[ 188 ]
ومن خطبة له عليه السلام
في الوصية بأمور
التقوى
أُوصِيكُمْ، أَيُّهَا النَّاسُ، بِتَقْوَى اللهِ، وَكَثْرَةِ حَمْدِهِ عَلَى آلاَئِهِ إِلَيْكُمْ، وَنَعْمَائِهِ عَلَيْكُمْ، وَبَلاَئِهِ (1) لَدَيْكُمْ. فَكَمْ خَصَّكُمْ بِنِعْمَةٍ، وَتَدَارَكَكُمْ بِرَحْمَةٍ! أَعْوَرْتُمْ (2) لَهُ فَسَتَرَكُمْ، وَتَعَرَّضْتُمْ لِأَخْذِهِ (3) فَأَمْهَلَكُمْ!الموت وَأُوصِيكُمْ بِذِكْرِ الْمَوْتِ، وَإِقْلاَلِ الْغَفْلَةِ عَنْهُ، وَكَيْفَ غَفْلَتُكُمْ عَمَّا لَيْسَ يُغْفِلُكُمْ (4) ، وَطَمَعُكُمْ فِيمَنْ لَيْسَ يُمْهِلُكُمْ! فَكَفَى وَاعِظاً بِمَوْتَى عَايَنْتُمُوهُمْ، حُمِلُوا إلَى قُبُورِهِمْ غَيْرَ رَاكِبِينَ، وَأُنْزِلُوا فِيهَا غَيْرَ نَازِلِينَ، كَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا لِلدُّنْيَا عُمَّاراً، وَكَأَنَّ الْآخِرَةَ لَمْ تَزَلْ لَهُمْ دَاراً، أَوْحَشوُا مَا كَانُوا يُوطِنُونَ (5) ، وَأَوْطَنُوا مَا كَانُوا يُوحِشُونَ (6) ، وَاشْتَغَلُوا بِمَا فَارَقُوا، وَأَضَاعُوا مَا إِلَيْهِ انْتَقَلُوا. لاَ عَنْ قَبِيح يَسْتَطِيعُونَ انْتِقَالاً، وَلاَ فِي حَسَنٍ يَسْتَطِيعُونَ ازْدِيَاداً، أَنِسُوا بِالدُّنْيَا فَغرَّتْهُمْ، وَوَثِقُوا بِهَا فَصَرَعَتْهُمْ.
سرعة النفاد
فَسَابِقُوا ـ رَحِمَكُمُ اللهُ ـ إِلَى مَنَازِلِكُمْ الَّتِي أُمِرْتُمْ أَنْ تَعْمُرُوهَا، وَالَّتِي رُغِّبْتُمْ فِيهَا، وَدُعِيتُمْ إِلَيْهَا. وَاسْتَتِمُّوا نِعَمَ اللهِ عَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ عَلَى طَاعَتِهِ، وَالْمُجَانَبَةِ لِمَعْصِيَتِهِ، فَإِنَّ غَداً مِنَ الْيَوْمِ قَرِيبٌ. مَا أَسْرَعَ السَّاعَاتِ فِي الْيَوْمِ، وَأَسْرَعَ الْأَيَّامَ فِي الشَّهْرِ، وَأَسْرَعَ الشُّهُورَ فِي السَّنَةِ، وَأَسْرَعَ السِّنِينَ فِي الْعُمُرِ!
1. البَلاء: الإحسان، وأصله للخير والشر، ولكنه هنا بمعنى الخير.
2. أعْوَرْتم له: أي أطَهرتم له عوراتكم وعيوبكم.
3. أخْذِهِ: أي أن يأخذكم بالعقاب.
4. أغفله: سها عنه وتركه.
5. أوطَنَ المكانَ: اتخذه وطناً.
6. أوحشه: هجره، حتى لا أنيس منه به.
1. البَلاء: الإحسان، وأصله للخير والشر، ولكنه هنا بمعنى الخير.
2. أعْوَرْتم له: أي أطَهرتم له عوراتكم وعيوبكم.
3. أخْذِهِ: أي أن يأخذكم بالعقاب.
4. أغفله: سها عنه وتركه.
5. أوطَنَ المكانَ: اتخذه وطناً.
6. أوحشه: هجره، حتى لا أنيس منه به.