أنا أؤمن بأنه توجـد عدالة سماويّة, وأن جميع ما يُصيبنا في الحياةِ الدنيا من مُنغصات انَّ هـو الاّ جـزاءٌ وفاق لِما أجترحناه في أدوارنا السابقة من آثـامٍ وشـرور.ولهـذا يجب علينا أن نستقبلَ كلّ مـا يحـلّ بنـا من آلامِ الحياةِ ومآسيها غير مُتبرّمين ولا متذمّرين , بل قانعين بعدالةِ السماء ونُظمها السامية.

Highlighter
أحبُّ الكُتُبَ حبَّ السُكارى للخمر , لكنَّني كلَّما أزددتُ منها شرباً, زادتني صَحوا
ليس مّنْ يكتُبُ للهو كمَن يكتُبُ للحقيقة
الجمالُ والعفّــة فـردوسٌ سماويّ .
لا معنى لحياةِ ألأنسان اذا لم يقم بعملٍ انسانيٍّ جليل .
اعمل الخير , وأعضد المساكين , تحصل على السعادة .
من العارِ أن تموتَ قبل أن تقـوم بأعمالِ الخير نحـو ألأنسانيّة .
الموتُ يقظةٌ جميلة ينشُدها كل مَنْ صَفَتْ نفسه وطَهرت روحه , ويخافها كلّ من ثقُلت أفكاره وزادت أوزاره .
ان أجسامنا الماديّة ستمتدّ اليها يـد ألأقـدار فتحطِّمها , ثمّ تعمل فيها أنامل الدهـر فتتَّغير معالمها , وتجعلها مهزلةً مرذولة . أمّا ألأعمال الصالحة وألأتجاهات النبيلة السّامية , فهي هي التي يتنسَّم ملائكة اللّه عبيرها الخالد .
نأتي إلى هذا العالمِ باكين مُعولين، و نغادره باكين مُعولين! فواهً لك يا عالمَ البكاء والعويل!
جميعنا مُغترٌّ مخدوعٌ ببعضه البعض.
العدلُ كلمة خُرافية مُضحكة.
أمجادُ هذا العالم وهمٌ باطل، و لونٌ حائل، و ظلٌّ زائل.
لا باركَ الله في تلك الساعة التي فتحتُ فيها عينيّ فإذا بي في مكانٍ يطلقون عليه اسم العالم .
أنا غريبٌ في هذا العالم، و كم احنُّ إلى تلك الساعة التي اعود فيها إلى وطني الحقيقيّ.
الحياةُ سفينةٌ عظيمة رائعة تمخرُ في بحرٍ، ماؤه الآثام البشريَّة الطافحة، و امواجه شهواتهم البهيميَّة الطامحة، و شطآنه نهايتهم المؤلمة الصادعة.
كلّنا ذلك الذئبُ المُفترس , يردع غيره عن اتيانِ الموبقاتِ وهو زعيمها وحامل لوائها , المُقوّض لصروح الفضيلة , ورافع أساس بناءِ الرذيلة .
الحياةُ سلسلة اضطراباتٍ وأهوال , والمرءُ يتقلَّب في أعماقها , حتى يأتيه داعي الموت, فيذهب الى المجهولِ الرهيب , وهو يجهلُ موته , كما كان يجهلُ حياته .
من العارِ أن تموتَ قبل أن تقومَ بأعمالِ الخير نحو الانسانيّة .
المالُ ميزان الشرِّ في هذا العالم .
السعادةُ ليست في المال , ولكن في هدوءِ البال .
