

انهم أصدقاء ثقاة، وذووا خبرة عالية وثقافة مميزة،

فكيف تنطلي عليهم مثل هذه الأمور انَّه لأمرٌ محيرٌ حقاً!

ولكنني في طريقي الى داهش وسأتحدى الرجل وسأتبيَّـن حقيقة الأمر وما انطلى عليهم لن ينطلي عليَّ، وفي طريقه اخذ يتصفح جريدته ويُدَوِّن على هوامشها اسالة يرغب في طرحها ...

وعُقدت الجلسة الروحية،

وتجلَّت روح علوية وخاطبت فيليب بلسان الدكتور داهش -وهو يظن ان داهش من يخاطبه- قائلة:

هل تؤمن بالله تعالى؟

أجاب فيليب:

لا،

أصدقك القول لا أؤمن.

وماذا تريد لتتبين انَّك تجانب الصواب؟

أُريد معجزة.

ويجيب الروح:

- وفيليب يستمر في اعتقاده ان داهش من يخاطبه-

انظر الى الجريدة التي في يدك يا فليب،

ويفتح فيليب عينيه واسعا،

يفغر فاهه،

تعقد الدهشة لسانه،

الذي جرى يتجاوز الواقع!

يتخطى المعقول!

الروح العلي طوى الزمان - المكان، وجريدة le jour التي تحمل تاريخ ٢٨تشرين الثاني ١٩٤٣ تتحول الى عدد آخر يحمل تاريخ ٣ كانون الأول ١٩٤٣ أي العدد الذي سيصدر بعد خمسة أيام محتفظاً بالحواشي التي خطَّها بقلمه لتبقى شاهداً على ما سيتم بعد خمسة أيام وحين صدور العدد الموعود!

لقد اجتاز الروح العلي "الزمان-المكان" واجترح معجزة بآلاف المعجزات ونبوءة بألاف النبوءات،

محلية كانت ام عالمية،

مرفقة بآلاف التفاصيل الدقيقة والتي ستـُكْـتَـبُ في الآتي القريب.

تمسك فيليب جيداً بالصيد الثمين،

ورآه ربيع بعين خياله، مهرولاً الى "خزنته" يخبئ فيها كنزه ويقفل عليه الأختام بانتظار اليوم الموعود.

ويصدر العدد الموعود Le Jour بتاريخ ٣ كانون الأول ١٩٤٣

أي بعد خمسة أيام، فاذا التطابق كاملاً من الفه الى يائه باستثناء وحيد ان العدد الذي تحوّل لا يزال يحمل الحواشي التي دونها فيليب بقلمه وخط يده يحمل الشاهد على ان هذا العدد هو نفسه الذي كان بيديه أبان زيارة الرجل العجيب.

وهنا تتداعى الأفكار ويتذكر ربيع ما قاله داهش لاحد سائليه إزاء حضور حمامة نوح الاتية من سالف الازمان، لتبشِّرَه ببدء انحسار ماء الطوفان:

ليس هنالك ماضياً ولا حاضراً ولا مستقبلاً، انه نفس السيال،

ولكن ما سمح لنا كبشر هو ان نعيش اللحظة وحسب.

اذاً فالروح الذي اجترح هذه الظاهرة ينتمي الى عالم خارج إطار الزمان-المكان،

هناك مَـرْمَـحَـهُ حيث يتنزَّه حراً عبر كل الابعاد.

الا يُذَكِّـرُ هذا بالتشبيه القائل بان الله جل جلاله حاضر في كل زمان ومكان بل مالئٌ للزمان-المكان!

قول عجيب،

واضح حتى الغموض،

ولا عجب فالهواء شفاف الى حد الاختباء عن العين،

والاثير شفاف الى حد الامتناع عن الحواس،

والروح ومعارفها واضحة منزهة شفافة الى حد الاحتجاب عن الادراك والخيال والوعي...

اسرار ما بعدها اسرار.

