ماجدا حدّاد تنتحر
نشرت جريدة " الدنيا " في عددها الصادر بتاريخ 3 شباط 1945 المقال الآتي :
ماجدا حدّاد تنتحر لأنّ الدكتور داهش مؤسس الديانة الداهشيّة , منعها عن قتل رئيس الجمهوريّة إنتقاماً ممّا سبّبوه له من إضطهاد وتشريد .
مأســاة رهيبــة
فوجئت بيروت يوم السبت الفائت بفاجعة مؤثّرة كانت حديث الأندية والمجتمعات , فأسف الناس على زهرة تذويها رياح اليأس , ونجمة تتوارى في ظلمة الرمس .
تعيش في بيروت الآنسة ماجدا حدّاد في حضن والديها وبين شقيقتيها في بيت إشتهر بالفنون الجميلة من أدب وفن وتصوير وتأليف .
ومنذ سنتين ونيّف تعرّفت هذه العائلة بالدكتور داهش وأعجبت بمبادئه الإجتماعيّة والدينيّة ممّا لم يرق ذلك لرئيس الجمهوريّة وآله , وقاموا بحملة عنيفة لأخراج الدكتور داهش من لبنان . فسجن ونفي بعد أن جرّد من جنسيّته اللبنانيّة في أواخر آب المنصرم 1944 .
وشقّ ذلك على آل حدّاد لعلمهم أنّ ما حلّ به لم يكن إلاّ بسببهم .
فإستولى اليأس على الآنسة , وعزمت على أن تقوم سرّاً بعمل إرهابيّ علم به الدكتور داهش وهو في حلب . فاستنكر الأمر , وكتب إليها رسالة ينهاها على الإقدام على أيّ عمل عدائي ضدّ رئيس الجمهوريّة متنبّاً لها بأنّ في السماء عين عادلة لا تنام , وهي التي تراقب كلّ صغيرة وكبيرة , وهي وحدها تعاقب كلّ من سبّب له هذه المحنة الهائلة التي هو بريء منها .
فكانت هذه الرسالة صدمة عنيفة على هذه الآنسة الحسّاسة . فلجأت الى الصبر مكرهةً , وأخذت ترتقب حوادث الزمن , ممّا أثّر على نفسيّتها .
ولمّا كان من عادتها أن تأوي الى غرفتها بعد ظهر كلّ يوم ... وجاءت شقيقتها زينا الى غرفتها , فوجدتها مقفلة من الداخل . ففتحت الباب بشدّة وإذا بها تشهد منظراً مرعباً رهيباً ...
رأت شقيقتها على سريرها , وبيدها مسدّس, وقد أطلقت منه رصاصة واحدة نفذت من صدغها الأيمن الى صدغها الأيسر . فصرخت, وتراكض أهل البيت وكان كلّ منهم في غرفته ...
وجرى التحقيق بالحادث من قبل الحكومة . وأسف الجميع لهذا الحادث الأليم, وانطفأ سراج فتاة في الثامنة والعشرين ربيعاً . تتّقن ثلاث لغات إتّقاناً عجيباً وتكتب بالأفرنسيّة والإنكليزيّة وتتحلّى بأخلاق نبيلة نادرة .
ولم تشأ العائلة أن تحتفل بمأتم عزيزتها إلاّ على الطريقة الداهشيّة . ودفنت في مدفن خاص في جونية .
هذا بعض ما قاله لنا الأستاذ حليم دمّوس , وقد علمنا أنّ الفتاة كانت تطالع كتاباً من تأليف داهش بك ينتهي بمصرع بطلته . والكتاب إسمه " ضجعة الموت " .
والمدهش أنّ الجنازة لم يرافقها رجال الدين . وقد نقش على النعش الرمز الداهشيّ المقدّس . فالديانة الداهشيّة لا تؤمن برجال الدين المسيحيين .
والناس يتناقلون كتاباً قيل أن داهش بك بعث به الى ماجدا في الشهر الماضي, وفيه تنبّؤات لما وقع ولما سيقع في لبنان من حوادث عامّة وخاصّة ...