أحلمٌ أم يقظة
يا رفيقة أيامي، وسميرة أعوامي،
اتبعيني إلى حقل الورود الرائع،
لتُمتعي نظرَكِ بأبهى الألوان وأروعها فتنة
وسيري معي إلى البُحيرة المُذهلة،
لتُشاهدي فيها الإوز وهو يسبح بها بغبطة وحبور،
ولتُرافقي بنظركِ الطيور البيضاء تُحلّق حينًا فوق البحيرة
لتعود وتستقر على صفحتها الرقراقة.
أسرعي لنوغل في غابات الشربين (بأوسلو)
كي نُشاهد جمال الطبيعة الخلاب.
انظري، يا جميلتي، إلى النسيم وهو يُداعب الأشجار فتنتشي،
وانظريه كيف يُعانق الأزهار ويندمج بها،
فإذا هي ثملى من النشوة العظمى.
حدّقي الى هذه الشجرة الجميلة،
فقد أزهرت فيها فتنةٌ فردوسية!
ها إن العشب يتأرجح بدعة كالثمل الذي أسكرته خمرة الآلهة!
والتفتي إلى يمينكِ تجدي قطيعًا من الأبقار الهائمة
تسير بتودة في هذا المرج الفسيح العامر بالكلا.
وهناك قطيع آخر من الأغنام وهو يتنعم بالحشائش بهدوء واطمئنان.
واصغي لتغريد هذا الطير الصادح على الأغصان الميساء،
أنه يرفع شكره لخالق البرايا على هذا الفردوس العامر بالخيرات.
ها هي الشمس قد غمرت المروج الفسيحة،
وبسطت سلطانها على الغابات الشاسعة،
وألقت بعسجدها على البحيرات الواسعة.
وإذا بذهبها يتوهَّح فيغمر السهول والبطاح،
فتتألَّق أنوارٌ عجيبة لا تملُّها الأنظار.
اتبعي بنظراتك الوسنى جمهرةً من الأسماك المُذهبة
فتريها تمرح بفرح في هذه البحيرة السعيدة،
مُطمئنة إلى أنها تقيم في هذا الفردوس المُقيم.
وزرقُة السماء الفيروزية ذات البهاء
تُضفي جمالاً على جمال، وروعةً على روعة، وسحرًا على سحر،
فيذهَل الناظر إلى هذه الجنة التي لا مثيل لها.
حدّقي النظر إلى الفلوك ذات الأشرعة
فتريها تذرع البحيرة الحالمة،
فتُضفي جمالاً خلابًا على جمال خلاّب.
ها هو المساء قد ابتدأ بالأفول،
والظُّلمة زحفت لتُخيم على السهول والبطاح،
والليل ألقى بوشاحه الدجوجيّ على هذه الجنة العامرة.
فلأرقد تحت شجرة الكرز المُزهرة، يا معبودتي،
وأتوسَّد صدركِ الشهي،
وإذ ذاك أغرق في نومٍ أبدي.
في القطار الذي سيصل إلى أوسلو بالنروج
بعد نصف ساعة – 21/6/1972 والساعة الواحدة والنصف