 

العطاء الصامت

إنَّه الحليم اللطيف،

انَّه غريد المنابر الشادي بشجن،

أيـهـا الـســائـل عــنَّـا      لـست بـعـد الـيـوم مـنَّا

قــد غــدا خمرك خلّاً       واستحال الصفو حزنا

وعـلـمـنا عـنك امـراً       جــرح الـقـلـب فـانَّـــا

روضة الحب تعرَّت        وذوت غصناً فغصـنا

انَّه المؤمن الثاني بالداهشية بعد يوسف الحاج، المؤمن الأول، الاديب الضليع باللغة العربية والشاعر بالعامية وصاحب لأكثر من صحيفة واحدة ما بين بيروت والقاهرة.

طعن يوسف بالسن ووَهَـنَـت قواه الجسدية وفقد البصر؛

وكون عائلته تناهضه ايمانه؛

فلم تعطه ما يستحقه وضعه الصحي ومركزه الفكري المرموق من العناية.

علم حليم دموس بحال يوسف فقصد الدكتور داهش راجياً

يا نبي الله،

ليت انَّ معجزة تحصل فينتقل البصر من احدى عيني الى احدى عيني اخي يوسف،

ويستجيب الروح عليه السلام عبر الدكتور داهش،

وينطفئُ نور احدى عيني حليم ليضيء احدى عيني يوسف.

ويخاطب الخيال الآتي من اربعينات القرن العشرين ربيع قائلا:

قف يا ربيع،

تمهّل،

عُد الى الزمن الخلي،

تامَّل...

من يكون هذا الحليم ليُقدِّم هذه التقدمة؟

من يكون هذا الرجل ليقوم بهذا العطاء؟

بل من تكون تلك الروح المقتدرة التي بإذنه تعالى تنقل البصر من عين الى عين؟

بحسب قانون التقمص والعدالة الإلهية فإن الداهشية تؤكِّد انَّه لا يصيبكم الا ما كتب الله لكم،

وما كتبه لكم،

إنَّـما أنتم كتبتموه بأيديكم وعبر اعمالكم التي اتيتموها في حيواتكم المتلاحقة.

اذاً الحليم، ارتضى ان يفتدي يوسف ويشاركه قَـدَرَهُ،

ولكن ارادته لا تكفي بل؛ يجب حصول مساعدة روحية عظيمة يُستجاب فيها الطلب،

واستجيب الرجاء وسمحت العناية الإلهية لروح مرسل من القوة الموجدة لاجتراح العمل المدهش والقبول بان يحمل الحليم جزءاً مما كتب على يوسف.

ويعود الخيال يخاطب ربيع قائلاً،

مهلا يا ربيع إنك تذكر حدثاً مذهلاً،

ليس وهماً وقع في اربعينات القرن العشرين،

فلا بد من الى الإشارة الى انّه يومها لم يكن لاحد أي علم بزراعة الأعضاء،

ولا بد من الإشارة ايضاً انه وحتى الآن،

مطلع العقد الثالث للقرن الواحد والعشرون،

لا يزال الطب عاجزاً عن الزرع الناجح للعيون.

واستمر حليم حياته بعين مبصرة واحدة ويوسف بعين مظلمة واحدة،

ويعرف ذلك، يقيناً، كل من عايش حليم ويوسف،

فسبحانك ربي،

سبحانك يا سيِّد العطايا.

اما الحليم فقد التزم وصية المسيح البطل المصلوب:

"...إذا اردت ان تعطي المحتاج فلا تنفخ في الابواق

كما حال المرائين...

بل لا تخبر يسراك ما فعلته يمناك...

والذي يعلم ما يجري في الخفاء هو يجازيك".

عند هذا الحد ترجَّل ربيع من قارب خياله،

تدرَّج هبوطا من رحلته المذهلة الممتعة في عالم داهش،

ليعود الى عالم السؤال،

ضارباً الطريق،

طريقه المليئة بالأشواك،

والعثرات.

 

ألله

جلَّ جلاله

 الله جلّ جلاله!

القدرة الموجدة!

الغامض!

المجهول الخفي!

