أنا أؤمن بأنه توجـد عدالة سماويّة, وأن جميع ما يُصيبنا في الحياةِ الدنيا من مُنغصات انَّ هـو الاّ جـزاءٌ وفاق لِما أجترحناه في أدوارنا السابقة من آثـامٍ وشـرور.ولهـذا يجب علينا أن نستقبلَ كلّ مـا يحـلّ بنـا من آلامِ الحياةِ ومآسيها غير مُتبرّمين ولا متذمّرين , بل قانعين بعدالةِ السماء ونُظمها السامية.

Highlighter
أحبُّ الكُتُبَ حبَّ السُكارى للخمر , لكنَّني كلَّما أزددتُ منها شرباً, زادتني صَحوا
ليس مّنْ يكتُبُ للهو كمَن يكتُبُ للحقيقة
الجمالُ والعفّــة فـردوسٌ سماويّ .
لا معنى لحياةِ ألأنسان اذا لم يقم بعملٍ انسانيٍّ جليل .
اعمل الخير , وأعضد المساكين , تحصل على السعادة .
من العارِ أن تموتَ قبل أن تقـوم بأعمالِ الخير نحـو ألأنسانيّة .
الموتُ يقظةٌ جميلة ينشُدها كل مَنْ صَفَتْ نفسه وطَهرت روحه , ويخافها كلّ من ثقُلت أفكاره وزادت أوزاره .
ان أجسامنا الماديّة ستمتدّ اليها يـد ألأقـدار فتحطِّمها , ثمّ تعمل فيها أنامل الدهـر فتتَّغير معالمها , وتجعلها مهزلةً مرذولة . أمّا ألأعمال الصالحة وألأتجاهات النبيلة السّامية , فهي هي التي يتنسَّم ملائكة اللّه عبيرها الخالد .
نأتي إلى هذا العالمِ باكين مُعولين، و نغادره باكين مُعولين! فواهً لك يا عالمَ البكاء والعويل!
جميعنا مُغترٌّ مخدوعٌ ببعضه البعض.
العدلُ كلمة خُرافية مُضحكة.
أمجادُ هذا العالم وهمٌ باطل، و لونٌ حائل، و ظلٌّ زائل.
لا باركَ الله في تلك الساعة التي فتحتُ فيها عينيّ فإذا بي في مكانٍ يطلقون عليه اسم العالم .
أنا غريبٌ في هذا العالم، و كم احنُّ إلى تلك الساعة التي اعود فيها إلى وطني الحقيقيّ.
الحياةُ سفينةٌ عظيمة رائعة تمخرُ في بحرٍ، ماؤه الآثام البشريَّة الطافحة، و امواجه شهواتهم البهيميَّة الطامحة، و شطآنه نهايتهم المؤلمة الصادعة.
كلّنا ذلك الذئبُ المُفترس , يردع غيره عن اتيانِ الموبقاتِ وهو زعيمها وحامل لوائها , المُقوّض لصروح الفضيلة , ورافع أساس بناءِ الرذيلة .
الحياةُ سلسلة اضطراباتٍ وأهوال , والمرءُ يتقلَّب في أعماقها , حتى يأتيه داعي الموت, فيذهب الى المجهولِ الرهيب , وهو يجهلُ موته , كما كان يجهلُ حياته .
من العارِ أن تموتَ قبل أن تقومَ بأعمالِ الخير نحو الانسانيّة .
المالُ ميزان الشرِّ في هذا العالم .
السعادةُ ليست في المال , ولكن في هدوءِ البال .
كلُّ شيءٍ عظيمٍ في النفسِ العظيمة , أمّا في النفسِ الحقيرة فكلُّ شيءٍ حقير .
الرُّوح نسمةٌ يُرسلها الخالق لخلائقه لأجل , ثم تعودُ اليه بعجل .
الرُّوح نفثةٌ الهيَّة تحتلُّ الخلائق , وكل منها للعودة الى خالقها تائق .
الرُّوح سرٌّ الهيٌّ موصَدْ لا يعرفه الاّ خالق الأرواح بارادته , فمنه أتتْ واليه تعود .
أنا أؤمن بأنه توجـد عدالةٌ سماويّة , وأنَّ جميع ما يُصيبنا في الحياةِ الدُّنيا من مُنغِّصاتٍ وأكدارٍ انَّ هـو الاَّ جـزاء وفاق لمِا أجترحناه في أدوارنا السابقة من آثـامٍ وشـرور . ولهـذا يجب علينا أن نستقبل كلَّ مـا يحـلُّ بنـا من آلام الحياة ومآسيها غير م
الحرّيةُ منحة من السماءِ لأبناءِ ألأرض .
الموتُ ملاكُ رحمةٍ سماويّ يعطف على البشر المُتألّمين , وبلمسةٍ سحريّة من أنامله اللطيفة يُنيلهم الهناء العلويّ .
ما أنقى من يتغلّب على ميولِ جسده الوضيع الفاني , ويتبع ما تُريده الرُّوح النقيّة .
ما أبعدَ الطريق التي قطعتها سفينتي دون أن تبلغَ مرفأ السلام ومحطَّ الأماني والأحلام .
الراحة التامّة مفقودة في هذا العالم , وكيفما بحثت عنها فأنت عائدٌ منها بصفقةِ الخاسر المَغبون .
ليس أللّــه مع الظالم بل مع الحقّ.
ان الصديق الحقيقي لا وجود له في هذا العالم الكاذب.
ما أكثر القائلين بالعطف على البائسين وغوث الملهوفين والحنو على القانطين , وما أقلَّ تنفيذهم القول.
يظنُّ بعض ألأنذال ألأدنياء أنّهم يُبيّضون صحائفهم بتسويدِ صحائف الأبرياء , غير عالمين بأنَّ الدوائر ستدور عليهم وتُشهّرهم.
ما أبعدَ الطريق التي قطعتها سفينتي دون أن تبلغَ مرفأ السَّلام ومحطَّ الأماني والأحلام .
رهبة المجهول شقاء للبشرِ الجاهلين للأسرارِ الروحيَّة , وسعادة للذين تكشّفت لهم الحقائق السماويَّة .
الموتُ نهاية كل حيّ , ولكنه فترة انتقال : امّا الى نعيم , وامّا الى جحيم .
الحياةُ خير معلِّمٍ ومُؤدِّب , وخيرَ واقٍ للمرءِ من الأنزلاقِ الى مهاوي الحضيض .
حين تشكُّ بأقربِ المُقرَّبين اليك تبدأ في فهمِ حقائق هذا الكون .
مَنْ يكون ذلك القدّيس الذي لم تخطرُ المرأة في باله ؟ لو وجدَ هذا لشبَّهته بالآلهة .
المرأة هي إله هذه الأرض الواسع السُّلطان. و هي تحملُ بيدها سيفاً قاطعاً لو حاولَ رجالُ الأرض قاطبةً انتزاعه منها لباؤوا بالفشلِ و الخذلان .

