أول مقال لمجلّة الغري العراقيّة
صدر العدد 7 من مجلّة ( الغري ) النجفيّة ( السنة الثامنة ) لمنشئها العلاّمة شيخ العراقيين آل كاشف الغطاء , وفي صفحتها الأولى المقال الآتي:
الدعوة الى الإسلام في لبنان
من وراءِ حجب الأديرة والكنائس في لبنان إنبثق فجر دعوة إسلاميّة جديدة قام بها جماعة من رجال الفضل وسيّداته , وأنضمّت اليها أسر مسيحيّة كريمة عرفت بالأصالة والدين بين الأسر اللبنانيّة العريقة .
ورئيس الدعوة المحمّديّة الجديدة , ومن له الفضل في نشر الفكرة , هو الدكتور داهش المعروف بحريّة الرأي , وسعة الأفق النفسي , والتجرّد عن الأوهام والتقاليد .
وقد نشر الدكتور داهش بين الملأ من أتباعه سلسلة من الكتب اشتملت على بواعث الدعوة , وأسباب اعتناقه للدين الإسلامي , من جملتها كتاب (محمّد سيّد الخلق ) وكتاب (مذكرات دينار ) .
وأسمى ما يلفت النظر من بواعث إسلامه ما تجلّى له من إعجازِ القرآن الكريم بأسلوبه ونظمه من روائع سوره وأيه .
والقرآن مُعجز حقاّ , ولكن سرّ إعجازه لا يتجلّى الاّ لأصحاب الملكات في البلاغة العالية , وذوي الأحاسيس الذوقيّة الراقية , ومن تبلغ عنده حاسّة التذوّق للفنون القوليّة مبلغاً يقوم مقام الشهود والعيان .
وفي طليعة الآيات القرآنيّة التي إستفزّته واستدرجته , ثم بهرته وراعته ثم هبطت عليه بالسكينة والإسلام آية النور :
( أللّه نور السموات والأرض . مثل نوره كمشكاةٍ فيها مصباح , المصباح في زجاجة , الزجاجة كأنّها كوكب درّي يوقد من شجرة مباركة , زيتونة لا شرقيّة ولا غربيّة, يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار . نور على نور , يهدي أللّه لنوره من يشاء , ويضرب أللّه الأمثال للناس , وأللّه بكل شيء عليم ) .
وقد كان لإسلام الدكتور داهش وعدد من وجوه الأسر المسيحيّة صدى بالغ في الدوائر الإسلاميّة العليا , ومنهم الشاعر الكبير حسّان حليم دمّوس , وقد تلقت إسلامه صحف مصر بكثير من الحماسة والتقدير .
وكان لا بدّ لمجلة ( الغري ) أن تُساهم في إعلان هذه الدعوة المباركة التي تتوسّم فيها الهدى والرشاد .
إنّه لا يسع المُسلم إلاّ أن ينكر ما تلقاه الداهشيّة في ذلك الوسط الحرّ من مطاردة ومقاومة , على حين يتمتّع أبناء العروبة في جميع البلاد الإسلاميّة بحرّية الرأي والدين .
كما نودّ أن يقف مسلمو لبنان موقفاً كريماً الى جانب هذه الفئة المسلمة فلا يتركوهم بغير سندٍ وعون .
وقياماً بحقِ هذه الدعوة علينا ننشر بعض ما جاء في كتاب ( محمّد سيّد الخلق ) الذي سبق أن ذكرناه ونأتي على بعض ما تضمّنه من كلمات الدكتور داهش الآتية :
محمّد – النبي العربي الأمّي القرشي يدعو الناس للسير في الطريق المستقيم .
محمّد – رسول أللّه بل حبيبه , بل نديمه , بل صفيّه , بل قرّة عينه .
محمّد – ألأمين موحّد القلوب المتنافرة تحت رايات ربّ العالمين .
محمّد – النبي الصادق صاحب الآيات والمُعجزات والوحي المُبين .
محمّد – سيّد الأنبياء الأتقياء , وزعيم المسلمين الأبرار الأنقياء .
محمّد – المصطفى من الرفيق الأعلى ربّ العرش ذي الجلال والبهاء .
محمّد – اليتيم خير الخلق , بل سيّد الخلق , فبالصدق ينطق , وبالحقّ يتكلّم , وباليقين ينبىء , وإنّك لعلى خلق عظيم .
محمّد – سيّد الكائنات , وصفوة النوع الإنساني .
لا كانت الدنيا , ولا كان الخلق , لو لم يكن محمّد .
القرآن – كتاب أللّه الشريف يتلوه من عَمُرَ قلبه بالإيمان .
القرآن – يؤمن بآياته البيّنات كلّ متّزن العقل نيّر الفكر ثابت الجنان .
ومثل محمّد في الدنيا ما كان , ولن يكون له صنو في مكان .
" قل لئن إجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً " .
هذه نبذة وجيزة من كلمات الدكتور داهش نقدّمها لقراء الغريّ وفيها كفاية للحكم بإسلام من أقرّ بها .
مجلّة الغـريّ
النجــف , العـــراق .