ذلك المتربع حيث لازمان ولا مكان حيث رحيق الجمال والمعرفة والموسيقى والنسق لها نكهة اخرى مختلفة

لا تطالها قدراتنا... بل هي قوية الى حد تدميرنا

وافنائنا كلياً إذا قدر لنا مجاورتها.

وهذا ما اعاد لربيع تفكيره بما يسمى بالسموم...

ان هي الا قدرات قوية لا استطاعة لنا على تحملها

فهي قادرة على فك الرصد عن مفتاح الموت...

اسرار ما بعدها اسرار تتنازع مكنوناتها روح ربيع الحائرة

التي لا تعرف معنى الاستقرار والتي لا تمتلك ولو لحظة

من لحظات الرضى عن النفس!

او الاكتفاء الذاتي!

او القناعة بكم محدود من المعرفة!

فالقناعة الكنز الذي لا يفني مهاجرة، وبكل أسف،

لعقل وروح ربيع الجائع ابداً الى المعرفة.

Sunday July /13/ 2013

At Starbucks coffee at the loop of Methuen MA

10:26 AM

 

معجزة الولادة ومعجزة الموت

الكل يتحدث عن معجزة الولادة وهي في الحقيقة واقعة مذهلة،

كيف يتكون المولود؟

سواء كان طفلاً،

عصفوراً،

زهرة،

لوحة فنية،

قطعة موسيقية،

مؤلفاً ادبياً،

أو...

ولكن احداً لم يتحدث عن الموت كمعجزة تفوق الولادة.

لقد اعطيت الكائنات المفتاح لبعض التحكم بالأولى ولكن لم تـعطَ ابداً اية امكانية للتحكم ولو جزئياً بمعجزة الموت حتى ان من يفضَّ خَتْمَه وينهي حياة انسان يعاقب شديد العقاب اكان ذلك بحسب القوانين الوضعية، او بحسب القوانين السماوية.

وإن نجا الفاعل من المحاكم البشرية فإن الرقيب الداخلي حاضر للعقاب وبذلك يعاني من يبتلى بهذه المصيبة عذاباً نفسياً صامتاً

لا يوصف وبلا نهاية.

انَّه برنامج زرع في كل منا يتحرَّك في لا وعينا ولعلَّه مرتبط

بالوعي الكوني لقانون الخلق.

ان الموت لمعجزة المعجزات!

أن تتفاعل انت وكائن اخر،

حباً،

كرها،

مرافقة يومية،

مشاركة لحياة تمتدُّ لسنوات،

وفجأة يرحل والى غير عودة.

يمضي زمن وانت عاجز،

تكاد لا تصدق انه ذهب والى ألأبد،

لا تدري الى اين؟

ولا كيف تم ذلك؟

هل سيتسنى لقاء جديد؟

كيف؟

متى؟  

واين؟

ما هو سر هذا المفتاح الذي يبيح للكائن بالإفلات من صدفته

ليرحل!

ليجد صدفة أخرى!

يستعمرها الى حين!

كيف ان هذه الوعاء يخوله على الحركة واللذة والألم وإتمام عَــدٍّ لا يُحصى من المهمات!

الموت،

هذا القانون السحري

المفتاح الى المجال الاخر،

الى عوالم تختلف فيها المقاييس عن المعروفة لدينا...

الى اللا زمان واللا مكان!

كم قرعنا هذا الباب؟

وكم تحرَّك المفتاح؟

وكم شَــرَّعت هذه البوابة مصراعيها؟

وكم غادرنا صَـفَـدَتنا ثم عدنا الى أخرى؟

وكم وضع قانون النسيان

قيداً على ذاكرتنا فامَّحَتْ كل تلك المعلومات... والى حين...

لماذا...!

لست أدرى...!

لَـمَ هذا الفرح العارم والطمأنينة العظيمة التي ترافق ولادة الطفل؟

ولـِمَ ذلك الحزن واليأس والتَـفَـجُّـع الذي يرافق مغادرة كل عزيز؟

ولِـمَ هو عزيز؟

احتفال الوداع الحزين!

رجاء الصبر على الأسى!

لِـمَ كل ذلك؟

وما هو السر المُـتَـخَـفِّـي، المسـتـتر وراء مظاهر الأشياء، ...

