أنا أؤمن بأنه توجـد عدالة سماويّة, وأن جميع ما يُصيبنا في الحياةِ الدنيا من مُنغصات انَّ هـو الاّ جـزاءٌ وفاق لِما أجترحناه في أدوارنا السابقة من آثـامٍ وشـرور.ولهـذا يجب علينا أن نستقبلَ كلّ مـا يحـلّ بنـا من آلامِ الحياةِ ومآسيها غير مُتبرّمين ولا متذمّرين , بل قانعين بعدالةِ السماء ونُظمها السامية.

Highlighter
أحبُّ الكُتُبَ حبَّ السُكارى للخمر , لكنَّني كلَّما أزددتُ منها شرباً, زادتني صَحوا
ليس مّنْ يكتُبُ للهو كمَن يكتُبُ للحقيقة
الجمالُ والعفّــة فـردوسٌ سماويّ .
لا معنى لحياةِ ألأنسان اذا لم يقم بعملٍ انسانيٍّ جليل .
اعمل الخير , وأعضد المساكين , تحصل على السعادة .
من العارِ أن تموتَ قبل أن تقـوم بأعمالِ الخير نحـو ألأنسانيّة .
الموتُ يقظةٌ جميلة ينشُدها كل مَنْ صَفَتْ نفسه وطَهرت روحه , ويخافها كلّ من ثقُلت أفكاره وزادت أوزاره .
ان أجسامنا الماديّة ستمتدّ اليها يـد ألأقـدار فتحطِّمها , ثمّ تعمل فيها أنامل الدهـر فتتَّغير معالمها , وتجعلها مهزلةً مرذولة . أمّا ألأعمال الصالحة وألأتجاهات النبيلة السّامية , فهي هي التي يتنسَّم ملائكة اللّه عبيرها الخالد .
نأتي إلى هذا العالمِ باكين مُعولين، و نغادره باكين مُعولين! فواهً لك يا عالمَ البكاء والعويل!
جميعنا مُغترٌّ مخدوعٌ ببعضه البعض.
العدلُ كلمة خُرافية مُضحكة.
أمجادُ هذا العالم وهمٌ باطل، و لونٌ حائل، و ظلٌّ زائل.
لا باركَ الله في تلك الساعة التي فتحتُ فيها عينيّ فإذا بي في مكانٍ يطلقون عليه اسم العالم .
أنا غريبٌ في هذا العالم، و كم احنُّ إلى تلك الساعة التي اعود فيها إلى وطني الحقيقيّ.
الحياةُ سفينةٌ عظيمة رائعة تمخرُ في بحرٍ، ماؤه الآثام البشريَّة الطافحة، و امواجه شهواتهم البهيميَّة الطامحة، و شطآنه نهايتهم المؤلمة الصادعة.
كلّنا ذلك الذئبُ المُفترس , يردع غيره عن اتيانِ الموبقاتِ وهو زعيمها وحامل لوائها , المُقوّض لصروح الفضيلة , ورافع أساس بناءِ الرذيلة .
الحياةُ سلسلة اضطراباتٍ وأهوال , والمرءُ يتقلَّب في أعماقها , حتى يأتيه داعي الموت, فيذهب الى المجهولِ الرهيب , وهو يجهلُ موته , كما كان يجهلُ حياته .
من العارِ أن تموتَ قبل أن تقومَ بأعمالِ الخير نحو الانسانيّة .
المالُ ميزان الشرِّ في هذا العالم .
السعادةُ ليست في المال , ولكن في هدوءِ البال .
كلُّ شيءٍ عظيمٍ في النفسِ العظيمة , أمّا في النفسِ الحقيرة فكلُّ شيءٍ حقير .
الرُّوح نسمةٌ يُرسلها الخالق لخلائقه لأجل , ثم تعودُ اليه بعجل .
الرُّوح نفثةٌ الهيَّة تحتلُّ الخلائق , وكل منها للعودة الى خالقها تائق .
الرُّوح سرٌّ الهيٌّ موصَدْ لا يعرفه الاّ خالق الأرواح بارادته , فمنه أتتْ واليه تعود .
أنا أؤمن بأنه توجـد عدالةٌ سماويّة , وأنَّ جميع ما يُصيبنا في الحياةِ الدُّنيا من مُنغِّصاتٍ وأكدارٍ انَّ هـو الاَّ جـزاء وفاق لمِا أجترحناه في أدوارنا السابقة من آثـامٍ وشـرور . ولهـذا يجب علينا أن نستقبل كلَّ مـا يحـلُّ بنـا من آلام الحياة ومآسيها غير م
الحرّيةُ منحة من السماءِ لأبناءِ ألأرض .
الموتُ ملاكُ رحمةٍ سماويّ يعطف على البشر المُتألّمين , وبلمسةٍ سحريّة من أنامله اللطيفة يُنيلهم الهناء العلويّ .
ما أنقى من يتغلّب على ميولِ جسده الوضيع الفاني , ويتبع ما تُريده الرُّوح النقيّة .
ما أبعدَ الطريق التي قطعتها سفينتي دون أن تبلغَ مرفأ السلام ومحطَّ الأماني والأحلام .
الراحة التامّة مفقودة في هذا العالم , وكيفما بحثت عنها فأنت عائدٌ منها بصفقةِ الخاسر المَغبون .
ليس أللّــه مع الظالم بل مع الحقّ.
ان الصديق الحقيقي لا وجود له في هذا العالم الكاذب.
ما أكثر القائلين بالعطف على البائسين وغوث الملهوفين والحنو على القانطين , وما أقلَّ تنفيذهم القول.
يظنُّ بعض ألأنذال ألأدنياء أنّهم يُبيّضون صحائفهم بتسويدِ صحائف الأبرياء , غير عالمين بأنَّ الدوائر ستدور عليهم وتُشهّرهم.
ما أبعدَ الطريق التي قطعتها سفينتي دون أن تبلغَ مرفأ السَّلام ومحطَّ الأماني والأحلام .
رهبة المجهول شقاء للبشرِ الجاهلين للأسرارِ الروحيَّة , وسعادة للذين تكشّفت لهم الحقائق السماويَّة .
الموتُ نهاية كل حيّ , ولكنه فترة انتقال : امّا الى نعيم , وامّا الى جحيم .
الحياةُ خير معلِّمٍ ومُؤدِّب , وخيرَ واقٍ للمرءِ من الأنزلاقِ الى مهاوي الحضيض .
حين تشكُّ بأقربِ المُقرَّبين اليك تبدأ في فهمِ حقائق هذا الكون .
مَنْ يكون ذلك القدّيس الذي لم تخطرُ المرأة في باله ؟ لو وجدَ هذا لشبَّهته بالآلهة .
المرأة هي إله هذه الأرض الواسع السُّلطان. و هي تحملُ بيدها سيفاً قاطعاً لو حاولَ رجالُ الأرض قاطبةً انتزاعه منها لباؤوا بالفشلِ و الخذلان .

