إنَّ للجريمة ثمناً
مرفوعة إلى روح والدة مؤسس الداهشية و روح ماجدا حداد
قيلت في ذكرى والدة مؤسس الداهشية
أيتها الروح الجبارة!
عندما تدق الساعة زلزليهم، واعصفي بهم و قوديهم.
حيّاك الله يا روح والدة داهش.
و يا أيتها الروح التي انطلقت من عالم الأرض الفانية،
و أصبحت تنعم في عالمها الروحي الخالد،
إحضري، أيتها الروح، إحضري،
و أصغي لما يقوله الكتاب المقدس،
هذا الكتاب الإلهي الذي لم يفارقك يوماً من أيام حياتك،
و الذي كان دستوراً و نبراساً يضيء طريقك السويّ ،
و مبعث لنشاطك الروحي.
قال الكتاب المقدس:
" و عندما طغى فرعون ملك مصر و تكبر،
و بعدما بغى و تجبر،
دفعه الله بين شدقيّ البحر المهتاج،
فافترسه مع جيشه الجرار، والتهمه بشراهة مرعبة،
و قضم زرد مركباته القوية ففككها تفكيكاً،
و قضقض حديدها،
و صهر فولاذها في أحشائه صهراً مذيباً.
و هكذا أباده الله إبادة مروعة،
و جعل اسمه لعنة خالدة مدى الآجال و الآزال.
أما سادوم و عامورة ،
فقد أمطرهما الخالق بنيران غضبه، و كبريت نقمته،
و صلت عليهما دخان لعنته المُخيفة.
فإذا هما كدجنة أسحاق الهاوية بفحمتهما الدجوجية.
ثم قصفهما برعوده، و زلزلهما ببروقه،
فدكهما دكاً مبيداً،
و راح أسماهما لعنة خالدة ما خلدت الأجيال.
و ذلك الطوفان الساحق،
و سيله الجبروتيّ الماحق الذي أذل لاجبابرة،
و أفنى البطاركة و القياصرة؛
ذلك الطوفان الشيطانيّ المخيف
الذي امات كل ذي نسمة و حياة،
ما خلى الأب نوح الصالح و عائلته؛
و أبشالوم إبن الملك داوود النبي الذي سلمه الله إلى اعدائه،
فكانت نهايته درساً أليماً لكل طاغية يسير في طريق الشر و الجريمة؛
و الملك نبوخذنصر الذي فقد عقله و تاه في البراري بضع سنوات،
يعاشر ضواري الوحوش و يآكلها،
لأنه طغى و بغى، وارتكب النقائص،
وانتقص من حقوق أفراد شعبه،
فاقتص منه الخالق اقتصاصاً مرعباً،
و أدبه تأديباً عادلاً...
هذا قليل قليل من كثير كثير
مما يزخر به الكتاب المقدس،
مما تخبرنا به صفحاته عمن اتجهوا إلى الشر،
فضربهم الله ضرباته القاضية،
بعد ان اطال لهم الحبل على الغارب لعلهم يرعوون؛
فلم يفعلوا.
و إذ ذاك نكل الله بهم تنكيلاً يخيف الحديد الصلد،
و الفولاذ الصلب،
وشهرهم تشهيراً أبدياً.
و عندما تذكرهم الألسنة و الشفاه،
و تلعنهم لعنات مرعبات يستحقونها بالعدل و القسطاس .
و هكذا، يا روح والدة داهش،
سينكّل " العليّ" بمن اعتدى على ولدك ووحيدك بالظلم و الاعتداء و الافتراء،
وبأحط طريقة من طرق الخيانة و الرياء.
و هكذا سيفني الله من ساهم في هذه الجريمة البغيضة التي عرفها الجمهور،
ودوت أخبارها في أربعة اطراف المعمور.
و هكذا سيخذي الله مُبغضي ولدك البريئ،
و سيجعلهم يرتدون العار لباساً شائناً لهم
ولذريتهم من بعدهم...
و يزدردون الغسلين شراباً شائكاً لهم.