لست أدرى...

لقد عبر داهش عن هذا الامر خير تعبير اذ قال

"باكين ندخل هذه العالم وباكين نخرج منه"

هل يأتي يوما نتصالح فيه مع الموت؟

فيصبح المخلِّص المرتجى،

ونفرح لمن آتته فرصة الـتَـفَـلُّـت من عالم العتمة.

لعلَّه يبلغ عالم النور في دورة حياة جديدة؟

لست أدري،

اسرار ما بعدها اسرار.

 

سفسَطة

اية يد ذكية خلقت الانسان وبرمجته مع هذا الكم من المتناقضات،

هل نحن بيادق على طاولة شطرنج،

كفاءاتها مرسومة بدقة،

تلعب وتتصارع بها كائنات أخرى.  

الانسان مخيّر ام مسير؟

ام كلاهما وجه لحدث واحد مجهول الأهداف والمضامين،

لذا نقع في الحيرة يُربَكُنا التناقض.

ما أكثر الهاربين من احاجي الحياة

الى اخدار اللهو...

هم بمنأى مؤقت عن الصراع المعرفي،

ولكن،

ثمناً باهظاً سيُدْفع ولو بعد حين.

وبدأ ربيع يشعر انه يتحول الى حامل الافكار الغامضة،

لا، لأنه كذلك بل؛ لان الافكار حين تنضج تُصْبِحُ غلالتها منسوجة بالقليل من الكلام والكثير من المعنى والوضوح،

تغدو شفافة كما الاثير،

تكاد لا تُرى.

 

استراحة المحارب

اليوم هو السابع من ايلول والشمس مشرقة في الخارج تتراقص انوارها على اوراق الشجر التي اغتسلت بالأمس بعاصفة من الامطار والبروق والرعود، انها اليوم مليئة بالرونق،

انها كظبية تتهادى على المراعي،

وقرب المياه العذبة،

في يوم ربيعي جميل،

وانا في نفس المكان الذي اعتدت فيه ان استمع الى ربيع،

اتواصل مع افكاره وتناقضاته،

ادونها على أوراق عطشى،

الى حبر الفكر والمعرفة...

 

عود على بدء

لعل السؤال هو المعرفة؟

ولعل الجهل يحمينا من الآمها...

كيف يُميَّز الصواب من الخطأ،

 الا يشكلان واحداً لا يتجزأ،

 نتعامل مع النتائج،

نبني نظريات لا طائل لها،

لكننا، لا نتعامل أبداً مع الحدث بل؛

لا نستطيع ادراكه فكيف بالتعامل معه.

وإذا صح هذا،

فإن كل الفلسفات والمذاهب لا تغدوا أكثر من هباء منثور،

لا يصلح رائزاً جدِّياً من روائز المعرفة بل؛

يصلح بحدود لبعض التعامل اليومي.

الا نرى اوهامنا،

ونتصورها إفراطا في الذكاء،

ونظنها قدرات ومواهب،

نحن سجناء خُتِمَ علينا بلعنة الجهل،

في صدفة معدَّة للتوافق مع قانون الكوكب الذي قُذِفْنا اليه وحسب.

نحاول دون جدوى تَلَمُّس ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا،

وموقعنا في مسيرة هذا الكون العظيم.

ان عواصف الأفكار والأسئلة المتدافعة في كينونة ربيع، لا تعني باي حال من الأحوال، دعوة الى العبثية او الى الاستسلام،

او عدم الإيمان،

بل دعوة الى الحذر من الوقوع بادعاء امتلاك

المعارف،

وبالتالي التمسك بعقائد متحجرة،

والاستئناس، وهما، بالقدرة على تسفيه الآخرين وتسخيفهم

وتجهيلهم...

فمجال المحظورات فسيح متسعٌ،

ونحن، نبيح لأنفسنا تَجَاوُز كل حدود...