 

ماذا عن الداهشيّة؟

أنتم تسألون والدكتور داهش يجيب

 

س: أود أن تعطيني فكرة واضحة عن الداهشيّة, ما هي ومتى وجدت ؟

ج: أما عن وجود الداهشية فابتداء عهدها كان في 23-آذار-1942 في مدينة بيروت. و أما عن سؤالك ما هي , فانّي أجيبك بأن القرن العشرين قرن النور و المعرفة, القرن الغريب العجيب الذي أطلع المراكب الفضائية يحاولون بها بلوغ القمر و الكواكب , وأوجد التليفيزيون الذي تضاهي سرعة صورته المتلفزة سرعة النور أي (300000كلم )في الثانية هذا العصر بقدر ما يحيط العلم و العقل بالأمجاد, يملأ الأرض بالالحاد و الفساد. فالعلوم و الاختراعات التي اصبحت بمتناول الجميع بدل أن توقظ نفوس الناس على الحقيقة زرعت الشك فيها من الناحية الدينية. و تبعا" لذلك تلاشت القيم الروحية, فما عاد يؤمن بها أحد , و أصبحت الأكثرية الساحقة منأبناء البشر تقول: ان الانسان أشبه بسيارة ما أن يتقادم عليها العهدحتى تلقى بين أكوام النفايات لا يأبه بها أحد, و هكذا الانسان ما ان يعتريه الموت حتى يصبح كتلك السيارة المهملة, كما تتفكك هي يتفكك هو و ينحل , اذ لا روح فيه تكون مسؤولة عما ارتكبته من موبقات وحسنات , و ما دام بغير روح فلا يوجد اذن ثواب و عقابكما ليس من جحيم أو نعيم. و نتيجة لهذا المنطق الفاسد أصبح هؤلاء الكفار, في عصرنا الحالي, يجحدون الكتب السماوية المنزلة و يجرّ دونها من كلّ قيمة. في هذا الوقت الذي أصبح الشكّ و الالحاد فيه دين مُعظم الناس, ظهرت الداهشية , لتبرهن للجميع ممن لا يؤمنون  بوجود الرُّوح و بالقيم الروحيَّة , عكس ما يعتقدون تماما"

الجلسات الروحية...

هذا البرهان القاطع الحاسم يلمسه كل انسان يحضر احدى الجلسات الروحية التي أعقدها. ففي أثناء الجلسة تتجسد روح يمكن أن يخاطبها المرء و تخاطبه من غير لبس أو غموض, و بقدرتها ان تحدث خوارق و معجزات دلالة على وجودها. و لنفرض ان ساعتك التي تعرفها جيّدا" كانت في منزلك, و كان منزلك في أميركا أو الصين أو القاهرة أو بيروت, فبُعْد المكان لا أهمية له على الاطلاق .

و اذ ذاك يطلب حاضر الجلسة من الرُّوح أن تحضر له الساعة.

و يكون الجواب مدهشا" سريعا" , اذ أنه في أقل من ثانية يجد ساعته في معصمه. و هذا برهان ماديّ دامغ لا يمكن دحضه على الاطلاق. فاذا كان حاضر الجلسة مسيحيا" ترسّخ ايمانه بانجيله, و اذا كان مسلما" ازداد ايمانه بما أنزل في القرآن الكريم, و اذا كان يهوديا"قوي ايمانه بتوراته, و هلم ّجرّا". فالغاية من الجلسة الروحية اذن هي مساعدة الناس على العودة الى الايمان الديني بالتمرس بالخير و الفضيلة. و هذا يعدّ انتصارا" للروح على المادة في عصر تغلّبت فيه المادة على الروح. و ليس الامر مُقتصرا" على هذه الظاهرة فقط بل تحدث في أثناء الجلسة خوارق عديدة كل منها من شأنه أن يرسخ الايمان في قلوب الحاضرين لها. يمكنك مثلا" أن تحضر معك صحن الطعام الذي تتناول فيه طعامك بمنزلك. و هذا الصحن مادته بورسلين , فعندما تتجسد الروح بامكانك ان تطلب منها ان تحول لك مادته الى خشب.

و للحال يتحوّل الصحن , و انت ممسك به بكلتا يديك, الى صحن خشبي يبقى عندك بمادته الخشبية طوال الايام و الأعوام. كما بامكانك أن تطلب من الروح أن تحوّله مثلا" الى مادة حديدية, و بلحظة يثقل وزنه اذ يتحوّل مثلا" الى صحن حديدي, بينما أنت ممسك به جيّدا" بكلتا يديك. و هكذا يمكنك أن تطلب من الروح أن لأي نوع تحببه أنت, الى قصدير أو كريستال.

س: و هل بامكان الروح أن تحوّل هذا الصحن الى ذهب؟

ج: بكل تأكيد و بسهولة تامة.

اذن أنت و الحالة هذه تصبح أمبراطور الأرض بفضل الغنى العظيم الذي يمكنك أن تحصل عليه , لانه بوسعك أن تحوّل آلاف الصحون الى مادة ذهبية , و هكذا تصبح ملك ملوك المال الذي لا يبارى.

تذكر الأناجيل الأربعة - متى, مرقس, لوقا, يوحنّا- أن السيد المسيح و تلاميذه كانوا عندما يشعرون بالجوع يذهبون الى الحقول و يأكلون سنابل القمح لانهم فقراء,لا نقود عندهم لابتياع الطعام.

فالسيد المسيح الذي اجترح أعجوبة اطعامه (5000)نسمة جياع من خمسة أرغفة وسمكتين, هل كان يعجز عن استحضار نقود و اعطائها لتلاميذه ليبتاعوا بها طعاما" يردّ غائلة الجوع عنهم؟!

كلا و ألف كلا, انه كان يستطيع القيام بهذا الأمر, و بسهولة كلية, لكنه لو فعل لما كان وجد دين اسمه الدين المسيحي, لأن الناس اذ ذاك كانوا يقولون: ان التلاميذ يتبعونه لأنه يغدق الأموال عليهم , كما انه يجب أن يشقى هؤلاء التلاميذ و على رأسهم سيّدهم , فيضنيهم الجوع و العري و العذاب و الكفاح, حتى يستحق كل منهم المكافأة على جهاده الفادح. فاذا كنت انت في جلسة روحية , و طلبت من الروح أن تحوّل لك الصحن الى ذهب, لقالت لك الروح , مثلا" :

انتزع مسمارا" من الحائط و أمسكه جيدا" بيدك. و بينما أنت ممسك به يتحوّل الى مسمار ذذهبي, و يمكنك أن تأخذه للصاغة فيؤكدون لك انه ذهب لا غبار عليه.

