أنا أؤمن بأنه توجـد عدالة سماويّة, وأن جميع ما يُصيبنا في الحياةِ الدنيا من مُنغصات انَّ هـو الاّ جـزاءٌ وفاق لِما أجترحناه في أدوارنا السابقة من آثـامٍ وشـرور.ولهـذا يجب علينا أن نستقبلَ كلّ مـا يحـلّ بنـا من آلامِ الحياةِ ومآسيها غير مُتبرّمين ولا متذمّرين , بل قانعين بعدالةِ السماء ونُظمها السامية.

Highlighter
أحبُّ الكُتُبَ حبَّ السُكارى للخمر , لكنَّني كلَّما أزددتُ منها شرباً, زادتني صَحوا
ليس مّنْ يكتُبُ للهو كمَن يكتُبُ للحقيقة
الجمالُ والعفّــة فـردوسٌ سماويّ .
لا معنى لحياةِ ألأنسان اذا لم يقم بعملٍ انسانيٍّ جليل .
اعمل الخير , وأعضد المساكين , تحصل على السعادة .
من العارِ أن تموتَ قبل أن تقـوم بأعمالِ الخير نحـو ألأنسانيّة .
الموتُ يقظةٌ جميلة ينشُدها كل مَنْ صَفَتْ نفسه وطَهرت روحه , ويخافها كلّ من ثقُلت أفكاره وزادت أوزاره .
ان أجسامنا الماديّة ستمتدّ اليها يـد ألأقـدار فتحطِّمها , ثمّ تعمل فيها أنامل الدهـر فتتَّغير معالمها , وتجعلها مهزلةً مرذولة . أمّا ألأعمال الصالحة وألأتجاهات النبيلة السّامية , فهي هي التي يتنسَّم ملائكة اللّه عبيرها الخالد .
نأتي إلى هذا العالمِ باكين مُعولين، و نغادره باكين مُعولين! فواهً لك يا عالمَ البكاء والعويل!
جميعنا مُغترٌّ مخدوعٌ ببعضه البعض.
العدلُ كلمة خُرافية مُضحكة.
أمجادُ هذا العالم وهمٌ باطل، و لونٌ حائل، و ظلٌّ زائل.
لا باركَ الله في تلك الساعة التي فتحتُ فيها عينيّ فإذا بي في مكانٍ يطلقون عليه اسم العالم .
أنا غريبٌ في هذا العالم، و كم احنُّ إلى تلك الساعة التي اعود فيها إلى وطني الحقيقيّ.
الحياةُ سفينةٌ عظيمة رائعة تمخرُ في بحرٍ، ماؤه الآثام البشريَّة الطافحة، و امواجه شهواتهم البهيميَّة الطامحة، و شطآنه نهايتهم المؤلمة الصادعة.
كلّنا ذلك الذئبُ المُفترس , يردع غيره عن اتيانِ الموبقاتِ وهو زعيمها وحامل لوائها , المُقوّض لصروح الفضيلة , ورافع أساس بناءِ الرذيلة .
الحياةُ سلسلة اضطراباتٍ وأهوال , والمرءُ يتقلَّب في أعماقها , حتى يأتيه داعي الموت, فيذهب الى المجهولِ الرهيب , وهو يجهلُ موته , كما كان يجهلُ حياته .
من العارِ أن تموتَ قبل أن تقومَ بأعمالِ الخير نحو الانسانيّة .
المالُ ميزان الشرِّ في هذا العالم .
السعادةُ ليست في المال , ولكن في هدوءِ البال .
