أنا أؤمن بأنه توجـد عدالة سماويّة, وأن جميع ما يُصيبنا في الحياةِ الدنيا من مُنغصات انَّ هـو الاّ جـزاءٌ وفاق لِما أجترحناه في أدوارنا السابقة من آثـامٍ وشـرور.ولهـذا يجب علينا أن نستقبلَ كلّ مـا يحـلّ بنـا من آلامِ الحياةِ ومآسيها غير مُتبرّمين ولا متذمّرين , بل قانعين بعدالةِ السماء ونُظمها السامية.

Highlighter
أحبُّ الكُتُبَ حبَّ السُكارى للخمر , لكنَّني كلَّما أزددتُ منها شرباً, زادتني صَحوا
ليس مّنْ يكتُبُ للهو كمَن يكتُبُ للحقيقة
الجمالُ والعفّــة فـردوسٌ سماويّ .
لا معنى لحياةِ ألأنسان اذا لم يقم بعملٍ انسانيٍّ جليل .
اعمل الخير , وأعضد المساكين , تحصل على السعادة .
من العارِ أن تموتَ قبل أن تقـوم بأعمالِ الخير نحـو ألأنسانيّة .
الموتُ يقظةٌ جميلة ينشُدها كل مَنْ صَفَتْ نفسه وطَهرت روحه , ويخافها كلّ من ثقُلت أفكاره وزادت أوزاره .
ان أجسامنا الماديّة ستمتدّ اليها يـد ألأقـدار فتحطِّمها , ثمّ تعمل فيها أنامل الدهـر فتتَّغير معالمها , وتجعلها مهزلةً مرذولة . أمّا ألأعمال الصالحة وألأتجاهات النبيلة السّامية , فهي هي التي يتنسَّم ملائكة اللّه عبيرها الخالد .
نأتي إلى هذا العالمِ باكين مُعولين، و نغادره باكين مُعولين! فواهً لك يا عالمَ البكاء والعويل!
جميعنا مُغترٌّ مخدوعٌ ببعضه البعض.
العدلُ كلمة خُرافية مُضحكة.
أمجادُ هذا العالم وهمٌ باطل، و لونٌ حائل، و ظلٌّ زائل.
لا باركَ الله في تلك الساعة التي فتحتُ فيها عينيّ فإذا بي في مكانٍ يطلقون عليه اسم العالم .
أنا غريبٌ في هذا العالم، و كم احنُّ إلى تلك الساعة التي اعود فيها إلى وطني الحقيقيّ.
الحياةُ سفينةٌ عظيمة رائعة تمخرُ في بحرٍ، ماؤه الآثام البشريَّة الطافحة، و امواجه شهواتهم البهيميَّة الطامحة، و شطآنه نهايتهم المؤلمة الصادعة.
كلّنا ذلك الذئبُ المُفترس , يردع غيره عن اتيانِ الموبقاتِ وهو زعيمها وحامل لوائها , المُقوّض لصروح الفضيلة , ورافع أساس بناءِ الرذيلة .
الحياةُ سلسلة اضطراباتٍ وأهوال , والمرءُ يتقلَّب في أعماقها , حتى يأتيه داعي الموت, فيذهب الى المجهولِ الرهيب , وهو يجهلُ موته , كما كان يجهلُ حياته .
من العارِ أن تموتَ قبل أن تقومَ بأعمالِ الخير نحو الانسانيّة .
المالُ ميزان الشرِّ في هذا العالم .
السعادةُ ليست في المال , ولكن في هدوءِ البال .
كلُّ شيءٍ عظيمٍ في النفسِ العظيمة , أمّا في النفسِ الحقيرة فكلُّ شيءٍ حقير .
الرُّوح نسمةٌ يُرسلها الخالق لخلائقه لأجل , ثم تعودُ اليه بعجل .
الرُّوح نفثةٌ الهيَّة تحتلُّ الخلائق , وكل منها للعودة الى خالقها تائق .
الرُّوح سرٌّ الهيٌّ موصَدْ لا يعرفه الاّ خالق الأرواح بارادته , فمنه أتتْ واليه تعود .
أنا أؤمن بأنه توجـد عدالةٌ سماويّة , وأنَّ جميع ما يُصيبنا في الحياةِ الدُّنيا من مُنغِّصاتٍ وأكدارٍ انَّ هـو الاَّ جـزاء وفاق لمِا أجترحناه في أدوارنا السابقة من آثـامٍ وشـرور . ولهـذا يجب علينا أن نستقبل كلَّ مـا يحـلُّ بنـا من آلام الحياة ومآسيها غير م
الحرّيةُ منحة من السماءِ لأبناءِ ألأرض .
الموتُ ملاكُ رحمةٍ سماويّ يعطف على البشر المُتألّمين , وبلمسةٍ سحريّة من أنامله اللطيفة يُنيلهم الهناء العلويّ .
ما أنقى من يتغلّب على ميولِ جسده الوضيع الفاني , ويتبع ما تُريده الرُّوح النقيّة .
ما أبعدَ الطريق التي قطعتها سفينتي دون أن تبلغَ مرفأ السلام ومحطَّ الأماني والأحلام .
الراحة التامّة مفقودة في هذا العالم , وكيفما بحثت عنها فأنت عائدٌ منها بصفقةِ الخاسر المَغبون .
ليس أللّــه مع الظالم بل مع الحقّ.
ان الصديق الحقيقي لا وجود له في هذا العالم الكاذب.
ما أكثر القائلين بالعطف على البائسين وغوث الملهوفين والحنو على القانطين , وما أقلَّ تنفيذهم القول.
يظنُّ بعض ألأنذال ألأدنياء أنّهم يُبيّضون صحائفهم بتسويدِ صحائف الأبرياء , غير عالمين بأنَّ الدوائر ستدور عليهم وتُشهّرهم.
ما أبعدَ الطريق التي قطعتها سفينتي دون أن تبلغَ مرفأ السَّلام ومحطَّ الأماني والأحلام .
رهبة المجهول شقاء للبشرِ الجاهلين للأسرارِ الروحيَّة , وسعادة للذين تكشّفت لهم الحقائق السماويَّة .
الموتُ نهاية كل حيّ , ولكنه فترة انتقال : امّا الى نعيم , وامّا الى جحيم .
الحياةُ خير معلِّمٍ ومُؤدِّب , وخيرَ واقٍ للمرءِ من الأنزلاقِ الى مهاوي الحضيض .
حين تشكُّ بأقربِ المُقرَّبين اليك تبدأ في فهمِ حقائق هذا الكون .
مَنْ يكون ذلك القدّيس الذي لم تخطرُ المرأة في باله ؟ لو وجدَ هذا لشبَّهته بالآلهة .
المرأة هي إله هذه الأرض الواسع السُّلطان. و هي تحملُ بيدها سيفاً قاطعاً لو حاولَ رجالُ الأرض قاطبةً انتزاعه منها لباؤوا بالفشلِ و الخذلان .