 

طريقُ الارتقاء الروحيّ وفقًا للمفهوم الداهشيّ (3)

دورُ الإرادة في الارتقاء الروحيّ

بقلم الدكتور غازي براكْس


في العدَدَين السابقَين من "صوت داهش" أوضَحتُ أنَّ الإنسانَ لا يستطيعُ ارتقاءَ المعراج الروحيّ لتَحقيقِ الكمال الإنسانيّ ما لم يجتَز المرحلةَ المُمَهِّدَة له، وهي الارتداعُ عن المُنكَرات التي يُمكنُ إجمالُ دوافعها النفسيَّة بستَّة: شهوةِ المال، شهوةِ الجنس، شهوةِ السلطة، نزعةِ الحسد، نزعةِ الكبرياء، ونزعة الرياء؛ ثمَّ بيَّنتُ أنَّ المصدرَ الأَوَّلَ لتلك الدوافع الخبيثةكما للدوافع الخيِّرة إذا وُجِدَتهو سيَّالاتُ الإنسان نفسُها. غيرَ أنَّ الساعي إلى الكمال الإنسانيّ بوسعِه تبديد الظلام في طريق حياته باسترشاد منارات الارتقاء الروحيّ الأربعة التي أَجملتُها بحياةِ المُرسلين والهُداة، والضميِر الحيّ، والعقلِ الهادي المُسَلَّح بالعلم والمنطق السديد، والتعاليمِ الموحاة.

 

لكنَّ ثمَّةَ مصادرَ أُخرى لكلٍّ منها دورُه المُهمّ في صياغة دوافع الإنسان، هي الفعلُ الإراديُّ، وتأثيرُ البيئتَين الصُّغرى والكُبرى. والأَوَّلُ سيكونُ موضوعَ هذا البحث، على أن يُعالَجَ الموضوعُ الثاني في أعدادٍ لاحقة.

 

 

 

الإرادةُ وعمليَّاتُها

 

منذُ عهد سُقراط (470؟-399 ق.م.) إلى نهاية القرن العشرين والفلاسسفةُ يبحثون في الإرادة وعمليَّاتها، حتَّى إنَّ علماءَ البيولوجيا والسيكولوجيا مِمَّن يُحاوِلون فهمَ آليَّات العقل الواعي لَيَقفونَ حَيارى، وهم على مَطَلِّ الألفِ الميلاديّ الثالث، حِيالَ مصدر الأَحكام الإراديَّة. فما هي الإرادة؟ وكيفَ يتمُّ الفِعلُ الإراديّ؟

 

مِن مُجمَلِ أبحاث المُفكِّرين، وفي ضوء التعاليم الداهشيَّة، يُمكنُ تحديدُ الإرادة بأنَّها التحرُّكُ الأَخير لسيّال الإنسان المُهَيمِن أو لمُحَصَّلَة resultant نشاط سيَّالاته بما فيها من قِوًى نزوعيَّةٍ وإدراكيَّةباتِّجاهِ تنفيذِ رغبةٍ مُعيَّنةٍ بعدَ مُوازَنَةٍ عقليَّةٍ بينها وبينَ رغباتٍ أُخرى يكونُ فيها لمُستوى السيَّالات الروحيّ تأثيرٌ فعَّال. فإرادةُ غاندي الذي يُسامحُ قاتلَهُ غيرُ إرادة جوداس الذي يقتُلُه، وإرادةُ بولس الرسول في مُواصلة التبشير على جميع الآلام والأخطار والمصاعب التي اعترضَته هي غيرُ إرادة المؤمن الذي قال المسيح فيه بلسان يوحنَّا الحبيب: "سأَتقيَّأُكَ من فَمي لأنَّكَ فاتر، لا حارّ ولا بارد."[1]

 

فالإرادةُ القويَّةُ أعني بها الساميةيجبُ، إذًا، أن تتَّفقَ مع نزَعاتِ النفس السامية؛ فإذا لم تكُن الرغبةُ في الارتقاء الروحيّ قويَّة، بل الأَقوى بين سائر الرغبات، فسيحيدُ اتِّجاهُ السيَّالات عن هدفِ الرقيِّ الروحيِّ إلى هدفٍ آخر يُمليه مُستوى السيَّال ذي الرغبة المُهَيمِنة.

 

ومن أجلِ انتصار الرغبة السامية يجبُ أن تقترنَ بإدراكِ أهمِّـيَّة الهدف؛ وهذا يُوجِبُ تبصُّرًا فيه وفي الأَهداف الأُخرى المُقارَن بعضُها ببعض.

 

وارتباطُ الإرادة بواجبٍ دينيّ أو اجتماعيّ أحيانًايمدُّها بشحنةٍ قويَّةٍ من الطاقة الدافعة. فإذا تمَّ ذلك لا يبقى إلاَّ الثَّباتُ والاستمرارُ في التصاعد، والتزامُ الفرد بكُلِّـيَّته لقضيَّته.[2] وهذا ما سيُبَيَّنُ بالتفصيل.

 

 

 

الإرادةُ والقدَرُ الشخصيّ

 

إِذا نظَرنا إلى التاريخ البشريّ منذُ بدايتِه الجليَّة حتَّى نهاية القرن العشرين، لرَأيناهُ حافلاً بالشقاء والأَمراض والآلام والحروب والمجاعات والأَوبئة والكوارث الطبيعيَّة... إنَّهُ نهرٌ من الدماء والدموع.

 

لكن على العذاب المُستَديم والشقاء المتواصل نرى النهرَ أحيانًا كأنَّهُ يجري صُعُدًا تدفعُه قوَّةٌ عجيبة! يحدثُ هذا كلَّما ظهرَ نبيٌّ أو رسولٌ أو هادٍ من الهُداة الروحيِّين أو مُفكِّرٌ عظيمٌ أو عالِمٌ كبيرٌ أو أديبٌ عبقريٌّ أو فنَّانٌ مُلهَم أو مُصلحٌ مُستقيم. إذْ ذاكَ يشتدُّ الأَملُ لدى كثيرين في أنَّ الأَرضَوادي الدموع والآلامستتبدَّل، وحالَ الإنسان ستتغيَّر إلى أفضل. لكنَّ الزمانَ لا يطولُ حتَّى تَخيبَ الآمالُ ويعودَ ليلُ الشؤم يبسطُ أجنحتَه الغُدافيَّة على الكوكب التاعس. فما سرُّ ذلك؟

 

بيَّنتُ في أعدادٍ سابقةٍ من هذه المجلَّة أنَّ الإنسانشأن الكائنات كلِّهايحصدُ ما يزرعُه. وما زرَعهُ، منذُ سقوطِه الأَوَّل الذي سبَّب هبوطَ سيَّالاتِه من العوالم الروحيَّة إلى العوالم المادِّيـَّة فإلى سقوطِه الأَخير المُتمثِّل بعصيان آدم وطردِه من الجنَّة، هو الذي ما زال يحصدُه.

 

يختصرُ مُؤسِّسُ الداهشيَّة ذلك بقَوله:

 

"أنا أُؤمنُ بأنَّهُ توجَدُ عدالةٌ سماويَّةٌ، وأنَّ جميعَ ما يُصيبُنا في الحياة الدنيا من مُنغِّصاتٍ وأكدارٍ إنْ هو إلاَّ جزاءٌ وِفاقٌ لِما اجترَحناهُ في أدوارنا السابقة من آثامٍ وشرور؛ ولهذا يجبُ علينا أن نستقبلَ كلَّ ما يحلُّ بنا من آلام الحياة ومآسيها غير مُتبرِّمين ولا مُتذمِّرين، بل قانعين بعدالة السماء ونُظُمها السامية.[3]

 

فحينما يولَدُ إنسانٌ ما يكونُ مُزَوَّدًا بسيَّالٍ حَيَويٍّ رئيس هو الذي يمدُّهُ بالحياة ويمنحُهُ طباعَه الرئيسة، والسِّماتِ البارزة التي ستقومُ عليها شخصيَّتُه. وهو يُقابلُ، إلى حدٍّ ما، السِّمات المحوريَّة التي يأخذُ بها كثيرون من علماء النفس وفلاسفة الخُلقيَّات، تلك السِّمات الرئيسة التي من خلالها يرى الآخرون إنسانًا ما ويصفونه حينما يُصنِّفونه، لأَنَّها تدعمُ مُعتقداتِه وأعمالَه ونزعاتِه وعاداتِه وتُداخلُ حياتَه الخاصَّة والعامَّة.[4]

 

ولكن يرِثُ كلُّ إنسانٍ أيضًا من كِلا والدَيه 23 صبغيَّة (كروموزومًا) تحملُ في ملايين جيناتها خصائصَ الوالدَين الجسديَّة والنفسيَّة. وهكذا يحملُ كلُّ مولودٍ جديد، فضلاً عن سِماتِ سيَّاله الرئيس الذي يكونُ تابعًا لأَحَد الأَبَوَين، ما يرِثُه مُباشَرَةً منهما، فيُصبحُ، إلى حدٍّ بعيد، امتدادًا جسميًّا وسيكولوجيًّا لهما، أي بعبارةٍ داهشيَّةٍ امتدادًا لسيَّالاتهما.