كلُّ شيءٍ عظيمٍ في النفسِ العظيمة , أمّا في النفسِ الحقيرة فكلُّ شيءٍ حقير .
الرُّوح نسمةٌ يُرسلها الخالق لخلائقه لأجل , ثم تعودُ اليه بعجل .
الرُّوح نفثةٌ الهيَّة تحتلُّ الخلائق , وكل منها للعودة الى خالقها تائق .
الرُّوح سرٌّ الهيٌّ موصَدْ لا يعرفه الاّ خالق الأرواح بارادته , فمنه أتتْ واليه تعود .
أنا أؤمن بأنه توجـد عدالةٌ سماويّة , وأنَّ جميع ما يُصيبنا في الحياةِ الدُّنيا من مُنغِّصاتٍ وأكدارٍ انَّ هـو الاَّ جـزاء وفاق لمِا أجترحناه في أدوارنا السابقة من آثـامٍ وشـرور . ولهـذا يجب علينا أن نستقبل كلَّ مـا يحـلُّ بنـا من آلام الحياة ومآسيها غير م
الحرّيةُ منحة من السماءِ لأبناءِ ألأرض .
الموتُ ملاكُ رحمةٍ سماويّ يعطف على البشر المُتألّمين , وبلمسةٍ سحريّة من أنامله اللطيفة يُنيلهم الهناء العلويّ .
ما أنقى من يتغلّب على ميولِ جسده الوضيع الفاني , ويتبع ما تُريده الرُّوح النقيّة .
ما أبعدَ الطريق التي قطعتها سفينتي دون أن تبلغَ مرفأ السلام ومحطَّ الأماني والأحلام .
الراحة التامّة مفقودة في هذا العالم , وكيفما بحثت عنها فأنت عائدٌ منها بصفقةِ الخاسر المَغبون .
ليس أللّــه مع الظالم بل مع الحقّ.
ان الصديق الحقيقي لا وجود له في هذا العالم الكاذب.
ما أكثر القائلين بالعطف على البائسين وغوث الملهوفين والحنو على القانطين , وما أقلَّ تنفيذهم القول.
يظنُّ بعض ألأنذال ألأدنياء أنّهم يُبيّضون صحائفهم بتسويدِ صحائف الأبرياء , غير عالمين بأنَّ الدوائر ستدور عليهم وتُشهّرهم.
ما أبعدَ الطريق التي قطعتها سفينتي دون أن تبلغَ مرفأ السَّلام ومحطَّ الأماني والأحلام .
رهبة المجهول شقاء للبشرِ الجاهلين للأسرارِ الروحيَّة , وسعادة للذين تكشّفت لهم الحقائق السماويَّة .
الموتُ نهاية كل حيّ , ولكنه فترة انتقال : امّا الى نعيم , وامّا الى جحيم .
الحياةُ خير معلِّمٍ ومُؤدِّب , وخيرَ واقٍ للمرءِ من الأنزلاقِ الى مهاوي الحضيض .
حين تشكُّ بأقربِ المُقرَّبين اليك تبدأ في فهمِ حقائق هذا الكون .
مَنْ يكون ذلك القدّيس الذي لم تخطرُ المرأة في باله ؟ لو وجدَ هذا لشبَّهته بالآلهة .
المرأة هي إله هذه الأرض الواسع السُّلطان. و هي تحملُ بيدها سيفاً قاطعاً لو حاولَ رجالُ الأرض قاطبةً انتزاعه منها لباؤوا بالفشلِ و الخذلان .

