معركة جهنمية مُبيدة
بمناسبة حرب بيروت الضارية
وحَمحمت المدافعُ
وانطلقتْ قذائفُها الشيطانية بجبروتٍ هائل.
فتهدمت الحصون، وتردمت القلاع،
ودُكت المعاقل وكأن جدرانها بنيت من نسيج العنكبوت.
وزأرت الصواريخ الجبارة،
وكان دويّثها المزلزل يُضعضعُ العقول ويذهب بالألباب!
فاندفعت الجموعُ
وكأنها الخرافُ الوديعة لائذةً بالفرار
في هذا اليوم الحافل بالأهوال المُخيفة،
والرعبُ آخذٌ منها كلَّ مأخذ!
وهلعت القلوبُ واضطربت اضطرابًا عظيمًا،
وتضعضعت العقول من هول يوم القيامة المُتدفق بالأهوال الصاعقة!
وانطلقت الرشاشات
وإذا بدويها العاصف يهزأ بالرعود القاصفة،
وكان رصاصُها الغزير يحصدُ الأرواح حصدًا تامًّا!
الأشلاء تتساقطُ يمنةً ويسرةً،
والرؤوس تقذفُها الحممُ المُنصبَّةُ بجبروت،
فتختلط بالأيد المُنفصلة عن الأجساد
والأرجل المبتورة من الأجسام!
وانشطرت الهامات وبُقِرَت البطونُ،
فانبثقت منها الدماء الغزيرة
مكوّنةً أنهارًا جاريةً من دماء الضحايا البؤساء!
فهذه أمٌ فجَّر الصاروخ رأسها،
فسال دماغُها على وجهها
وقد احتضنت طفلها الرضيع الميت
الذي انفصل رأسهُ عن جسده الملائكي!
وذلك الشاب المفتول العضلات،
وقد تمزق بطنه فخرجت أمعاؤه،
وهو لا يزال مُحتضنًا بندقيته وكأنها عروسهُ الفاتنة!
وهناك فتاةٌ تضحك الحياةُ من خلال شفتيها
احتضنت شقيقها المُحارب،
وقد مزقتها قنبلةٌ جهنمية،
فإذا بهما مجندلان يرقدان رقدةَ الأبد.
إنهُ يومُ الهول الحافل بالمخاوف المُضعضِعة للنُّهى!
وفجأةً زلزلت الأرضُ زلزالها
عندما أطلقت المدفعية القوية قذائفها
على ما تبقى من الأبنية فدكتها دكًّا هائلاً،
فإذا بها تخرُّ أرضًا متساويةً بها.
لقد تحولتِ المدينة لركامٍ رهيبٍ
تهلعُ العيون من مشاهده المُرعبة.
وسكنت الحركةُ بعد انتهاء المعركة؛
وكانت أجسادُ القتلى تملأ ساحة الحرب،
فتبعثُ الرهبة في النفوس المُرتعدة هولاً.
ووقف البومُ على الأطلال الدراسة
ينعب نعيبَ الأسى الشديد
على مدينة عظمى تهدمتْ نهائيًا وتردمت أبديًا.
ونعقت الغِربانُ الفاحمة
حزنًا على هذه النكبة الهائلة تحيقُ (ببيروت) عروسة المدائن،
وناح ابن عرس على عروس الأرز التي اندثرت معالمُها،
فأصبحت قفرًا يبابًا وبلقعًا خرابًا!!
نيويورك – ضاحية دوغلاستون
الساعة 11 قبل ظهر 17 آب 1976