كلُّ شيءٍ عظيمٍ في النفسِ العظيمة , أمّا في النفسِ الحقيرة فكلُّ شيءٍ حقير .
الرُّوح نسمةٌ يُرسلها الخالق لخلائقه لأجل , ثم تعودُ اليه بعجل .
الرُّوح نفثةٌ الهيَّة تحتلُّ الخلائق , وكل منها للعودة الى خالقها تائق .
الرُّوح سرٌّ الهيٌّ موصَدْ لا يعرفه الاّ خالق الأرواح بارادته , فمنه أتتْ واليه تعود .
أنا أؤمن بأنه توجـد عدالةٌ سماويّة , وأنَّ جميع ما يُصيبنا في الحياةِ الدُّنيا من مُنغِّصاتٍ وأكدارٍ انَّ هـو الاَّ جـزاء وفاق لمِا أجترحناه في أدوارنا السابقة من آثـامٍ وشـرور . ولهـذا يجب علينا أن نستقبل كلَّ مـا يحـلُّ بنـا من آلام الحياة ومآسيها غير م
الحرّيةُ منحة من السماءِ لأبناءِ ألأرض .
الموتُ ملاكُ رحمةٍ سماويّ يعطف على البشر المُتألّمين , وبلمسةٍ سحريّة من أنامله اللطيفة يُنيلهم الهناء العلويّ .
ما أنقى من يتغلّب على ميولِ جسده الوضيع الفاني , ويتبع ما تُريده الرُّوح النقيّة .
ما أبعدَ الطريق التي قطعتها سفينتي دون أن تبلغَ مرفأ السلام ومحطَّ الأماني والأحلام .
الراحة التامّة مفقودة في هذا العالم , وكيفما بحثت عنها فأنت عائدٌ منها بصفقةِ الخاسر المَغبون .
ليس أللّــه مع الظالم بل مع الحقّ.
ان الصديق الحقيقي لا وجود له في هذا العالم الكاذب.
ما أكثر القائلين بالعطف على البائسين وغوث الملهوفين والحنو على القانطين , وما أقلَّ تنفيذهم القول.
يظنُّ بعض ألأنذال ألأدنياء أنّهم يُبيّضون صحائفهم بتسويدِ صحائف الأبرياء , غير عالمين بأنَّ الدوائر ستدور عليهم وتُشهّرهم.
ما أبعدَ الطريق التي قطعتها سفينتي دون أن تبلغَ مرفأ السَّلام ومحطَّ الأماني والأحلام .
رهبة المجهول شقاء للبشرِ الجاهلين للأسرارِ الروحيَّة , وسعادة للذين تكشّفت لهم الحقائق السماويَّة .
الموتُ نهاية كل حيّ , ولكنه فترة انتقال : امّا الى نعيم , وامّا الى جحيم .
الحياةُ خير معلِّمٍ ومُؤدِّب , وخيرَ واقٍ للمرءِ من الأنزلاقِ الى مهاوي الحضيض .
حين تشكُّ بأقربِ المُقرَّبين اليك تبدأ في فهمِ حقائق هذا الكون .
مَنْ يكون ذلك القدّيس الذي لم تخطرُ المرأة في باله ؟ لو وجدَ هذا لشبَّهته بالآلهة .
المرأة هي إله هذه الأرض الواسع السُّلطان. و هي تحملُ بيدها سيفاً قاطعاً لو حاولَ رجالُ الأرض قاطبةً انتزاعه منها لباؤوا بالفشلِ و الخذلان .