[ 160 ]
ومن خطبة له عليه السلام
عظمة الله

أَمْرُهُ قَضَاءٌ وَحِكْمَةٌ، وَرِضَاهُ أَمَانٌ وَرَحْمَةٌ، يَقْضِي بِعِلْمٍ، وَيَعْفُو بحِلْمٍ.

حمد الله

اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا تَأْخُذُ وَتُعْطِي، وَعَلَى مَا تُعَافي وَتَبْتَلي.حَمْداً يَكُونُ أَرْضَى الْحَمْدِ لَكَ، وَأَحَبَّ الْحَمْدِ إِلَيْكَ، وَأَفْضَلَ الْحَمْدِ عِنْدَكَ. حَمْداً يَمْلاَُ مَا خَلَقْتَ، وَيَبْلُغُ مَا أَرَدْتَ. حَمْداً لاَ يُحْجَبُ عَنْكَ، وَلاَ يُقْصَرُ دُونَكَ. حَمْداً لاَ يَنْقَطِعُ عَدَدُهُ، وَلاَ يَفْنَى مَدَدُهُ. فَلَسْنَا نَعْلَمُ كُنْهَ عَظَمَتِكَ إِلاَّ أَنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ:(حَيٌّ قَيُّومٌ، لاَ تَأْخُذُكَ سِنَةٌ (1) وَلاَ نَوْم)ٌ، لَمْ يَنْتَهِ إِلَيْكَ نَظَرٌ، وَلَمْ يُدْرِكْكَ بَصَرٌ، أَدْرَكْتَ الْأَبْصَارَ، وَأَحْصَيْتَ الْأَعْمَالَ، وَأَخَذْتَ (بِالنَّواصِي وَالاَْقْدَامِ)، وَمَا الَّذِي نَرَى مِنْ خَلْقِكَ، وَنَعْجَبُ لَهُ مِنْ قُدْرَتِكَ، وَنَصِفُهُ مِنْ عَظِيمِ سُلْطَانِكَ، وَمَا تَغَيَّبَ عَنَّا مِنْهُ، وَقَصُرَتْ أَبْصَارُنَا عَنْهُ، وَانْتَهَتْ عُقُولُنَا دُونَهُ، وَحَالَتْ سَوَاتِرُ الْغُيُوبِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ أَعْظَمُ. فَمَنْ فَرَّغَ قَلْبَهُ، وَأَعْمَلَ فِكْرَهُ، لِيَعْلَمَ كَيْفَ أَقَمْتَ عَرْشَكَ، وَكَيْفَ ذَرَأْتَ (2) خَلْقَكَ، وَكَيْفَ عَلَّقْتَ فِي الْهَوَاءِ سمَاوَاتِكَ، وَكَيْفَ مَدَدْتَ عَلى مَوْرِ (3) الْمَاءِ أَرْضَكَ، رَجَعَ طَرْفُهُ حَسِيراً (4) ، وَعَقْلُهُ مَبْهُوراً (5) ، وَسَمْعُهُ وَالَهِاً (6) ، وَفِكْرُهُ حَائِراً.

كيف يكون الرجاء

منها : يَدَّعِي بِزُعْمِهِ أَنَّهُ يَرْجُو اللهَ، كَذَبَ وَالْعَظِيمِ! مَا بَالُهُ لاَ يَتَبَيَّنُ رَجَاؤُهُ فِي عَمَلَهِ؟ فَكُلُّ مَنْ رَجَا عُرِفَ رَجَاؤُهُ فِي عَمَلِهِ، وَكُلُّ رَجَاء ـ إلاَّ رَجَاءَ اللهِ ـ فَإِنَّهُ مَدْخُولٌ (7) ، وَكُلُّ خَوْفٍ مُحَقَّقٌ (8) ، إِلاَّ خَوْفَ اللهِ فَإِنَّهُ مَعْلُولٌ (9) ، يَرْجُو اللهَ فِي الْكَبِيرِ، وَيَرْجُو الْعِبَادَ فِي الصَّغِيرِ، فَيُعْطِي العَبْدَ مَا لاَ يُعْطِي الرَّبَّ! فَمَا بَالُ اللهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يُقَصَّرُ بِهِ عَمَّا يُصْنَعُ بِهِ بِعِبَادِهِ؟
أَتَخَافُ أَنْ تَكُونَ فِي رَجَائِكَ لَهُ كَاذِباً؟ أَوْ تَكُونَ لاَ تَرَاهُ لِلرَّجَاءِ مَوْضِعاً؟ وَكَذلِكَ إِنْ هُوَ خَافَ عَبْداً مِنْ عَبِيدِهِ، أَعْطَاهُ مِنْ خَوْفِهِ مَا لاَ يُعْطِي رَبَّهُ، فَجَعَلَ خَوْفَهُ مِنَ الْعِبَادِ نَقْداً، وَخَوْفَهُ مِنْ خَالِقِهِ ضِماراً
(10) وَوَعْداً، وَكَذلِكَ مَنْ عَظُمَتِ الدُّنْيَا في عَيْنِهِ، وَكَبُرَ مَوْقِعُهَا مِنْ قَلْبِهِ، آثَرَهَا عَلَى اللهِ تَعَالي، فَانْقَطَعَ إِلَيْهَا، وَصَارَ عَبْداً لَهَا.