 

لكنَّ الإنسانَ العاقلَ، صاحبَ الإرادة القويَّة، يُدركُ أنَّهُ بوسعِه أن يصوغَ مُستقبلَه بما يزرعُه في حياته الراهنة؛ فمثلما أنَّ أوضاعَه الجسديَّة والنفسيَّة والاجتماعيَّة والاقتصاديَّة شاركَت في صياغتها، إلى حدٍّ بعيد، أعمالُه واتِّجاهاتُه ورغباتُه في أدواره الحياتيَّة السابقة، فإنَّ أَفكارَه وأفعالَه ونزعاتِه تُؤثِّرُ إلى حدٍّ بعيدٍ في صياغةِ مستقبله في الآتي من أدواره الحياتيَّة.

 

بكلمةٍ أخرى إنَّ القدَرَ هو قدَرٌ شخصيٌّ، وهو فِعْلُ إرادةٍ حُرَّة. فالله، سبحانه، رحيم، وهو {لا يظلمُ الناسَ شيئًا ولكنَّ الناسَ أنفسَهم يظلمون.}[5]

 

من أجلِ ذلك يتفاوتُ الناسُ في أوضاعهم. أَمَّا "الحَـظُّ" الذي يقولُ به كثيرون من المفكِّرين ويجعلونَه المُشارِكَ الأَكبرَ في صياغة طِباع الإنسان وبالتالي مصيرِه، فلا معنى له في التعاليم الداهشيَّة ولا وجود. فإنَّما "الحظّ"، جسديًّا وعقليًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا، قدَرُ الإنسان الشخصيّ الذي استحقَّه بموجب أعماله ورغباته في أدوارٍ حياتيَّةٍ سابقة.

 

 

 

تحمُّلُ المسؤوليَّة

 

إذا كانَ الإنسانُ محكومًا بقدَره الشخصيّ في حياته الراهنة، فإنَّ لجُهدِه الإراديّ دورًا فعَّالاً في تغيير أوضاعه إلى حدٍّ يسمحُ به نظامُ العدالة الإلهيَّة الشامل المبنيّ على الاستحقاق. فقد عرَفتُ عدَّةَ أمثلةٍ أوضحَها لي مُؤسِّسُ الداهشيَّة عن أشخاصٍكنتُ واحدًا منهمحانَت آجالُهم في أوقاتٍ مُحَدَّدةٍ تبعًا لتقمُّصاتهم السابقة، ووقعَت لهم أحداثٌ كانت ستقضي عليهم لا محالة؛ لكنَّهم استحقُّوا بما بذلوهُ من جُهدٍ كبيرٍ لترقية مُستوياتهم الروحيَّة أن تُبعَدَ عنهم الأَخطار وتُمدَّدَ أعمارُهم. وثمَّةَ آخَرونكنتُ واحدًا منهماستَحقُّوا أن يُشفَوا من أمراضٍ مُزمِنَة. وغيرُهم بُدِّل موتهم آلامًا مُحتَمَلة، إلى ما هنالك مِمَّا نُسمِّيه "مُساعدات روحيَّة"، جميعها مبنيَّة على الاستحقاق الشخصيّ. فليسَ في التعاليم الداهشيَّة ما يُسمِّيه بعضُ المذاهب الدينيَّة بـ"النِّعمة المجَّانيَّة". فالنظامُ الإلهيُّ العادلُ الشامل الكامل ليس فيه خُروق ولا استثناءات ولا شفاعات. فجميعُ هذه الوِساطات صُوَرٌ لأَوضاع المُجتمعات البشريَّة الناقصة؛ فضلاً عن أنَّها قد تحملُ المؤمنين على الاسترسال في أعمالهم الدنيئة مُعتمِدين على ما يتمتَّعون به من وِساطاتٍ لدى "الشفعاء" أصحاب النفوذ. فجَلَّ الله عن أن تهبطَ عدالتُه الكاملةُ إلى مُستوًى دُنيَويّ فاسد.

 

بناءً على هذه الحقيقة تبدأُ طريقُ النشاط الإراديّ بتَحَمُّل الإنسان البالغ، المُدرِك لواقعِه، المسؤوليَّة الكاملة عنه، فلا يُلقي التَّبِعة على الآخرين، سواء كانوا الأَهل أم الأَصدقاء أم المجتمع. فلو لَم يستحقَّ وضعَه الذي هو فيه، لَما تردَّى فيه. لكن عليه أن يُدركَ أيضًا أنَّهُ يستطيعُ بجُهده الإراديّ أن يُغيِّرَ هذا الوضعَ إلى حدٍّ تسمحُ به العدالةُ الإلهيَّة.

 

وليس غريبًا على الأطبَّاء النفسيِّين أن يجدوا بين مرضاهم كثيرين مِمَّن يجعلون أهلهم أو مجتمعَهم سببَ أوضاعهم النفسيَّة الشاذَّة، رافضين أن يبذلوا أيَّ جُهدٍ للتغيُّر، راضين بحالاتهم تلك مادام اللومُ يقعُ على الأَهل أو العالم الشرِّير.[6]

 

 

 

ضرورةُ هيمنةِ العقل تعزيزًا لقُدرة التمييز والحُكم

 

ينشأ الإنسان، إذًا، وقدَرُهُ الشخصيُّ يُلازمُه. لكنَّهُ ما إن يبدأ بالنُّضج الفكريّ حتَّى يكتشفَ أنَّ له إرادةً حُرَّةً، وأنَّهُ مسؤولٌ عن أعماله، وبوِسعِه أن يخرجَ عن طبيعته إذا بذلَ جهدًا مُعيَّنًا. فإذا كان سيَّالُه الحيَويُّ الرئيس مُشتمِلاً على إدراكٍ غيرِ ضعيف وبضع نزعاتٍ راقية، فبإمكانِه أن يُوجِّهَ إرادتَه شطرَ الخير والفضيلة عندَ كُلِّ نزاعٍ بين سيَّاله الرئيس وسيَّالاته الأُخرى المُخالِفة له في رغباتها. أمَّا إذا كانَ قَدَرُهُ الشخصيُّ قد جعلَ في سيَّاله الرئيس إدراكًا ضعيفًا، فإنَّهُ سيجدُ صعوبةً كبيرةً في الانتصار على نزَعات الشرِّ وهجمات الرذيلة، وهكذا يقعُ فريسةً سهلة للمُغرِيات الدنيويَّة والجواذب السفليَّة؛ ذلك بأنَّ العقلَ العاجزَ عن الربط بين الأَسباب والنتائج في كلِّ عمل لا يُمكنُه التمييزُ الصحيحُ بين الحقِّ والباطل والخير والشرّ؛ فقد يُوحي إليه إدراكُه الضعيفُ، مثلاً، بأنَّ قتلَ إنسانٍ يبيعُ الخمرَ أو يشربُه عملٌ حلالٌ يُكسِبُهُ الجنَّة، لأَنَّ مُعتقَدَه يُلزمُه بالامتناع عن شُرب الخمر؛ أَو أَنَّ عليه أَن يقمعَ حرِّيـَّةَ الآخرين في التعبير عن آرائهمحتَّى لو كانوا على دينهلأنَّها تُخالفُ مُعتقدَ طائفته. هذا إذا افتَرَضنا أنَّ هذا الشخصَ لا يخلو من نزعاتٍ راقية. فكيفَ تكونُ حالُهُ فيما لو كانَ خاليًا منها؟