بتاريخ 10 حزيران 2023 نشرَتْ "الجمهورية" في الصفحة 13 من عددها 3580 مقالاً بقلم السيّدة نسرين بلوط يحملُ عنوان "داهش أو سليم العشّي ساحرٌ صحا من ضجعة الموت"، تضمّن معلوماتٍ مختلقة وافتراءاتٍ تُشَكِّل قدحاً وذماً وتحقيراً واغتيالاً لسمعته وسمعة الألوف من المؤمنين بعقيدته الروّحية الساميّة.

وقد أعدَدْنا ردّاً علمياً موضوعيّاً على المقال المذكور وأرسلناه إلى مدير التحرير المسؤول لجريدة "الجمهورية" الأستاذ طارق ترشيشي لينشر فيها. فوعدنا بأن الرّد سينشر في الصفحة الثقافية. لكن ذلك لم يحصل.

وعليه، عدنا فأرسلنا بتاريخ 21/6/2023 إلى حضرة رئيس مجلس إدارة شركة الجمهورية "نيوز كورب" ش.م.ل. النائب الأستاذ ميشال الياس المر كتاباً عرضنا فيه ما حصل وأعدنا عليه طلب نشر الرّد ولم نتلقّ جواباً على كتابنا.

وإننا، إذ نأسف لهذا الموقف غير المبرّر على أي صعيد قانوني أو منطقي أو خلقي، رأينا أن ننشر الرسالتين المرفقتين "بردنا" على صفحات التواصل الإجتماعي ليبقيا للتاريخ صورة عن كيف تُفتح صفحات الصّحف لنشر الافتراءات والأكاذيب وتشويه السمعة وتضليل الرأي العام وتُغلق بوجه من يدافع عن الحقيقة وعن سمعته وسمعة الشرفاء.

                                                                                  والسلام

حضرة مدير التحرير المسؤول لجريدة الجمهورية الغرّاء

الأستاذ طارق ترشيشي المحترم

تحيّة طيّبة،

نشرَتْ "الجمهوريّة" في الصفحة 13 من عددها 3580 الصادر يوم السبت 10 حزيران 2023 مقالاً بقلم نسرين بلوط يحملُ عنوان ("داهش" أو سليم العشّي ساحرٌ صحا من ضجعة الموت) تضمّن معلوماتٍ مختلقة وافتراءات تشكّل قدحاً وذماً وتحقيراً واغتيالاً لسمعته وسمعة الألوف من المؤمنين بعقيدته الرّوحيّة السَّامية.

وبصفتنا داهشيَّيْن كان لنا شرف التعرّف عليه منذ عام 1963، ودراسة أفكاره والكتابة الأكاديمية الجامعية في قضيّة اضطهاده التي تشكِّل وصمة عارٍ أبدّية على جبين مضَّطهديه، نطلبُ من حضرتكم نشر الردّ التالي في جريدتكم الرائدة في الدفاع عن الحقيقة والعدالة وحرية الرأي والاعتقاد التي بدونها لا قيامة للبنان ولا انبعاث له، وذلك خدمةً للحقيقة والرأي العام لإبقائه بمنأى عن التضليل سواء أكان مقصوداً أو عن إهمالٍ فادح في تحرّي الوقائع:

أولاً: لا صحّة إطلاقاً لما جاء في مطلع مقال السيّدة نسرين بلّوط من أنّ الدكتور داهش عاش "وراء حجبٍ ضبابيّة تراءَتْ للغير بأنها رجمٌ من عالمٍ شيطاني". فالدكتور داهش لم يعش "وراء حجبٍ ضبابيّة" بل كان بيتُه مفتوحاً للجميع، يؤمُّه الناس من مختلف الفئات والطبقات، وبخاصة منهم الأدباء والمثقَّفون وطالبوا المعرفة والمساعدة. والدليل الدامغ على ذلك مئات المقابلات الصحفية، وآراء وشهادات كبار الأدباء والصحفيين ورجال الدين بالدكتور داهش وأدبه. أما "الحجب الضبابية" فهي حتماً موجودة على عيون وقلوب القوى الطائفيّة المتعصبّة التي اضّطهدتِ الدكتور داهش الدَّاعي إلى الإيمان النّقيّ والذي يعتبر التعصُّب جريمةً بحقّ الأديان، وينتقد، مثل جبران خليل جبران، الذين يسخّرون الأديان لمآرب دنيوية تافهة.

ثانياً: ولا صحّة إطلاقاً لما ذكرته السيّدة نسرين بلوط من أن "الحركة الداهشية" التي "تضمّ مثقفين ومبدعين" "تتدخل في السياسة بطريقة تملقيّة مما حدا بالرئيس بشارة الخوري أن يسحب منه الجنسية اللبنانية ويحدّ من نشاطه وتهوّره، والتي استردها في ما بعد" (مثلما كتبت حرفيّاً).

فما تُسَميّه السيدة بلّوط "الحركة الداهشية" ليست حزباً سياسياً ولا هي "حركة سياسيّة". فالداهشية عقيدة فلسفيّة روحيّة بحتة. وهي من هذه الزاوية كالمسيحية تماماً، لا تتدخل بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد. ولو كانت "تتدخل في السياسة بطريقة تملقيّة" مثلما تزعم السيّدة بلوط، لرحّب بها الرئيس بشارة الخوري المحاط بالمستزلمين المتملّقين من بطانته الفاسدة، الذي أرسى معها أسس الدولة المزرعة التي أوصلتْ لبنان اليوم إلى الخراب ومهاوي الزوال. الحقيقة هي بشكل مطلق عكس ما تزعمه السيّدة نسرين بلوط في مقالها.

