نشيد الطرب الشامل
أنشدوا ...فقد سحق التنّين المُخيف وتحطّم تحطيما مروّعا !
أي اخواني وأخواتي الأعزّاء ، أنشدوا نشيد الظفر التامّ ، والانتصار الشامل العامّ ، فقد سقط ( التنّين ) المُرعب ، وكان سقوطه عظيما ، وكان سقوطه رهيبا ! لقد تحطّمت أيّام حكمه البشعة ، واندثرت لياليها الداجية المفزعة . وسيف العدالة المصلّت بجبروت بتر بحدّه الرهيف أريكة الوصوليّ المُخيف ، فردّمها ، وحطّمها شرّ ترديم وتحطيم . لقد انقضّ نسر القضاء المظفّر وحطّ بقضائه على التنّين المُجرم الأبتر ، فمزّقه تمزيقا هائلا ... وهكذا وضع حدّا لجرائمه التي لا تستطيع أن تستوعب بعضها مجلّدات ضخمة ! وتبهنس الليث الهصور , ثم وثب مقضّا كالصاعقة المزلزلة على الوحش المفترس ، والذئب الشّرس ، فبطش به بطشا مروّعا ! * * * رنّموا ، رنّموا أيّها الأعزّاء ، وارفعوا عقيرتكم بالغناء ، بعدما ارتفعت عن أكتافكم وكواهلكم شرّ أنواع البلاء . اطربوا يا رفاق ، فقد تحطّم التنّين القذر ، وانتهى عهد جرائمه المتواصلة . لقد لطمت العدالة بجبروتها المزلزل ذلك الوجه الصّفيق ، فجحظت عيناه وجلا ، وأسرع يختبىء خجلا ، وسيف العدالة يطارده ، ودموع الأبرياء تلاحقه ، ودماء الشّهداء تتبعه أنّى أنزوى ، وحيث توارى ... وقايين .... وحاول الاختباء في حفرة مُظلمة ، ولكنّ عيني أخيه هابيل بقيتا تطيلان النظر اليه في ظلمات تلك الحفرة الدجوجيّة ! وأين أين قايين ممّا ارتكبه هذا ( الوصوليّ ) اللعين ؟! بوركت يا قايين اذا ما قورنت بهذا اللصّ الزنيم ، والمرتكب الأثيم . * * * تهلّلوا تهلّلوا ، فانّ قلاع السارق الشّرير قد دُكّت ، وأريكة حكمه قد خرّت ، بعدما تطاولت واشمخرّت ، اثملوا ، يا رفاق ، برحيق الفوز العظيم ، بعدما اصفرّت أيّام حياة الغول المجرم ، وتساقطت أمانيه السخيفة الذاوية كتساقط أوراق الأشجار في الخريف أما جبروت الرياح العاتية . لقد وطىء القدر بنعله الهائلة رأس التنّين المذعور لهول الفاجعة ، فهرول مشدوها يسابق الريح المهتاجة ، وهو يسحب وراءه جسمه المترهّل الثقيل ... فصاح الشعب طربا : أنظروا !.... أنظروا من تضخّم كرشه على حساب عقله !.... أنظروا !.... لقد عمّت الأفراح في المنازل ، وشمل الطرب أبناء البلاد بأسرها . فكنتم ترونهم ، يا رفاقي ، مهنّئين بعضهم بعضا ، بعد زوال هذا الكابوس الشيطاني الجهنّمي ! انّ الشعب حكم على المجرم المحتال ، والسارق الدجّال . نعم ، حكم عليه فخلعه خلعا موجعا رهيبا ، يستحقّ أشدّ منه قسوة وتأديبا . * * * أمّا ( التاريخ ) فماذا تراه سيجسّل عنه في صفحاته ؟ وماذا سيسطّر عن جرائمه وسيّئاته ؟ انّه لعنة التاريخ ، وعار البلاد ، وشارة الاستبداد ، وبشارة الاستبعاد ! عنوان الرذيلة ، وعدوّ الفضيلة ! مفسد الضمائر ، وهاتك أعراض الحرائر ! سالب خزينة البلاد ، بالظلم والوحشيّة الشنيعين ! حُبِلَ به بدنس ، ومنه الفحش قد انبجس ، فيا للرّجس ! هو هو المزوّر الأكبر ، والخليع المخلوع الأشهر ، والخاضع الأذلّ المعفّر ، والخانع القميء المعصفر ، ومقبّل النعال المحقّر ، عندما تقضي مصلحته الذاتيّة ذلك ، لكي ينجو بنفسه من المهالك .... فيا لعار المهانة الشائنة والذلّ العظيم ! * * * يا رفاق الجهاد الجبّار ذوي العزيمة التي قهر الفولاذ الصّلب ويصهر ، دون أن تلين أو تقهر ارادتهم الراسخة الأسس ، ودون أن تنال محاولات الباطل من ايمانهم الوطيد قلامة ظفر ، اجرعوا أكواس الاكسير الخالد ، بعدما بطش العدل بباطل ( التنّين ) فجعله مهزأة وأضحوكة للبلاد بأسرها . فاسمه اللعين أصبح شارة الذلّ والابتذال ، وعنوان الحقارة والاحتقار ، والوضاعة الغارقة في حمأة الدناءة ومستنقع العار ... * * * وماذا يا رفاق ؟..... ماذا سيخلّف هذا الجيفة النّتنة لعائلته التّعسة التي تلوّثت بأوشابه ، والتصقت بهم كالتصاقها به ؟ ماذا سيخلّف لهم الاّ الخساسة والدّناسة ، والحطّة الورّجاسة ، والصيت العارم القبيح ، وتلالا من التدجيل ، وجبالا ممّا نسجه لضحاياه من خسيس الأحابيل ! ... الأبناء تبارك آباءهم ، وتترحّم عليهم بعد انتقالهم الى الدار الأخرى ، أمّا أبناؤه ...فعوضا عن الترحّم عليه ، سيرجمونه بلعناتهم ، ويمطرونه بتجاديفهم ، قائلين : لعنت أيّها الذميم الدميم ، والمجرم الأثيم ، فاقبع نارا في دركات الجحيم ، وتجوّل قارا في ردهات الشيطان الزنيم ، لأنّك لم تترك لنا الاّ عار الصيت المخجل ، والثروة المسروقة بطرق الاحتيال والتدجيل . انّنا نخجل باسمك اللعين ، ولسوف نتبرّأ منك ومنه في يوم الدين . سيقولون هذا اذا كشف الله عن أبصارهم وبصائرهم المسدل عليها ستار ابليس الرجيم . ولكن ... ( هل يلد الصلّ غير الأفعوان ؟ ) هذا محال ، هذا لا يكون . * * * أنشدوا ، أنشدوا يا رفاق ، بعدما تقلّص ظلّ الباغية ، وعصف الحقّ بباطل الطاغية ، فاذا هو الذليل المهان .... هو وكلّ من سار بركابه ، وشاركه في ظلمه وارتكابه . وأنت ... أنت يا حبال المشانق التي قضيت على أرواح بريئة ، تنفيذا لرغبات هذا الشيطان الابليسيّ ، آن لك أن تعانقي هذا المجرم الذي طغى وبغى ، وتكبّر وتجبّر ، وارتكب كلّ نقيصة يمكن أن تمرّ بمخيّلة آثم وجان ، واجترح من الفظائع الدامية ما يحسده عليه ربّ أرباب الأبالسة ، في جهنّم النار المتّقدة . عانقيه ، عانقيه يا حبال المشانق ، فتريحنا من جرائمه المتكاثرة ، وتريحه من وجود القذر . انّه العار المتجسّد على أرض البلاد التي يحيا فيها ، ويتنسّم هواءها النقيّ ، فيفسده بجراثيم سخائمه ، ويلوّثه بطاعون ارتكاباته وجرائمه . هناك ، حيث يقبع في قفر الكسليك ، على مقربة من بلدة جونية ، بين وحوش البرّية وأشواكها ، وحيتان البحار وأسماكها . * * * أمّا أنتم يا أبناء وطني المفدّى ، من مقيمين ومغتربين ، فلكم الآن ، بعدما تحطّم ذلك التنّين النتن اللعين ، أن تهزجوا ، وتطوبوا ، وتنشدوا نشيد الفرح والسرور ، والغبطة والحبور . نعم ، أيّها الأحبّاء ، لقد سقط التنّين المجرم ، وانتهى عهده الظالم المظلم ، ولن تقوم له قائمة حتى يوم النشور . * * * |
أرقصـــوا يـــا رفــــاق أنشـــدوا فـــي الأفــــــاق أنّ عهـــــد النفــــاق أنّ صِــــلّ الشّقـــــاق أنّ دبّ الفســــاق
قــــد تحطّم قــــد تــــردّم قــــد تهـــــدّم
وأتــــى عهــــــد جديـــــــد فارتــــــدوا درع الحديــــــــد لنُعيـــــــــد
مجدنــــا الزاهـــــي العتيـــــد ونُبيــــــــد فــــي الصّــــدام بالحســــام كلّ من يبغي علينـا مــن طغـام مــن لئـــام أشعلـــوا نـــــار الضّــــرام فـــي الصــــدور وتغنّــــوا بأناشيـــد الســـرور والحبـــــور انّ ( تنّينـــــا ) زنيمــــــا ورجيمــــــا ســــار في درب الشـــرور والفجـــــور انّ ( تنّينـــــا ) أثيمــــــــا ولئيمــــــــا غــاب فــي طـــيّ القبـــــور للدهــــــور يــا رفــــاق يــا رفــــــاق |
بيروت 20 أيلول 1952