رحلة سياحية ببحر اليونان
أنا في الباخرة (هرمز) HERMES
برفقة الأخ نقولا ضاهر، ورياض.
وقد دخلناها في الساعة الثامنة والربع صباحًا،
وأقلعتْ بنا في التاسعة إلا سبع دقائق،
ووجهتها الجُزُرُ الثلاث:
آجينا، وبوروس، وهيدرا.
وكان أفواج السائحين والسائحات
يملأون أرجاء الباخرةن وينتشرون في طوابقها،
صاعدين هابطينن ذاهبين آيبين...
فهذا يخاصر تلك،
وتلك تغمر فتاها برقة.
فالرائي يظن أن الإخلاص قد تجسَّد،
والوفاء قد حطَّ عندهما رحاله.
وحقيقة الأمر ما هي إلا أكاذيب واضحة،
وأضاليل مزركشة وفاضحة.
فالإخلاص كلمة خيالية،
والوفاء عبارة وهيمة.
فحوادث الدهر أكدت أن الخيانة هي المنتصرة،
وكلّ ما عداها فاشلة، فأنت تراها مُهشمة ومُنكسرة:
فالرياء هو الظافرن وقد تهلل وارتفعت بنوده،
وحشد بكثافة فيالق متعددة من حشود جنوده.
وسرتُ بين السياح، وأنا أتتبعهم بنظري:\
فهذا يرشف القهوة،
وذاك ملأ فمه بالطعام،
وسواه سحرته غادة فتسمر نظره فيها،
وزميله بهرته يافعٌ لعوبٌ مغناجه،
فهو يكاد يلتهمُها بنظراته النهمة.
وتجاوزتهم، وإذا بي أرى عجوزًا شمطاء
تزاملها مسنةٌ عظيمةٌ شوهاء،
وكانتا تطيلان النظر إلى شابّ مراهق
يطوق بزنديه غادةٌ طريرة.
وإذا بنظرات العجوزين تقفز منها الحسرات،
إذ تخيلتا نفسيهما عندما كانتا بعمر الورود الجورية،
وسرعان ما التهمت الأعوام صباهما الغضّ،
وإذاهما شوكتان مُخيفتان ينفر النظر لرؤيتهما.
وجعلتُ أراقب الذاهبين والآيبين،
ومنهم الأشرار، وربما منهم بعضُ التائبين؛
إن علم هذا عند علام الغيوب،
فهو العارف بالحقيقة والمُحصي علينا الذنوب.
ورحتُ أشاهد طيور النورس وهي تجوب البحار،
ملاحقةً سفيتنا بهمة ونشاط،
باسطةً أدنحتها، صاعدةً بروج السماء،
مُنخفضةً حتى تلامس الماء، فيرتطم جناحاها به،
ثم تعود فتعلوا وتعلو وهي فرحة مُبتهجة.
وكان البحر رائعًا بزرقته وصفاء مائه،
والهواء العليل يداعب الوجوه برقة.
وفجأةً ظهرتْ أمام أعيينا جزيرة (آجينا)،
وأنزلت المرساة، فإذا بسفينتنا وقد تسمرتْ.
فخرجنا بالقوارب زرافات تتلوها زرافات،
وبغيتنا التمتُّع بمشاهدة هذه الجزيرة الجميلة.
كتبت في الباخرة (هرمز) الذاهبة لجزيرة Aegina
في الساعة العاشرة إلا ربعًا تاريخ 9/6/1979