Starbucks Loop connect on Methuen MA 01844

الساعة 12:51 من بعد الظهر

 

كائنات مقتدرة تقتات على حصاد ما تبذره فينا

بعد ايغال في امور الحياة اليومية واستراحة غير طويلة،

عاد السؤال،

ذلك الزائر الملحاح،

ليدفع من جديد الى التأمل بسلوك

المخلوقات التي تستعمر هذا الكوكب.

كائنات تحيا تحت التراب،

على اليابسة،

في قعر البحار،

وسط الماء،

وما بين والارض والسماء..

وكتتابع منطقي،

ما يمنع وجود مخلوقات شفافة تشغل الطبقة الهوائية،

واخرى اقل كثافة تعيش على سطحها،

وماذا عن الاحزمة الكهرومغناطيسية المحيطة بالأرض...

والاثير الذي يملأ ارجاء الكون ونعجز عن تلمسِّ وجوده

لشدَّة لطفه وفائق سرعة اهتزاز موجاته...

اليس من السذاجة ان نعتقد بأننا وحدنا الكائنات العاقلة في

هذا الكوكب رغم وجود كل الاوساط المحجوبة عن قدراتنا

المعرفية.

الا تشكِّل، هذه الطبقات الشفافة التي تحيط وتغمر الأرض

وتكوّن بعضاً من نسيجها،

بيئة حاضنة لكائنات،

خارج مجال حواسنا ومجسَّاتنا! أرقى واعلم منا،

تتعفف عن الاتصال المباشر بنا، او ربما محظور عليها ذلك.

ماذا لو ان البعض منها تستعملنا كما نستعمل الحقول،

فتزرع فينا الميول والرغبات!

وتجني في الجانب الإيجابي علماً وأدبا وشعرا ونحتاٍ ورسماً

وموسيقى...  وبالتالي تقدماً.

وفي الجانب السلبي عنفاً واجراما وادماناً وحروباً وميولاً وضيعة منحرفة... وبالتالي تقهقراً.

 انها تزرع،

تُنْبِت،

تعتني،

تنتظر موعد الحصاد،

تجني وتغتذي.

اما دورنا،

ومجال خيارنا،

فهو أي حقل نريد.

أننجذب الى الجانب الإيجابي فنكون تربته الخصبة؟

ام نكون فريسة الجانب السلبي؟

او ربما في معظم الأحيان نشكل بيئة خصبة لكلا الجانبين؟

وبذلك نختار،

الطباخ،

والمائدة التي ستستضيفنا وجبة شهية،

في نهاية الحصاد،

للشره المجهول،

المنتظر؟

من يستطيع ان يدَّعي ان هذا الجرم الذي يمدُّنا بالحياة ليس كائناً له نطاق معرفته وهدفه ومصيره... وما نحن الا خلايا صغيرة،

هباء في قوام جسده...

اسرار مغلقة!

ما بعدها اسرار!

 

صوت آخر

قال المعلم الذي لا اسم له،

الاتي من النور

والأسى يفترس سكينته

ان من يريدون الإصلاح،

لأعجز من إقناع القطيع،

ان رعاتهم جزّارون.

أجابه ابليسوف المعلم الاتي من عوالم العتمة،

هذه رعيتي والقادة الرعاة نسلي المبارك،
ويحك،

 أتَـقْـتَـحِـمُ مملكتي وتلعب على بساطي؟

اقسم بالباطل

لأجْـعَـلـنَّـك فريستهم

لأدْفَـعَـهـم فينكلون بك بلا رحمة

 أنا الذي جرّعت

السم لسقراط بأيديهم

انا الذي حرّكت قبضاتهم القاسية

لِتَـغْـرِسَ المسامير الصدأة برسغ المسيح

انا الذي أنّبَتُّ الشوك والحنظل على درب محمد،

 انا الذي،

متلذِّذاً،

سلخت جلد هيباتيا بسكاكين المُـرْقُــصـيَّـيـن،

 انا الذي،

وبلا رحمة،

جعلت ابنائي المباركين من آلهة الجحيم،
يؤجِّجون السنة اللهب في جسد جان دارك الفتية،

أنا الذي ضغطت على الزناد فأرديت غاندي،

انا الذي دفعت كؤوس العلقم مكافأة للمصلحين.