 

بدايةُ الطريق إذًا هي ترقيةُ الإدراك من أجل تعزيز البصيرة وقدرةِ التمييز بين الخير والشرّ والفضيلة والرذيلة. وقد بيَّنتُ في العدد السابق من "صوت داهش" أنَّ منارات الارتقاء الروحيّ التي يُمكنُ العقلَ أن يسترشدَ ويتعزَّزَ بها هي التأمُّلُ في حياة المُرسَلين والهُداة الروحيِّين، وتنشيطُ الضمير بحيثُ يكونُ صوتُه عاليًا مسموعًا، وتسليحُ العقل بتعلُّم فنون المعرفة وتفهُّم القوانين العلميَّة على اختلافها، كما التمرُّس بأساليبِ المنطق السديد، وأخيرًا التبصُّر في التعاليم الموحاة وما تكشفُهُ من قوانينَ روحيَّة.

 

فبدون الإدراك الصحيح لحقيقة الأُمور يُمكنُ أن تتحوَّلَ فضائلُ غير قليلة إلى رذائل. فالشجاعةُ بلا تعقُّل قد تُؤدِّي إلى المُجازَفَة بالنفس فالهلاك دونما مُبرِّرٍ معقول. والإخلاصُ الأَعمى لإنسانٍ ما قد يُفضي إلى معصية الخالق إرضاءً للمخلوق، والإيمانُ الذي لا يُحييه فهمٌ لجوهر الدين القائم على المحبَّة والقِيَم الروحيَّة قد يدفعُ المؤمنَ إلى التشبُّث بقشور الدين وطقوسه وإلى مُعاداة كلِّ مَن لا يُمارسُ شعائرَه ويلتزمُ عقيدتَه مثلما يفهمُها هو. والأَهدافُ النبيلةُ، إذا لم يُضِئ السُّبُلَ الموصِلَة إليها عقلٌ مُستنير يُدركُ أنَّ الوسيلةَ جزءٌ من الغاية، تفقدُ معانيها السامية بفُقدان سموِّ الوسائل؛ من أجل ذلك كلُّ إكراهٍ في الدين خروجٌ عن الدين الحقّ. ومؤسِفٌ أنَّ التاريخَ حافلٌ بالأَمثلة على ذلك.

 

 

 

هل من أمَلٍ في تقدُّم عقول الكهول والمُسنِّين؟

 

إذا كانَ بإمكان الأَحداث والشبَّان أن يوسعوا مداركَهم باستهداء المنارات الأَربعة المذكورة آنِفًا، فما حيلةُ الكهول والمُسنِّين؟ فهل أُقفِلَ بابُ التقدُّم دونهم، وحُكِمَ عليهم بالجمود والموت العقليّ البطيء؟

 

إِنَّ خبرتي مع مُؤسِّس الداهشيَّة حوالى عشرين سنة لَتُؤكِّد أنَّهُ كان يهتمُّ بتَطوير مدارك الناس، كبارًا في السنِّ كانوا أم أحداثًا. وغيرَ مرَّةٍ سمعتُه يسأل مَن تجاوزوا السبعين من أعمارهم ماذا يقرأون وبما يهتمُّون في مطالعاتهم، ذلك بأنَّه كان موقِنًا بأنَّ السيَّالات التي تُحرِّكُ نشاطَ الإنسان الفكريّ والوجدانيّ بوِسعها أن تدأبَ على عملها ما دامت فيه وما دام الإنسانُ يشاءُ أن يُفكِّرَ ويشعر.

 

هذه السيَّالات، وبالدرجة الأُولى السيَّال الرئيس فيها، هي التي تتغَلغلُ طاقاتُها في جينات الجَنين فتُقولبُها بالقالب الذي تفرضُه العدالةُ الإلهيَّة، وتُكيِّفُها بالكيفيَّة التي تستحقُّها، وتطبعُها بسِماتها النفسيَّة الجسميَّة؛ وهي التي تتحكَّمُ بجهاز الإنسان العَصبيّ، ولا سيَّما دماغه، فتُشيعُ فيه الاتِّزانَ أو الخللَ تِبعًا لِما يوجِبُه ناموسُ السَّببيَّة الروحيَّة. ولِذا فما دامت إرادةُ الإنسانِ تعمل، وما دامَ يُريدُ هو أن يحشدَ قوى سيَّالاته لتطويرِ معارفِه، فسيَّالاتُه ستُطيعُه وتُطوِّرُ ما يجبُ من مراكز المعرفة البيولوجيَّة في دماغِه حتَّى في سنٍّ متأَخّرة.

 

والأَبحاثُ العلميَّةُ الأَخيرة أثبتَت صحَّةَ ما ذهبتُ إليه. فقد أكَّدَ علماءُ بيولوجيُّون في جامعة برنستون Princeton أنَّهم اكتشفوا، من خلالِ تجاربهم على القرود، أنَّ آلافًا من الخلايا العصبيَّة neurons تُولَدُ كلَّ يومٍ في الدماغ بمركزٍ قريبٍ من ساقه حتّى في المعمِّرين، وتتَّجه إلى عدَّةِ مناطق في قشرة الدماغ cortex ولا سيَّما المنطقة الجَبهويَّة حيثُ تُقيمُ الخلايا العَصَبيَّة التي تُؤثِّرُ تأثيرًا بالغًا في صياغة الشخصيَّة. وهناكَ تنضجُ وتنمو لها تفرُّعاتٌ كثيرةٌ تصِلُها بسائر الخلايا العصبيَّة.[7]

 

ويؤكِّدُ الدكتور ريتشارد ريستاك R. Restak، أستاذ الأَمراض العصبيَّة في كلِّـيَّة الطبّ بجامعة واشنطن ومؤلِّف اثنَي عشرَ كتابًا في أبحاث الدماغ، أنَّ الدماغَ بقدر ما يشغلُه صاحبُه ويُمرِّسُه بالمعارف وحلِّ المعضلات، يتطوَّر وينمو.[8]

 

إذًا هرَمُ الدماغ يبدأُ في النفس، في السيَّالات؛ فإذا دبَّ فيها الخُمول واعتوَرَها فتورُ الهمَّة والزهدُ في مزيدٍ من المعرفة والتقدُّم، أحدثَت تأثيرَها السلبيَّ السيِّئ في خلايا الدماغ، فأخذَت تضمحلُّ، وتتلاشى اتِّصالاتُها؛ وهكذا بدلَ أن يستمرَّ العقلُ في نُموِّه، يتقَهقر حتَّى لو لم تُفارق الإنسانَ سيَّالاتُه. فإذا أخذَت تُفارقُه تِباعًا، تضعفُ قواهُ الإدراكيَّة والحسِّـيَّة تدريجيًّا إلى أن يُبارحَه السيَّالُ الحيويُّ الرئيس فتكون لحظةُ الموت. وفي التاريخ أمثلةٌ كثيرةٌ على مفكِّرين مُعمِّرين من ذوي الهمَّة القعساء. حسبي أن أذكرَ منهم الفيلسوفَ الإنكليزيّ برتراند راسِّل Bertrand Russel (1872-1970) والأَديب الفرنسيّ فكتور هيغو Victor Hugo (1802-1885) والجاحظ (773؟-869) الذين استمرُّوا في توليد إنتاجهم الفكريّ الغزير حتَّى أواخر أعمارهم المديدة.