رسول الله(صلى الله عليه وآله)

وَلَقَدْ كَانَ فِي رَسُولِ الله ِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ- كَافٍ لَكَ فِي الْأُسْوَةِ (11) ، وَدَلِيلٌ لَكَ عَلَى ذَمِّ الدُّنْيَا وَعَيْبِهَا، وَكَثْرَةِ مَخَازِيهَا وَمَسَاوِيهَا، إِذْ قُبِضَتْ عَنْهُ أَطْرَافُهَا، وَوُطِّئَتْ لِغَيْرِهِ أَكْنَافُهَا (12) ، وَفُطِمَ مِنْ رَضَاعِهَا، وَزُوِيَ عَنْ زَخَارِفِهَا.

موسى(عليه السلام)

وَإِنْ شِئْتَ ثَنَّيْتُ بِمُوسى كَلِيمِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذْ يَقُولُ: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَىَّ مِنْ خَيْر فَقِيرٌ)، وَاللهِ، مَا سَأَلَهُ إِلاَّ خُبْزاً يَأْكُلُهُ، لاِنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ بَقْلَةَ الْأَرْضِ، وَلَقَدْ كَانَتْ خُضْرَةُ الْبَقْلِ تُرَى مِنْ شَفِيفِ (13) صِفَاقِ (14) بَطْنِهِ، لِهُزَالِهِ وَتَشَذُّبِ لَحْمِهِ (15) .

داوود(عليه السلام)

وَإِنْ شِئْتَ ثَلَّثْتُ بِدَاوودَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَاحِبِ الْمَزَامِيرِ، وقَارِىءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَلَقَدْ كَانَ يَعْمَلُ سَفَائِفَ الْخُوصِ بِيَدِهِ (16) ، وَيَقُولُ لِجُلَسَائِهِ: أَيُّكُمْ يَكْفِينِي بَيْعَهَا! وَيَأْكُلُ قُرْصَ الشَّعِيرِ مِنْ ثَمَنِهَا.

عيسى(عليه السلام)

وَإِنْ شِئْتَ قُلْتُ فِي عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَلَقَدْ كَانَ يَتَوَسَّدُ الْحَجَرَ، وَيَلْبَسُ الْخَشِنَ، وَكَانَ إِدَامُهُ الْجُوعَ، وَسِرَاجُهُ بَاللَّيْلِ الْقَمَرَ، وَظِلاَلُهُ في الشِّتَاءِ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا (17) ، وَفَاكِهَتُهُ وَرَيْحَانُهُ مَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ لِلْبَهَائِمِ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ تَفْتِنُهُ، وَلاَ وَلَدٌ يَحْزُنُهُ، وَلاَ مَالٌ يَلْفِتُهُ، وَلاَ طَمَعٌ يُذِلُّهُ، دَابَّتُهُ رِجْلاَهُ، وَخَادِمُهُ يَدَاهُ!

الرسول الاعظم(صلى الله عليه وآله)