افلا تتعظون ايها الآتون من الممالك العلِّية لِتُقَوّضوا مملكتي.

رنا المعلم المُـتَـنَـزِّل من عوالم النور الى العوالم السعيدة ورفع يديه مرددا نهاية صلاة المسيح عليه السلام وبداية كل سورة من سور القرآن الكريم:

"ونجِّنا من الشرير امين"

"باسم الله الرحمن الرحيم"

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم"

وتحول الى ملك العالم السفلي قائلا:

لقد لعنك المسيح يوم كنت وتطلب اليه ان يسجد لك فتمنحه ممالك الارض،

وانتصر عليك بوذا وانت تجربه وترسل له بغاياك المقدسات ببخورك المرصود لرغبات العالم السفلي

"فتسقطه في دياجير الخطايا"

اما انا فليس لي الا ان اردد ما قاله البطل المصلوب

"اذهب عني يا ملعون"

وتَهَجَّد في سرِّه قائلاً:

الى متى سترافقك لعنة القدير ؟

الى متى ستسمح لك العناية الإلهية بالعبث بالمقادير؟

هل سترحمك يوما فتنجو من التعاسة التي انت فيها،

اسرار ما بعدها اسرار...

اما الذين يلقون بذور الخير فيرجون ان تقع في ارض صالحة وتنجوا من براثنك فيكون لهم حصاد.

١٥آب ٢٠٢١

الساعة ٩:٢٣ مساءً

 

سلام عليك أيها العلي

يا حارس الكوكب

ان تكون كائناً ارضياً،

يعني ان تكون حبيس صدفة تجري عليها احكام هذا الكوكب،

وان تحمل،

مستحقاً،

على منكبيك اثقالاً شديدة...

لا ترحم...

ربيع قارع الطريق،

منهك تحت وطأة رحلته الدهرية،

بحاجة الى استراحة ليَتَفَلَّتَ من واقع هذا الجرم،

ليبسط جناحي خياله

طائراً الى عالم غير معروف وغير ملموس بالمتوفر مما لديه من مَجَسّات .

يسجد ربيع متهجِّداً،

مستنجداً بالقوة الموجدة الغامضة المجهولة،

مستعيناً بحارس الكوكب العلي؛

الحارس الذي أُوكلت اليه إدارة شؤون

هذا القارب السابح ابداً، حول الشمس ورعاية كائناته.

سائلاً لو يستطيع تنسُّمَ اريجه العبق المحيي .

انطلق ربيع،

بكل ما فيه من ارض،

وكل ما فيه من سماء،

بمناجاة حارس الكوكب الأمين العلي،

والدعاء له،

والدعاء اليه،

واستئذان القوة الموجدة،     

بولوج عالمه،

ولو بالحلم،

ولو بالخيال،

لعله يلقي بعض الأثقال،

لعلَّ نفسه تنعم ببعض الطمأنينة،

وتمتلئ بعبق ازهار الفردوس،

ولو...

الى حين...

فسلام عليك،

أيها الحارس الأمين.

سامي واصاف

The Loop

Starbucks, Methuen MA 01844

6:15 PM (October 7, 2014)

في هذا اليوم في حوالي الحادية عشرة صباحاً وانا

اضع اللمسات الأخيرة على هذه المحاولات الفكرية الخجولة، تجري مراسيم حرق جثمان الاخ غازي

والذي أدين اليه بإيقاد مشعلي رحمه الله وكان قد أسلم الروح ما قبل البارحة الثلاثاء ٢٨ كانون الأول ٢٠١٤

وقد سجِّي في:

Charles J Oshea Funeral

603 Wantagh Ave, Wantagh, NY, United States

وقد احرقت جثته في

 Home,

Cremation

 91 Eads

street West Babylon

NY 11704

ولقد اهتم الاخوان ضاهر والمصري بشأنه بما ينيف على السنتين منذ وفاة زوجته وبإيعاز من م. ز ...  على ما اعتقد، جازاهم الله خيراً

edited 13 sep 2019" Methuen MA USA

16557 كلمة

Starbucks 30/12/2014 at 2:36 pm.