إنّ صلابة موقف السيّدة ماري حداد وأسرتها، وإيمانهم الراسخ الجّبار بالعقيدة الداهشية، وعدم انقيادهم لرغبات شقيقها ميشال شيحا وبعض انسبائهم  والمؤسسات الدينية الطائفية المتعصّبة المتحالفة معهم، هو الذي دفع  زوج شقيقتها لور، الرئيس بشارة الخوري، بتحريضٍ منهم إلى ارتكاب "جريمة القرن العشرين" بالاعتداء على حياة وحرية الدكتور داهش، وهو الانسان البريء من أيّ مخالفة قانونية، وإلى تجريده ظلماً واعتداءً من جنسيته اللبنانية وتشريده وإبعاده عن أسرته ومعارفه وأحبَّائه على مدى عقدٍ كامل من الزمان. إنّ الحقيقة التي يجب أن تعرفها وتهتَم لها السيّدة نسرين بلوط، قبل أي شيء آخر، هو أن مجلس شورى الدولة اللبناني، رغم انقياده للرئيس بشارة الخوري، لم يستطع إلاّ أن يُقرّ في حكمه الصادر بتاريخ 12 حزيران 1945 بلا دستورّية ولا قانونيّة المرسوم رقم 1822/K الذي أصدره الرئيس بشارة الخوري بتاريخ 6/9/1944 والذي شكّل الأساس لارتكاب جرائم نزع الجنسية وإخراجه من البلاد وتشريده، والاعتداء  التعسفي  المجرم على حقوقه الأساسية في الفكر والاعتقاد والتعبير المنصوص عليها في الدستور. كما أن ما يجب أن تعلمه السيّدة بلوط هو أن الدولة اللبنانية أعادت إليه جنسيّته وحقوقه المسلوبة بعد أن اعتَرَفَتْ بلا دستورية ولا قانونية الاجراءات التي مورسَتْ بحقه. وبينما كانت الصحافة اللبنانية المرتهنة والمطيّفة إما ساكتة على الجريمة النكراء المعروفة من الجميع أو مشتركة فيها إيجابياً عبر تهجُّماتها الجانية كانت الصحافة المهجريّة تُضجُّ بالأصوات الصارخة المطالبة بوقف هذا الإجرام وهذا الظلم الذي لا يطال في النهاية الدكتور داهش ورفاقه الأبطال وحدهم بل يطال الشعب اللبناني بأسره في جيله الحاضر وأجياله القادمة. وفي هذا المجال نُذَكِّر أن الدكتور داهش حذّر من أن يؤدي انعدام العدالة ليسَ فقط في قضيّته بل في العديد من القضايا الأخرى، إلى دمار لبنان وزواله نهائياً في حال استمرّ هذا الشعب بمناصرة الظالم على المظلوم، وعدم إحقاق الحق والخضوع لإرادة الأقوياء لا لقوة الحق المستمّدة من الخالق عزّ وجلّ. ومؤخَّراً سقَطَتْ جميع الأقنعة الخادعة وجميع الأكاذيب، وانكشفت عورات الواقع اللبناني المخزي، ولا سيما حالة العدل المفقود فيه الذي ما زال يصرخ لمن يمُدُّ اليدَ له ويقوّمه. ولكن ما أصدق الآية القرآنية الكريمة القائلة: "إن الله لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيروا ما بأنفسهم".

ثالثاً: ولا صحّة إطلاقاً لما كتبته السيّدة نسرين بلوط عن قيام الأديبة ماري حداد "بمحاولة لاغتيال صهرها الرئيس بشارة الخوري انتقاماً منه لمقته لداهش، [وأنها] بعد فشلها في القيام بتلك الخطوة الآثمة تمَّ إرسالها إلى دير الصليب، وقد وضعت حدّاً لحياتها بالانتحار، هرباً أو ربما ندماً على ما آل إليه حالها" (مثلما جاء حرفياً في مقال السيدة بلوط).

الحقيقة التاريخيّة الثابتة هي أن الأديبة ماري حداد لم تحاول اغتيال صهرها الرئيس بشارة الخوري كما أنها لم تنتحر مثلما تزعم السيّدة بلّوط، بل عاشت سنواتٍ طوال وتوفيت بشكلٍ طبيعي في 1/1/1973، في مستشفى أوتيل ديو.