     و استطرد الدكتور داهش قائلا": و لكن الظاهرات الروحية انما تتم لأجل ادخال الايمان في القلوب , و ليس للأفادة الماديّة والاستفادة على الاطلاق. أي أن الظاهرة لا تحصل ليبتهج المشاهد بما شاهد , لكنه يدخل كافرا", ليخرج مؤمنا" بربه و بيومه الأخير.

هذا عظيم و رائع.

س: فما تعليلك بكيفية تحويل المادة الى مادة أخرى؟ان هذا الأمر لهو من أعجب ما سمعت أذن و شاهدت عين.

ج: لقد سألنا الرُّوح عن كيفية هذا التحوّل فشرحته لنا بما يلي. قالت الروح: تعرفون أن لكلِّ مادّة اهتزازا" ذا سرعة معينة. فللخشب سرعة معينة , و للحديد سرعة أخرى , وللفولاذ كذلك و هكذا لسائر المواد, اذ لكل مادة منها سرعة اهتزاز تختلف عن سرعة المادة الأخرى. فعندما تطلبون أن أحوّل منضدة حديدية , أرفع ذبذبة المادة الخشبية الى مستوى ذبذبة المادة الحديدية, فيتحوّل الخشب الى حديد.

حقا" ان هذا الجواب لعلمي محض , لآن الجامعات باتت تدرس مسألة ذبذبة المواد, اذ لكل مادة ذبذبة خاصة , و على هذا الأساس قامت الدراسات الذرية و تم صنع القنابل النووية.

هذا صحيح.

س: هل حدث في تاريخ الأرض, أن تمَّ انتقال ماديّ بواسطة قوة روحية؟

ج: ان القرآن الكريم يذكر حادثة انتقال العرش للنبي سليمان الحكيم,اذ قال عفريت من الجنِّ للملك سليمان: أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك . فهذه ظاهرة انتقال روحيّ يؤيدها القرآن الكريم و يعرفها الجميع.

س: ينسب الداهشيّون المعجزات التي تجترحونها الى قّوّة روحيّة تحتلّكم من حين الى آخـر. فألمُعجزة تعني , أذن , تأثير قوّة روحيّة في المادة , فكيف يمكن عقليا" ومنطقيا" , أن يفسّـر تأثير شيء في شيء من غير طبيعته ؟ ثم كيف تحتلّكم الروح ما دامت الروح في جسم ألأنسان ؟

ج: لم يستطع السالفون من الباحثين أن يصيبوا الهدف عندما قسموا القوى المبثوثة في الكون الى ماديّة وروحيّة , أذ أنهم بتكريسهم للمادة وجودا" نهائيا" مستقلا" فضلا" عن وجود الروح , جعلونا أمام نقيضين يستحيل التفاعل بينهما , أذ أن النظريّة الثنائيّة تمنح المادة طبيعة أساسيّة تختلف عن طبيعة الروح . وفي سبيل الربط بين هذين النقيضين في ألأنسان , أخذوا يلجأون الى تفاسير اعتباطيّة مصطنعة سرعان ما ظهر ضعفها المنطقي بحيث أدت الى نتيجة عكسيّة هي نشؤ الفلسفات الماديّة الحديثة النافية وجود الروح والقائلة بوجود واحد في الكون هو الوجود المادي .
    وحقيقة ألأمر أن ما نسمّيه ( مادة ) سواء كان حجرا" أو نباتا" أو حيوانا" أو أنسانا" أو غير ذلك , ليس سوى المظهر الحسي الذي تلتقطه حواسنا بطريقة مباشرة أو بواسطة ألألآت .
    وهذا المظهر الحسّي ليس له أي وجود مادي نهائي مطلق حتى على صعيد الذرّات , أذ أنه نسبي يتغيّر بنسبة ما تتغير الحواس التي تلتقطه . خذ مثلا" على ذلك صخرة معيّنة حجمها متر مكعّب . فأن حجم الصخرة وشكلها وصلابتها وحرارتها , كل ذلك حدّده التركيب المعيّن الذي عليه حاسة بصرك وحاسة لمسك . فأن حصل أي تغير في تركيب هاتين الحاستين تغير بألتالي معهما شكل الشيء المرئي وحجمه وصلابته وحرارته . افترض أن لك عينا تركيب عدستها أقرب الى تركيب عدسة مجهر يرى الشيء من خلاله مضخّما" مليون مرّة أكثر مما يرى بألعين المجرّدة , أو أنك من سكان كوكب عيونهم مركّبة ذلك التركيب . فأن الصخرة , أذ ذاك , ستفقد , أمامك , شكلها المألوف عند الناس فقدانا" تاما" , ليس فقط من حيث الحجم والضخامة , أنما أيضا" من حيث شكلها الخارجي الذي تلتقطه العين . فكم من نتؤات دقيقة , وخطوط وتعرّجات صغيرة وأوساخ وألوان خفية موجودة في الصخر و لكنها لا تبدو للعين المجردة, اذا بها عندئذ تظهر كبيرة جلية وتعطي الصخرة صورة جديدة و شكلا" لم تألفه العين العادية . فقد تبدو الصخرة آنئذ كسحابة شفافة عظيمة, كما يبدو كل ما يحيطها من أشياء أشبه بأبخرة أو سحب. و هكذا يمكنك ان تتخيل الصور الغربية التي ستبدو عليها الاشياء اذا ما راحت حواسك جميعا"
تتبدل أجهزتها. و ان نسبية الاوضاع المادية أكدها العلماء الحديثون ابتداء من أينشتاين, لكن الداهشيةأدركتها عن طريق المعرفة الروحيّة بطريقة مسبقة , كما أدركت غيرها من الحقائق مما لم يتوصّل العلم الى كشفه بعد . وقصارى القول أن ما سمّى ( مادة ) ليس ألاّ وجودا" ماديّا" نسبيّا" يخفي مظهره الحسّي طاقة لا مادّية هي , أساسا" قوام الموجودات كلّها وهذا الوجود أللامادي وأللامرئي لم يستطع العلم حتى ألآن أن يدرك منه الاّ ما يسمّى بألطاقات الكهربائيّة المغناطيسيّة التي يتألف الكون كله منها . ولكن هذه الطاقات نفسها ليست سوى الحركة الفاعلة لما يسمّيه الداهشيّون ( السيّالات) الروحيّة المبثوثة في الكون (المادّي) كله. وعلى صعيد هذه( السيّالات) تتوحّد طبيعة القوى الروحيّة وهي التي في مناطق ما وراء العوالم ( الماديّة) وطبيعة القوى ( الماديّة) . انما يبقى بينها الفرق ما بين ألأعلى وألأدنى وألأقوى وألأضعف في الطاقة والفاعليّة . وهكذا ينتفي العجب من السؤال. أذ أنه لدى حدوث معجزة ما , تفعل قوّة لا ماديّة في قوّة أخرى هي لا ماديّة أنما أتخذت بألنسبة لحواس ألأنسان ووضعه التكويني مظهرا" ماديّا" . أمّا الروح فهي طاقة فعّالة مدركة عظيمة لا يشوبها أي تكثيف ( ماديّ) . وهي , بهذا المعنى لا توجد ألاّ في عالمها وراء ألأفلاك الماديّة كلّها . وهي من أمر أللّـه تعالى . والى ذلك أشار القرآن الكريم اذ قال: ( ويسألونك عن الروح قل ألروح من أمر ربّي وما أوتيتم من العلم ألاّ قليلا ) . ( سورة ألأسراء آية 85 ) . وألأنسان لا تسكنه روح بهذا المعنى ,انما جسده يتألّف من (سيّالات روحيّة ) , أي قوى اشعاعيّة مكثّفة , ومظهرها المكثّف هو ما نسمّيه ( مادّة ) . وهذه السيّالات بجوهرها الروحيّ ومظهرها المكثّف ( المادّي) هي سبب الوحدة ( النفسيّة _ الماديّة ) في ألأنسان . فضلا" عن ذلك فألسيّالات الروحيّة ليست وقفا" على ألأنسان بل هي قوام الموجودات كلّها , وما الوحدة التي أكتشفها العلم بين ألأنسان والحيوان والنبات والجماد ألاّ نتيجة وجود هذه السيّالات في مظاهر الكوّن جميعها .

