أقْبِل حزيران إنا عالقون هنا
فوق التراب فليس الموت يُفنينا
في هذه الأرض تَبْذُرُنا وتَقطُفنا
يدُ العناية تُجري شأنها فينا
سينبِتُ الطينُ اجساداً فنسكنها
في كلِ دورٍ تجاربُنا تُنادينا
هي الحقيقة إِنّٓ الروح في فلكٍ
ونحنُ طيفاً هوى منها إلى الطين
أبناؤها نحن كم بعثت مراسلها
وكم حبيبٌ لها قد جاء يهدينا
أتوا وراحوا ولم تُفهم مقاصدهم
وقِيلَ عنهم سُحارً مجانين
لم يقبلِ الناس اقوالاً تُحررهم
من الجهالةِ تُعساً للمساكين
رحل الهُداةُ وتركوا بين أظهُرنا
من المعارف أنواع الدواوين
فيها الحقائقُ شمساً ليس يحجُبُها
غيمُ الكهانةِ أو زورُ الملاعين
لكنهم بدهاءٍ فيهِ شعوذةً
قبِلوا العناوين وانتهكوا المضامين
فاخرجوا كل دينٍ عن حقيقته
وقالوا لأقوامهم هذا هو الدين
هي الكهانةُ للشيطانِ مركبة
يسير في ركبها كل المُرائين
ضلَّ الجميعُ وتاهوا في مشاربهم
وأصبح الدين عرضاً في الدكاكين
وتاهت الناسُ كلٌ في تصوره
يمارس الدين في شكٍ وتخمين
فذا له باع في العلمِ مقتدر
في عُرفه الدين وهم للمساكين
وذا له ثوب في الناس يلبسهُ
ويرتجي منهُ قُرباً للسلاطين
تاه الجميعُ وحاروا في تفكرهم
لا يُدركون لذا المجهول تبيِينا
لكنّٓها الروح إذ نظرت ضلالتهم
وأن الحقيقة منهم أَوغلت بَيْنا
عطفت وبعثت لهم من سوف يُنقذهم
وزودته بمضمونِ المضامين
من الخوارق ما يخشع له الحجر
ويحتارُ فيها ربيبُ العقلِ والدين
ومن المعارف ما لم يُدرك البشر
او سطَّر العلمُ في التاريخ تدوين
بعثت حبيبا لها اختار بعثتــــه
طوعاً ليُنقذ أسراب المعانين
أتى حُزيران مبتهجاً بمَحْمَلِه
لينثر الورد في كل البساتين
اتى حُزيران نوراً بين أذرعه
طربت له الأرض غنّٓتْهُ الحساسين
ولد الحبيب وكان النور مِزودهُ
والكونُ غنى له بالمجدِ تلحين
من الطفولةِ قد بانت خوارقه
فتىً عجيبَ الرُؤى فذَّ الأفانينٓ
أُولى عجائبه في المهدِ محموماًً
نطق الرضيعُ فاندهش المداوين
نما الصبيُ تُصاحبه عجائبه
أفعاله كسرت كل القوانين
سل عنه باريس إذ سمعت بقدرته
سل (ساج) واستفهم التابوت في (السين)
إبتَلَعهُ النهرُ سبعاً ثم أخرجه
ليشهد الجمعُ آياتٍ ل (ذي النون)
هناك لُقِّبٓ بالدكتورِ عن حقٍ
الجمع قرّٓ به قدراً وتمكين
وجاءهُ الأمر أن يُضفي له لقباً
فاختار (داهش) من بين التداوين
لم يمضي وقتٌ حتى حان موعده
مع الحقيقة يُعلن وحدة الدين
فالتف من حولِه جمعٌ لهم باعاً
في العلم والفن أفذاذاً اساطين
تَفَّهمُوا الحق لمَّا شاهدوا عجباً
وأيقنوا بخلود الروح واعِين
في حضرة الروح سألوا كُلَّ مسألةٍ
عنِ الوجود فجاء الردُ في الحين
حملَ الحبيبُ إلى الدنيا بشارته
من مغربِ الأرض حتى مشرق الصين
يرى الفضيلةَ في بلدٍ فيُطْرِيها
وللرذيلةِ لعناً للملاعـــــــين
يُوثقُ الحالَ نثراً في دفاترهِ
يستهدفُ الفنَّ في كلِ العناوين
مهما كتبت فلن أُوفي مأٓثره
يُحيطُ بالشُمِّ في كلِ الميادين
غرسَ الفضائل في أعماقِنا نَبْتاً
وأَقْمرَ البدرَ نوراً في ليالينا
واليوم كالطودِ راسخةً عَقيدتُه
نسيرُ في ركبِها لا شيء يُثنينا
مضى وتركَ كنوزاً من معارفه
في ظٍلها السير من أسمى أمانينا
قد غادر الأرض إذ أدى رسالته
عن الحقيقةِ إيضاحاً وتبيِينا
فعيدٌ مجيد لِمن قد جاءَ وانتقل
لموطنِ الروح في كنفِ الرياحين
يا عالم الروح خذني إنني تعب
لا يسكن الأرض إلى كل مسكينا
يا عالم النور امنحنا مساعدة
ففي ظلمة الأرض ضيعنا العناوين