في ذكـــــرى

الدكتور داهش


كلمة أول حزيران للعام 2004

أيها الأخــــوة الأحبـــــة .....

في مثل هذا اليوم، ومنذ خمس وتسعين عاماً وُلد الهادي الحبيب: إبن السماء البـارّ، وصوت الحقّ الصارخ،

المنقذ الموعود في كلّ الأزمنـة، والشاهد الحقّ على التـاريخ والأمكنة، المعزّي المنتظر لدى الأعراب والحضر، والمخلّص الوحيـد لكلّ البشر ....

صاحب الأقوال المأثــــورة، والكلمات المشهورة، والنبــؤات المذكـورة.

وها قد أزف الوعد، وحان يـــوم السعد، فتجلّى الوجـد، وبرز الصبح، وتفتّق الورد، فتجسد المجد، ودوّى صوت الرعد،

فإذا بالهــادي الموعود، حمل الله الوديع، يحمل آلام البشريـة التي لا تطاق، فيكابد المشقات الهائلة، ويعاني المنغّصات النازلة، ويتملّكه أسىً نفسي شديد الوطء على فؤاده الحسّاس، وذلك لغدر الزمان وعسف الخطوب، وندرة الخلان ووفرة الكروب، ولشدّة الطغيان وقلّة الأعوان وكثرة العيوب، وتنكّر الإخوان، وضعف الإيمان، وقوّة الذنوب، ولتعاظم شرور بني الانسان مع كل ريح هبوب، فضلاً عن غربته الروحّية القاسية في أرض الضغائن والأشجان وتناحر الدروب، فلم يؤمّل إلا بالإله الرحمن، يكفيه شرّ الإذعان، ويقيه غائلة الحروب.

نشد حبيبه الموت علّه ينقذه ممّا يعاني في وحشة الغروب، وحنّ إلـى موطنـه الأصلّي ما وراء العيـان، وأجنحة المجرات، والسدم والثقوب، حيث تزول المتاعب والآلام، وتفنى الأهواء والأوهام، وتتبدّى الغيوب، فيرفل بأثـواب السعادة والسلام، وينعم بأجواء الحبّ والحنـان، في جنّة وارفة عرضها السموات والأرض وضفاف الأكوان، فيها تتحقق الأمانـي والأحلام، ويسود الحقّ  والعدل، ويتوفر الأمان.

يقـــول:

" والكرى المعسول، والخفّي المجهول، والأبد الذي لا يعتريه الزوال والأفول، والعفاء والذبول، هو ما تطمح إليه نفسي، ويبغيه قلبي. وتحن إليه جوارحي."

لقد مرّ في عالمنا للحظات، فكانت كلماتـه لنـا نوراً هاديــاً وضّاءً وسط تلك الظلمات، تهدي السفائن الحائرة، وترشد القوافل السائرة، وتزف البشرى إلى قلوب العذارى الساهرة، وعيون الطيور المهاجرة في بيد الصحاري الشاسعة والفيافي الواسعة، تبحث عن الكلأ والماء، في أرض جدبـاء، فلا تلقى غير السراب والهباء.