وقد عرفنا بطريقة روحيّة أ، ألأختلاف بين ألأشياء والكائنات في تكوينها وطبائعها يعود الى تباين السيّالات التي تكونها في لطافتها وكثافتها وقوّتها وضعفها , وبتعبير آخر الى رقيّها الروحيّ أو أنحطاطها .

أن التفسير الروحيّ الذي تعطيه الداهشيّة , أذا أنتصر في أذهان الناس , قلب المفاهيم والمقاييس والقيّم في العالم أجمع , لأن نقطة البداية وألأرتكاز في تفسير القضايا والمبادىء والموجودات وتقييمها لن تكون أذ ذاك ماديّة بل روحيّة . لا سيما أن التفسير الداهشيّ يلتقي والعلم على صعيد واحد . هذا , أذ قصدنا بألعلم , العلم الصحيح الذي بلغ مرحلته النهائيّة الصائبة , أو العلم في ما يمكن أن يصل اليه أن أتيح له, تقدّم مستمر , ذلك بأن الداهشيّة تدرك . مسبقا" , عن طريق الروح , ما يدركه العلم عن طريق البحث والعقل أن تأتت له القدرة على ذلك.

س: ألا يمكن أن تتعارض الحقائق الروحيّة مع الحقائق العلميّة , وأذا كان الجواب بألنفي فلما يظهر تناقض بين ما تعلنه الكتب المقدّسة وبين ما تعلنه العلوم ؟ .

ج: لا يمكن ذلك أذا كانت حقائق العلم قد أصبحت مستقرّة ونهائيّة , وأذا عنيت بألحقائق الروحيّة ما أنزلته الروح لا ما وضعه الناس . لأن الحقيقة واحدة . هذا , والتناقض أن وقع , كائ، بين عقول المفسّرين والمجتهدين والباحثين وليس بين الحقائق الروحيّة والحقائق العلميّة . وقد يعود أيضا" الى تحريف النصوص في الكتب المقدّسة أو تحريف الحقيقة العلميّة .

س: كيف يمكن التحقق من وجود الروح ؟

ج: يمكن التحقق من وجود الروح عن طريق المعجزة . فألمعجزة من آثارها , وآثار الشيء تنبأ عن وجوده . أنك لا ترى الريح ولكنك تشعر بوجودها أذا ما رأيت الغصن يتحرّك أو وجهك يلفح . هل يستطيع البشر لو اجتمعوا بملياراتهم و اعملوا عقولهم وأدويتهم و اختراعاتهم أن يستحضروا مثلا" , و بغير أية وسيلة مادية , حصانا" او ساعة او أي شيء آخر عن بعد عشرات الكيلومترات أو مئاتها؟! انهم لن يستطيعوا ,لكن الرُّوح تستطيع ذلك. فعن طريق أعمالها المُعجزة يمكنك أن تتحقق من وجودها و قدرتها .

س: لم اختارتك الروح , في هذا العصر ,لتحل فيك دون سواك من الناس؟و لم يحاربك الكثيرون؟

ج: جاء في كتاب الله العزيز :(رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاقي )(سورة غافر آية 15) .

ثم أية حقيقة ظهرت في الأرض و ما عارضها أعداء كثيرون ؟

لو كانت الأرض كلها نورا" لما احتاج الناس الى نور, و ما دام الظلام قائما" , فالصراع مستمر بين النور و الظلام.

س: ما الفرق بين الرُّوح والنفس ؟ ما هي شروط الجلسة الروحيّة وشروط ألأشتراك فيها ؟ وما هي شروط الوساطة الروحيّة ؟

ج: أوضحت سابقا" أن الروح طاقة فعّالة مدركة عظيمة لا يشوبها أي تكثيف " ماديّ " وهي بهذا المعنى لا توجد الاّ في ملاءها الروحاني الطاهر الذي لا يلطخه أي دنس , والكائن وراء ألأفلاك الماديّة كلها . ولكنها تتصل بألجسد بخيط روحيّ نوراني . أما النفس فهي مجموعة السيّالات الروحيّة الموجودة في كل أنسان . وقد أوردت ايضاحا" وافيا" عن السيّالات وتكثفها " الماديّ " ونسبتها الى الروح  , اما اذا رغبت في المزيد من الفهم , فما عليك الاّ أن تشاهد الجلسات الروحيّة حيث تتوصّل الى ادراك هذه ألأمور بسهولة تامّة , وحيث تفتح أمامك أبواب موصدة يعجز العقل والعلم , ضمن حدودهما ألأنسانيّة , أن يعرفا ما وراءها .