كما أن السيّدة ماري حداد لم يتّم إرسالها إلى دير الصليب لفشلها المزعوم في محاولة إغتيال صهرها، مثلما تزعم السيّدة نسرين بلّوط، بل أُلقيَ القبض عليها في 15/5/1945 بسبب نشرها وتوزيعها كتاب "أنا أتّهم" في 5/5/1945 الذي فضحت فيه الجريمة التي ارتكبها الرئيس بشارة الخوري وزبانيته بحق الدكتور داهش والداهشيين. وقد نُقِلَتْ إلى "العصفورية" بمؤامرة دنيئة من صهرها الرئيس وحاشيته لتقويض مصداقيّة ما نشرته على الرأي العام. وأمضت في العصفورية 74 يوماً إكتشفت خلالها ما يرتكب فيها من ضروب التعذيب والإجرام بحق أبرياء يزجّون فيها للاستيلاء على أملاكهم، مثلما جرى تماماً من قبل، ومثلما هو معروف ومُشتهر، بحق الأديبة الكبيرة ماري زيادة المعروفة بإسمها الأدبي مَيْ زيادة. وقد اضطر الأطباء إلى إخراج السيّدة ماري حداد خوفاً من الفضيحة بعدَ أن أكّدوا أنها سليمة العقل راجحته.

والحقيقة التاريخيّة الثابتة أيضاً هي أنّ ماجدة حداد، إبنة ماري حداد، هي التي أرادت إغتيال زوج خالتها، الرئيس بشارة الخوري، بسبب الجرائم النكراء التي ارتكبها بحق الدكتور داهش وبحق أسرتها بالذات، وإطلاق العنان للأقلام المأجورة في إغتيال سمعته وسمعتهم ظلماً واعتداءً. والحقيقة الثابتة التي دونتها بخطّ يدها في مذكراتها باللغة الفرنسية، والتي ترجمها ونشرها الأديب الكبير كرم ملحم كرم في مجلته "ألف ليلة وليلة" هي أن الدكتور داهش هو الذي منعها من الإقدام على ما انتوت الأقدام عليه، وقد انتحرَتْ لإسماع صوتها إلى الرأي العام المضلّل من رعاته "الدينّيين" و"المدنيين" وبسكوت وجبانة من يزعمون أنهم قادة الرأي العام فيه.

رابعاً: وتقول السيدة نسرين بلوط في مقالها عن الدكتور داهش: "وقد شبّهه الكثيرون براسبوتين". ولكن من هم هؤلاء "الكثيرون" غير اولئك المنضوين في صفوف أرباب التعصّب الأعمى والحقد الأسود الذين تآمروا على الدكتور داهش وأتباعه الشرفاء وبثّوا سمومهم إبّان إضطهاده. ألم ينادي الكثيرون مع رؤسائهم بصلب السيد المسيح بينما وقفت قلة شريفة راقية إلى جانبه؟ فإنسانٌ واحد صادق وشريف هو أكثر رفعةً وقيمة من ألوفٍ مؤلفة من الأدنياء المنحطّين. "ففي حبة القمح ما ليس في بيدرٍ من التبن،" كما يقول عبقري لبنان جبران خليل جبران. وبالمقابل لماذا تتجاهل  السيدة بلّوط الكثيرين الكثيرين من الأدباء والمفكرين الذين شهدوا لسموّ الدكتور داهش في أدبه وحياته الراقية على حدٍّ سواء. ونكتفي هنا بذكر العلاّمة الشيخ عبدالله العلايلي، والشاعر الملهم حليم دموس، والطبيبين جورج خبصا وفريد أبو سليمان والمحاميين الكبيرين إدوار نون وفؤاد رزق، وغيرهم وغيرهم الكثيرين. من المعين الصافي لهؤلاء المفكرين والأدباء الأشراف يغترفُ الحكيم الساعي إلى الحقيقة ومعرفتها.

خامساً: وتكتب السيّدة  نسرين بلوط في المقطع الأخير من مقالها أن "داهش أو سليم موسى العشّي، ساحرٌ للعقول التي تبحث عن الخيالات الواهية والحقائق المتماوجة بظلال الزيف، والموائد التي تغصّ بندمان الوهم (...)".