لقد سعى إلى تقويم إعوجاجاتنا الأخلاقية، فمجّد الفضيلة، وغنّى البطولة، وقدّس الحرّية، وعظّم السماء في كوكب الطين والماء، وعبثاً نشد الحقيقة والسلام، والعدالة والوئام، في عالمٍ فان، حقائقه أضغاث أحلام.

زرع فينا بذور المحبّة والأمل، ونور العلم والعمل، فكان يشحذ الهمم والعزائم، ويوقظ المتثائب والنائم، علّه ينهض بالنفوس الخائرة من حمأة الرذائل والصغائر، ووهدة المطامع والمساخر إلى حياض الروح وملإها العلويّ الطاهر، لكنّ الزرع لم يطلع، والزهر لم يينع، والثوب لم يُرْقع. فمن أين للبشر أن تتغيّر حقيقة سيّالاتهم، وطبيعة نفوسهم وغاياتهم فتتحوّل عن جوهرها الترابيّ، ومعدنها الزريّ، لتسبح في قبّة الفضاء اللانهائـي، وأعماق المستحيل الكوني، فتنقلب إلى معدن الطهر والنقاء، وتكتحل بأشعة السحر والصفاء؟ إلا أن يأتي داعي الموت، فيحرّر تلك النفوس من ربقة قيودها، ويحطّ عنها غبار أسفارها وغلال عقودها، ليفك طلاسم عهودها، فتتعرّى أمام معبودها، لتتحرّى مسار ورودها، وتستعيد ذكرى أمجادها وأدوار وجودها، حيث تعبر الجسر من حال إلى حال، فتتبدّل المقامات والأحوال، إذ يُرفع الجدّ ويوضع الإهمال، ويورث الحقد، ويحرز المثال، وتقوم الموازين القسط، فيقام الحدّ، وتكنه دقائق الأعمال، وإذ ذاك تخطّ النفوس مصائرها بملء اختيارها إما لعزّ وإما إلى زوال، بما يوافي العدل الإلهيّ، ويجدّد الآمــال، فتعمّ البشائـر، أو يزيـد الضلال!

"فما يـزرعه الإنسان، إيـّاه يحصد"، ويكثر التسآل.

و" بالكيـل الذي به تكيلون يُكال لكم"، ويزداد الإشتغال.

فيا إخوتـي:

إني أناديكم .... أقول لكم ... أوصيكم...

لا تقتلوه مرّتين: مرّة بأيدي الآخرين، ومرّة بأيديكم، بفرقتكم وتعاديكم، أو تداعيكم .... لا فرق،

بل ثبّتوا أقدامكم، قوّوا إيمانكم، هاتوا برهانكم، نظّموا صفوفكم، وطّدوا أركانكم، وكونوا "كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضاً" أو " كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحّمى."

وإذ ذاك تقبضون على الجمر بيمينكم، بأفكاركم ويقينكم، فلا تلين قناتكم، ولا تلتوي أعوادكم، بل تهون أعاديكم....

وذلكم ما أرتجيه لكم، وبه أفتديكم، فتتمّ النعمة عليكم، وتكتمل فرحتكم، وتتحقّق أمانيكم ....


الدكتور داهش

في ذكراه العشرين

في حياة الدكتور داهش عدّة نقاط يجدر بنا الوقوف عندها في الذكرى العشرين لانتقاله، والواقعة بتاريخ 9/4/2004.

1-    فالرجل قد تعرّض لاضطهاد عنيف في عهد الطاغية بشارة الخوري رئيس جمهورّية لبنان الأسبق ومن عاضده من رجال الدين والدنيا المتآمرين يومذاك على حياة الرجل وحقّه في التعبير عن رأيه وإعلان دعوته بين الناس، مما أدّى إلى سجنه بتاريخ 28 آب 1944 في مدينة بيروت، ومن ثم نفيه خارج الحدود بعد انتزاع جنسيته اللبنانية منه بصورة مخالفة للقوانين والأعراف والدستور، فضلاً عن شرعة حقوق الإنسان الدولية.

لكن الرجل استطاع أن يعود خفية إلى لبنان، ويستعيد جنسيته بعد ثماني سنوات من تلك الحرب الضروس التي دارت رحاها بينه وبين بشارة الخوري وزبانيته العاملين طوع إرادته، وعلى رأسهم المحرّض الأوّل على ارتكاب تلك الجريمة الدسّاس ميشال شيحا، وشقيقته الأفعوانة السامّة لور، وشريكهما في الإعتداء هنري فرعون، ومن لفّ لفّهم من الأزلام المتعاونين لهذا الغرض الشائن أمثال النائب العام الإستئنافي في بيروت سابقاً يوسف شربل وسواه...

