إلى والدتي و ماجدا
طوال أيام حكم بشارة كنت في لبنان
مرثية لمؤسس الداهشية بعد إعادة الجنسية له
الكلمة التي ألقاها مؤسِّس الداهشية على ضريح الحمامة الذبيحة الشهيدة ماجدا حداد فور ظهوره بعد احتجاب دام ثلاثة عشر عاماً كان فيها بمنزل الرسالة الداهشية- و بشارة الخوري و حكومته يظنان انهما قد نفياه بينما كان ينشر كتبه السوداء في طول البلاد و عرضها- ذاكراً فيها فضائح و قبائح سيد المجرمين السارقين للجنسيات.
يا روح امي العزيزة، و يا ماجدا الوفية،
حيَّاكما الله، و متّعكما بجنَّاته الإلهية،
ها اني أخاطبكما من بيروت يا أماه، و يا ماجدا!
بيروت التي كنت فيها طوال أيام حكم بشارة الخوري المُجرم.
أرثيكما و الالم العظيم المدمى يحتل فؤادي المهشَّم.
و ما ذلك إلا لأن المؤمن الثاني الأخ البار حليم دموس
قد انطلق إلى ربوعكما الفتَّانة.
و إني مؤمنٌ كل الإيمان بأن روحه، الآن، حاضرة هنا معنا.
فسلام على إخلاصك النادر في عالمنا المشبَّع بالشرور الهائلة.
سلام على جهادك العظيم الذي كوفئت عليه بالع\ل و الحق.
فإن الله وهبك نعيمه،
فأصبحت ترتع فيه و البهجات النقية تغمر روحك.
فهنيئاً لك هذه الجنات الخالدة التي كسبتها بجهادك الروحي العظيم
و يا طاهر القلب، و يا نقي الوجدان ، و يا عفّ اللسان.
ايها الحبيب الراحل إلى عوالم النجوم النيرة السعيدة،
سنلتقي بك قريباً ، هناك،
هناك في تلك الجنان الساحرة.
نعم، لقد ظهرت بعد أن انتصر الحق،
فحطم الباطل لتحطيماً عظيماً.
ظهرت... و هل يستطيع الظُّلم الشنيع
إلا أن ينكفئ بظلمٍ مريع.
ظهرت.. لأن حقي واضح وضوح الشمس
و هي تذهب البطاح الشاسعة.
وهكذا انكفأ المُعتدي بمسكنة، و هو متسربل بعاره الأبديّ.
و هكذا بُطش بالظلم، فتحطم نيره،
و تقوضت أركانه، و تزلزل بنيانه.
فذعر رفاق المُعتدي، أولئك خفافيش الشؤم،
ففروا باضطرابٍ وهلعٍ من أمامه.
و هكذا تبعثرت صفوفه، وانكفأت صفوته،
و تفرّق انصاره، و تمزَّق اعوانه.
إن يد الله القوية ، يده المزلزلة العادلة، لهي بالمرصاد
تراقب كل من طغى و بغى- بالظُّلم- على العباد.
إن الله جلَّت قدرته يُمهل، و لكنه لا يُهمل.
و الآن، أنا أذكرك يا ماجدا،
يا من تجرَّعت كأس الآلام الرهيبة
أذكرك يا شهيدة الداهشية الأولى،
و أذكر فداءك العجيب. أذكرك يا أيتها الزنبقة الأرجة العبق،
ما انبثق فجر و زحفت دجنات ليل.
و سأذكرك أبداً أيتها النجمة المتألقة
في حنايا روحي المُضطربة لبُعدك عني.
و سأندب أفولك السريع قبل الأوان،
يا أطهر الغيد الحسان!
و سأوقف قلمي المُرتعش على رثائك،
أستوحيه من عصارة قلبي الحزين.
و سأنثر بواسطته دمعي المدرار على الطروس
مثلما تنثر الورود و الزنابق الفواحة العطر
على قبرك الحبيب،
نادبة زهرة الحب الثاوية في مضجعها الأخير حتى الابد
27 كانون الثاني 1958