وهنا نقول للسيّدة بلّوط إنّ إطلاق الأحكام بهذه السهولة وتعميمها على مجموعة تضمّ نخبة مثقفة مرموقة في مجتمعها دليلٌ على خفّة مخيفة في تكوين الرأي لدى مطلقها، وعلى أنّ الحقيقة واحترام آراء الأخرين ومعتقداتهم لا يعنيان له شيئاً. ونضيف أنه من السَّهل الخضوع والخنوع والانقياد وراء المصالح المادية والشهرة والمناصب، أما الوقوف إلى جانب الحق والشهادة للحقيقة والتضحية بكل شيء بما فيها الحياة نفسها من أجلها فهو سِمَة أصحاب الرأي المستقلّ الحر، وصفة الأشراف الأبطال الذين لا تغريهم المناصب الزائفة وبهارج الدنيا التافهة التي تسحُر العقول الغافية المستسلمة للأفكار والتقاليد البالية.

سادساً: وأخيراً، إنّ رجلاً تجلّت على يديه، منذ طفولته وعلى مدى حياته، ظاهراتٌ روحيّة باهرة أجمع على حقيقة حصولها المادي الملموس المؤمنون بعقيدته وغير المؤمنين بها، وصورتها عدسات المصورين الصحفيين أثناء حدوثها، والتي ما كانت تحصل إلاَّ لغاية واحدة هي إثبات حقيقة ما بشّرت به الديانات السماوية جميعها عن وجود الروح وخلودها والثواب والعقاب، والدعوة إلى ممارسة الفضيلة فكراً وقولاً وعملاً، ونبذ الأحقاد والعداوات والعنف؛ وهو الى جانب ذلك يحملُ عقيدةً روحيّة سامية جديدة تُسهمُ في إزالة الفوارق بين الأديان، وبين الدين والعلم؛ كل ذلك، بالإضافة إلى أنه أديبٌ موهوب شهد لأدبه كبار الأدباء، وقد وضع أكثر من مئة وخمسين مؤلفاً؛ وهو رجل مولع بالعلم والثقافة والفن، وتجلّى شغفُهُ هذا بجمع مكتبة خاصة هي إحدى أكبر المكتبات الخاصة في العالم، وتأسيس متحفٍ عالميّ. إنَّ رجلاً عبقريّاً فذّاً كالدكتور داهش جديرٌ بالتقدير والاحترام والدراسة الموضوعية المجرّدة بعيداً عن أوهام الموروثات والتقاليد البالية التافهة.

زحلة في 12/6/2023                                                      والسلام

                                                                       المحاميان خليل وفارس زعتر

حضرة رئيس مجلس إدارة شركة الجمهورية "نيوز كورب" ش.م.ل.

النائب الأستاذ ميشال الياس المرّ المحترم

تحيّة طيّبة وبعد،

نتشرّف بأن نعرض لحضرتك ما يلي:

1- بتاريخ 10 حزيران 2023 نشرَتْ "الجمهورية" في الصفحة 13 من عددها 3580 مقالاً بقلم السيّدة نسرين بلوط يحملُ عنوان "داهش أو سليم العشّي ساحرٌ صحا من ضجعة الموت"، تضمّن معلوماتٍ مختلقة وافتراءاتٍ تُشَكِّل قدحاً وذماً وتحقيراً واغتيالاً لسمعته وسمعة الألوف من المؤمنين بعقيدته الروّحية الساميّة.

2- وبتاريخ 12 حزيران 2023، أرسلنا رداً على المقال المذكور بالبريد الإِلكتروني إلى مدير التَّحرير المسؤول الأستاذ طارق ترشيشي، الذي كان قد وعدنا بنشره في الصَّفحة الثَّقافية في اتصال هاتفيّ به.

3- وإذ توالت الأيام من دون أن يُنشر الردّ، إتَّصلنا هاتفياً بالأستاذ طارق عدّة مرّات وأرسلنا له رسالة صوتية، لكنّه لم يردّ لا على الاتصالات الهاتفيّة ولا على الرِّسالة الصَّوتيّة، ممّا حدا بنا إلى الإتصال بقريبٍ له تربطُنا به صداقة قديمة للاستفسار عن الأمر. فأفادنا هذا الصديق خلال دقائق نقلاً عن الأستاذ طارق، أنَّ إدارة الجريدة قرّرت عدَمَ نشر الرّد لأنه يتعلَّق "بموضوع ديني".