        أما شروط الجلسة الروحيّة فهي في غاية البساطة : يكتب على رقعة من الورق " بحق أللّه والنبي الحبيب الهادي أن يسمح لي بجلسة روحيّة " , وترفق هذه العبارة برسم الرمز الداهشيّ ثم تطوى الورقة وتحرق . والكتابة كما ترى صلاة موجزة توجّه الى الخالق عزّ وجلّ ابتهالا" . أما حرقها فهو بمنزلة ذبيحة .فيكون الرمز , اذن , بكتابته وحرقه ( صلاة وذبيحة ) في وقت واحد . وطالب الجلسة الروحيّة عليه أن يكتبه ابتداء" من مطلع أي شهر أراده , ويستمرّ , مرّة في اليوم , حتى نهاية الشهر . واذ ذاك تعقد له الجلسة الروحيّة ويشاهد فيها من الخوارق ما يؤكد له أن عالم ألروح عالم حقيقيّ بكل ما تعنيه هذه الكلمة . وأللـّه سبحانه يعرف خفايا الصدور وحاجات الناس ورغباتهم , وبأستطاعته متى أراد أن يري البشر من المعجزات بواسطة الجلسة الروحيّة ما شاء , من دون أي وسيلة أو ابتهال , ولكن ألأنسان فرض عليه في كل عصر , بصفته مخلوقا" عابدا" ومؤمنا" تتوجب الطاعة عليه , فروض روحيّة عليه يؤدّيها , وانما كتابة الرمز وحرقه فرض روحيّ . وهذا لا يعني أن قيمة الجلسة الروحيّة محصورة في شكل ألأبتهال الكتابي المشار اليه , بل قيمتها في جوهرها لأن فيها تتم ظاهرات روحيّة لا يستطيع فلاسفة ألأرض وأساطينها الاّ الخشوع أمام عظمتها وجبروتها . وغاية هذه الظاهرات  العودة بألأنسان الى ألأيمان الدينيّ الصحيح : ألأيمان بألخالق عزّ وجلّ , وألأيمان بأحكام أللـّه العادلة في الثواب والعقاب , وألأيمان بألأنتقال ( بعد الموت) الى عالم أفضل معد للأخيار المتّقين يكون فيه عزاء لهم وقدرة وسعادة ومجد , وألأيمان بضرورة فعل الخير وممارسة الفضيلة وألأرتقاء الروحيّ .

وليس ضروريا" أن يكون حاضر الجلسة الروحيّة مؤمنا" بألداهشيّة أو بأمكان حدوث المعجزات , أو مترقّبا" حصولها , فقد يكون جاحدا" , معاندا" , ورغم جحوده ومعاندته , تحدث الخوارق وما يجب أن يتمّ يتمّ , لأن المعجزة حقيقة موضوعيّة واقعيّة لا علاقة لها بوضع الشخص النفسي وأستعداداته لتقبّلها , وهي ليست معدّة , كما يظن بعضهم , لأن يراها فقط قابلو " التأثر وأأيحاء " , فهذا الزعم باطل يدحضه مئات الجلسات الروحيّة التي عقدتها وشاهد فيها مئات ألأشخاص من المشككّين والمعاندين معجزات باهرة .

والجلسات الروحيّة التي أعقدها ليست علما" , وما كنت لأستطيع القيام بها من غير أذن أللّه , فهي منحة سماويّة خصّني تعالى بها في هذا العصر , ليكون فيها مساعدة للتائقين الى الحقيقة وللراغبين في ألأيمان وألأستقامة والتوبة .

أما " الوساطة الروحيّة" التي تسأل عنها والتي يدّعيها بعض الناس المحترفين كوسيلة مزعومة لأستحضار ألأرواح , فهي بعيدة عن الجلسات الروحيّة التي أعقدها بعد ألأرض عن السماء , وما عليك الاّ أن تحضر , بعينين مفتحتين  وذهن نابه , جلسة من جلسات أولئك القوم , ثم تحضر جلسة روحيّة , حتى تدرك الفرق العظيم وكيف يختلط الظلام بألنور ويلتبس الحقّ بألباطل في أذهان الناس ! ذلك بأن " الوساطة الروحيّة " المزعومة ليست في الحقيقة الاّ شعوذة وتدجيلا" قد ينطليان على بسطاء العقول انما لا ينطليان على ألأذكياء المستنيرين . وليس من غاية لدى الذين يدّعونها الاّ غاية ابتزاز ألأموال من السذّج . والداهشيّة تفنّد ببراهين ساطعة لا يمكن النيل منها سفسطات أول~ك المشعوذين المحترفين الذين يضلّلون الناس بتوافه الحيل والمخرقات والذين هم أعجز من أن يعطوا حتى دليلا" ضئيلا" واحدا" على صحّة أعمالهم ألأحتياليّة  .

س: هل صحيح أن الداهشيّة تنذر بفناء قريب للبشر ؟ فأن كان الردّ بألأيجاب , فما هو مبرّر الفناء ؟

ج: ان الجواب هو لدى القنابل الذرّية والهيدروجينيّة وفي تسابق الدول الكبرى على تطوير أسلحة الموت وتخزينها , وفي الجنون البشري الذي يحتل يوما" بعد يوم مكان الحكمة في رؤوس الناس قادة ومقودين ؟ وفي تضخّم القيّم الماديّة على حساب القيّم الروحيّة وتعاظم الميول السفليّة الشرّيرة على حساب الميول العلويّة الخيّرة . فان نشبت حرب أدواتها تلك ألأسلحة الجهنّمية , فستكون حربا" افنائيّة , بعدها يحيق الخراب المزلزل بألدنيا , وتعصف ألأشعاعات الذرّية بفضاء كوكبنا التعس وتسمّم أجواءه , وهكذا يتمّ القضاء على الجنس البشري . وقد ورد في سفر  " رؤيا يوحنا " أللاهوتي وصف رهيب لما سيدهم , في ألأيّـام ألأخيرة , كوكبنا المفعم بألشقاء المشبَّع بألموبقات , فعليك بقراءة هذا السّفر لتزداد اطّلاعا" .