فَتَأَسَّ (18) بِنَبِيِّكَ الْأَطْيَبِ الْأَطْهَرِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ- فَإِنَّ فِيهِ أُسْوَةً لِمَنْ تَأَسَّى، وَعَزَاءً لِمَنْ تَعَزَّى ـ وَأَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللهِ الْمُتَأَسِّي بِنَبِيِّهِ، وَالْمُقْتَصُّ لِأَثَرِهِ. ـ قَضَمَ الدُّنْيَا قَضْماً (19) ، وَلَمْ يُعِرْهَا طَرْفاً، أَهْضَمُ (20) أَهْلِ الدُّنْيَا كَشْحاً (21) ، وَأَخْمَصُهُمْ (22) مِنَ الدُّنْيَا بَطْناً، عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا، وَعَلِمَ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ أَبْغَضَ شَيْئاً فَأَبْغَضَهُ، وَحَقَّرَ شَيْئاً فَحَقَّرَهُ، وَصَغَّرَ شَيْئاً فَصَغَّرَهُ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِينَا إِلاَّ حُبُّنَا مَا أَبْغَضَ اللهُ وَ رَسُولُهُ، وَتَعْظِيمُنَا مَا صَغَّرَ اللهُ وَ رَسُولُهُ، لَكَفَى بِهِ شِقَاقاً للهِِ، وَمُحَادَّةً (23) عَنْ أَمْرِ اللهِ. وَلَقَدْ كَانَ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ- يَأْكُلُ عَلَى الْأَرْضِ، وَيَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ، وَيَخْصِفُ بَيَدِهِ نَعْلَهُ (24) ، وَيَرْقَعُ بِيَدِهِ ثَوْبَهُ، وَيَرْكَبُ الْحِمَارَ الْعَارِيَ (25) ، وَيُرْدِفُ (26) خَلْفَهُ، وَيَكُونُ السِّتْرُ عَلَى بَابِ بَيْتِهِ فَتَكُونُ فِيهِ التَّصَاوِيرُ فَيَقُولُ: «يَا فُلاَنَةُ ـ لْإِحْدَى أَزْوَاجِهِ ـ غَيِّبِيهِ عَنِّي، فَإِنِّي إِذَا نَظَرْتُ إِلَيْهِ ذَكَرْتُ الدُّنْيَا وَزَخَارِفَهَا». فَأَعْرَضَ عَنِ الدُّنْيَا بِقَلْبِهِ، وَأَمَاتَ ذِكْرَهَا مِنْ نَفْسِهِ، وَأَحَبَّ أَنْ تَغِيبَ زِينَتُهَا عَنْ عَيْنِهِ، لِكَيْلاَ يَتَّخِذَ مِنْهَا رِيَاشاً (27) ، وَلاَ يَعْتَقِدَهَا قَرَاراً، وَلاَ يَرْجُو فِيهَا مُقَاماً، فَأَخْرَجَهَا مِنَ النَّفْسِ، وَأَشْخَصَهَا (28) عَنِ الْقَلْبِ، وَغَيَّبَهَا عَنِ الْبَصَرِ. وَكَذلِكَ مَنْ أَبْغَضَ شَيْئاً أَبْغَضَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَأَنْ يُذْكَرَ عِنْدَهُ. وَلَقَدْ كَانَ فِي رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ- مَا يَدُلُّكَ عَلَى مَسَاوِىءِ الدُّنْيَا وَعُيُوبِهَا: إِذْ جَاعَ فِيهَا مَعَ خَاصَّتِهِ (29) ، وَزُوِيَتْ عَنْهُ (30) زَخَارِفُهَا مَعَ عَظِيمِ زُلْفَتِهِ (31) . فَلْيَنْظُرْ نَاظِرٌ بِعَقْلِهِ: أَكْرَمَ اللهُ مُحَمَّداً بِذلِكَ أَمْ أَهَانَهُ! فَإِنْ قَالَ: أَهَانَهُ، فَقَدْ كَذَبَ ـ وَاللهِ الْعَظِيمِ ـ بِالْإِفْكِ الْعَظِيمِ, وَإِنْ قَالَ: أَكْرَمَهُ، فَلْيَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهَانَ غَيْرَهُ حَيْثُ بَسَطَ الدُّنْيَا لَهُ، وَزَوَاهَا عَنْ أَقْرَبِ النَّاسِ مِنْهُ. فَتَأسَّى مُتَأَسٍّ بِنَبِيِّهِ، وَاقْتَصَّ أَثَرَهُ، وَوَلَجَ مَوْلِجَهُ، وَإِلاَّ فَلاَ يَأْمَنِ الْهَلَكَةَ، فَإِنَّ اللهَ جَعَلَ مُحَمَّداً -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ- عَلَماً لِلسَّاعَةِ (32) ، وَمُبَشِّراً بِالْجَنَّةِ، وَمُنْذِراً بِالعُقُوبَةِ. خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا خَمِيصاً (33) ، وَوَرَدَ الْآخِرَةَ سَلِيماً، لَمْ يَضَعْ حَجَراً عَلَى حَجَرٍ، حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ، وَأَجَابَ دَاعِيَ رَبِّهِ. فَمَا أَعْظَمَ مِنَّةَ اللهِ عِنْدَنَا حِينَ أَنْعَمَ عَلَيْنَا بِهِ سَلَفاً نَتَّبِعُهُ، وَقَائِداً نَطَأُ عَقِبَهُ (34) ! وَاللهِ لَقَدْ رَقَّعْتُ مِدْرَعَتِي (35) هذِهِ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَاقِعِهَا، وَلَقَدْ قَالَ لِي قَائِلٌ: أَلاَ تَنْبِذُهَا عَنْكَ؟ فَقُلْتُ: اغْرُبْ عَنِّي (36) ، فَعِنْدَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَى (37) !


