قلقٌ رهيب
أي إيليا،
في الساعة السابعة والنصف مساءً ودعتني وخرجت قائلاً لي:
- سأشاهد مدينة ديسلدورف القديمة.
ومكثتُ بمفردي في الغرفة، أعدُ الدقائق وهي تتلاشى
مُتحوِّلة إلى ساعات، والساعات بدورها تفنى...
ساعة، ساعتين، ثلاث ساعات فأربعًا...
وها هي الآن الثانية عشرة إلا ربعًا ليلاً!
أي مضى منذ خروجك حتى الآن أربع ساعات وربع!
وأنا أنتظر عودتَكَ، وجمرٌ من النار المُتَّقد في أحشائي!
لقد استبدَّ بين القلق، ومضَّني الانتظار،
ففي قلبي جحيم متأجِّج الأوار!
تُرى، هل اصابه مكروهٌ ما؟
هل اعتدى عليه أحدُ الأشقياء؟
هل فقدتُه، وعادت عيناي لا تكتحلان بعد اليوم برؤيته؟!
ربّاه! أكاد أُجن، أكاد أفقد عقلي المُضطرم المُضطرب!
أوّاه! هل ظنوني صائبة؟ - لا سمح الله بذلك.
إنه ما يزال غضّ الشباب، بضّ الإهاب.
فلأذهب أنا، وليبق.
فلقد ملَّت روحي من تكرار تعاقب الأعوام عليها.
إنه ما يزال في إبان شبابه وشرخ صباه،
وسيجاهد لأجل إعلاء كلمة الرسالة، كلمة الحق الصارخة،
في أرضٍ قاحلة جدباء.
ها هي الساعة الآن الثانية عشرة إلا خمس دقائق!
لماذا تأخر طوال هذا الوقت ولم يعد؟!
رباه! إن قلقي لعظيم، واضطرابي هائل!
أعده يا الله، أعده أيها الخالقُ القدير:
إن العظام البالية تنتصب وتدبُّ الحياةُ فيها
إذ شاءت ارادتُك أن تعود إلى الحياة ثانية.
فأعِدْه إليَّ، يا خالق السماوات والأرضين.
إن رحمتك عظيمة، لا يستطيع قلمي أن يصفها.
فأعده وإلا فدع روحي تنطلق من عالم الآلام.
ففراقُه صعبٌ عليَّ، ولا يستطيع قلبي أن يتحمّله.
أما اذا قُدِّر وأصابته المنية،
فدع قلبي يكف عن الضربات،
ومُرْه أن لا يعود فيستطيع الخفقان،
فالحياة بعده مريرة، وهي عليَّ جد عسيرة.
ها قد انتصف الليل! وخمس دقائق تزيد عنه أيضًا!
وإيليا حجار لم يعد إلى المنزل في هذه المدينة الغريبة!
فيا للجحيم الذي بتُّ فيه أقيم! ويا للعذاب الحميم!
أوَّاه! إنَّ روحي تكاد أن تغادر جسدي!
فهل يعود فيغمرني الفرح؟
أم تراني سأرتدي الترح؟
ولكن أملي بالله عظيم.
ديسلدروف (المانيا) في 7/6/1972
بين الساعة 12 إلى ربعًا ليلاً والساعة 12 و 8 دقائق بعد منتصف الليل
ديسلدروف (المانيا)
الساعة الخامسة والدقيقة الخامسة صباحًا 7/6/1972