وهمٌ من الأوهام العابرة
واستقليت الزورق الذي يسيرُ بقوة الكهرباء،
ورحتُ أجوبُ به البحار طولاً وعرضًا.
وكنت اصطادُ الأسماكَ بقصبة، هي آخر ما اخترعته العقول المبتكرة.
وعندما أنهيتُ رياضتي هذه،
دخلت إلى صالون القارب،
وإذا بالجاريات الست يحتطنني،
وهن يحاولن إغرائي.
فهذه تطعمني ثمرةً،
وتلك ترتبُ بيدها شعري وتنسقه
وأخرى تدلكُ لي قدمي بيدها البضَّة،
وأخرى تقصُّ عليَّ أسطورةً شعرية،
والأخيرة تقبلني بحرارة،
وأنا أجاريهن في لهوهن، ولا هم لي إلا اختراع أسباب اللهو،
بعد أن تضخمت الأموالُ في خزائني،
وكُثرت قصوري، ودرتْ عليّ أسهمي أموالاً طائلة.
وعندما كنتُ أغادرُ القارب،
كنتُ استقلُّ طائرتي الخاصة
فتحلقُ بي في الأجواء،
قاطعةً المسافات الشاسعة،
ذاهبةً بي حيثُ أحبّ.
فيومًا في كاليفورنيا،
ويومًا في فيلادلفيا،
ومن ثم إلى الفيليبين،
فطوكيو، فباريس، فلندن.
ثم إلى غيرها وغيرها من المدن الكبيرة والقرى الصغيرة.
وكنتُ أُبذرُ المال،
وأوزعه في الفنادق، والمطاعم، والمتاحف، ودور اللهو،
والمال لا ينقص بل يزيد، إذ أتخمتْ به خزائني وجيوبي.
وقد ابتعتُ من التحف أغلاها،
ومن الطرائف أنفسها،
ومن السلع أثمنها وأروعها،
وزينتُ قصوري العديدة بها.
وكنتُ الآمرَ الناهي،
فكلمتي تُنفذُ ولو فيها قطعُ الرقاب؛
فأنا الملك المطاع.
وكانت الرقابُ تعنو لي،
فأنا لا آبهُ بالرجال إذْ أراهم كأعوادِ الثقاب.
فالمالُ، لكثرته، بين يدي كالتراب،
ولهذا كنت أداوم على الطعام والشراب.
وبينما كنت في أحد الأيام أجالسُ الملوك والسلاطين والقواد،
وعددًا من أرباب الملايين،
وأقارن بين ما أملكه وما يملكون،
إذا بي الفائز، وإذا بهم أمامي ينحنون.
وفجأةً استيقظُ، فأرى أنني كنتُ حالمًا؛
وإذا بتلك القناطير المقنطرة من الأموال،
وتلال المجوهرات، والقصور العاليات،
والقوارب الكهربائية، والطائرات النفاثة المُحلِّقة في السموات اللانهائية،
ما هي إلا وهمٌ من الأوهام، وسرابٌ زائل من الأحلام.
الولايات المتحدة الأمريكية
الساعة 9 من ليل 6 آب 1976
بشريني فتُحيني
عروسَ الشعر اهبطي من عليائك وألهميني،
ألهميني قصيدةً عصماءَ أصف بها معبودتي، فأنجديني،
أنا لا أهيمُ إلا بها، يا عروس الخيال، فاصدقيني.
بلغيني أن ما بي هو بها، فإنْ فعلت، تنقذيني.
إني أراها في خيالي، في يقظتي ومنامي، هل تُطمئنيني؟
أنا بتُّ أسير الضنى، سمير العنا، فعلليني.
أنا ميتٌ بدونها، فهي حياتي وإليها دومًا حنيني.
تُرى هل يأتي يومٌ أكونُ لها، وتكونُ لي، بشريني فتُحييني؟
الولايات المتحدة الأمريكية
الساعة السادسة والنصف
من مساء 8 آب 1976