أخي في الحق
في ذكرى وفاة الشاعر الداهشي حليم دموس
الموافقة 27/9/1957
شعر موسى المعلوف
صوتك السيف، له الكون قراب فاسفح الصبح على دنيا الضباب
سائح في النور، خوَّاض عُلًى كلُّ نجمٍ زرَتُه شطُّ اعتراب
في يديك الشمسُ مطواعٌ، فَقُمْ؛ طال ليلُ الأرضِ، أطلقها شِهاب
كم تملَّيتَ كُوىً عدنيَّةً أشرق الله بها حينًا، وغاب!
قمْ وجَمِّع حُزمَ الضوءِ لنا كدَّستْها فيك أيديه الرِّحاب
هاتِ أطلق زعقةَ البوق إذا زلزلَ الباطلُ أرضًا وقِباب
ضربَ اللهُ على أسماعهم وعلى أبصارهم هالَ التراب
قلْ لدهرٍ أسكرته بابلٌ رابضٌ أنتَ على برجٍ خراب
قام إبليسُ على محرابها كاهناً للموت يرثيه غُراب
ضفَّرَ الأرجاس تيجانًا على جُمجماتٍ رُصِّعت نابًا فناب
رقصت أمسِ وجنكيزُ انتشى وغدًا طوفانُها غمرُ التهاب
***
رَبَّ هذا العصر، يا دينارَه، كذِبٌ أنت، وسُمٍّ يُستطاب
نَصَبوا منك على السفح، على زرقه البحر، على شُمِّ الهضاب
بَعْلَهم! ثمَّ تهاوَوا رُكَّعًا تحت نعليه ذئابًا في ذئاب
رحمةً، ربِّ فهل حرَّرتهم من غواياتٍ ومن وهجِ سراب
جالَ بومُ الحُزنِ في أعراسهم ونعى أعيادهم لَيلُ اكتئاب
يزحفُ القبرُ إلى مضجعهم يولِمُ الرُّعبَ طعامًا وشراب
ربِّ، هاتِ الحبَّ، هات الحقَّ أو فاسحقَ الشيطان وانثرُهْ هباب
زَلْزِلِ الأرضَ، فإمَّا خُسِفَتْ تُلهِبُ اليمَّ وتمتصُّ الضباب
***
يا أخي في الحقِّ، مُجِّدتَ هُدًى بأماناتٍ تُساقيكَ الثواب
نِعَمَ الفردوس، يا أشرعةً نسجَتْها الروحُ آياتٍ عِجاب
أرزُنا في فُلِكها ساريةٌ وروابينا مَناراتُ الإياب
أيَّ لحنٍ هيكليٍّ كنَته في سكونِ الحقِّ، والدنيا اصطخاب
أيفظَتْ أنَّاتُه أحلامَنا فصحَونا، وتساقَينا الصواب\
مُقَلٌ للروح طوَّفْن بنا هُنَّ فينا واحةٌ، فيهم بياب
يسطعُ (الهادي) مسيحًا عائدًا كوكبُ الصبحِ لِمسراه مآب
(شاهِدٌ) لله مصلوبٌ على حَربَة الآلامِ في كهفِ العذاب
دَحرَجَ الأصنامَ عن مذبحنا فتساغمى الدينُ خيرًا وتحاب
نَحروه حَمَلاً في غابةٍ اكلوه واستباحوه كتاب
آيه ملءُ الحضارات دَمٌ في ضميرِ الكَون زخَّارُ العُباب
نحن منه، شدَّنا الآبُ لهُ... كم سألنا... وبهِ كان الجواب!
***
يا حليمًا، شَهِدَ النورُ له أنتَ حيٌّ، كاذبٌ من قال: غاب
دُمْتَ بوقًا، مُجِّدَ الله بهِ، صوتُكَ الرعدُ له الريحُ خِطاب