وداع عام 1948
عامُ الجريمة العُظمى المروعة
بماذا أودعك أيها العام الخائض في أوقيانوس الإجرام؟
إذْ في مطلعك الفاحم الدجنّة ارتُكبت أفظع جريمة مُرعبة.
تلك الجريمة التي روعت الدنيا بأسرها ودكت أُسسها دكًا.
لقد تقوَّضت أعمدة الفضيلة،
وألحدت العدالة في جدثها السحيق الأغوار،
وتوارى الحقُّ غائصًا في أعمق الأسحاق خجلاً واستحياءً.
وكيف لا تتقوض أعمدة الفضيلة،
ولمَ لا تُلحد العدالة في أغوارها،
ولماذا لا يتوارى الحق وينطوي على نفسه أسفًا وخجلاً
بعدما أطلق الجاني الأثيم (جوادس) شقيق(يهوذا) الاسخريوطي الخائن
رصاصة على (نبي) الإنسانية ورسولا ومصلحها الأمين(غاندي)!
تبًا لك أيتها الإنسانية الخائنة، وسحقًا لوجودك المُخزي.
بل لُعنت أيتها البشرية الضالة في آثامها،
الغارقة في دياجير فجورها، السابحة في بحار شرورها.
ألم يكفك أنك قتلتِ من استطعت من الأنبياء المُرسلين،
ورجمتِ ما قدرتِ من المُصلحين الذين حاولوا إصلاحكِ عبثًا...
أولئك الذين قدموا لك باقاتٍ من ورود الروح العطرة الأريج،
وحاولوا هدايتكِ، فكانَ نصيبهم التقتيل والتقطيع والتفظيع.
أولم تُشبعي نَهمكِ من صلب السيد المسيح
ورؤيتك إياه معذّبًا على خشبة الصليب
لا لذنبٍ جناه، ولكن مكافأة له على تعاليمه السماوية
وتحمُّله قسوة الحياة وشظف العيش في سبيل خلاصكِ أيَّتها المُجرمة.
أوَلم ترتوي من دمائه القانية الزكية التي أُهرقتُ ظُلمًا وعُدوانًا،
حتى جئتِ اليوم يا أيتها البشرية السفاكة
المُتعطشة دومًا لهدر وشظف العيش في سبيل خلاصكِ أيَّتها المُجرمة.
فهدرتِ دمًا زكيًا لم يجد الزمان بمثله منذ (الفين9 من الأعوام؟
لُعنتِ أيتها البشرية الفاسدة، وسربل الله اسمكِ بالعار،
وطوقَ ايام حياتكِ بالذُّل والعاب والهوان.
ووالله إن هذه الجريمة اللعينة الصارخة بالمنكر الشنيع
قد لوثت صفحات أيامكَ يا عام 1948،
فاصبحت سُبَّةً في جبين الدهر.
توارَ، توارَ يا عام الشؤم،
وافنَ من عالم البشر الملاعين،
واعلم أن اسمكَ قد خلَّده التاريخ بحروف جهنمية لا ولن تنسى،
وكلما تُذكر فيها ستنصبُّ عليكَ ملايين من اللعنات الأبليسية.
لُعنتَ ايُّها العام مدى الآجل والآزال.
بيروت، منزل الرسالة الداهشية
31 كانون الأول 1948