س: هل تؤمن الداهشيّة بألجحيم والنعيم ؟ ثم ماذا يعني الجحيم والنعيم بألنسبة للداهشيّة ؟

ج: نعم ان الداهشيّة تؤمن بوجود عوالم عبّرت عنها الكتب السماويّة بأسم ( الجحيم والنعيم ) , وهذه العوالم هي كواكب ماديّة تعد بمليارات لا تحصى , من بينها تلك ألآلاف التي نستطيع مشاهدتها مبثوثة في رحاب السماء . وقد عرفت الداهشيّة , عن طريق الروح , أن هذه العوالم الماديّة جميعا" لها كائناتها وأشكالها وأنظمتها الحياتيّة ومقاييسها وقوانينها الخاصة التي قد تختلف اختلافا" عظيما" عما نعرفه في كوكبنا . وبعضها يفيض بسعادة فائقة , وبعضها يزخر بشقاء رهيب . وانما ألأرض مدرسة ذات درجة روحيّة معيّنة , يأتيها ألأنسان الذي يستحقّها , أي الذي تكون درجته الروحيّة بمستوى درجتها , فيتزوّد منها بمعارف شتّى ويخضع فيها لتجارب كثيرة , منها تجارب الغرور والكبرياء والمطامع والشهوات , فاما أن ينجح في امتحاناته تلك وينتصر في نفسه الخير على الشرّ والفضيلة على الرذيلة, أو يسقط في امتحاناته . والداهشيّة تؤمن بأن كل كائن في ألأرض يستمر في البقاء فيها بعد موته , متنقلا" من دور حياتيّ الى دور آخر , متخذا" في كل مرحلة , شكلا" ووضعا" حياتيا" يتناسب وأعماله في حياته السابقة , حتى يبلغ حدا" معينا" يتوجب وراءه امّا ألأرتقاء الى كوكب أرقى وأفضل يكون درجة من درجات النعيم , أو الهبوط الى كوكب أحط وأسفل يكون دركة من دركات الجحيم , وذلك بنسبة أعماله في ألأرض , وهكذا يستمرّ في كل كوكب جديد هبوطا" أو صعودا" , تبع نجاحه في مقاومة تجاربه الجديدة أو فشله فيها , حتى يدرك , في نهاية ارتقائه , الكمال , ويبلغ الكوكب الروحانيّ ألأعظم , وعند ذلك يندمج بألخالق وتتم فرحته العظمى وسعادته المثلى , وهذا ما يسمّيه الهنود " النيرفانا "  أي مطلب كل روح تندمج في النهاية بموجدها  .      

س: ما دام الله قادرا" على كل شيء , فلم لا ينير عقول البشر جميعا" و يمنعهم من الشرور و الاقتتال و يهديهم الى الايمان بالأنبياء؟

ج: ان الله تعالى قادر على كل شيء. و لكنه منح الانسان عقلا" يكون له مرشدا" في طريقه و ناقدا" مميّزا" لأعماله, و عزز نور عقله بارشادات الأنبياء و تعاليمهم التي هي قبس من النور الالهي الأعظم. ثم أعطاه حرية التفكير و الرغبة و التصرف. و جعل لكل طريق يسلكه نهاية يصل اليها. هناك سعادة و فوز أكيد, و هنا شقاء و فشل ذريع, و هنالك ذل و عذاب عظيم . فالثواب و العقاب لا يكونان الا بحرية الفكر و العمل , فيسأل كل انسان عن سلوكه, فمن يعمل مثقال ذرة خيرا" يره. و كل ذلك مرتب ترتيبا" كاملا" وفق عدالة و حكمة الهيين , فالشرور التي يرتكبها البشر انما هي ثمار فاسدة أثمرتها سيالتهم الروحية, و مستوى سيّالاتهم المتدنّي ما بلغوه الا بمحض ارادتهم , و أوضاعهم الفكرية و الاجتماعية و الاقتصادية الراهنة ان هي الا نتيجة تصرفاتهم في أدوارهم الحياتية السابقة.

س: تبينت من جوابكم لأحد القراء, في العدد الثالث من مجلة (بروق و رعود) أنكم ترون أن فناء البشر بات قريبا", و ان لم يكن كلامكم في الموضوع صريحا" و اذا راجعنا التاريخ, رأينا ان في كل حقبة من الزمن يظهر أناس من المتشائمين ينادون يأن الفناء قريب, وخاصة عند وقوع الكوارث و الحروب. و ما كان الفناء ليقع. فما جوابكم على ذلك؟

ج: لك ان تعتقد ما شئت , فاعتقادك لن يتغير من سير الأحداث و حقيقة الأشياء. و اعتقاد الناس, في الماضي, ان الطوفان لن يقع ما منع وقوعه. و بين كلام الناس و كلام الروح كما بين الأرض و السماء. و كل شجرة لاتثمر ثمارا" صالحا" تقع و تلقى في النار. و أي ثمر صالح تثمر البشرية اليوم؟ و من لا يرى فرقا" بين حرب سلاحها السيف او بندقية و حرب سلاحها القنابل الذرية و الهيدروجينية لا يرى فرقا" بين لهبة الشمعة و نيران الشمس. و من يثق كثيرا" بحكمة الانسان يكن من العميان. و يوم أمطرت سدوم و عمورة بالكبريت والنار لم يستأذن البشر الأشرار.

س: أيمكن أن نسلم, في الوقت نفسه, بحدوث الخوارق الأمر الذي يقره الدين, و ثبات النواميس الطبيعية الأمر الذي يقره العلم, من غير أن نقع في تناقض فاضح؟

ج: التناقض يحصل حتما" اذا نسبنا الى أي كائن في هذا الكوكب قدرة المعجزات- أي خرق القوانين الطبيعية التي تسوده, لأن النواميس يخضع لها هذا الكوكب بكل موجوداته. كذلك اذا نسبنا خرق القوانين الطبيعية التي تسيطر على كوكب آخر لكائن ينتمي اليه. فان قيل: تنبأ فلان من الناس بما سيحصل بعد عشرين يوما" لزيد او عمرو من أحداث, و صدقنا الخبر نكون قد وقعنا في التناقض, و لكن اذا قيل:

احتلّ الروح النبي ايليا و جعله يتنبأ بتفاصيل ما سيحدث لزيد من الناس, بعد عشرين يوما" أو أكثر, لما وقعنا في تناقض. لأن ما يسري على البشر لا يسري على الروح . و في الكتاب الكريم (ان يوما" عند ربك كألف سنة مما تعدون. ) و من فهم نسبية الأنظمة و الأوضاع الكونية فهم هذه الحقيقة.فما يعجز عنه الحيوان ليس ضروريا" ان يعجز عنه الانسان, و ما يعجز عنه الانسان لا يعجز عنه كائن أسمى منه بما لا يحد. فلكل عالم مقاييسه و حدوده اذا العصفور تكلم, مثلا" نقول حدثت معجزة لأن قوانين عالمه لا تسمح له بالنطق. و لكننا لا نفكر بحدوث معجزة أن يتكلم الانسان. فالروح اذ يجترح المعجزة لا يكون بالنسبة لعالمه و طبيعته و خصائصه قد خرق القوانين الطبيعية, لأنه يتصرف من ضمن ما أعطي له , انما الخرق يحصل بالنسبة للانسان . و هذا ما يجعل من المعجزات منبها" للبشر بان ما يجري امامهم من امور عجيبة ليس من مخترعات عقولهم و مختلقات مخيلاتهم , بل من قبل روح سام قدير يدرك ما لا يكون. و ان نحن أوحينا على الطفل ان ينفذ ارشادات والديه و أوامرهما لأنهما يفوقانه علما" و مقدرة, فكيف لا يتوجب على الانسان تنفيذ أوامر الروح وارشاداته, و الروح يتفوّق على الانسان بأكثر مما تتفوق على أرضه المجرَّات!