و هكذا سيعصف الخالق بهم عصفاً رهيباً،
بعد أن يسلط عليهم غضبه الإلهيّ
فيبيدهم و يعفي ذكرهم الكريه من صفحة الوجود.
إن صدى الجريمة التي ارتكبها الطغاة المجرمون
بحق مؤسِّس الداهشية
لهي وصمة عار سوداء تلطخ تاريخهم المجرم،
و تسجّله عليهم بمدادِ العار الذي لن تزول آثاره.
و هيهات أن تزول هيهات.
إن للجريمة ثمناً.
و من يرتكب جرماً سيدفعه أضعافاً مضاعفة،
مهما طالت الأيام و الأزمان،
و مهما ظن انه قد اصبح في مناجاة و أمان.
إن هذه الجريمة المزلزلة لن ينساها أي داهشيّ.
و سترضع الامهات الداهشيات أخبارها للأطفال مع الحليب،
لكي تغذي الحقد في نفوسهم،
و تؤجج النيران في أ رواحهم،
و ذلك ضد كل من ينتمي إلى العائلة المجرمة الغاشمة
التي ارتكبت هذه الجريمة التاريخية الهائلة.
و إذ ظنَّ المُجرمون الأغبياء
أن الداهشيون قد تناسوا مع مرور الأعوام هول جريمتهم السافلة،
ألا خسئت ظنونهم،
و يئست تخيلاتهم،
و يئست تخيلاتهم،
و يئست أوهامهم، و اضمحلت أحلامهم...
إذن، لنوقظهم، و لنرجعهم إلى صوابهم، فنقول:
ليعلم هؤلاء الأشقياء التعساء أن النار،
النار المتأججة المتوهجة،
النار الهائلة،
النار المبيدة التي ستندلع يوماً أكلاً عاصفاً؛
إن هذه النار الجهنمية الأوار
كامنة بيقظة تامّة تحت الرماد،
و هي متشوقة إلى الدقيقة التي سيفك فيها عقالها لتنطلق كالمردة الظافرة،
لتحتاط بهم إحاطة السوار بالمعصم،
و لتفتك بهم فتكاً ذريعاً لا يبقى و لا يذر...
* * *
واسمعي، يا أم داهش،
ماذا فعل الرب بالملك يربعام،
و كيف كانت نهاية هذا الملك الشرير،
و من يلوذ به من عائلته الشريرة أيضاً،
كما جاء في الأصحاح الرابع عشر من سفر الملوك الاول. و هذا هو :
" قال الرب: لأنك ارتكبت الشرور، و لم ترعو عن غيك ،
لذلك ها انذا جالب شراً على بيت يربعام،
و أقطع ليربعام كل بائد في حائط، محجوزاً أم مطلقاً في إسرائيل.
و أنزع آخر بيت يربعام كما ينزع البعر حتى يفنى.
من مات ليربعام فلتأكله الكلاب،
و من مات في الحقل تأكله طيور السماء،
لأن الرب قد تكلم."
و هذه النهاية ستكون بإذن الله نهاية المُجرم الطاغية،
و نهاية عائلته و شريكته في الجريمة الخالدة.
و من اعتدى على داهش فسيُعتدى عليه عاجلاً أم آجلاً.
و إذا كان قد وجدت كلاب تأكل جثث عائلة يربعام المُجرم،
فإن الكلاب نفسها
ستأنف من مسِّ جثة المُجرم المُعتدي على داهش.
و كذلك ستأنف من مسّ جثث عائلته،
لأنهم لا يستحقون ان تمضع لحومهم القذرة حتى الكلاب...
و جاء في الأصحاح الثامن و الثلاثين من سفر التكوين،
و في العدد السابع منه ما يلي:
" و كان عير بكر يهوذا شريراً في عين الرب، فأماته الرب."
إذن ، مثلما أمات الرب عيراً هكذا ستكون نهاية البعير الشرير،
بل الخنزير الحقير... و يا لحقارة هذه النهاية الوديعة!