1. السِّنة ـ بكسر السين ـ : أوائل النوم.
2. ذَرَأتَ: خَلَقْتَ.
3. المَوْر ـ بالفتح ـ : الموج.
4. حَسِيراً: مُتْعَباً.
5. المَبْهُور: المغلوب ومنقطع نَفَسه من الأعياء.
6. الواله من الوَلَهَ: وهو ذهاب الشعور.
7. المَدُخول: المغشوش غير الخالص، أوهو المَعيب الناقص لا يترتّب عليه عمل.
8. الخوف المحقّق: هو الثابت الذي يبعث على البعد عن المَخُوف والهرب منه.
9. الخوف المعلول: هو مالم يثبت في النفس ولم يخالط القلب، وإنما هو عارض في الخيال يزيله أدنى الشواغل. فهو كالأوهام لا قرار لها، و«معلول» من عَلّهُ يَعُلّه إذا شربه مرة بعد أخرى.
10. الضِّمار ـ ككتاب ـ : ما لا يُرْجى من الرعود والديون.
11. الأسْوَة: القدوة.
12. الأكناف: الجوانب. وزَوَى: قبض.
13. شفيف: رقيق، يُسْتَشَفّ ما وراءه.
14. الصِّفاق ـ على وزن كتاب ـ : الجلد الباطن الذي فوقه الجلد الظاهر من البطن.
15. تَشَذّبُ اللحم: تفرّقه.
16. السّفائف ـ جمع سَفِيفة ـ : وصف من «سَفّ الخُوصَ» إذا نسجه، أي منسوجات الخوص.
17. ظلاله: جمع ظلّ بمعنى الكِنّ والمأوى. ومن كان كنّه المشرق والمغرب، فلاكِنّ له.
18. تأسّ: أي اقْتَدِ.
19. القَضْم: الأكل بأطراف الأسنان، كأنه لم يتناول إلاّ على أطراف أسنانه، ولم يملا منها فمه.
20. أهْضَمُ: من الهضم وهو خمص البطن، أي خلوها وانطباقها من الجوع.
21. الكَشْح: ما بين الخاصرة إلى الضِّلْع الخلفي.
22. أخْمَصُهم: أخلاهم.
23. المُحَادّة: المخالفة في عناد.
24. خَصَفَ النعلَ: خرزها.
25. الحمار العاري: ما ليس عليه بَرْدَعة ولا إكاف.
26. أرْدَف خلفه: أركب معه شخصاً آخر على حمار واحد أوجمل أوفرس أونحوها وجعله خلفه.
27. الرِّياش: اللباس الفاخر.
28. أشخصها: أبعدها.
29. خاصّته: اسم فاعل في معنى المصدر، أي مع خصوصيته وتفضله عند ربه.
30. زُوِيَت عنه ـ بالبناء للمجهول ـ : قُبِضَت واُبْعِدت، ومثله بعد قليل: زَوَى الدنيا عنه: قبضها.
31. عظيمَ زُلْفَتِه: منزلته العليا من القرب إلى الله.
32. العَلَم بالتحريك: العلامة، أي أن بعثته دليل على قرب القيامة إذ لا نبي بعده.
33. خميصاً: أي خالي البطن، كناية عن عدم التمتع بالدنيا.
34. العقِب ـ بفتح فكسر ـ : مؤخر القدم. ووطوء العقب مبالغة في الإتباع والسلوك على طريقة، نقفوه خطوة خطوة حتى كأننا نطأ مؤخر قدمه.
35. المِدْرَعة ـ بالكسر ـ : ثوب من صوف.
36. اغْرُبْ عنّي: اذهب وابعد.
37. السُرَى ـ بضم ففتح ـ : السير ليلاً. وهذا المثل «عند الصباح يحمد القوم السرى» معناه: إذا أصبح النائمون وقدرأوا السارين واصلين إلى مقاصدهم حَمِدوا سُراهم وندموا على نوم أنفسهم.

