مدينة الرسُل والأنبياء
هُناكَ، هُناك وراءَ المجرات الهائلة الأبعاد،
وفي تلك المسافات المُوغلة في أعماق السماوات،
وبعد أن أجتاز ملايين الكواكب المُنتشرة في أقاصي الفلوات،
قاطعًا موطنَ الشهب المُنيرة والنجوم المُشعة المُثيرة،
أتلهَّف لبلوغ مدينة الرسُل والأنبياء، موطن الأبرار والمُتبتِّلين.
***
ويستمرُّ اختراقي لأجواز الفضاءِ اللانهائي،
مُشاهدًا كواكب سماوية وعوالمَ علوية
فيها شاهدتُ ما لا يخطر على فكر، وما لا يمرُّ بخاطر
وهي تؤكد عظمةَ المُكوِّن المُبدع.
فارتعشتْ نفسي وخشعتْ روحي لما لمستُ وشاهدت.
***
وغادرتُ تلك المواطن العلوية السامية،
واخترقتُ بروحي متاهاتٍ لا نهاية لها،
وإذا بعظمة الخالق تتجلَّى لي ببراهينها الساطعة،
وإذاني مشدوه بما تكشف لي من اسرار مصونة،
فسجدتُ لباري البرايا ومكوِّن الكائنات جلَّ اسمه.
***
واستمر اختراقي الروحي لأوقيانوسات الفضاء القصي،
ومضت ملايين الأعوام تتلوها بلايين السنين،
وسلسلة مشاهد العظمة الإلهية لا تنتهي،
فخررتُ على وجهي ضارعًا إلى المُكوّن المُوجد
أن يزيدني علمًا ويزيدني معرفةً ويُلهمني أسرار الأبد.
***
وبعد بلايين الأعوام من الإيغال في أعمق أعماق الفضاء،
لاح لي شبح مدينة سحرية كونها الله في بقعةٍ روحية مُذهلة،
وزاد اقترابي منها،
فإذا جمالها تعجز الأقلام عن وصف مفاتنه المُبهرة،
وموسيقاها تُشنف الآذان وتأخذ العقول لروعتها الإلهية.
وإذ ذاك سكرت نفسي وانتشت روحي وغرقتُ في سباتٍ سماويّ.
***
وعندما عدت إلى نفسي، أعلمني ملاكُ المدينة المقدسة
أن نشوتي استغرقت مليونًا من الأعوام،
وتبدى أمام ناظري السيد المسيح وبوذا ومحمد وموسى النبي
وإيليا واشعياء وناحوم وداوود ودانيال وسليمان وهوشع
وجمهرة كبيرة من الرسل والأنبياء.
***
وتكلم الأنبياء وكأنهم فمٌ واحدة ولسانٌ واحد قائلين لي:
أيها القادم الينا من العالم الذي سبق أن أوفدنا إليه،
إذا بلغتَ رسالتك مثلما يجب
وتحمَّلت الاضطهاد من أبناء الأرض، واتهموك بكل فرية كاذبة،
فإنك بعد انتهاء أيامك الأرضية تبلغ هذا الكوكب الإلهيّ
وتحيا معنا برعاية خالق الكائنات طرًا.
بيروت الساعة 11 قبل الظهر
تاريخ 12/4/1974