4- في ضوء ذلك، وبما أن "الجمهورية" تُصدرها الشركة التي ترأس مجلس إدارتها،

ونظراً لتاريخ أسرَتِكَ الكريمة المشرِّف في أحلك الظروف وأقساها، في رفع لواء حريّة الرأي والتعبير والاعتقاد المكرّسة في الدستور اللبناني الذي يعلن صراحةً في مقدّمته الالتزام بـ "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" (الفقرة ب)، "واحترام الحريات العامة، وفي طليعتها حريّة الرأي والمعتقد" وعلى "المساواة بين المواطنين دون تمايز أو تفضيل" (الفقرة ج)، ناهيك عن المادة 9 من الدستور التي تنص على أن "حريّة الاعتقاد مطلقة"؛ والمادة 13 منه التي تنص على أن "حرية إبداء الرأي قولاً وكتابة وحريّة الطباعة (...) كلها مكفولة ضمن دائرة القانون".

في ضوء ذلك، ونظراً لكون قانون المطبوعات نفسه بكلّ تعديلاته، ينصّ صراحةً على حقّ الرّد،

ومع ذلك، وحتى لو ضربنا صفحاً، وتجاهلنا جميع النصوص والمبادئ القانونية المنوّه بها أعلاه، والتي لا يمكن إغفالها أو تجاهلها، فما لا يمكن بحالٍ من الأحوال إهماله أو تجاهله هو أن مبرّر وُجود الصحافة في أي دولة ديمقراطية، أو في أي مجتمع يطمح إلى أن يكون ديمقراطياً، هو نقل الوقائع الصحيحة والإضاءة على الحقيقة لتكوين رأي عام مستنير غير مُضَلّل.

في ضوء ذلك، فإنَّنا لا نجد أيَّ مبرّر قانوني أو أخلاقي أو واقعي لنشر مقال يطعن ويشوِّه سمعة الدكتور داهش وسمعتنا، وهو مقال مبني على وقائع مختلقة لا أساس لها من الصحة، وبالمقابل تمتنع جريدتكم عن نشر ردّ موضوعيّ يستندُ إلى شهادتنا الشخصيّة كمحاميين كان لنا شرف تمثيل الدكتور داهش بوكالة عامة عنه، كما كان لنا شرف معايشته ومحادثته والتعرّف على حياته وكتاباته وتاريخه عن كثب، والكتابة الأكاديمية بمسألة اضطهاده بالاستناد إلى المراجع والوثائق الأصلية.

فالرّد ليس تبشيراً دينياً، ولا هو مناظرة لاهوتيّة، بل هو ردّ على ما أثاره المقال المردود عليه من أمورٍ مختلقة لا تمتّ إلى الحقيقة بصلة.

فإذا كانت رسالة الصحافة تهدف إلى تقديم الحقيقة إلى الرأي العام، فإنّ من حقّ هذا الرأي العام أن يطّلع على جميع الآراء المقدّمة إليه بموضوعيّة ليخلص بالنتيجة إلى ما يقتنع به في ضوء المقاربة والمقارنة والاطلاع.

وإنّ عدم نشر "الجمهورية" للردّ يجعلها بمثابة المشاركة في ما تضمَّنَه مقال السيدة نسرين بلوط من اختلاقات وقدح وذمّ وتحقير. ونحنُ نربأ بالجمهورية عن ذلك، وهيَ التي يقوم على رأسها النائب الأستاذ ميشال المرّ، سليل عائلةٍ عُرفَتْ بالدفاع عن الحريات ولا سيما منها حريّة الرأي والاعتقاد والتعبير،

لــذلــك،

نطلب من حضرتكم نشر الردّ الذي نرفقه مرة أخرى بهذا الكتاب.

زحلة في 21/6/2023                                              وتفضلوا بقبول الإحترام

                                                                       المحاميان خليل وفارس زعتر

Developed by Houssam Ballout        Copyright 2019 This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.nfo All Right Reseved This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.