س: في معرفتي ان المعجزة الحقة لا تكون الا في الشفاء الخارق من الأمراض المستعصية, كشفاء الأعمى و الأبرص و المقعد, فهي عمل انساني خيّر. و بهذه الأعمال تميّز المسيح. و لم نسمع عن اي عمل شفائي خارق قمتم به. فالرجاء اجابتنا.

ج: أنا لم أقم بأي عمل خارق من أي نوع كان, و ليس بمستطاعي ان أقوم به, فانا خاضع للنواميس الالهية و للثواب و العقاب مثل اي انسان آخر. و المعجزات انما يجترحها الروح في الجلسات الروحية التي أعقدها. اما ان السيد المسيح لم يظهر على يديه الاّ معجزات شفاء, فهذا غير صحيح. اذ ان الأناجيل الأربعة تذكر معجزات كثيرة اخرى منها: تحويل الماء الى خمر, و تكثير الخبز و السمك, واسكات الرياح و تهدئة الامواج, و استخراج دينار ذهبي من فم السمكة, و ايباس شجرة بلعنها, و اهلاك قطيع من الخنازير بنقل سيالات روحية نجسة من انسان اليه , و سير على الماء, و ظهور و اختفاء, و نبؤات... مع العلم ان الأناجيل لم تذكر الا القليل القليل من خوارق السيد المسيح . و قد حرص الانجيليون الاربعة المعروفون على ابراز معجزات الشفاء لغاية روحية معينة.

هذا و اذا راجعت أخبار موسى النبي و غيرهما من الأنبياء, لرأيت معجزات من نوع آخر قد يكون الكثير منها انزال مصاءب كعقوبات في الناس الأشرار.

و ليست غاية المعجزة , كما تظن, افادة الناس جسميا" بشفائهم, بل غايتها مساعدتهم روحيا" على الايمان الصحيح بالله عز و جل والتمسك بالخير و الفضيلة, و غايتها في جميع الأحوال تمجيد الله الذي تستوي في نظره الخوارق جميعا" , و ان اختلفت أهميتها في نظر الانسان.

هذا و قد حصلت في جلسات روحية عقدتها عدة معجزات شفاء كتيت عن بعضها الصحف في حينها. و المعجزة ليست من أمر الانسان, بل هي من أمر الله تعالى , و هو الذي يمنعها او يسمح بها , و هو الذي يخنار منها نوعا" دون آخر في توقيت لديه معلوم.

س: تأكد لديّ من بعض أجوبتكم أن فناء البشر بات قريبا" وأنه سيتمّ في حرب ذرّيـة . فأن كان ألآمر حتما" لا مفرّ منه , فذلك يعني أن البشر ليسوا أحرارا" في أعمالهم . أفلا تستطيع الدول أن تدمّر أسلحتها النوويّة كلها , كما أوجدتها , وبذلك تتحاشى الفناء ؟

ج: ان ألأنسان حرّ , وبحرّيته الموجّهة نحو الخير أو الشرّ يصنع مصيره . وللأسف , فان ارادات البشر كانت وما تزال تدفعهم نحو المظالم والمطامع الدنيويّة , فلا يشبع واحدهم وان أتخم , ولا يكف عن الأستزادة وألأذى وان امتلك ألأرض كلها . بارادتهم الحرّة النازعة بهم الى الاغتصاب والعدوان والنافخة فيهم الشرّ والكبرياء أوقدوا الحرب العالميّة ألأولى , ولم تعظهم المآسي والمصائب التي ولدتها , وبارادتهم الحرّة أوقدوا الحرب العالميّة الثانية , ولم تعظهم الفواجع والكوارث الفادحة التي سببتها . فرغم مؤتمرات السلام ونداءات الوئام نراهم يتسابقون في تطوير أسلحة الموت والدمار , فمن قنبلة ذرّية الى قنبلة هيدروجينيّة ... الى قنبلة جهنّمية  . ولا شيء يشير الى أن الحكمة والقناعة والوداعة ستملك على نفوس الناس .

نعم ان البشر أحرار , وبارادتهم يستطيعون ان شاءوا أن يبعدوا شبح الحرب ألأفنائيّة عنهم , ولكن اذا هم استأصلوا من نفوسهم ميول الشرّ ورغبات عدائيّة واذا هم تنازلوا عن مطامعهم وخفضوا غرورهم وكبريائهم , واذا أقفلت مصانع ألأسلحة أبوابها وسرّحت الدول جنودها وضباطها , وأوقف العلماء أبحاثهم في تطوير أسلحة الهلاك , واذا توحّد العالم  في دولة واحدة وتآخى في دين واحد , وحلّ الحب والسلام في كل قلب مكان البغض والخصام . ان فعل البشر بارادتهم الحرّة ذلك فسيغيّرون مجرى تاريخهم ألأسود ويحوّلون عنهم مصيرهم الرهيب الزاحف نحوهم زحفا" حثيثا" . ولكن ان لم يفعلوا ذلك ؟؟..

س: كنت أميل الى ألالحاد , لكني بعد أن واظبت على قراءة أجوبتكم في مجلة  " بروق ورعود " الموسوعيّة والاطلاع على معجزاتكم يرويها أشخاص مشهود لهم بألعلم وألأستقامة , انبعث فيّ أمل ألأيمان . انما ينقصني عدم ألأرادة في مغالبة الشهوات والماديّات , وأحب ألأرتقاء الروحيّ , فهل بأمكانكم أن تمنحوني مساعدة روحيّة ؟

ج: لا تيأس من ألأستمرار في كفاحك ضد دناءات الدنيا ومطامعها , فألطريق الطويل يقطع خطوة خطوة , والصرح الشامخ يبنى حجرا" حجرا" . أما المساعدات الروحيّة فهي تتم في الجلسات الروحيّة , ولست أنا أمنحها , انما الروح هو الذي يمنحها باذنه تعالى . والمساعدة الروحيّة تعطى لمن يكون محتاجا" اليها ومستحقا" لها . وكثيرون هم الذين نالوا مثل هذه المساعدة فأفادتهم افادة عظيمة ومدّتهم بايمان قويّ ساندهم في محنهم ويسّر لهم طريق الخلاص .

