يدي المزلزلة
كيف سقطتُ سقطة الموت المدمِّرة
سترافقني حتى أزورَ أرماسي
الآلامُ سرتْ من أسفل قدميّ حتى قمّة رأسي
وامتزجت بدمي، وحطّ كلكلُها عليّ فكتم أنفاسي
أنهكني، روّعني، مزَّق وقطع أمراسي
زارني عضوًا فعضوًا، فزلزل كياني وهدَّم أساسي
فصحتُ من الآلام المُرعبة، وليس من يؤاسي
لله! يا ألم الهول! كم تُراك عليّ قاسي
أفقدتني لذة الحياة، وجرّدتَ إحساسي
أنا لا أستطيع حراكًا لأرتدي لباسي
عفتُ الطعام والشراب فحطَّمتُ كاسي
لله، ما أرهبَ ما حفَّ بي من أفظع المآسي
الداهشيون أين هم ليلمسوا آلامي، أين أُناسي؟
أنا – ولو شُفيتُ – فآلامي الهائلة لستُ بناسي
وسترافقني ذاكراها الفظيعة ولو ثويتُ في الأرماس
الولايات المتحدة الأميركية
الساعة 9 ونصف من صباح 25/4/1976
يدي المزلزلة
كيف سقطت سقطة الموت المدمرة
فرحتُ أجري
في الساعة الرابعة كتبتُ القطعة التالية
أصف بها وقعتي المشؤومة بتاريخ 16/4/1976
وبعدَ أن فكرتُ بأمري أحببتُ تقصير عمري
فرحتُ أجري
وطرتُ فكأني فتيّ مع أن عمري عتيّ
وبالي خليّ
وإذا بي كالصخر أهوي والموتُ مقبلٌ نحوي
قائلاً للبيد دعنا نطوي
وانبثق في فمي دمُ وحولَ عيني كَدَمُ
وبشفتي جرحٌ يسمُ
وذَقْني بالأرض ارتطمتْ فصحتُ لقد تحطَّمتْ
لله! أعضائي قد تهشَّمَتْ
ويدي من قوَّة الصدمة سُحِقَتْ وروحي لعِظم آلامي زُهِقَتْ
وحالتي شفَّتْ ورُقَّتْ
وساقي تمزقت عضلاتها فاشتدتْ آلامها وتفككت صلاتها
وإذا بموسيقى الآلام تعزف أناتها
وظهري لمعَتْ بروقه فإذا هو يُعلنُ أوجاعه ببوقه
والعودة إلى العافية تشوقه
تفكَّكت ذرّاتُ جسمي وعُجنَ لحمي بعظمي
ترى ألمْ يكنْ من يعظني؟
وحُمِلْتُ إلى المستشفى لعلَّ وعسى أن أُشفى
فرشفتُ الدواء رشفة إثر رشفة
وبغرفةِ المرضى وضعوني ولغرفة الكهرباء أدخلوني
وفيها ثمانية صوّروني(1)
وقلبي خططوه وفمي رطبوه
كأني حملٌ قد طَهَوه
وأسناني اصطكتْ وعلا صريرُها كأنها مريضة تحتضر على سريرها
أو مُقنبلات تفجر عويلها
وحُمِلْتُ لمنزل العزيزة فوته أطلبُ من ربي غوثه
وأصوات خفية تردِّد: اليوم يوم موته
وليلة ليلاء قضيتُها بأنينها وموتها
ولست أدري كيف طويتها
ويدي تورمتْ فأصبحتْ مُخيفة بعد وقعتي الرهيبة العنيفة
فحمدتُ ربي إذ بقيت حيًّا ولم أستحِل لجيفة
واليوم مضى على الحادث أيام عشرة فقد تغيرتْ معالمي وتشققت البشرة
فمتى يا خالقي أشفى إذ هذه هي البشرى
الولايات المتحدة الأميركية
الساعة 4 بعد الظهر تاريخ 25/4/1976
يدي المزلزلة
كيف سقطت سقطة الموت المدمرة
وَغَرَّدَ طائِر الجنة يُبشرُني
هذا هو اليوم الثاني عشر لسقطة الموت التي انقذني الله منها ووقاني.
وكان نهوضي يصحبه ألمٌ كبير، فساقي ألمها هائل، ويدي أوجاعها رهيبة، وورمها عوضًا من أن يخف ازداد منظره هولاً. وقد أوحى لي الألم بكتابة هذه القطعة.
وإذا التمعت بروقُ آلامي،
وازدادت أوجاعي، وعظمتْ أشجاني،
وإذا قضيتُ الليل ساهرًا أجترُ أحزاني،
رفعتُ صلاتي الحارة لخالقي وأنا ساجدٌ في مكاني،
شاكيًا إليه، مَن أذلَّني ومن ابتلاني،
ضارعًا لسدَّته أن يعصفَ بمن شجاني،
ومن لبَّدَ سمائي بالغيوم وأزال اطمئناني،
وإذا بطائر الجنَّة الغرّيد يبشرني بحنانِ
بأنّ يدي قد أصبحتٍ قويةً كايماني،
فدُهشتُ للمُعجزة وتوطَّد إيماني،
وفرَّتْ الآلام مذعورةً مُطلقةَ العنانِ،
فسجدتُ خاشعًا مُتبتلاً شاكرًا خالقَ الأكوانِ.
الولايات المتحدة الأميركي
الساعة 8 ونصف من صباح 27/4/1976
وتضعُ على رَمسي باقاتٍ منَ الزهر
والآن ليسَ لي سوى الصَّبر
على شيء حلاوتُه أمرُّ من الصبر
رفعتُ شكواي لربي من ظلم الدهر
أذاقني أشد البلوى، فبتُّ رهين القهر
تُرى هل ستوردني يدي مواردَ القبر
فتزورني فوته وتضع على رمسي باقاتٍ من الزهر
والشتاءُ يبكيني ثم يصبُّ ماءَهُ في النهر
واهًا على حياة قضيتها شقيًّا في طريقٍ سهولها وعثاء كالوعر
عشرون يومًا مضتْ وآلامها في دمي تسري
أصبحتُ رهينَ فراشي مُعذبًا فيه، فيا لأسري
أئنُّ فيه مُتوجعًا مُلتاعًا، والآلام كبدي تفري
لذا أضرع لخالقي أن يرحمني فيضع حدًّا لعمري.
الولايات المتحدة الأميركية
الساعة 10 ونصف من ليل 3/5/1976