وهو ما حمل الدكتور داهش على أن يصدر ضدّهم 66 كتاباً اسود و165 منشوراً، وجميعها حافلة بفضائح وقبائح ومخازي ذلك العهد البغيض، ممّا "يزكم الأنوف ويسرّ كلّ شهمٍ أنوف"[1]، فكان أن تحطمت على صخرة إرادته الفولاذية جميع أكاذيبهم وافتراءاتهم المدنّسة، وظهر الهادي إزاءهم كالطود الشامخ الذي يهزأ بالأعاصير والعواصف الزعزع التي هبّت عليه من كلّ حدب وصوب، فلم يتراجع ولم يتزعزع، بل ثبت على عقيدته، واستمرّ في جهاده حتى الرمق الأخير، كأنه صيغ من غير طينة البشر. وما ذلك إلا ثمناً للحرّية الغالية التي تبذل دونها المهج والأرواح، والتي هي "هبة الخالق لخلائقه من مختلف الملل وشتّى النحل[2]" "ومهما حاول الحاكم (الوصولي) أن يعتدي على ذمارها، فإنّها تعود لتنقلب عليه وتعميه برشاش غبارها[3]". أليست الحرّية أثمن ما في حياة الإنسان فتستحق وتتطلّب كلّ تلك التضحيات الباهظة؟!

يقول الدكتور داهش:

"قارعت ثلاثمئة شخص هاجموني وهم: رجال صحافة، وكتّاب، وشعراء، ورجال دين وسياسيّون، ووزراء، ونوّاب، وعاديّون ... وعلى رأسهم رئيس الجمهورية اللبنانية بشارة الخوري وزبانيته."

" واحتدمت المعركة، وتأجّج أوارها، وتطايرت أخبارها، وهتكت أسرارها ....

وقارعتهم بحججي، وصعقتهم بحقائقي، ورجمتهم برجومي، وزلزلتهم بوثائقي....

فانكفأوا والألم المميت يحيط بهم إحاطة السوار بالمعصم، وتركتهم يرتدون لباس العار والذلّ والشنار ....

وكم تمنيت لو كانوا ألف (1000) مهاجم نذل ديدنهم خوض غمار الأضاليل، وإذاعة أنباء السوء المختلقة.

فأنا خُلِقْتُ لقطع دابر هؤلاء الأنذال الغارقين بالقذارات المدنّسة، ووُجِدْتُ لأقارع كلّ أفاك يبيع ضميره في سوق المزاد الشائن .....

وهكذا عَصَفْتُ بكيانهم، وأَبَدْتُ وجودهم. ولن تقوم لهؤلاء الأوغاد بعد اليوم قائمـة[4]".

2-    وقد أسّس الدكتور داهش عقيدة روحيّة فلسفيّة سامية، تقوم على مبدأ وحدة الأديان والأخوّة الإنسانيّة، وعلى الإيمان بالمثل العليا، ومكافحة الجهل والتعصُّب الذميم.

ولئن بدت هذه الغاية المرجوّة صعبة المنال، فإنّ الرجل قد دعمها بالمعجزات والظواهر الروحيّة الخارقة، التي أيّده الله تعالى بها، كدليل على صدق دعوته وصحّتها، مع العلم أن تلك الظواهر المذهلة لا تدع مجالاً لِلَبْسٍ أو غموض في صحّة مصدرها العلوي، ونسبتها إلى طاقة روحّية سماويّة هائلة، متفلّتة من قيود الزمان والمكان، لأنّها تتخطى العوالم المادّية ونواميسها جمعاء.

وكان من نتيجة ذلك كلّه، أن آمن بعقيدته الروحيّة ومبادئها السامية عدد كبير من المريدين، يأتي في مقدّمتهم الشاعر حليم دمّوس، والأديبة الفنّانة ماري حدّاد وأفراد أسرتها الكريمة، والمفكّر يوسف الحاج، والطبيبان النطاسيّان الدكتور جورج خبصا والدكتور فريد أبو سليمان، وغيرهم من أبناء الجيل التالي الذين يمارسون اليوم شعائرهم الدينيّة في معابدهم الخاصة، في العديد من بقاع العالم، مع احترامهم الكلّي لعقائد الآخرين وحرّيتهم التامة في ممارسة طقوسهم وعباداتهم والتعبير عن معتقداتهم بما يتناسب ومستوى أفكارهم وتصوّراتهم. " فالإنسان حرّ .... سواء أكان مخطئاً أم مصيبا[5]ً".

وهذا كلّه يشهد على صدق الغاية الروحيّة التي رمى إليها الدكتور داهش من وراء تلك الظاهرات المحيّرة والغريبة التي تجلت على يديه ...

3-    وأصدر الدكتور داهش عدداً كبيراً من الكتب الأدبية إذ أربت مؤلفاته على المئة وخمسين كتاباً تناول فيها مختلف شؤون الحياة وشجونها، بلغة سهلة، واسلوب أنيق، وعبارة رشيقة، عبّر فيها عن أحلامه وأمانيه، وآماله ومراميه، وآلامه وما يبغيه من تلك الأفكار السامية والمبادىء المثلى التي عالجها، منبئاً عن نظرة خاصّة في الوجود، مبدياً امتعاضه من متاعب هذه الحياة وما تزخر به من منغّصات هائلة، رانياً إلى العالم الآخر الذي يتوق إليه بشوق وحنين عظيمين حيث السعادة والنعيم المقيم.

