على نفسها جنت براقش
دفقٌ من الأعالي احتلّ كياني ! إنّه وحي السماء !
فصرت أشاهد الأحداث ترى من أسحق جبل ناء .
أشعر بما ستحمله الأعوام أكان خيراً عميماً أم شرّاً أو شقاء .
وكاعب عرفتها يافعة ثم صبيّة تسحر بعينها النجلاء .
أحبّت شابّاً بعمرها ، فتتيّم بفتنتها ، فيا لها من كاعب حوراء !
زارتني تزفّ لي البُشرى بعريسها :" سأصبح زوجته فيا لهنائي !"
نصحتُها :" إيّاك والزواج يا (هند)، فنكبة عظيمة تتحفزّ لطعنك ببلاء
إذ سيُقتل ابنك الشابّ وستتضرّج ابنتك بالدماء .
هذا وحي علويّ تلقّيته ، فبلّغته لك إذ خير لك الانزواء ".
تجهّمت وغادرتني ، وراحت تُذيع :" إنّ دجّال كذوب ، إنّه يُرائي .
لغاية يُريد ابتعادي عمّن أحبّ ، فوالله حبّه العظيم سمائي .
وتمّ اقترانها به ، وأنجبت منه صبيّاً ذكيّاً ، وكاعباً حسناء .
عشرون عاماً مضت على نجلها كان فيها أمل والديه بلا مراء .
وذات يوم اختلف مع زميلٍ له ، فطعنه بخنجرٍ رهيف يحمل في حدّه البلاء ،
فتضرّج بدمائه وانطلقت روحه إمّا إلى الجحيم أو إلى العلاء .
وأُغمي على والدته ، ثم صحت فبكت ،
ثم أعولت فولولت ، فهرعت على ولولاتها النساء .
مضى عام وزُفّت ابنتها إلى عريس أحبّها وعشق عينها الكحلاء ،
عشرون يوماً مضت على زواجهما كانت سلسلة أعياد وهناء .
سأذهب إلى باريس غداً لإنجاز شُغل ، يا ربّة أحلامي ، يا ذات البهاء .
قالها لعروسه . فتشبّثت به ترجوه البقاء وتُكرّر عليه الرجاء .
هي أيّام أربعة أعود بعدها حاملاً لك حلية من الماس الوضّاء
ودّعها وذهب إلى المطار ،
وكانت الأمطار تهطل والرعود تقصف والبروق تومض بسناء .
خاف فعدل عن السفر ،وعاد إلى منزله ، وإذا به يُشاهد الهول والداء العياء .
عارية شاهدها ، وصديقه مثلها ، أمسكهما بحالةٍ شائنة ، حالة الزناء ،
وأطلق النار عليهما قائلاً : لتذهب روحاكما المدنّستان إلى جهنّم الحمراء .
وانقضّت الصاعقة على (هند)، وزُلزلت الدنيا ومادت بانثناء !
وعوت وحدّت ، ثم انتزعت شعرها من جذوره ، ثم انكفأت وأعولت ...
ناحت واستمرّ البُكاء !...
وأخيراً فقدت عقلها ، وهامت بين الحقول وفي السهول وفي الخلاء .
ما كان أغناك عن لذّة دقيقة سقتك اليوم تعاسة تُزلزل الدأماء .
لا عجب ! فكلّ ابنة حوّاء لو عرفت أنّ هلاكها بزواجها
تُقدم عليه بنهمّ رافضة نصيحة الأنبياء !
ميلانو ، في 4/3/1974
الساعة السابعة صباحاً