مات الدكتور داهش ودفن ..ثم بعث حيّا
بقلم الدكتور فريد أبي سليمان
بتاريخ 28 آب 1944 اعتدي على مؤسس العقيدة الداهشيّة ,اذ أرسل له المسؤول الأوّل شرذمة من الرعاع ليغتالوه بعقر داره . وتبع ذلك تجريده من جنسيّته اللبنانيّة , وتشريده , وأنف القانون معفّر بالرغام وممرّغ بالسّخام .
وهكذا اعتدي على البريء رغما عن احد بنود الدستور اللبناني القائل : " انّ حريّة المعتقد مصونة " .
لقد داس بشارة الخوري القانون ، وخرق موّاد الدستور اللبناني ، فلعتدى على بريء ذنبه الوحيد اعتناق الأديبة والفنّانة ( ماري حدّاد ) شقيقة زوجته للداهشيّة مع قرينها وكريماتها الثلاث ( ماجدا ) و (أندره ) و(زينا) . واذ ذاك ثارت ثائرة بشارة الخوري وزوجته لور وشقيقها ميشال شيحا ، وهالهم الأمر ، وتآمروا على داهش ، ففشلت خطّتهم ، وأنقذه الله من غدرهم .
وتابعت المؤامرة فصولها بتجريده من جنسيّته اللبنانيّة وتشريده في أرجاء الكرة الأرضيّة . وفي 28 حزيران 1947 وصل الدكتور داهش الى أذربيجان ، فالقي القبض عليه لأنّه لم يستطع اثبات هويّته ، اذ لا أوراق رسميّة لديه بعد نفيه ، فظنّت السلطات أنّه جاسوس ، خصوصا أنّ فتنة دامية كانت قد قامت في أذربيجان وجرّت ذيولا خطيرة ؛ فاعدم رميا بالرصاص بتاريخ أوّل تمّوز 1947 ، وذكرت الصحافة العربيّة والعالميّة أنباء اعدامه ودفنه .
ولكنّ الحقيقة أنّ من أعدم كان أحدى شخصيّات الدكتور داهش ، فلمؤسّس الداهشيّة ستّ شخصيّات مقرّها في عوالم أخرى من الكون . وقد تجسّدت هذه الشخصيّات مرارا وتكرارا ، وشاهدها الكثيرون في مناسبات متنوّعة عديدة . وقد ذكرت الصحف أخبار ظهورها ، وعقدت الفصول الطويلة حول تجسّداتها .
وهذا التجسّد يثبت بالبرهان المحسوس الملموس الآية الواردة في القرآن الكريم والقائلة : ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم ) "سورة النساء :آية 157 " . أي انّ أعداء السيّد المسيح ظنّوا أنهم صلبوه لكنّه في الحقيقة لم يصلب بل صلب مكانه " شبهه " أي شخصيّته الثانية .
ومؤسّس الداهشيّة موهوب قوّة روحيّة سماويّة ، وقد اجترح المعجزات الباهرة أمام الألوف خارقا بها النظام الطبيعي المعروف وقوانين الطبيعة التي لا تخرق .
ذلك بأنّ قوّة الروح هي فوق القوانين . وهذه القوانين تخضع للقوّة الروحيّة .
وعندما اعدم داهش رميا بالرصاص ، أي عندما أعدمت شخصيّته في أذربيجان ، كان الدكتور داهش في منزل الرسالة في بيروت بين أتباعه الداهشيّين المجاهدين الأمناء والأوفياء لمؤسّس عقيدتهم الراسخة رسوخ شوامخ الجبال المشمخرّة .
وها نحن نضع أمام أنظار القرّاء صورتين لاعدام الشخصيّة :
ولنزيد القارىء علما حول هذه المعجزة نقول : انّ الشخصيّة هي من عالم آخر غير عالم الأرض ، اذا لو أعيد فتح الحفرة التي دفنت فيها الجثّة لما وجد فيها أيّ شيء ، ذلك لأنّ الشخصيّة تعود الى عالمها ثانية .
وعندما نشرت الصحف أنباء اعدام الدكتور داهش أرسل بشارة الخوري بطلب ( رهنما ) سفير ايران يومذاك في لبنان واستوضحه أمر اعدام مؤسّس الداهشيّة . وقد أرسل رهنما سائلا وزارة الخارجيّة الايرانيّة عن حقيقة الحادث ، فأتاه الجواب مؤكّدا أنباء الاعدام بتقرير رسميّ يصف فيه المصرع بتفاصيله . وقد بلّغ رهنما بشارة الخوري الخبر ، مزوّدا ايّاه بهذا التقرير الرسميّ . حينئذ انفرجت أسارير بشارة الخوري ، وابتهج لخلاصه من عدوّه داهش الذي سبّب له آلاما عظمى بسبب الكتب السوداء التي نشرتها شقيقة زوجته ماري حدّاد وفيها من الفضائح الهائلة ما يزكّم الأنوف .
وهكذا أقضّت مضجعه ، وحرمته من النوم لكثرة ما أوجعته ...
وها هو الأن ، وقد تأكّد له موت داهش ، اطمئنّ الى أنّه انتهى من أمره . ولو عرف بأنّ داهش لا يزال حيّا يرزق وأنّه يقيم في منزل شقيقة زوجته ، ومنزلها لا يبعد عن القصر الجمهوري أكثر من أربعين مترا ، قلت لو عرف ذلك لصعق ولانطلقت روحه ذعرا ورعبا . وبعدما نشرت الصحف اللبنانيّة نبأ اعدام الدكتور داهش ، بادر العديد من الصحفيين والأدباء والشعراء ورجال الدين والسياسيين ، فرثوه وقد انتخبنا من مئات المراثي مجموعة ضممناها لكتابنا هذا ، محتفظين بخطوط من رثوه لنشرها بالصحف عندما تدعوا الحاجة لذلك . واليوم ، وبعد مرور ثلاثين عاما على هذا الحادث التاريخي العجيب ، أحببنا أن نجمع ما انتخبناه من المراثي التي قيلت بمؤسّس الداهشيّة ، وننشرها بكتاب ليطّلع عليه الرأي العامّ . والسلام .
الدكتور فريد أبو سليمان
بيروت في 5/3/1979