 

 

 

إطالةُ العمر أو تقصيرُه

 

على أنَّ العزيمةَ الفكريَّةَ الشمَّاءَ إذا كانت تُساعدُ كثيرًا في تأخيرِ هرَم الدماغ، فإنَّها لا تعني أنَّها تُطيلُ عُمرَ الإنسان. فوفقًا للتعاليم الداهشيَّة يولَدُ الإنسانُ وعُمرُهُ مُحَدَّدٌ في سيَّالاته، وبالتالي في مظهرها البيولوجيّ، أي جيناته؛ لكنَّهُ ما إن يبلغُ سنَّ الرُّشد والمسؤوليَّة حتَّى تُصبحَ فُسحةُ عمره رهنَ أعماله ونزَعاته ورغباته، أي رهنَ إرادته، وذلك ضمنَ حُدودٍ ترسمُها العدالةُ الإلهيَّة. فبإرادتِه الحُرَّة يُمكنُه أن يُطيلَ الأَجلَ المُقدَّرَ له منذُ ولادتِه أو يُقصِّرَه.

 

وقد أكَّدَ البحثُ العلميُّ صحَّةَ ذلك، وأظهرَ أنَّ عواملَ نفسيَّة وبيولوجيَّة تشتركُ في تحقيق هذا الأَمر. فالنزوعُ إلى الخير والمحبَّة والقِيَم الروحيَّة كما الاعتدال في الطعام والشراب والجنس يُساعدان في تثبيت صحَّة القلب والدماغ، والاتِّجاهُ إلى الشرِّ والبُغض كما الإسراف في الطعام والمُسكرات والشهوة يُساعدان في إدخال الخلَل إلى القلب والدماغ. كذلك أكَّدَت دراساتٌ نفسيَّةٌ-جسميَّةٌ psychosomatic كثيرة عن أنَّ طباعَ الإنسان وانفعالاتِه تُحدِثُ تأثيرًا إيجابيًّا أو سلبيًّا في صحَّته العامَّة، وبالتالي في صحَّةِ قلبه ودماغه، الأَمر الذي قد يُؤثِّرُ في إطالة العمر أو تقصيره. فالغضبُ والحسدُ والحقد والشدَّةُ النفسيَّة stress والحزنُ الدائم ذاتُ تأثيرٍ سلبيّ في وضع الإنسان الصحِّـيّ، ونقيضُها ذو تأثيرٍ إيجابيّ.[9] لكنَّ هذه القاعدة لها استثناءات توجبُها العدالةُ الإلهيَّة أَحيانًا. فقد تسمحُ العدالةُ الإلهيَّة، مثلاً، بإطالة عمر إنسانٍ شرِّير حتَّى يرى اسمَه قد تحوَّل إلى لعنةٍ على الشفاه، أو حتَّى يرى أبناءَه الذين هم امتدادٌ له يُقتَلون أمام عَينَيه زيادةً في عقابه. وكم من عبقريّ مات صغيرًا! ومعنى الحياة ليس وقفًا على طولها أَو قِصَرها. فعمرٌ قصير حافل بالإنجازات المُفيدة خيرٌ من عُمرٍ مديد مُشبَع بالخمول. هذا إذا اعتبرنا صاحبَي العمرَين مُتساويَين في الرقيّ الروحيّ. فكيف إذا اختلفا؟

 

 

 

الاختبارُ خيرُ مُعلِّمٍ للعقل

 

من أُسُس التعاليم الداهشيَّة أنَّ حياة الإنسانبل حياة أيِّ كائنٍ آخرهي امتحان يخضعُ له. "وإنَّما الأَرضُ مدرسةٌ ذاتُ درجةٍ روحيَّةٍ مُعيَّنة، يأتيها الإنسانُ الذي يستحقُّها، أي الذي تكونُ درجتُهُ الروحيَّةُ بمُستوى درجتها، فيتزوَّد منها بمعارفَ شتَّى ويخضع فيها لتجاربَ كثيرة، منها تجارب الغرور والكبرياء والمطامع والشهوات، فإمَّا ينجح في امتحاناته تلك وينتصر في نفسه الخيرُ على الشرِّ والفضيلةُ على الرذيلة، أو يسقطُ في امتحاناته."[10]

 

وفي سِياقِ الحياة تُصادمُ عقلَ الإنسان مُفاجآتٌ كثيرةٌ، فإذا لم يعرف كيف يتكيَّف في مُواجهتها ومُغالبتها، وإذا لم يتعلَّم من أخطائه وعثراته كيفَ يُصحِّحُها ويتفاداها، وإذا لم يستفِد من مصائبه ما يتَّقي به مُعاودتَها، فإنَّه، لا محالة، من الفاشلين الخاسرين. لِذا يقولُ مُؤسِّسُ الداهشيَّة: "الحياةُ خيرُ مُعلِّمٍ ومُؤدِّب، وخيرُ واقٍ للمرء من الانزلاق إلى مهاوي الحضيض."وإنَّما المرءُ الذي يعنيه هو النبيه الراغب في التقدُّم، لأَنَّ اختبارات الحياة إذا كانت قاسية، باهظة الثِّقَل، فالإنسانُ الضعيفُ سيرزحُ تحتها، فـ"الاختبارُ خيرُ مِحَكٍّ للإنسان"؛[11] به يُعجَمُ عودُه ويُحَكُّ جوهرُه، فيظهر إمَّا ذهبًا خالصًا وإمَّا مُزَيَّفًا.

 

ومن أجل جَعْل الحياة خير مُعلِّم، و"الزمان خير مُؤدِّب للإنسان"[12]، يحسنُ انتهاجُ السُّبُل الأربع التالية:

 

أَوَّلاً، على الإنسان أن يكونَ حَذِرًا في تعامُلِه مع الآخرين حتَّى مَن يدَّعون الصداقة، "لأَنَّ الحياةَ الإنسانيَّةَ مبنيَّةٌ على أُسُسٍ شرِّيرة، وليست النُّظمُ البشريَّة كالنُّظم السماويَّة." وأكثرُ الصداقات مبنيَّةٌ على منافعَ مادِّيـَّةٍ واستفادةٍ مُتبادَلَة، و"لا خيرَ في صداقةٍ تُنمِّيها الغايات." ذلك فضلاً عن أنَّ الإنسانَ من جبلةٍ ساقطةٍ وقد تكرَّرَ سقوطُه وعصيانُه منذُ خلقِ آدم، على توالي الرسالات السماويَّة وتكاثُر النُّذُر الإلهيَّة. فلا عَجَبَ إذا قال مُؤسِّسُ الداهشيَّة، بعد خبرتِه الطويلة المريرة مع الخوَنَة من أَصدقائه الذين محضَهم عَونَه وحبَّه خالصُا: "لا تثِقْ بمخلوقٍ ما، إذْ إنَّنا جميعًا خاضعون لسُنَّة التغيُّر."[13]

 

ثانيًا، على الإنسان أن يجعل الشكَّ في كلِّ ما يسمعُه أو يقرأُه طريقًا لليقين. فالإعلاناتُ التجاريَّةُ كما الإعلانات السياسيَّة هَمُّ أصحابها لا نشرُ الحقيقة، بل النجاح والمزيد من المكاسب. والأَخبارُ التي تنقلُها وسائلُ النشر من صحافةٍ وتلفزةٍ وإذاعة وإنتِرنِت ليس هَمُّ أصحابها نقْلَ صورةٍ واضحةٍ عن الواقع بقَدر ما هو استثارةُ الناس وتشويقُهم للإقبالِ على شراء الصحيفة أو مُتابعة قناةٍ مُعيَّنة استزادةً للإعلانات وبالتالي استدرارًا للمكاسب. ولذلك تختلفَ الرواياتُ الإخباريَّة أحيانًا، فتتضخَّم أو تتضاءل، ويشتدُّ التركيزُ عليها أو يضعف.[14] وكثيرًا ما كان الدكتور داهش يوصي أتباعَه بأن يحترسوا من تصديق الإعلانات التجاريَّة والادِّعاءات السياسيَّة، ويحثُّهم على استقاء الأَخبار والمعلومات من عدَّة مصادر لا من مصدر واحد والمقابلة بينها.