و إذا تساءل الناس:
ترى لماذا يطيل الله أيام سيطرة هذا المخلوق التعس،
ما دام لا يرتكب إلا النقائص الفاضحة،
و لا يغوص إلا في مستنقعات الشرور الطافحة، و الشهوات الجامحة؟
قلت: إذا تساءل الناس عن هذا السر اجيبهم:
إن سفر الجامعة لسليمان الحكيم
يقول في إصحاحه السابع و عدده الخامس عشر:
" قد يكون شرير يطول في شره" و تمتد أيام حكمه،
و ما ذلك إلا ليزيد الله عليه ضرباته إذا لم يرتدع عن مكره.
* * *
فيا روح والدة داهش!
إننا نعاهدك أمام السماء بأننا لا نزال على العهد،
و سنقيم عليه، و لن ننحرف عنه قيد أنملة.
و من انحرف عنه من الإخوة،
ليحذف الله اسمه من سفر الخلود جزاءً عادلاً.
كما إننا نعاهدك- و نحن فوق قبرك-
بأننا سنبقى ثابتين في إيماننا ثبات الصخور الصلدة،
راسخين في جهادنا المُقدَّس رسوخ الجبال المشمخرة.
و سندأب على شنِّ هجومنا الصاعق
ضد كل من ارتكبوا الجريمة بحقِّ داهش
حتى تدقّ الساعة الفاصلة،
و ينصرنا الله عليهم نصراً مبيناً.
و إذ ذاك سيكون الجزاء الرهيب بمقدار الجريمة المرعبة.
و حينذاك ستسمعين من عالمك
قضقضة عظام رقاب الخونة المارقين،
و هي تجلجل جلجلة الأبالسة في أروقة الجحيم.
و ساعتذاك تطمئن روحك الجبَّارة.
و كذلك تبتهج روح ماجدا الغالية شهيدة الوفاء الخالد،
ماجدا التي بذلت روحها فداء عن مؤسِّس عقيدتها الداهشية،
و التي أصبحت ترتع في عالمها المُضيء الخالد.
* * *
ألا حيّا الله روحيكما المضيئتين
الخالدتين في جنات الخلد الدائمة المُتع و البهجات،
الفيَّاضة بالسعادة السرمديَّة،
الذاخرة بالغبطة الأبديَّة
المُشعَّة بالأنوار الالهيَّة إلى ما لا انتهاء
* * *
و اختم تحيتي قائلاً:
إذا ظنَّت الطغمة الشريرة
التي ارتكبت الجريمة المروِّعة في حقِّ مؤسِّس الداهشيَّة
أن قنااتنا قد لانت، و عزيمتنا قد وهنت وهانت،
بعدما عانت ما عانت...
فإننا نجيبهم و بسمة السخرية اللاذعة
و ابتسامة الاحتقار العميق تعلوان وجناتنا:
ألا فاعلموا، أيها الوصوليون المرتكبون أن أيام حتوفكم أصبحت أقرب إليكم من انوفكم...
و قريباً سيبطش عدلنا بباطلكم بطشاً ذريعاً.
و سيكون سقوطكم عظيماً و سريعاً.
و بدورة القدر دورته ستسقطون، فتنذهلون و تبهتون.
أما أبناء الشعب فسيبتهجون و سيطربون
داهش
23تشرين الثاني 1951
و في شهر ايلول من عام 1952 طرد الشعب الثائر بشارة الخوري من أريكة حكمه، و حطَّموا له عرشه فلاذَ بالفرار خوفاً من البطش به. و ثورة الشعب الكاسحة كانت بسبب جرائم هذا الباغية المتواصلة واعتداءه على الدستور و تحطيمه لبنود القانون. و قد ملأ خزائنه بمال الشعب، وامتصَّ دماء الفقراء ، و نكّل بخصومه،
و كان لبنان بقرة حلوباً له و لأقربائه . و هكذا تمت نبوءة داهش إذ ختم رثاءه لوالدته بنبوءة طرد بشارة الخوري من الحكم. و قد تحقَّق ذلك بالحرف الواحد.