استقبال عام 1980
أيها العام الجديد،
إنني استقبلك مرحبًا بقدومك،
بالرغم من اكفهرار السماء المطيرة
التي حجبت عنك أنوار نجومك.
إن أيام سلفكَ الراحل
كانت أيامًا دجوجية الجلباب.
فكم فقد فيها من الأحباب!
وكم تجندلَ غدرًا من أحبّ الصحاب!
إن الحرب الضروس الشرسة بلبنان
التهمت الشيوخ وافترستَ الشبان،
وهتكتْ العديد من الغيد الحسان!..
فهلاّ رأفت بنا وأغدقت علينا الحنان،
بعدما راشتنا سهامُ إبليس وصنوه الشيطان.
إن الدواهي التي دهمتنا،
والأهوال التي انقضت علينا،
والمخاوف التي عصفت بنا،
والرواعب التي ردَّمتنا،
والصواعق التي دمَّرتنا،
والصواريخ التي أبادتنا...
ما كنا لنبتلى بمزلزلاتها
لو سرنا على طريق الفضيلة المثلى.
لقد شططنا عن الطريق القويم،
وانحرفنا عن الخط المستقيم،
وانجرفنا بتيار الشر الطافح الأثيم،
وخضنا غمرات شهوات إبليس الرجيم،
ونفذنا رغبات بعلزبول السفلي الذميم،
ومكثنا راتعين من شهواتنا الدنية
أعوامًا تتلوها أعوامٌ فأعوام...
دون أن نعتبر بالفضيلة أو نرتدع.
وإذا بيد الله القوية تدكُّ ربوعنا دكًّا،
وتُحيل عامرنا لخراب هائل،
وتجعله قفرًا بلقعًاينعبُ البُوم بخرائبه،
وتجولُ الغربان بين ركامه وطلوله،
وتصولُ الذئابُ بعرضه وطوله.
إنّه الجزاءُ الإلهي عصف بنا فقوضنا تقويضًا،
وما كان الله ظالمنا،
بل كنا لأنفسنا ظالمين.
فرحماكَ، أيها العام، رحماك!
فها إني ألتجئ لائذًا بحماك.
تُرى، هل سيمتدُّ أجلي
حتى نهاية أيامك،
أم تراني سأتوارى في أحد أيام عامك؟
لقد وطئتَ أرضنا اليومَ أهلاً،
وها إني أستقبلك سهلاً،
منتظرًا ما ستفاجئني به مخبآتُك.
ومَنْ ألقى اتكالَه على الله
فإنَّه ناصرُه وظافرُه.
بيروت، الساعة الثانية والنصف
من فجر أول كانون الثاني 1980
صَوَاعِقُ وحُمَمْ
إنما الدنيا هباءٌ ومجيءٌ ورحيلْ
وشقاءٌ وفناءٌ وبُكاءٌ وعويلْ
كلُّ ما فيها دنيءٌ وسقيم ووبيل
أولُ القتلى مسجىً دَمُه روَّى السبيل
يا لقايين! بكف الغدر قد أصمى هبيل
هي دنيانا البغي تحتوي قالاً وقيل
نبذوا كل الوصايا، هزأوا بالأناجيلْ
سلَّط الربُّ عليهم جمع طير الأبابيلْ
إصعقيهم يا رزايا، والعنيهم كل جيلْ
بيروت، الساعة الثامنة
من ليل 18/3/1980
زَورق الحياة
سأستقلّث الزورق،
وأرفعُ شراعه،
ليُسيره الهواء
في عرض المحيط اللجب.
وسينطلق وهو مُحاطٌ بجبال
من الأمواج العاتية الغضوب!
فتارةً تعلو به موجةٌ جبارة،
فيطاولُ السماء،
وطورًا تهوي به أخرى إلى قاع اللجج المزبدة.
وتلاطم هوجُ العناصر
هذا القاربَ المسكين،
فإذا به يخور ويتفكك،
ويصبح طعمةً يقطن الأعماق!
وما أشبهه بحياتي
التي عصفت بها أحداثُ الزمان،
فأورثتني شقاءً أبديًّا وحزنًا سرمديًا!
بيروت، الساعة الخامسة والنصف
من مساء 20/3/1980