أيتها الشمس!
أيَّتها الشمس!
يا من تقطنين، في الأعالي!
يا ابنة الفضاءِ اللامتناهي!
أيَّتها الكرةُ النارية المُتوهِّجة بالأنوار الأزلية!
يا أعظم من نراه زائرًا كوكبنا الأرضي!
أيَّتها المُرسلة أنواركِ الإلهية لتهبينا الحياة!
إن أنتِ إلا رسولة الخالق للخلائق؛
إنكِ سيَّالٌ علويٌّ يهبنا الحياة ويبعث فينا الحيوية.
لولاكِ لكانت أرضُنا ظلامًا دامسًا،
ولولاكِ لاحتلَّت كرتنا ثُلوجٌ أبدية،
ولولاكِ لمات كلُّ مخلوقٍ ذو نسمة حية،
ولاصبحتْ أرضُنا بلقعًا خرابًا وقفرًا يبابًا.
تغربين، فتُهيْمن علينا الكآبة لغروبكِ،
وبغيابكِ تحتلُّ جيوش الظلام عالمنا الكئيب،
فنهرعُ إلى اسرتنا وقلوبنا مُتلهفة للقائكِ في صباح الغد.
لقد آمنتْ بكِ شعوبٌ وقبائلُ كثيرة،
آمنتْ بأنكِ أنتِ من خلقَ السماوات،
ومن كوّن السُدُمَ والكواكب.
فكانت تُقدّمُ الضحايا استرضاءً لكِ وحبًّا بكِ؛
كانت تقيدُ شابًا موثقةً أياه بحبال متينة،
ويتقدمُ الكاهنُ فيشقُّ صدره بسكينه الحادَّة،
مُنتزعًا قلبه، ونبضات الحياة ما تزال فيه،
ويرفعه بيده نحو قرصكِ المُلتهب.
حتى المُجرم (جوداس) الهندوسي الذي اغتال غاندي،
غاندي الذي حرَّر بلاده من ربقة نير بريطانيا العظمى،
هذا المُجرم الذي أفقد الكرة الأرضية أعظم إنسان في عصرنا الحاضر،
طلب عند إعدامه من جلاده، أن يُدير وجههُ لقرص الشمس المُلتهب؛ إذ كان يؤمن بأنكِ خالقٌ مهيب، وربٌّ مُقتدرٌ حبيب.
أيَّتها الشمس الدائبة منذ بلايين الدهور
على مدِّنا بطاقاتك الهائلة المُحيية!
من هو الذي لا يؤمن بك، أيَّتها الشمس النورانية المهيبة؟!
إنكِ من أعاليك تراقبين أعمالنا، وتصغين لأقوالنا،
وتصبُرين على جرائمنا، وتشاهدين تهتكنا وتبذلنا.
لقد ارتكب أبناءً الكرة الأرضية موبقاتٍ شائبة،
وغاصوا حتى النواصي بالمعاصي أيَّتها الشمس المُبدعة!
فليتكِ تشيحينَ بوجهكِ النير عن كوكبنا البغيض،
وإذ ذاك يستحيلُ النور إلى ظلامٍ دامس،
ويغرقُ هذا الكوكب الذي دنَّسته أمال ساكنيه
إلى ظلامٍ سرمديٍّ أبديّ،
ثم يشمله الصقيعُ الدهري،
فإذا بمخلوقاته يغمرها سكونٌ لا نهائي.
ويومذاك يحتلُّ شبخ الموت ربوع كوكبنا
الذي حجبْتِ وجهكِ الإلهيّ عنه،
فإذاه عالمٌ مخيفٌ ورهيب
تسوده ظلمات دجوجية حندسية.
آه، أيَّتها الشمس البهيّة!
كم أتمنَّى أن أندمجَ بكِ لأتذوَّق لذَّة الألوهيَّة.
مدينة فينكس – الساعة 10 و 12 دقيقة ليلاً
تاريخ 27/1/1977