صَامتٌ وأخرسٌ كالحَمار المُلجم
بعد مُرُور 40 عَامًا على طرده
أسِفْتُ، إذ أمضيتُ عمري سدىً؛
فما أشدَّ الهولْ!
ومضت أعوامي تباعًا،
دون أن أُحقِّقَ فيها الأمْل؛
قضيتُها محاربًا أعدائي،
من وغدٍ، لدنيءٍ، لسافلٍ، لمنحطٍ، لسفاحٍ مُبتذلْ...
شننتها حربًا ضروسًا عليهم،
فإذا كلٌّ منهم مثخنٌ، مخذولٌ ومُجندَلْ.
فعبد الرحيم الشريف الخليلي هو عبد للرجيم، ومُلطخٌ بالعار،
القمتُه حجرًا عوى منه كالكلب لشدة الألم؛
هو خائنٌ سافلٌ، ساقط الأخلاق،
شائنُ العرض، مهتوكه، فكلُّه ثِلَمْ.
بطشتُ به بطشًا ذريعًا،
إذ لقنته درسًا سيكون أسطورة تُروى للأمم!
تقرأ عنه في كتابي (مذكرات دينار)،
فترى هذا (العبد الخائن) يتلوى كثعبانٍ، راقصًا على النغمْ،
والحذاءُ القذر يصفعُ صفاقة وجهه، بطنًا فظهرًا
فيُنزلُ عليه أشدَّ النقمْ.
هو حقيرٌ تافهٌ، مرذولٌ ولصٌّ سارق،
ونذلٌ مُماذق، يغشاه الجُبن والسقمْ.
لو أُتيحتْ لي رؤيته الآن، لمزقتُ لحمانه،
ولألقيتُها لضباع الغاب، فإذاه منها مُلتهمْ.
بالزنى ولدته أمُّه، وبالخنى رضع منها حليب الدعارة،
فيا لها من أمّ قذرة، يعجز عن وصف سفاحها القلمْ!!
أرقصتُه، كما يرقصُ السعدان، فأضحكتُ الملأ على بهلوانياته،
فيا لَهُ من ثُعبانٍ سامٍّ متهم!
وعندما كنتُ أكتئبُ كان ينطنطُ مُتشقلبًا كالقردِ ليُضحكني،
ثكلته أمُّه، كم فسقتْ فولدته أرقْم!
كم من النعال قصفتُه بها، فكلَّلت هامهُ،
فإذاهُ يُسرع بتقبيلها، وكأنها عليه نِعَمْ!
ويُمنايَ، سَلوها كم صفعتُهُ، وكم لكمتُه بها،
فغذا بالم ينبثقُ من فمه النتن، وهو صامتٌ أخرسُ كالحمار وقد أُلْجِمْ(1)!
أعوامًا مكثها خادمًا يكنِّس البيت، ويُنظِّف المرحاض،
وكم كنتُ إذ ذاك له أرطمُ وألكُمْ!
اعتليتُ ظهره مراراً، وسُقتُهُ تكراراً كما يُساق الجحشُ،
وتالله كم كنتُ حينذاك أطربُ وأنعمْ!
-----------------------------------------------
(1) أي لم يكن يجرؤ على أن يتفوه بكلمة ما رغمًا عن الصفعات المتتالية على فكّه النتن وكأنه حمار وُضِعَ اللجامُ بفمه فأخرسه، لعنه الله.
------------------------------------------------
واليوم، وقد مضت أعوامٌ طويلة منذ طردته طردًا أبديًّا،
فأصبح سجينًا بالقُمقمْ!
تذكرتُ عندما كان ينطنطُ مُجيدًا رقصة (الهنّ)(1)،
مُدَّعيًا أنه يرقصها وهو مُلهَمْ.
لُعِنَ هذا المنغمس بالكذب، إذ إلهامه التدجيليّ جعله كركوزًا
يُضحكُ الثكلى لشقلباته، وكنت له أرفُسُ وأشقُم(2).
ذكرتكَ يا ربيب الأسخريوطي اللعين،
فإذا بذكراك تُلهمني هذا المقال الذي ساطك وثقبك كالسهمْ،
فإذا كنت حيًّا، فستعوي، لقراءته، باكيًا لشدَّة الألم،
وإذا كنتَ ميتًا، فيستقرُّ بروحكَ النجسة بجهنّم النار المُتقدة،
حيث تُشوى بالحممْ.
الولايات المتحدة الأمريكية
الساعة 12 ظهرًا،
تاريخ 7/1/1977