أرثيكَ بفرح
الألم لا يُحكى ، والأحاسيس لا تعبِّرُ عنها الكلمات، إلاَّ أنَّ رحيلك مؤلم، وانتقالك مُحزن. والدموع تعبيرٌ مجازي لحالتي الفرح أو الحزن معاً، لِما يختلجُ في قلوبنا من شعورٍ لفراقٍ لن يدومَ طويلاً، فالمسافات لا تعني شيئاً، والسيَّالات الروحيَّة على إتِّصال دائم، والإنسجام الفكريّ والتفاهم الروحيّ والإتفاق المُتبادل الذي خيَّم على نفوسنا في هذا العالم، لا و لن ينتهي بغيابٍ أو انتقال. فالولادة والموت مؤشّرا العدل الإلهيّ ومعرفة الحقائق الروحيَّة ، والأعمار لا تنتهي لتبدأ، ودوائر الحياة لا تزول حيث الزمان ألعوبة الوجود..
رحلتَ يا أخي الحبيب، وفي رحيلك فرحةً وغصَّة، فرحتي فرحة السماءَ بمولودها الجديد، تتوِّج رأسه أشعّتها النورانيَّة، تعزف موسيقاها الفردوسيَّة، وتنشد أشعارها إبتهالاً بمقدمه، تتغنَّى بآيات الحمد لربّ الحمد، تسبيحاً وشكراً لإنعتاق الأخ الحبيب من أرض الشرّ المتأصِّل في النفس البشريَّة، وخلاصه من براثن الجهل والعبوديَّة، وتحرَّرَه من نير الشهوات الدنيئة التي تسيطر على العقول والنفوس، مُذلَلاً الصِّعاب، مُلتزماً تعاليم النبي الحبيب الهادي، وهو الأقرب الى الحبيب، مُلتزماً تعاليمه، مُتقيِّداً بوصاياه، حاملاً سرّه، حافظاً كلمته.
ما أجمل الذي يتألَّم ولا يتكلَّم، سأشتاق لك يا صبر أيُّوب وكفَّ اللسان، فلترحمك السماء يا أخي الحبيب، لترفع من درجتك الروحيَّة، لتجمعك بالنبي الحبيب الهادي في عوالمه الإلهيَّة، ولتُسكنك فسيح جنَّاتها. سأشتاق لك يا نور العقل وبلسم الرُّوح ومشعل الهداية، يا صوت الحبيب وكلمته، مثال الأخوَّة في التصرُّف مع الآخر، المتواضع الغيُّور على مصالح الرسالة ونشرها، وفيَّاً للحبيب ،حريصٌ على عهده، المُعتصمُ بحبلِ الله المتين، المُتعاطي بروح المحبَّة الإنسانيَّة،.
إيه يا أخي، أأبكي عليك أم أبكي على نفسي، مع علمي أنَّ الحُزنَ للحمقى، أعذرني ، لم أستطع حفظ دموعي ليومِ لقائك، ذرفتها رغماً عنّي، لكن إطمئن، ذرفتها بفرح، وكيف لي أن أُنغِّص عليك فرحتك بخلاصك من عالم المادّة، ولقاءك النبي الهادي، لقد طال إنتظار الحبيب، وهل من مثلُه ينتظر؟
سأشتاق المحبَّة التي أينعت في قلبك أزهاراً، مُضمَّخةً بعطر الإله، وسأبقى على حبُّك الأخوي في الأرض كنتَ أم في السماء، وسأبقى على ذكراك أينما أنت، فالمسافة لا تُبطلُ ودَّاً، وكلماتك لن تبرح خاطري، فهي زادي في حياتي، وإلى اللقاء في حضن النبي الحبيب الهادي، إلى اللقاء يا أخي.
بيروت في 20 حزيران 2022
حسين يونس