 

كما على الإنسان أن يختبرَ بنفسِه الأُمورَ التي يُشكِّكُ في صحَّتها. هذه الطريقةُ الاختباريَّة الشخصيَّة هي التي أفضَت إلى القضاء على كثيرٍ من الأَوهام وقيام العلوم الصحيحة. وليسَ من عالِمٍ كبيرٍ إلاَّ هو مثَلٌ حَيٌّ على صحَّةِ هذا النهج.[15] وكان مُؤسِّسُ الداهشيَّة يطلبُ إلى كلِّ مَن يُصدِّقُ بصحَّةِ أقوال أو أعمال المُشعوذينمِمَّن يُسَمُّون أنفسهم "فلَكيِّين" أو "سَحَرَة" أو "باراسيكولوجيِّين" أو "مُنوِّمين مغنطيسيِّين" أو غير ذلك من أسماء التورُّم العقليّأن يذهبوا إِليهم بأنفسهم ويختبروا قدراتهم، ولكن بعد أن يُخبئوا أسرارَهم ولا يُفضوا بها حتَّى إلى أقرب المُقرَّبين إليهم، ذلك بأنَّ كلَّ مُشعوذٍ يستعينُ بزبانية له يستَدرجون طالبَ الزيارة أو بعضَ معارفِه، قبل مُواجهة المُشعوذ، فيستكشفون من خلال استدراجهم كثيرًا من شؤون الزائر وأوضاعه العائليَّة وما يهمُّه معرفتُه.

 

ثالثًا، على مَن تعترضُه مُعضلاتٌ أو أُمورٌ مُبهَمَة أن ينظرَ، من أجل حلِّها أو فهمِها، من عدَّةِ أوجُه لا من وجهٍ واحد، حتَّى لو كانَ الوجهُ الآخر وجهَ خصمه الفكريّ. فالانفتاحُ على مُختلف الجهات والتطلُّع إلى مختلف الآفاق يُزوِّدان الرائي بنظرةٍ شموليَّة تُتيحُ له رؤيةً أفضل للأُمور، وتُمرِّسُه بالتسامُح وسَعَة الصدر. فلِمَ لا يكونُ الأَنبياءُ والهُداةُ الروحيُّون جميعهم على حقّ، ولكن كلٌّ من الجانب الذي ينظر منه؟ ولماذا لا يكونُ كبارُ المفكِّرين والفلاسفة كلٌّ علىحقّ، ولكن كلٌّ من المنظور الذي يتطلَّعُ من خلاله؟ ذلك كانَ موقفُ الدكتور داهش من الهدايات الروحيَّة والفلسفات.

 

رابعًا، على الساعي إلى وضعٍ فكريٍّ وجدانيٍّ جديد يرى فيه تقدُّمًا لعقلِه وشعورِه أن يتهيَّأ لتَغيير خريطة مُعتقداته وعاداتِه، فلا يتمسَّك بالتقاليد الموروثة إلاَّ ما ارتآهُ عقلُه المُتحرِّر من قيود الماضي أنَّه صحيح وجدير بمستواه النفسيّ الجديد.[16] فليس من رسولٍ أو هادٍ روحيٍّ أو مُفكِّر كبير إلاَّ حطَّمَ كثيرًا من قيود الماضي ليمنحَ العقلَ الإنسانيَّ مزيدًا من الحرِّيـَّة في التقدُّم.

 

 

 

الشطرُ الأَصعب في تعزيز الإرادة: ترقيةُ النزعات

 

على ارتقاء العقل التدريجيّ في سياق التاريخ البشريّ، فإنَّ نزعاتِ الإنسان، بصورةٍ عامَّة، ما تزالُ مُتدنِّية نسبيًّا. ذلك بأنَّ العلومَمجال النشاط العقليّجهودٌ مُتراكمة، يُبنى منها اللاحقُ على السابق، والاختباراتِ الجديدة تُصحِّحُ الاختبارات القديمة. فنيوتن صحَّحَ بطليموس، وآينشتاين صحَّحَ نيوتن. فضلاً عن أنَّ التكنولوجيا تستفيدُ من الاختراعات والاكتشافات كلّها. فمَن يتأمَّل في الإنتِرنِت يجدْ فيها عشرات الاختراعات والاكتشافات مُطبَّقة مُجتمعة. والنظريَّات الفلسفيَّةالتي هي أنظمة فكريَّةتُبنى على ما يُعاصرُها من "الحقائق" العلميَّة. فرُقيُّ العقل بميدانٍ ثقافيّ مُعيَّن يُساعدُ في ترقيتِه بالميادين الأُخرى. على أنَّ ذلك قلَّما يُفيدُ في قدرة التمييز بين الخير والشرّ والفضيلة والرذيلة؛ لأنَّها مرتبطة إلى حدٍّ بعيد برُقيِّ النزعات في الإنسان. فإذا كانَ تقدُّمُ العقل يتطلَّبُ بعضَ التعب والدأْب على العمل، فارتقاءُ النزعات يقتضي مُغالبةً مريرةً لغرائز الجسد، ومُكابدةً للألم من جرَّاء مُقاومتها كما من جرَّاء عدمِ إشباع كلّ سيَّال مفطورٍ على الشرِّ أو الرذيلة. من أجل ذلك ألحَّت   الهداياتُ الروحيَّةُ جميعُها على ترقية النزعات والارتداع عن الشرور، ولم تُولِ ترقيةَ الإدراك اهتمامًا يُذكَر.

 

ولئن سلَّطَت الداهشيَّةُ الضوءَ على أهمِّـيَّة التقدُّم العقليّ في عمليَّة الرقيّ الروحيّ، مُتميِّزةً بذلك عن جُلّ العقائد الروحيَّة، فإنَّها أولَت ترقيةَ النزعات عنايةً خاصَّة. فبالجُهد المُتواصل يستطيعُ الجاهلُ أن يتعلَّم، والفقيرُ أن يُحسِّنَ وضعَه؛ لكنَّ الرقيَّ الروحيَّ يقتضي أكثرَ من ذلك. إنَّهُ يستوجبُ فهمًا جَليًّا للنظام النفسيّ في الإنسان السويّ تبعًا لِما رآهُ المُرسَلون والهُداة الروحيُّون ومعظم المفكِّرين الذين بحثوا في المبادئ الخلقيَّة. فما دام الخالقُ روحًا، وما دامَ عالَمُ الكمال عالَمًا روحيًّا، فيستحيلُ أن يتأتَّى الكمالُ الإنسانيُّ النسبيُّ إلاَّ بهَيمنة القِيَم الروحيَّة على سائر القِيَم في النفس؛ لأَنَّ القِيَمَ الروحيَّة هي انعكاساتٌ أو ملامحُ للحقِّ والخيرِ والجمال المُتمثِّلة في كمالها المُطلَق بالله عزَّ وجلَّ. وهذه الهيمنةُ المنشودةُ تستَدعي ترقيةَ العقل وتسليمَ زمام الأُمور له من جهة، وترقية النزعات من جهةٍ أُخرى،[17] لأَنَّ كلَّ فعلٍ إراديٍّ يتضافرُ على تكوينه مدى إدراك الشخص للعمل المُستهدَف ولنتائجه، وقوَّةُ الرغبة في تنفيذه.