كما أنشأ الدكتور داهش نظرّية فلسفيّة تقوم على مبدأ السببيّة الروحيّة وعقيدة التقمص، وتنطلق من التفسير الروحي للكون على أساس مفهوم السيّالات الروحيّة كإتجاه حديث في مناحي الفلسفة الإنسانيّة ، وما يستتبع ذلك من نظام الإستحقاقات الروحيّة كتعبير حيّ عن نظم العدالة الإلهيّة وقوانينها في هذا العالم الأرضيّ، وبقيّة العوالم المبثوثة في أرجاء هذا الكون الفسيح، وما ومن ينتمي إليها من الأحياء والكائنات ...

أمّا عن الشأن الإجتماعي فإنّ الكتب والمناشير السوداء التي أصدرها الدكتور داهش في عهد الطاغية بشارة الخوري، قد حوت من المواقف الجريئة والأفكار القيّمة الشيء الكثير، فضلاً عن ينابيع حكمته الغرّاء التي يمكنك أن تنهل منها بلا ارتواء. أضف إلى ذلك موسوعته الفريدة "خبز المعرفة" التي جمعها في خمسة مجلّدات ضخمة ضمّت خلاصات التجارب والآراء.

أليس هو القائل: "أحبّ الكتب حبّ السكارى للخمر، لكني كلمّا ازددت منها شرباً زادتني صحوا[6]ً".

4-    إن كتب الدكتور داهش قد صدرت بمعظمها في طباعة أنيقة وإخراج فخم على غرار كتابيه " نشيد الانشاد" و "عشتروت وأدونيس" حتى نال بعضها الجوائز من معارض الكتب العربيّة والعالميّة ككتاب "مذكرات يسوع الناصري".

وقد تجلّى هذا الميْل الفنّي لدى الدكتور داهش منذ صدور كتابه الأول "ضجعة الموت" بنسختيه النثرية والشعرية في أواخر عام 1935، حيث طُبعَ الكتاب على ورق أبيض صقيل تزينّه الرسوم العديدة من خيال الدكتور داهش وبريشة كبار الفنّانين العالميين، كما خطّه مشاهير الخطّاطين العرب، وصاغه شعراً الشاعر الفلسطيني مطلق عبد الخالق قبل أن يعمد الشاعر حليم دمّوس إلى نظمه وسواه من كتب الدكتور داهش بعد سنوات، وقالت فيه جريدة "فلسطين" التي كانت تصدر بيافا يومذاك، في إحدى افتتاحيّاتها:

لو عاد شكسبير نفسه إلى الحياة من جديد، لما أصدرت له الحكومة البريطانية كتاباً يُضاهي كتاب "ضجعة الموت" بطباعته، وذلك احتفاءً بعودة شكسبير إلى عالم الأحياء....

كما برزت اهتمامات الدكتور داهش الفنية بشكل أدقّ وأوضح من خلال إقدامه مبكراً على جمع مئات اللوحات الزيتية والتحف الفنّية الثمينة، قبل أن يضيف إليها آلاف القطع البديعة والرسوم النادرة خلال رحلاته حول الكرة الأرضية التي شملت أغلب بقاع العالم حيث استطاع أن ينشىء متحفاً يضاهي أعظم المتاحف العالميّة، كان قد أسّسه في بيروت باسم "القصر الصغير" الذي كان قائماً في منزله بحيّ القنطاري ثم تمّ نقله خلال الحرب الأهليّة اللبنانيّة إلى نيويورك بإسم "متحف داهش" الذي أضحى أثراً إنسانياً عظيماً ستخلّده العصور كما تخلّد صاحبه إلى ما شاء الله.

يقول الدكتور داهش:

"أتوق للفنّ وأتعشقه، وأبحث عنه ليل نهار، فهو لي كالروح للجسد، وبهذه المناسبة تذكّرت مثلاً شائعاً دوّنته الكتب إذ قالت: "إثنان لا يُشْبِعُ نهمهما شيء: طالب علم وطالب مال" وأزيد عليهما ثالثاً فأقول: "وطالب فن" الذي هو أنا فإنّي، وأيم الحقّ، لا يمكن أن أشبع نهمي من الفنّ إطلاقاً ... والخلاصة أنّ الفن يستهويني ويجذبني كالمغناطيس المقتدر[7]."

5-    قام الدكتور داهش على مدى الأعـوام الخمسة عشر الأخيرة من حياتـه بعدد من الرحلات حول العالم، بدأهـا في 2 آب 1969 واستمرّت حتى نهاية حياته بتاريخ 9 نيسان 1984، دوّن فيها مشاهداته في أصقاع العالم المختلفة، وما اتصل بذلك من وقائع وأحداث، وخواطر وتأملات، ورؤى وذكريات، وظواهر متنوعة وتعليقات تناولت حاضر الشعوب وتاريخها، ومستوى ثقافتها وفنونها، وآدابها وعلومها، وعمرانها واجتماعها واقتصادها، وأديانها ومعتقداتها وأخلاقها التي تصونها، وغير ذلك من شتّى شؤون الحياة وشجونها ... ثمّ عاد لنا بتلك الثروة الأدبيّة القيّمة التي أصدرها في موسوعة فريدة في بابها في اللغة العربيّة، ضمّها اثنان وعشرون مجلّداً تحت عنوان "الرحلات الداهشيّة حول الكرة الأرضيّة". وصدرت عن الدار الداهشيّة للنشر في نيويورك.

