مجد الملوك الستة
من أقاصيص: زينة حداد
ترجمة: سمير الحداد
نجوم مُتلألئة تزرع قبة السماء بأعدادٍ لا سبيل لاحصائها لا الآن ولا في الآلي من الزمان. هي تخطر في العشايا سابحة في بحرٍ من الغبطة. غير أنه وفي أماكن أكثر سموًّا هناك نجوم ستة تفوق النجوم الأخرى بأبعادها وقدراتها، وهي مُتوجة على كل كوكبات النجوم، والعوالم تدعوها بالعمالقة.
الآلات حديثة ومتطورة جدًّا غير أنها لا تمكِّن علماء الفلك من مشاهدة النجوم الستة التي يدير شأن كل منها ملك ذو جلالة ووقار، يسوس مملكته بحكمة وخبرة اكتسبها على يدي الأجيال. هذه الممالك هائلة الاتساع وتستطيع أن تضم المليارات من العوالم. والملوك لا يحكمون في ديارهم فقط بل أيضاً في السماء بكاملها؛ فهي مقسّمة إلى أجزاء ستّة ومتساوية يضمُّ كل منها آلاف النجوم. يجسّد هؤلاء الملوك الكمال، وتتشكّل تيجانهم من الوف النجوم، ولحاهم الجليلة مجدولة بشعاعات من شموس مُطلقة نهائية.
يدير هؤلاء الملوك الأقسام المُخصصة لهم من السماء كل من عالمه الخاص ويقوم من وقت لآخر بزيارة النجوم التابعة له فهو يسافر بكوكبه كمركبة بسيطة عبر الفلك إلى النجمة التي يرغب بزيارتها.
كم هم جميلون ومتألقون هؤلاء الملوك! فعندما يتواجدون جنبًا إلى جنب، تستدعي السماء محفلها المكوّن من كوكبه النجوم التابعة للملوك الستة. وتنبعث أنور باهرة من شخصياتهم الجليلة تُضيء جميع العوالم.
يتعهَّد كل رئيس عددًا من الكواكب يساوي عدد شعر رأسه، ويتواصل مع عوالمه بواسطة شعاعات شعره. إذا أراد أحد النجوم حضور رئيسهن يقوم بعزف لحن رائع على الشعرة المُتالقة ويقوم الرئيس بلف الشعرة على بكرةٍ جاذبًا النجم نحوه وبغمضة عين.
تنعم السماوات بحالة من الغبطة المُطلقة بجوار الهتها الرائعين. وأحيانًا يرتفع الملوك الستة إلى أعالٍ غير منظورة جاذبين معهم على دويّ الرعودة جميع النجوم دون استثناء، ويتوجهون عندئذٍ نحو أبيهم السماوي، الاله الاسمي كيما يقدموا له تفصيلاً عما أنجزوه من الأعمال.
وفي غمرةٍ من الفرح والحب ومظاهر العيد والحبور يرفع الملوك الستة آيات التبجيل والتسبيح للخالد الأزليّ الأعظم متوجين هامته بالأنوار ساجدين ينشدون أناشيدهم عرفانًا بنعمة العليّ، يرافقهم الوف من الملائكة ورؤساء الملائكة بأصوات قيثاراتهم الساحرة وكناراتهم المقدسة.
تدفقي أيتها النيران السماوية، إن فيك النور الأبدي، وأنت أيتها النجوم المقدسة، أرقصي، أرقصي كرقص داود الملك! إنه نشيد الله. وأنت أيتها النجوم اسكبي أنوارك المتساوقة بانسجام!
إنها شمس الإله. اسكبيها في الكؤوس المقدسة فقد حان وقت تقديم النجوم والعوالم قرابينها وهداياها.
إنه نقاء الزنابق في بوح البخور والأزهار الذي يرتقي ويتعالى غيمات وغيمات نحو الاله.
واسمعوا أيها الأطفال! إذا رفعتهم ابصاركم ذات مساءٍ نحو السماء ولم تروا نجومًا متالقة، اعرفوا إذًا أنها في ارتحال بعيد، بعيد جدًّا تقيم العيد للملوك الستة المُحيطين بالله، فهم أبناؤه الأحباء.