 

 

 

تأثيرُ مفهوم "المُطلَق" والمثَل الأَعلى في الارتقاء الروحيّ

 

ورأسُ القِيَم الروحيَّة هو تلك التي تُمثِّلُ "المطلق". فوفقًا لِما أوضحَه العالِمُ النفسيُّ الأَلمانيّ وِلْفرِد دايْم Wilfred Daim تُشكِّلُ هذه القيمة ضرورةً نفسيَّةً يستحيلُ أن يبقى الإنسانُ إنسانًا بدونها، لأَنَّها قُطبُ الجاذبيَّة في كلِّ شخصيَّة ومُرتَكَزُ آمالها ومركزُ التلاقي والانعكاس لطاقاتها النفسيَّة؛ فمن مفهوم "المُطلق" تستمدُّ الموجوداتُ والحالاتُ والأَحداثُ معانيَها وقِيَمَها. لكنَّ "المُطلَق" الذي يُقيمُه الفردُ لا يكونَ دائمًا صحيحًا، أي مُندمجًا بالكمال، مُنزَّهًا عن التبدُّل، مُتَّحِدًا بمفهوم الأُلوهة السرمديَّة، بل قد يأتي، أحيانًا، زائفًا، مُنحرِفًا، نسبيًّا، خاضعًا للتطوُّر. مثالُ ذلك أن يُسقطَ الإنسانُ صورةَ "المُطلَق" على الطبيعة، أو الزمن، أو الإنسان في سيره التاريخيّ، أو أيَّة عقيدةٍ دينيَّة، أو غير ذلك ممَّا يتبدَّل أو يخضع لظروف التطوُّر البشريّ أو المادِّيّ، فيفقدُ "المُطلَق"، هكذا، معنى الإطلاق والديمومة والثَّبات. حينئذٍ يُصيبُ زَيغُ الرؤية لا مُدرَكاتِ الإنسان الباطنيَّة فحَسب، بل مُدرَكات الأشياء الخارجيَّة أيضًا. وبتعكُّر صفاءِ الرؤية يَحيدُ الإنسانُ الرائي والعالَمُ المَرئيُّ في علاقاتهما عن مِحوَرَيهما الصحيحَين. فالله-المُطلَق يُشوَّهُ معناه وتُخفَضُ قيمتُه بنسبة ما تُعَظَّم القِيَمُ العَرَضيَّة الأُخرى. وبخروجِ النفسِ بمُجمَلِ طاقاتها عن مِحورِها الصحيح ينتجُ صراعٌ بينها وبين الحقيقة الموضوعيَّة يُساعدُ في توليد القلَق الشديد والأَمراض النفسيَّة.[18]

 

وهكذا فإنَّ الواقعَ النفسيَّ يؤَثِّرُ في تعيين هُويَّة "المُطلَق" وخصائصه، كما يُؤَثِّرُ "المُطلَقُ" المُعتنقَ في مفاهيمِ صاحبه وقِيَمِه وأحكامه. وسبقَ أن ذكرتُ في عددٍ سابق أنَّ في التعاليم الداهشيَّة وحده الله هو المُطلَق.

 

والمثَلُ الأَعلى الذي يتَّخذُهُ الإنسانُ كثيرًا ما يتَّحدُ بـ"المُطلَق" المُتصَوَّر أو يندمجُ بإحدى صُوَره. فكلُّ إنسانٍ تدفعُهُ نزعاتُه واتِّجاهاتُه النفسيَّة إلى وضع أهدافٍ مُعيَّنة نُصْبَ عينَيه يسعى إلى بلوغها. هذه الأَهدافُ تكونُ مُنسجمةً مع مستوى قوَّتَيه النزوعيَّة والإدراكيَّة؛ وتحقيقُ كلٍّ منها يكونُ خاتمةَ مرحلة وبدايةَ مرحلة ثانية. فالحياةُ كلُّها سلسلةٌ من الأَهداف التي يعقبُ بعضُها بعضًا؛ وقد يُخفقُ الإنسانُ في تحقيقِ هدَفٍ ما فيستبدل به آخر.

 

على أنَّ هذه الأَهدافَ تعملُ جميعًا من أجل خدمة الغاية الأُمّ، أو المثَل الأَعلى الذي تختارُه إرادةُ الإنسان. وهذا الاختيار تدعمُهُ هيمنةُ سيَّالٍ مُعَيَّنٍ من سيَّالاتِه تكونُ فيه إحدى حاجاته النفسيَّة الفطريَّة قد تضخَّمَت، بحيثُ يأتي المثل الأَعلى إشباعًا لرغباتها.

 

وسيكولوجيًّا يُعتَبَر تحقيقُ التفوُّق، بصورةٍ عامَّة، أهمَّ غايةٍ يسعى الإنسانُ إلى بلوغها. إلاَّ أنَّ مفهومَ التفوُّق يختلفُ باختلاف الدوافع التي تُحرِّكُ الإنسان. فقد يكونُ مبنيًّا على نزعاتٍ مادِّيـَّةٍ أنانيَّة مُنحرفة، أو على نزعاتٍ روحانيَّةٍ إنسانيَّةٍ راقية. ففي الحالة الأولى تكونُ الشخصيَّةُ مريضة، إذْ تستفحلُ فيها نزعةٌ منحطَّةٌ شاذَّةٌ أو أكثر وتمتصُّ معظمَ طاقة السيَّال، بل تُهيمنُ على سلوك الفرد وتتحكَّم في تصرُّفاته مُشيعةً في نفسه الاضطرابَ، كأَن يتفاقم الميلُ الشهوانيُّ الجامحُ في رجلٍ ما بحيثُ يعتبر المرأةَ عامَّةً، أو الجنس، مَثلَه الأَعلى، فيصرف فكرَه واهتمامَه من أجلِ إشباعِ ميله والمُفاخَرَة به. فمِثلُ هذا الرجل يكونُ مريضَ الشخصيَّة، ومرضُهُ قد يتَّخذُ أشكالاً منحطَّةً مُتنوِّعَة بحسب الدوافع المادِّيـَّة المُنحرِفَة الأُخرى التي تُرافقُه؛ أو كأن تتفاقم فيه نزعةُ الاستعلاء فيُصاب بـ"جنون العظَمَة"، أو الرغبة في البقاء الدنيويّ فيُصاب بـ"جنون الخلود"؛ ومثل ذلك كلُّ نزعةٍ مُستفحِلَة، كالتعلُّق الشديد بالمجد الدنيويّ، أو القوَّة، أو الثروة، أو الحياة الخاملة، أو التعصُّب الأَعمى لعقيدةٍ حزبيَّةٍ أو بدعةٍ دينيَّة.

 

وفي الحالة الثانية تكونُ الشخصيَّةُ سليمةً، إذْ تنشطُ فيها النزعاتُ الراقية مُشيعةً في الإنسان السلامَ النفسيَّ النسبيَّ والاتِّزان. فيجعل مثلَهُ الأَعلى في العلم المُفيد أو الفنِّ السامي، أو القيادة العادلة الفاضلة، أو الأدب الروحانيّ الإنسانيّ، أو الحكمة الإصلاحيَّة، أو الهداية الروحيَّة.