وإذا أنت تابعته في رحلاته تلك، وجدتك تجوب معه البلدان والأمصار، وترود الصحارى والقفار، ثمّ تعوج على المتاحف والآثار دون أن تتحرك من مكانك ... فتتعرّف إلى عواصم العالم ومدنه وقراه، وتعرّج على سهوله ووديانه وذراه، وتطوف بالمطاعم والمعارض والغابات، وتقطع الشوارع والأسواق والساحات، ثمّ تحطّ رحالك في الحدائق والفنادق والدور، وتنثني إلى المقاهي والملاهي والقصور، دون أن تنسى المعابد والشلالات والجسور، والأماكن الهاجعة في أحضان الطبيعة بطمأنينة وسرور .... وتعود من رحلتك السندباديّة وإذاك قد أدركت حقائق العالم ومعانيه، وجمال أقماره وأسرار لياليه، ومظاهره التي تغري وباطنه وما يخفيه.

ويجدر بالذكر هنا أنّ جميع تلك الرحلات مصوّرة تصويراً سينمائياً وفوتوغرافياً، وقد جمع فيها الحبيب من اللوحات الثمينة والتحف النادرة والمقتنيات ما كانت تغصّ به الغرف والقاعات، وينوء بحمله الإخوة الذين رافقوه في تلك الساعات، وقد أنشأ من ذلك كلّه متحفه العظيم وماله عليه من رائع البصمات.

وإن أنت نَقلْتَ بصرك بين تلك الجواهر المكنونة واللآلىء العجيبة التي جمعها في غضون تلك السنوات، وكأنه يسابق بها سرعة الزمن وغدر العاديات، لغاية في نفس يعقوب لا يدركها إلا ربّ السموات، لم يسعك إلا أن تقف مشدوهاً حائراً مطرقاً أمام عظمة ذلك الفنّ الرفيع الذي يستولي على القلوب، ويقهر بسلطانه العجيب النفوس، ولا يسعك إلا أن تحني جبينك إجلالاً وتقديراً لعظمة صاحبه الذي دأب على جمع تلك الروائع بصبر غريب وجَلَدٍ أغرب، دون أن ينال منه تعب أو نصَب، ودون أن يجد اليأس إلى قلبه سبيلاً.

وفي الواقع لم يكن الدكتور داهش، في ذلك كلّه، إلا شاهداً على التاريخ والأجيال، وعلى ما صارت إليه حضارة القرن العشرين في آخر المآل، فيصدر حكمه القاطع على بني الغبراء ومن بينهم أتباعه الأمناء. فكثيراً ما كان يستاء ويغضب إذا بَدَرَ من أحبابه مالا يهوى ويرغب!

أليس هو الغريب عن الدنيا ومعتنقيها وأهلها ومريديها ؟!!

6-    أمّا شخصيته الفذّة فقد كانت نموذجاً حيّاً للأخلاق الرفيعة والقيم السامية، جمع فيها بين النفس الحسّاسة والروح المرحة الطيّبة التي ينعقد عليها لواء العزم والحزم، إلى عزّة في النفس وإباء على الضيم، وقدرة على الجهاد  المتواصل، وطاقة رهيبة على العمل بلا كلال أو ملال، ونزوع فطري إلى عمل الخير والاحسان إلى الفقراء والمعوزين.

كما تميّز بلطف جمّ، وأدب غزير، وذكاء عالٍ جدّاً، ونباهة نادرة، وسرعة بديهة، وحِسٍ نقّاد، وثقافة ضافية عميقة في مختلف فروع المعرفة الإنسانيّة، ممّا جعله مثالاً يرتجى للكثير من عارفيه، وأحبّائه ومريديه.

نعم! لقد عرفناه صورة صادقة للمثل العليا، كما عرفناه " شاهداً ومبشّراً ونذيرا، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا"[8].

هذا غيض من فيض ممّا يمكن استعادته عن الدكتور داهش في ذكراه العشرين، وهو ما يحتاج إلى عشرات المجلّدات إذا رغبنا التوسُّع في شرحه، والإسهاب في تفاصيله. فعسى أن يكون في هذا النذر اليسير الذي قدّمناه ما يومىء بالنقطة إلى البحر، ويشير بالوردة غلى العطر، وما يروي ظمأ العطاش إلى معرفة الحقيقة، وورود مناهل ينابيعها الصافية.

إنّه عظيم من بلادي، لم يُوَفَّ حقّه في حيـاته، ولا نال ما يستحقّه من الوفـاء بعد مماته.

    

     يقول الأديب الروائي المعروف جرجي زيدان:

" إنّ الأمة إذا تمدّنت عرفت قدر مخترعيها وعلمائها وفلاسفتها وساستها وغيرهم من رجالها العظماء، فتقيم لهم التماثيل وتؤلّف الكتب في الثناء عليهم. ولكنّها تفعل ذلك مدفوعة بإقرارها بالجميل[9]".