 

[1]ـ هيباتيا استاذة الفلسفة والرياضيات والفلك في جامعة الإسكندرية ما بين ٣٠٠ و٤٠٠ ميلادية، شهيدة المرقصيين الكفرة والجهلة في زمن كوريوليس، كانت معشوقة طلابها وذات اثر عظيم عليهم وهم من كل العقائد وهذا ما اثار خوف كوريوليس وعصابته المجرمة . كانت هيباتيا تدين بآلهة الاولمب، وكانت تنتمي الى مدرسة فيثاغورس والافلاطونية الحديثة، كانت ما دون الخمسين من عمرها حين سلخوا جلدها حية وعذبوها حتى لفظت أنفاسها. اعتبر المؤرخون قصتها، وصمة عار في تاريخ الكنيسة المرقصية المصرية https://www.mediastorehouse.com › ...

[2]ـ الأصل: "ذكرياتٌ كما الذنوبُ جسامٌ" هو شطر من قصيدة القاها الشاعر طوني شعشع وهو صاحب لغة انيقة متعافية في احد أعياد ميلاد الدكتور داهش في قصر حنيني وفيما كان يُعرف ببيت الرسالة في بيروت .

[3]ـ باستعمال تفسيرات وتأويلات بعيدا عن روح النص لتتوفق مع مصالحهم .

[4]ـ ١٢ أيار ١٩٧٠معجرات الدكتور داهش ووحدة الاديان .

[5]ـ ٢١ أيار ١٩٧١الداهشية حقيقة روحية تؤيدها المعجزات .

[6]ـ السيال مفهوم أساسي في العقيدة الداهشية، وبحسب قانون توالي الحيوات – التقمص – فانه طاقة تمرُّ عبر الكائنات بمختلف الدرجات والادوار هبوطاً وصعوداً سواء كان في العالم الواحد او في عوالم متعددة ...حتى تتنزه، عبر رحلتها الدهرية، عن الشكل المادي وتبلغ عالم الألوهة.

هو واحد من الطاقات التي زرعها جلَّ جلاله في مخلوقاته والتي تميزها... وقد يتشارك أكثر من كائن بأجزاء من سيال واحد كما بأجزاءٍ متعددة من سيالات متناقضة، فيتولد عن ذلك الاضطراب والتباعد في مشاعر الفرد الواحد،

 كما التجاذب والتنافر بين الافراد، قد تتشارك في نفس السيال جماعات كبيرة من الناس فتتشكل الطوائف والمذاهب والأحزاب...

وعن تناقض السيالات، توافقها او تفاوت مستوياتها تتولد نتائج خطيرة تتحكم بمجرى التاريخ والتطور...

 ولكن هذا التحليل الموجز لا يتعدى كونه محاولة للاقتراب من مفهوم السيال ولا يزعم باي حال من الاحوال تحديد مضمونه.

[7]ـ مستوحى من قول مشابه للعالم اسحق نيوتن اذ سُؤِل في خريف عمره عن تقييم لنفسه وانجازاته في الرياضيات والفيزياء وعلم الفلك.

[8]ـ وبهذا تكون العقيدة شخصية فردية متعددة بتعدُّد القدرات المعرفيَّة ودرجات الوعي عند الافراد المؤمنين بها.

تُلْهِمُ المؤمنين بها ولكنَّها تبقى منزهة عن ميولهم ورغباتهم وطريقة تفكيرهم.

[9]ـ "المرتبطة بمرتبة الوعي التي بلغها" .

[10]ـ ألقي القبض عليه في أذربيجان كمتسلل على الحدود الإيرانية في ٢٨ حزيران ١٩٤٧ وجرى اعدامه كجاسوسس في اول تمز ١٩٤٧وقد وثَّقَتْ الصحف إعدامه... من مقدمة الدكتور فريد أبو سليمان لكتاب مراثي الصادر في بيروت عن دار النسر المحلق ١٩٧٩.

[11]ـ كتاب (مراثي الادباء والشعراء والصحفيين والأطباء والمحامين ورجال الدين والحكام والقضاة بمؤسس العقيدة الداهشية .

