المَجوسْ
من أقاصيص: زينة حداد
ترجمة: سمير الحداد
منذ بداية الأزمنة تتالق نجمة مقدَّسة وينتشر نورها العجائبي شلالات دائمة التدفُّق على جميع العوالم السماوية التي تتلقفه بفرحٍ وغبطة.
إنها النجمة المُحبَّبة إلى الله الذي يتوجها بحبِّه لأن يسوع ابنه يقيم فيها. كانت دائمة الترحال في الفضاء من سماء إلى سماء. وكانت جميع النجوم تُحيط بها وتبجِّلها، ومن بينها ثلاثة كانت ترافقها أنَّي ذهبت، وكل واحدة منها كانت مسكنًا لملك، خادمٍ أمينٍ للنجم الكبير الذي كان لهم دليلاً.
هذه العوالم الثلاثة مُختلفة واحدها عن الآخر. ففي أحدها يوجد المرّ، والبخور في الثاني والذهب في الثالث. والمرّ والبخور والذهب هي تقدمات وقرابين مُكرّسة لله.
ومما تجدر الإشارة إليه أن عالم الذهب هذا ليس عالمًا للذهب الذي تجهد في طلبه هنا على الأرض والذي من أجله يُرتكب الجرائم، العديد من الجرائم. الذهب هناك ذهب روحاني يولد شموسًا للسماوات وبلا انقطاع.
ويأتي اليوم الذي سيولد فيه يسوع على الأرض، يوم الخلاص لبني البشر. ويقترب النجم العظيم بعيدًا عن أنظار عالمنا ويودّع حَمَله الغالي في المزود، المهد، في بيت لحم، ويرجع دربه في قبَّة السماء مُتالقًا بالف ألقٍ ولون، ثم يهتف صارخًا في السماء:
هيّا اذهبوا أيها المجوس! انزلوا واتبعوا سيدكم! اطلقوا البشارة السعيدة! فقد ولد الملك! وهو سيموت عن الإنسانية. سيتعبَّد العالم جيلاً بعد جيل للأشواك التي ستصغر تاجًا له وللصليب الذي سيكون عرشًا له ومجدًا.
اتبعوني! تابع النجم العظيم فسأرشدكم غلى المسيح وستكونون مُباركين!
وهكذا تبع الملوك الثلاثة يسوع على الأرض حاملين له التقدمات والهدايا كلٌ من موطنه...
عندما بلغوا بيت لحم كان الليل قد ألبسَ الأرض وشاحه. وحدها نجمة يسوع كانت تتوهَّج. ودخل الملوك المجوس قصر هيرودس وتظاهروا بأنهم يستعلمون عن مكان ملك أورشليم الجديد كيما يقدموا له الهدايا، والحقيقة أنهم كانوا ينبئون هيروس بأن ساعة الخلاص والانعتاق قد أتت.
ثم قاموا بوضع الهدايا عند أقدام يسوع، الوليد الذي رافقوه على الأرض.
أما وقد أتمُّوا المشيئة الألهية، انصرفوا إلى حيث جاءوا وأصوات الأبواق تدوُّي في الفلك الأزرق مُعلنة تحقيق الحدث الذي استشرفه الأنبياء.