ماجدا أيتها الراتعة في فراديس الخلد
إنني أحيّي بطولتك الخالدة
هذه الكلمة كتبها مؤسس الداهشية وألقاها الشاعر حليم دمُّوس على ضريح الشهيدة الغالية ماجدا بتاريخ 27 كانون الثاني 1953.
1945- 1953
بعد ظهر الثلاثاء الفائت احتفل الداهشيون بالذكرى الثامنة لوفاة المرحومة ماجدا حداد ضحية المُجرم بشارة الخوري نزيل الكسليك و القريب من قبر ضحيته التي تستصرخ السماء لما ارتكبه من جرائم في عهده البائد.
و قد حضر الاحتفال عدد من آل حداد و خبصا و دموس و أبو سليمان و حجار و عشي و غيرهم من الداهشيين و أصدقاءهم من بيروت و جونيه وضواحيها. و قد اخذوا يتوافدون تباعاً بسياراتهم من كل ناحية و هم يحملون باقات الازهار و الرياحين التي نثروها على ضريح الشهيدة الغالية.
و بعد تلاوة قطع داهشية روحيَّة تلا الأستاذ حليم دموس رسالة بليغة وردت من مؤسِّس الداهشيَّة يناجي بها روح الفقيدة. و قد كان لها وقعها العميق في نفوس المستمعين. و ختمها مؤرخ الداهشية بأبيات رقيقة في ذكرى صاحبة الذكرى.
و كان في طليعة النسوة السيدة ماري حداد الأديبة الكبيرة. و قد جدَّدت قسمها على قبر ابنتها بأنها ستتابع رسالتها حتى النهاية و انها ستلاحق المُجرم بشارة الخوري و سائر أفراد أسرتها المرتكبين الذين كانوا سبب هذه الفاجعة المؤلمة و الجريمة النكراء.
و بعد ان تلا الدكتور نجيب العشي قطعة داهشية بعنوان ( سلام) نثرت الزهور على قبر الفقيدة، و أخذت عدة رسوم و مشاهد لهذه الذكرى الثمنة، وتفرقت الجماهير و هم يرددون ذكرى الفقيدة و بطولتها و جهادها في سبيل عقيدتها الراسخة.
و هذه هي القطعة التي أرسلها مؤسِّس الداهشية:
ماجدا!..أيتها الراتعة في فراديس الخلد
إني احيي بطولتك الخالدة
أي ماجداه!..
إنني انحني أمام جدثك الطاهر الذي يضم بقاياك العزيزة.
أحيي استشهادك الذي سيخلده التاريخ كوصمة عار أبدية امتزج بالمجرم الباغية في العالمين الماديّ و الروحيّ.
أحيي تصميمك الجبار عندما عزمت على اغتيال(الوصوليّ) المُعتاد ارتكاب الجرائم فمنعتك يوم إذن عن تلويث يديك البريئتين بدمه النجس.
و أكدت لك- إذ ذاك- أن هذا النتن الملوث الأشوه سيموت موتاً أدبياً و سيشهَّر تشهيراً مُعيباً أبدياً،
و أنه أينما صار و كيفما توجه ستشير إليه الأصابع كلصٍ وضيعٍ مُحتال، و كسارقٍ رقيعٍ دجال.
و بلغتك أيضاً ان الشفاه ستلعن البطن الذي حمله ووضعه، و الثدي الذي أرضعه، و الحليب الذي أشبعه من غذاء الختل و الرياء.إذ سيشب على الطوق بينما يعشش في صدره صديد المكر، و يقطن في رأسه الغيلة و الغدر، وتمتزج بروحه اوشاب ملوثة بطاعون الدنس و العهر، و تتفوق مرارتها على العلقم و الصبر...
و أعلمتك يا ماجدا أن الألسنة ستصب عليه لعناتها صباً رهيباً.و ستنعته بما تنعت به شر اللصوص المحترفين، و الأثمة المجرمين، و ذلك بعد أن يرتكب جميع أنواع الموبقات، و يخوض في لجج المستنقعات.و سيلعنه الشعب ، بعد أن يعرفه أي ذئب كاسر فظيع، مختبئ بثوب حمل وديع. و ها قد تحقق ما أنبأتك يا ماجدا!
وهكذا يا ماجداه !.. كان من الأفضل أن لا تنجسي يدك بدمه المُصاب بطاعونِ الجرائم وإلا لخلد إسمه كشهيد آغتالته صاحبة عقيدة دينيّة تتأجج بنيران إيمانها الوطيد .
إن الحكمة من عدم إغتياله قد ظهرت الآن بأتمِ وضوحٍ بعد أن نزعت الحقيقة القناع الكاذب عن وجه هذا المجرم البغيض فظهر أمام الملإ طاغية مرتكبا، وباغية يستحق الشنق أمام محكمة العدالة التي ستطاله عاجلا أم آجلا وذلك لكي يُقدّم الحساب العسير لما جنته نفس الأمَّارة بالسوء وما إرتكبته روحه النجسة ذات الجبلة الجهنمية الاجرام .
أما أنت يا ماجدا – أيتها البطلة المغوارة – فقد سفحت دمك على مذبح جريمة بشارة الخوري المطرود من الشعب الثائر لجرائمه الهائلة لكي تُسْمعي صوتك للرأي العام العالمي أقدمت على بذل روحك ولم تحجمي عن هذه التضحية الهائلة ... فدّوت أنباء قربانك العجيب في مشارق الأرض ومغاربها ، وعرفت الدنيا بقضّها وقضيضها أسباب مأساتك الخالدة ... هذه المأساة التي ستكلف المجرم غاليا ، وغاليا جدا .
وثقي أيتها الشهيدة الخالدة بأنه في اليوم التي ستشرق فيه شمس حقيقتنا على البلاد بأسرها ، إذ ذاك سيغرب باطل المجرم ومن ساعده على جريمته المنكرة المستنكرة .
وسيقف المتهمون بأقفاص الاتهام ليصدر عليهم الحكم الرهيب الرادع . وهكذا يطبق مثل السيد المسيح القائل : بالكيل الذي تكيلون به يُكال لكم ويزاد .
أودعك يا ماجداه !.. وأودع من أرتني نور الحياة ، وأستلهم روحيكما العزيزتين في السراء والضراء .
داهش
27 كانون الثاني 1953