[12]ـ نيويورك ٩ نيسان ١٩٨٤.

[13]ـ  للدكتور داهش ٦ شخصيات تنتمي الى ستة عوالم روحية وهي مقيمة في عوالمها ولكنها تتجسد بأذن الباري ولأسباب روحية جليلة وشهودها العشرات، ومن أراد الاستزادة فعليه بالصحف والكتب المتعددة التي وثقت معجزات وخوارق الدكتور وهي من إصدارات الدار الداهشية "لرواتها حليم دموس، فريد أبو سليمان، ماري حداد غازي براكس، لطفي رضوان، إسكندر شاهين...

[14]ـ  السيال مفهوم أساسي في العقيدة الداهشية، وبحسب قانون توالي الحيوات – التقمص – انه طاقة تمرُّ عبر الكائنات بمختلف الدرجات والادوار هبوطاً وصعوداً سواء كان في العالم الواحد او في عوالم متعددة ...حتى تتنزه، عبر رحلتها الدهرية، عن الشكل المادي وتبلغ عالم الألوهة.

هو واحد من الطاقات التي زرعها جلَّ جلاله في مخلوقاته والتي تميزها... وقد يتشارك أكثر من كائن بأجزاء من سيال واحد كما بأجزاءٍ متعددة من سيالات متناقضة، فيتولد عن ذلك الاضطراب والتباعد في مشاعر الفرد الواحد، كما التجاذب والتنافر بين الافراد، قد تتشارك في نفس السيال جماعات كبيرة من الناس فتتشكل الطوائف والمذاهب والأحزاب...

وعن تناقض السيالات، توافقها او تفاوت مستوياتها تتولد نتائج خطيرة تتحكم بمجرى التاريخ والتطور...

ولكن هذا التحليل الموجز لا يتعدى كونه محاولة خجولة للاقتراب من مفهوم السيال ولا يزعم باي حال من الاحوال تحديد مضمونه.

[15]ـ  فلما رأى يسوع امه .... قال لها يا "امرأة هذا هو ابنك " انجيل يوحنا الاصحاح ال

[16]ـ صلاة يسوع في بستان الزيتون بعد العشاء السري وليلة القبض عليه وسوقه الى المحاكمة بحسب اناجيل:

" اجز عنِّي يا ابتي هذه الكأس...ولكن لتكن مشيئتك ..."

متى الاصحاح ٢٦ الآية ٣٩

مرقص الاصحاح١٤ الآية ٣٦

لوقا الاصحاح ٢٢ الآية ٤٢

[17]ـ القرآن الكريم سورة النساء الآية ١٥٧ .

[18]ـ استحضار صخرة من غابة الشبانية ١٥ آب ١٩٤٢، ص ٩٨ (معجزات مؤسس العقيدة الداهشية ومدهشاته الخارقة، الكتاب الأول لمؤلفه حليم دموس، اصدار دار النار والنور بيروت  ١٩٨ .

[19]ـ ص ١٧٥-١٧٦، من كتاب داهش رجل الاسرار، الدار الداهشية نيويورك ٢٠٠١ .

[20]ـ دار النار والنور بيروت ١٩٨٣ ص٥٠-٥١-٥٢-٥٣-٥٤، من كتاب الخوارق الداهشية المذهلة الثاني لحليم دموس

[21]ـ حمامة الاب نوح وعرق الزيتون ص ٥٥ من كتاب المعجزات والخوارق الداهشية المذهلة الثاني لحليم دموس، دار النار والنور ١٩٨٣

[22]ـ وردت في محاضرة "معجزات الدكتور داهش ووحدة الأديان"، التي القاها الدكتور غازي براكس في الجامعة الأميركية في بيروت ١٢ أيار ١٩٧٠.

[23]ـ معجزة صحيفة لو جور يرويه كل من حليم دموس في كتابه المعجزات والخوارق الداهشية الجزء الثاني ص ١٠٠ـ  ١٠١

Developed by Houssam Ballout        Copyright 2019 This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.nfo All Right Reseved This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.