من هو الدكتور داهش ؟!..
العالم العربي ، العدد العاشر ( 70 ) أول ابريل 1953
الدكتور داهش ...رجل فوق الرابعة والثلاثين من عمره ...نشأ في عائلة نكبها الدهر . فذاق من بطش الأقدار أهوالا ... وهو شخصية فذّة ، نبيلة في مراميها ، رفيعة في أفكارها وأهدافها ...عركها الدهر عراكا جبارا ؛ فجعل منها شعلة من العواطف الرقراقة والاحساسات اللطيفة نحو كل ما هو عادل نبيل شريف ...وقد تعرفنا اليه اتفاقا ، فوجدنا فيه مقدرة روحيَّة ، وعبقرية أدبية جذبتنا اليه مع لفيف من خيار القوم أدبا وثقافة .
وهو صاحب مؤلفات تجاوز عددها السبعين – رغم سنّه الحديث – خاض فيها المواضيع الاجتماعية بروح عالية وأفكار سامية تعود بالخير على جميع من يطالعونها , وبأسلوبه السهل الممتنع , الذي أعجب أدباء الشرق ممن يزنون الأمور بميزان العقل والحكمة , وأثارت دهشة أبناء العلم ومحبّي الأداب .
وفوق جميع هذا فالدكتور داهش مُصلحٌ ديني وأجتماعي عظيم , صاحب عقيدة راسخة تملأ صدره الرحب . فهو ينشد (العدالة ) في عالمٍ طغت فيه المظالم .. يأكل فيه القوي الضعيف .. ويبطش فيه الذئب المفترس بالحمل الوديع !
وهو ينشد ( المحبَّة ) بين الشعوب والأفراد .. تلك المحبَّة التي أوصت بها جميع الأديان والتي لعبت في تحقيقها الغايات الغاشمة .
وهو ينشد الترفع عن ( المادَّة ) الطاغية والاتجاه نحو الفضيلة والمثل العليا .
وهو يتغنَّى بخلود الرُّوح وما تجرّه هذه العقيدة من واجباتٍ إصلاحية في كل فرد .
وقد وطَّد الدكتور داهش العزم على أن يعلن هذه الحقيقة بصوته الجهوري , وأن يدعو الناس للعودة الى الطرق النبيلة , والى وصايا الأنبياء . وليس مثلما يعلّمهم رجال الدين النفعيّون !
كما أنه أعلن أن الأديان المعروفة جميعها منزلة يجب احترامها والاعتراف بها لأنها جميعها تحضّ على الصلاح , وهي إرادة الله .
فالتعصب جريمة بشرية تجرّ عقابها من ورائها . وما الجرائم والمآثم والمجازر الدموية التي جرت في تاريخ العالم من جراء التعصُّب الذميم إلا بينة صريحة , وبراهين ساطعة عن هذه الحقائق .
فرغبة الله جل جلاله لا تتفق البتة مع استعمال الأديان لغايات تعصبيَّة قبيحة , فالأديان جعلت مختلفة مع اختلاف الشعوب والألوان , وكلها تأمر بالعدالة والمحبَّة .
ماري حدّاد