 

وكيفما يكُن المثَلُ الأَعلى تحتشدْ فيه طاقةٌ نفسيَّةٌ تجعلُ منهُ قُطْبَ جاذبيَّة تدورُ في فَلَكِه معظمُ أفكار الإنسان ونزعاته، وتنجذبُ إليه جُلُّ أهدافه واهتماماته واتِّجاهاته؛ بحيثُ يُصبحُ السيَّالُ الذي ينتمي المثَلُ الأَعلى إليه هو الأَقوى زَخْمًا والأَوفر نشاطًا في شخصيَّة الفرد، يَسِمُهُ بطابعِه البارز المُميَّز، ويتسَلطن على مُجمل قواه النفسيَّة، ويتحكَّم بتصرُّفاته.

 

وقد يعرفُ الإنسانُ مُثُلاً عُليا مُختلِفة مُتتابعة، يُهيمنُ كلٌّ منها على مرحلةٍ من مراحلِ حياته تِبعًا لهَيمنةِ سيَّالٍ مُعيَّن من سيَّالاته عليها، وذلك من جرَّاء تطوُّراتٍ حاسمةٍ تحدثُ في تكوينِه النفسيّ أو في المؤثِّرات الخارجيَّة الداخلة في مجالِه الحَيَويّ. فقد يتَّخذُ إنسانٌ ما مثلاً أعلى له: الحبَّ في مراهقته، ثمَّ عقيدةً سياسيَّةً في شبابه، ثمَّ عقيدةً دينيَّةً في كُهولتِه. وتِبعًا لمَثَلِه الأعلى يتطوَّرُ سلوكُه.

 

وهكذا تُحرِّكُ الإنسانَ دوافعُه الفطريَّة، فيأتمرُ بها بقَدَره الذاتيّ الذي رسمَهُ ماضيه الطويل في كيانه العُضويّ المُتمثِّل بشخصيَّته. ولكنَّ الإنسانَ يبقى، في الوقتِ نفسِه، حُرًّا ضمنَ حدودٍ مُعيَّنة تُتيحُها درجةُ سيَّالاته؛ حُرًّا، بدافعٍ من إرادته وإدراكه الواعي، في أن يبنيَ مستقبلَه ويُبدعَ مصيرَه مجذوبًا بالغاية المُثلى التي يصبو إليها. وتحتَ لواء هذه الغاية الأُمّ تنضوي جلُّ آماله ومطامحه وتطلُّعاته، وفي ضوئها تُفسَّر وتُعَلَّل معظمُ أعماله ومواقفه.

 

والمثَلُ الأَعلى المُتولِّد من دوافع الإنسان ونزعاتِه المادِّيـَّة المُنحطَّة يقودُ صاحبَه إلى تسفيل سيَّالاته وتهلكةِ نفسِه؛ والمثلُ الأَعلى المُنبثق من دوافع الإنسان ونزعاته الروحانيَّة الراقية يقودُه إلى ترقيةِ سيَّالاته وإنقاذِ نفسِه.

 

وقد رأى السيكولوجيّ والفيلسوف الأَمريكيّ وليام جايمس W. James أن لا فائدة من أيِّ مثَلٍ أعلى لا يكونُ مُشتملاً على القِيَم العُليا ومُفيدًا لمُعظم الناس.[19]

 

(للبحث تتمَّة في العدد المُقبل)

 


 

[1]رؤيا يوحنَّا 3:16.

[2]للاستزادة انظر:

Paul Edwards, Editor, The Encyclopedia of Philosophy, Vol. I. (NY/London: Macmillan Pub. 1972), pp. 96-104: “Choosing, Deciding and Doing”.

[3]د. داهش، "كلمات" (بيروت: دار النار والنور، 1983)، ص 139.

[4]انظر مُراجعة كتاب "الهُويَّة والطِّباع والمبادئ الخُلُقيَّة" في هذا العدد: "الهُويَّة والالتزام".

[5]سورة يونس 44. تكرَّرَ فحوى هذه الآية في آيات قرآنيَّة كثيرة.

[6] انظر مقالاً في ذلك للطبيب النفسيّ ثيودور دالرِمبل Theodor Dalrymple في مجلَّة Psychology Today, March/April, 1995. كذلك انظر M.Scott Peck, The Road Less Traveled . (NY: Simom & Schuster, 1978). 32-34: “Responsibility”.

[7]Science, Oct. 15, 1999; NY Times, Oct.15, 1999

[8]من أهمِّ كتُبه التي تُعالجُ نشاط الدماغ:

Older and Wiser: How to Maintain Peak Mental Ability for as Long as You Live. NY: Simon and Schuster.

[9] صدرَت دراساتٌ وكتُبٌ كثيرة في هذا الموضوع؛ من أهمِّها:

Stanley Cheren, M.D., Psychosomatic Medecine: Theory, Physiology and Practice, Vol. I & II. Connecticut: International University Press, 1889.

Emrika Padus & the Editors of Prevention magazine, The Complete Guide to your Emotions and Your Health: New Dimensions in Mind/Body Healing. Pennsylvania: Rodale Press, 1986.

[10]مجلَّة "بروق ورعود"، ع 3، السنة 1، 22 أيَّار 1968، ص 231.

[11]د. داهش، "كلمات"، ص 136 و121.

[12]المصدر السابق، ص 130.

[13]المصدر السابق، ص 73 و72. وقد أثّر في نفسيَّة الدكتور داهش انقلابُ بعض أصدقائه عليه تأثيرًا بالغًا بحيث نرى أصداءَ ذلك ايس في كتاب "كلمات" فحسب، بل في قطعٍ مختلفة منبثَّة في سائر مؤلَّفاته الوجدانيَّة.

[14]أوضحَ هذه النواحي المنافية للاستقامة الخلقيَّة المفكِّر ستيفن كارتر، أستاذ القانون المرموق في جامعة يال Yale، انظر:

Stephen Carter, Integrity. (NY: Basic Books/Harper Collins, 1996), pp. 67-189: “Applications”.

[15]انظر ليوناردو دافنْشي مثالاً على ذلك في:

Michael J. Gelb, How to Think Like Leonardo da Vinci: Seven Steps to Genius Every Day, Delacorte Press.

[16]انظر: M. Peck, The Road Less Traveled, pp. 83-232

[17] هذا الرأيُ يتَّفقُ مع رأي الفيلسوف الإنكليزيّ دايفد هْيوم ورأي الفيلسوف الأَلمانيّ كانط (انظر مراجعتي لكتاب "الهويَّة والطباع والمبادئ الخلقيَّة" في هذا العدد).

[18]Wilfried Daim, Transvaluation de la Psychanalyse: L’homme at l’absolu. Traduit do l’allemand par Pierre Jundt. (Paris: Albin Michel, 1956), pp. 129-173.

من أجل تكوينِ فكرةٍ واضحةٍ عن مدى تأثير مفهوم "المطلق" في موقف الإنسان واتِّجاهاته يحسنُ مُراجعة غازي براكس، "جبران خليل جبران في دراسةٍ تحليليَّةٍ تركيبيَّةٍ لأَدبه ورسمه وشخصيَّته. (بيروت: دار الكتاب اللبنانيّ، 1981)، القسم الثاني ص 223-429.

[19]انظر مُراجعتي لكتاب "الهُويَّة والطِّباع والمبادئ الخُلقيَّة": "المثال الأعلى" مُندرجًا تحت العنوان الفرعيّ "الهُويَّة والالتزام".

 

Developed by Houssam Ballout        Copyright 2019 This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.nfo All Right Reseved This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.