س: هل القرآن في رأيكم , كتاب منزل ؟ ان كان الردّ بألأيجاب , فكيف تأكد لديكم ذلك ؟ وهل من اثبات واقعيّ لما تقولون ؟

ج: ان القرآن الكريم هو كتاب منزل , لا ريب لديّ في ذلك . والروح السماويّ الذي خاطب ألأنبياء وأوحى اليهم الحق هو نفسه الذي أوحاه . وقد تأكد لنا هذا بطريقة روحيّة . وقد أنزل القرآن الشريف ليكون مصدّقا" لما بين يديه من التوراة وألأنجيل وليهدي المشركين والمنحرفين الى الصراط المستقيم . أما الاثبات الواقعي فيمكن أن تلمسه في الجلسات الروحيّة . فضلا" عن ذلك , فأن كل شجرة لا يمكن أن تعطي الاّ ثمرها الخاص , والبيئة أشبه بألشجرة , وألأعمال الفكريّة وألأدبيّة والروحيّة أشبه بألثمرة , ولم تكن بيئة شبه الجزيرة العربيّة في أوائل القرن السابع للميلاد _ أوان انبعاث الدعوة الاسسلاميّة _ لتستطيع  أن تثمر سفرا" جليل الصفات مثل القرآن , لأن خصائصها الفكريّة وألأدبيّة وألأجتماعيّة والروحيّة هي دون تفوّقه واعجازه في جميع النواحي . فهذا برهان يؤكد أن مصدر القرآن الكريم غير أرضي .

هل يمكنك أن تتصوّر , مثلا" أن شبه الجزيرة العربيّة في ذلك الزمن البدائي نفسه كان بمقدورها أن تطلع الشاعر العالمي وليم شكسبير ! أو شاعر ايطاليا المبدع أليغاري دانتي أو فيلسوف اليونان الشهير أفلاطون ّ لا وألف لا , فكيف , اذن يمكننا القول أنها أنتجت القرآن انتاجا" طبيعيا" ولا نكون مخطئين ّ وفي المصحف الشريف ألأعجاز ألأدبي , والتشريع ألأجتماعي , والتفسير الكوني , وألاستباق العلمي, وفيه فوق ذلك الدين الحقّ , فيه جوهر التوراة وألأنجيل ! .

س: تباينت ألأرآء في تحديد الموت . فما رأيكم فيه ؟ وما دمتم تؤمنون بخلود النفس , فهل النفس  بعد حدوث الموت تبقى مجرّدة من رغباتها وأفكارها السابقة , أم أن هذه تترك آثارها فيها ؟

ج: الموت , كما يُعرف في كوكبنا , هو حالة معيّنة خاصّة بألأرض , وبها ينتقل الكائن الحيّ من مرحلة حياتيّة الى مرحلة حياتيّة أخرى , بعد أن يفقد شكله السابق ليتّخذ شكلا" جديدا" قد يكون قريبا" أو بعيدا" عن ذلك , ولكنه لا يكون في أي حال نفس الشكل السابق تماما" . واذ كانت الحياة هي صفة ملازمة للسيّالات الروحيّة , واذا كان كل كائن حيّ يتألف كيانه النفسيّ من مجموعة سيّالات , فألموت يحصل آن يغادر آخر سيّال روحي الشكل الجسمي . أما كيفيّة الموت التي نعرفها في ألأرض فليست هي نفسها التي تحدث في الكواكب والنجوم ألأخرى , فلكل كوكب أو نجم طرقه وأنظمته الخاصة في الموت كما في الحياة . ولكن مع أختلاف الكيفيّة يبقى الموت في جميع العوالم يعني لحظة ألأنتقال من طور حياتي الى طور حياتي آخر .

أما الرغبات والميول فتظل لاصقة بسيّالاتها , لآنها قوى حيّة فاعلة . ولذا فهي لا تندثر بعد الموت , انما ترافق السيّال الذي تكون فيه , كجزء منه , الى اتخاذ الشكل " الماديّ " الجديد . ولكنها تكون في شكلها الجديد غير واعية , تؤثر في سلوك ألكائن وفي طريق حياته , وفي تعيين ثوابه وعقابه , من غير أن يتذكّر شيئا" منها .

وعلى ضوء هذه الحقيقة التي أدركناها عن طريق الرُّوح , يجب على ألأنسان الحكيم الذكي أن يهذّب رغباته ويسمو بأفكاره , ويرقّي مجموع سيّالاته , لأن لا شيء يفنى ممَّا تحمل النفس لحظة الموت , بل كل ألأفكار والميول سيكون ألأنسان مسؤولا" عنها في دوره ألآتي.

س: تبيّن لي أنكم تستطيعون في الجلسات الروحيّة التي تعقدونها أن تعرفوا كل شيء . فهل تمكّنتم من أن تعرفوا ما اذا كان على سطح بعض الكواكب كائنات حيّة ؟

ج: لست أنا الذي أستطيع أن أعرف . انما الرُّوح هو الذي يعرف كل شيء باذنه تعالى ,  وبواسطته نعرف نحن . ومما وصلنا علمه أن الكواكب والنجوم كلّها_ بما فيها الشموس _ تحمل مظاهر مختلفة من الحياة . والحياة هي مبرّر وجودها , اذ ان فيها تتوزع درجات النعيم ودركات الجحيم . ولكن بما ان ألأنسان ذو حواس مقيّدة ومحدودة , فحواسه لا تسمح له بأن يرى أو يسمع أو يتحسَّس ... الاّ ما هو ضمن حدودها . ولذا فغير محتمل أن يتمكّن ألأنسان من أن يتحقق تحققا" حسّيا" من وجود كائنات حيّة في الكواكب ألأخرى , لأن مقاييسها وقوانينها ووجود الحياة والموت والتصرّف فيها قد تختلف عمّا هي عليه في ألأرض اختلافا" عظيما" . ولن يستطيع ألأنسان أن يدرك وجود أي كائن في أي كوكب آخر الاّ اذا كان بمتناول ادراكه الحسيّ .

نقلاً عن مجلة بروق و رعود 1968

 

 

Developed by Houssam Ballout        Copyright 2019 This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.nfo All Right Reseved This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.