فعسى أن نكون من الأمم المتمدّنة بل المتحضّرة التي بلغت شأواً يذكر في مضامير التقدّم، ومعارج الرقيّ الأصيل،

ولا يصحّ فينا ما ساقه الدكتور عمر فرّوخ حين قال:

" والناس لا يريدون المثل الأعلى إلا خيالاً مجرَّداً من المادّة منقطعاً عن أسباب الحياة. فإذا رأوا ذلك المثل الأعلى يتحقّق في شخص أنكروه ثمّ أهانوا ذلك الشخص وسمّوه صنماً.

إنّ البشر لا ينصف بعضهم بعضاً لأنّهم يسيرون بأهوائهم لا بعقولهم. فإذا كان فيهم رجل فذّ عبقري أهملوه، فإذا مات ندموا على أن لم يكونوا قد وفوّه حقّه من قبل، ثمّ مجدّوا جثتّه وقبره[10]".

وهو ما جاء وفاقاً لرأي الشاعر التونسي أبي القاسم الشابي الذي كان يردّد في قصيدته "الناس":

ما قدّس المثل الأعلى وجَمَّلَهُ           في أعين الناس، إلا أنّه حُلُمُ!...

الناس لا يُنصفون الحيَّ بينهم                  حتى إذا ما توارى عنهم نَدِموا[11]ا!...

وإلا فحينذاك تنطبق علينا عبارة إفلاطون الخالدة في رسالته الهابطة من عالم الأرواح حيث يقول:

"إنّ الدولة التي تغلّ أيدي نوابغها وأنبيائها، وتقيم العقبات في سبيلهم، لهي دولة متعسِّفة تاعسة بشّرها بسقوط عظيم لا تقوم لها من بعده قائمة[12]".


كلمة أول حزيـران

للعام 1998

أيْها الإخوة والأخوات الأحبّاء....

نحتفل اليوم بمرور تسعة وثمانين عاماً على ميلاد الهادي الحبيب داهش: رجل الروح الذي ملأ الدنيا وشغل الناس، وحيّر العقول والألباب، فوقفت دونه عاجزة صاغرة قاصرة ... وبقي علامة استفهام كبيرة في أذهان الكثيرين.

لقد كانت حياته سجلاً حافلاً بالبطولات، غنياً بالمآثر والثمرات، ملأها عملاً متواصلاً، وجهوداً متكاثفة، حتى تسنّم في نهايتها ذروة المجد، واستحقّ إكليل الغار، وتمكّن بفضل رقيّ درجته العلوّية، من أن يصير محلاً للحوادث الروحيّة، ومنبعاً للظاهرات الإعجازيّة. فأسّس، على ضوء ذلك، عقيدة سامية تُعَدّ بحق فلسفة الأجيال المقبلة، والتعبير الحضاري المتميّز، إذ تقوم على الإيمان بوحدة الدين والعلم في حقائقهما النهائيّة، والوحدة الجوهريّة للوجود بمظهريه المادّي والروحي.

وقد دعا الدكتور داهش إلى التحلّي بالأخلاق الحميدة، والمناقب الرفيعة، وإلى تمثّل الفضائل النفسيّة التي تحرّر الإنسان، وتسمو به إلى ما وراء حدود الكشف والعيان، فلا يبقى عبداً ذليلاً صاغراً أمام سدنة شهواته، بل يصير سيّداً لنفسه وإنساناً بكلّ ما في الكلمة من معان، حيث تنكشف له أنوار السماء الباهرة، وتتجلّى أمام عينيه الحقائق الروحيّة الصاهرة، فيرى طريق الحق واليقين، ونور العرفان.

كما سبّح خالقه العظيم، على آياتـه المبدعة، فناجاه في العشيّة والأسحار، منحنياً أمام سدّته الإلهيّة، ضارعاً إليه بخشوع تام ورهبـة كلّية، أن يمنحه الهدوء والأمان، ويهبه العفو والغفران، طالباً إليه أن يشمله بمراحمه الواسعة مدى الآباد والأدهار ...

فأيّده تعالى بروح من لدنـه، وبثّ في نفسه السكينة والإستقرار، وثبتّ قلبه بالإيمان، وعزّزه بالحجّة والبرهان، ليتحرّر من قيود الأرض وكبول الأدران، ويستعدّ لمواجهة الطوارىء، ومقارعة الحدثان، ويهنأ بذاك العطاء وذيّاك الإحسان. فانطلق لأداء رسالته الروحية الملهمة من لدن الديّان، كأحسن ما يكون الأداء، مؤزراً بالأنصار والأعوان، مستمعاً لنداء المحبّة والرجاء، داعياً إلى الوحدة والإخاء، خارجاً في قومه يطلب العدل والإنصاف، والقضاء على أسباب الفرقة والإختلاف، ساعياً لتغيير الأوضاع الإجتماعيّة السائدة الفاسدة، وإزالة المظالم النكراء، فأبت عليه ذلك زمرة الأدنياء.