1. السِّنة ـ بكسر السين ـ : أوائل النوم.

2. ذَرَأتَ: خَلَقْتَ.

3. المَوْر ـ بالفتح ـ : الموج.

4. حَسِيراً: مُتْعَباً.

5. المَبْهُور: المغلوب ومنقطع نَفَسه من الأعياء.

6. الواله من الوَلَهَ: وهو ذهاب الشعور.

7. المَدُخول: المغشوش غير الخالص، أوهو المَعيب الناقص لا يترتّب عليه عمل.

8. الخوف المحقّق: هو الثابت الذي يبعث على البعد عن المَخُوف والهرب منه.

9. الخوف المعلول: هو مالم يثبت في النفس ولم يخالط القلب، وإنما هو عارض في الخيال يزيله أدنى الشواغل. فهو كالأوهام لا قرار لها، و«معلول» من عَلّهُ يَعُلّه إذا شربه مرة بعد أخرى.

10. الضِّمار ـ ككتاب ـ : ما لا يُرْجى من الرعود والديون.

11. الأسْوَة: القدوة.

12. الأكناف: الجوانب. وزَوَى: قبض.

13. شفيف: رقيق، يُسْتَشَفّ ما وراءه.

14. الصِّفاق ـ على وزن كتاب ـ : الجلد الباطن الذي فوقه الجلد الظاهر من البطن.

15. تَشَذّبُ اللحم: تفرّقه.

16. السّفائف ـ جمع سَفِيفة ـ : وصف من «سَفّ الخُوصَ» إذا نسجه، أي منسوجات الخوص.

17. ظلاله: جمع ظلّ بمعنى الكِنّ والمأوى. ومن كان كنّه المشرق والمغرب، فلاكِنّ له.

18. تأسّ: أي اقْتَدِ.

19. القَضْم: الأكل بأطراف الأسنان، كأنه لم يتناول إلاّ على أطراف أسنانه، ولم يملا منها فمه.

20. أهْضَمُ: من الهضم وهو خمص البطن، أي خلوها وانطباقها من الجوع.

21. الكَشْح: ما بين الخاصرة إلى الضِّلْع الخلفي.

22. أخْمَصُهم: أخلاهم.

23. المُحَادّة: المخالفة في عناد.

24. خَصَفَ النعلَ: خرزها.

25. الحمار العاري: ما ليس عليه بَرْدَعة ولا إكاف.

26. أرْدَف خلفه: أركب معه شخصاً آخر على حمار واحد أوجمل أوفرس أونحوها وجعله خلفه.

27. الرِّياش: اللباس الفاخر.

28. أشخصها: أبعدها.

29. خاصّته: اسم فاعل في معنى المصدر، أي مع خصوصيته وتفضله عند ربه.

30. زُوِيَت عنه ـ بالبناء للمجهول ـ : قُبِضَت واُبْعِدت، ومثله بعد قليل: زَوَى الدنيا عنه: قبضها.

31. عظيمَ زُلْفَتِه: منزلته العليا من القرب إلى الله.

32. العَلَم بالتحريك: العلامة، أي أن بعثته دليل على قرب القيامة إذ لا نبي بعده.

33. خميصاً: أي خالي البطن، كناية عن عدم التمتع بالدنيا.

34. العقِب ـ بفتح فكسر ـ : مؤخر القدم. ووطوء العقب مبالغة في الإتباع والسلوك على طريقة، نقفوه خطوة خطوة حتى كأننا نطأ مؤخر قدمه.

35. المِدْرَعة ـ بالكسر ـ : ثوب من صوف.

36. اغْرُبْ عنّي: اذهب وابعد.

37. السُرَى ـ بضم ففتح ـ : السير ليلاً. وهذا المثل «عند الصباح يحمد القوم السرى» معناه: إذا أصبح النائمون وقدرأوا السارين واصلين إلى مقاصدهم حَمِدوا سُراهم وندموا على نوم أنفسهم.

Developed by Houssam Ballout        Copyright 2019 This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.nfo All Right Reseved This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.