فثار على الظلم والطغيان، وأشفق لمعاثر الأوطان، يخطّ مصائرها الحمقى والأغبياء والعميان، وأنكر شرور بني الإنسان، فتألّب عليه الأعداء، ورموه بكلّ فريّة وادّعاء، وعصفت به الخطوب والأرزاء، فجحدوا حقّه في الحريّة والحياة والإفصاح عن الآراء، لكنّه أبي الخضوع، ورفض المذلّة والخنوع، وآمن بأنّ الحرية حقّ مقدّس تُهرق دونه الدماء والدموع، فهي هبة الخالق للخلائق من شتّى الفرق ومختلف الجموع، وليس يحقّ لأحد أن ينتزعها منهم كائناً من كان، ولو من أهل المال والسلطان. فشهر لذلك سيف الإصلاح، ودافع عن نفسه، وعن حقّه الهضيم، دفاع الرآبلة الأبطال، فصبر وتجلّد حتى قُيّد له النصر والظفر، وباء أعداؤه بالخسارة والخذلان، وكتبت عليهم الذلّة والهوان، فاستعاد حقّه السليب الغصيب من أهل الحكم، وسائر من لهم من أعوان، أولئك الذين يطبقّون القوانين على الضعفاء دون الأقوياء، حتى رأى في عدالة العالم الفاني رابع المستحيل ونسج الهبـاء، حيث يقول:

" عالمنا تعمّه الشرور، وليله أبديّ اليدجور، وستبقى العدالة فيه موءودة حتى يوم النشور ".

مقارباً بذلك جبران خليل جبران في مواكبه حيث يقول:

" والعدل في الأرض يُبكي الجنَّ لو سمعوا به

                                                ويستضحك الأموات لو نظروا "

أو:

" إنّ عدل الناس ثلج                         إن رأته الشمس ذاب "

وهكذا انتصر الهادي الحبيب على أعدائه المغرضين، بعد أن حاولوا تشويه سمعته، ومناوأته، واضطهاد مؤيّديه، وتلطيخ دعوته بأقبح النعوت والصفات، فبان وجه الحقّ ناصعاً، سافراً كوجه الصبح في الليالي المقمرات.

فشدا الحبيب، ورنّم على القيثار – يا لرنّة ذلك القيثار – موقعاً لحن الهوى، مردّداً حديث الأسمار، مسامراً نجوم الليل وبنات الطبيعة الأبكار، هاتفاً لنيّرات الكواكب تسحره بألقها الجبّار .... وأنشأ المتحف الداهشيّ وهو على أحرّ من الجمر أو النار، وغنّى للمعابد الروحيّة الداهشيّة تُشاد على إسم الباري ذي الجلال، ليُذكر فيها آناء الليل وأطراف النهار.

لقد مرّ في عالمنا للحظات، فكان كالرعد الداوي، وكالبرق الخاطف الذي ومض ومضى، وكان كالطائر الذي غرّد خارج سربه، يُنشد ويُردّد ألحان الخالدين، فلا يلقى أذناً صاغية من المستمعين. أمّا آراء أعدائه فيه فقد كانت تقوم على الظنّ والتخمين، ولا تستند إلى ظلٍّ من الحقيقة والواقع أو اليقين.

حقاً، لقد كان بيننا غريباً، وعاش في عالمنا وحيداً، فريداً، طريداً، حيث يقول:

" وحيداً أتيت عالم أحزاني،

ووحيداً سأغادره كما أتيته ".

إنه الدكتور داهش، وكفى!


المراجـع والمصادر:



[1]- إيليا حجّار:  قائمة بالكتب السوداء التي نشرت في عهد الشيخ بشارة الخوري (ملحقة بكتاب "حدائق الآلهة وفراديس الإلهات " للدكتور غازي براكس – ص 137) دار النسر المحلق – بيروت 1981.

[2]- الدكتور داهش: كلمات الدكتور داهش – طبعة ثانية ص 90 دار النار والنور – بيروت 1983.

[3]- نفس المصدر السابق ص 91.

[4]- نفس المصدر السابق ص 100-101.

[5]- من العبارات التي كثيراً ما كان يردّدها الدكتور داهش أمام زائريه.

[6]- كلمات الدكتور داهش – ط 2 – ص 82.

[7]- الدكتور داهش: الرحلات الداهشيّة حول الكرة الأرضية (20 جزءاً) مقدّمة الرحلة الثانية ص 6-7 دار النار والنور – بيروت 1983.

[8]-  القرآن الكريم: سورة الأحزاب – الآيات : 45 – 46.

[9]- جرجي زيدان: بناة النهضة العربية ص 202 – دار الكاتب العربي عام 1982.

[10]- الدكتور عمر فرّوخ: الشابي شاعر الحبّ والحياة – ص 305 – 306 – ط 4 - دار العلم للملايين – بيروت 1987.

[11]- أبو القاسم الشابي: الديوان – المجلد الأوّل – ص 462 - ط 1 - دار الجيل – بيروت 1997 – تحقيق الدكتور إميل كبا.

[12]- حليم دمّوس: المعجزات والخوارق الداهشية المذهلة - ص 43 - دار النار والنور – بيروت 1983.

Developed by Houssam Ballout        Copyright 2019 This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.nfo All Right Reseved This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.