في ذكرى انتقال الأخ فريد أبو سليمان
هو من عائلةٍ عريقةٍ من عائلات لبنان, طبيبٌ مُتخصِّصٌ, درس الطبَّ في أشهر جامعات فرنسا, وله باعٌ طويل في تشخيص الأمراض والنفوس, وهو على دراية لا يستهان بها للتمييز بين السحر والشعوذة والمعجزات الروحيَّة, تعرَّف الى ذلك الفتى, فرأى نور الحقيقة يشعُّ من وجهه, وخوارق القوانين الطبيعيَّة تُخرَقُ أمام عينيه, والمعجزات الروحيَّة تُجترّح على يديه, آمن به وبرسالته الألهيّة, غير عابءٍ برجال دين أو دنيا, ولا بمناصب رفيعة أو أغراءات ماديّة من رجال سلطة, ولا من تهديدٍ أو وعيد. وأعلن ايمانه على الملاء, فكان المؤمن السادس.
سار على درب الحبيب, حتى لازمه, دافع عنه حتى اضطُهِدَ من أجله, سُجِنَ مع من سُجِنَ من أصحابه وأخوته, ليخرج من سجنه مرفوع الرأس, ثابتاً في ايمانه, راسخاً في عقيدته, مُحتَقِراً سجَّانيه وزبانيتهم, منقضّاً انقضاض النسور على جلاَّديه, المتمثليين بصحافةٍ مأجورة, ورجال دين مُتغطرسين, وحكّامٍ ظالمين, مستمدّين من سلطاتهم سلطاناً لجورهم وتعسّفهم, وتشويه الحقائق, مدفوعين بأحقاد الباطل, وطغينة الرذيلة, غير آبهين بحريّةٍ فرد أو فكرٍ أو مُعتقد, رغم حماية الدستور لتلك الحرّية المقدَّسة, والمستمدّة من السماء.
زَهُدَ بمن حوله من أقارب وأترابٍ , ومن خلاَّن وأصحاب, والتفَّ مع من التفَّ حول مؤسِّسَ الداهشيَّة آنذاك من عليَّة القوم واصفاهم نفساً, وترفعهم خُلقاً. تفانى في حبّه واخلاصه, واضعاً نفسه بتصرّفه, في أي زمانٍ ومكان, وفي السرّاء والضرّاء, حتى عُرِفَ ب رفيق النبيِّ الحبيب الهادي.
تخلى عن حياة الرُغدِ والبذخِ, وهو ابن الحسبِ والنسب, ومالك الجاه والمال ,وصاحب الرفعة والشان, خرج على التقاليد والعادات التي أورثوها له كما لغيره, أبى الاَّ أن يكون حراً بتصرفاته وأفكاره حتى خرج على الكنيسة والرعيّة, لم يأبه من غدر الزمان, ولا من تهديد بالحرمان, ولا من تهويل والد او راهبٍ أو سلطان.
كان لديه من القوَّة الفكريَّة والعقليَّة ما لم تُنْعمَ به السماء على الكثير من أترابه, حتى أصبح مثالاً يُحتذى به, في انفته وعزَّته, في جهاده وتضحياته, في اخلاصه ووفاءه, في تواضعه وترفُّعه عن الصغائر والكبائر , ملتزماً أخلاقاً حميدة, متخلِّياً عمَّا هو دون السماء, فما دونها فهو باطل. مُسيطراً على شهواته ورغباته, نابذاً ايَّاها وما لها. مبشراً بمبادىء روحيَّة تهدي الأنام الى الخلاص , مجاهداً في سبيلها حتى الرمق الأخير, مضَّحياً بكل ما له في الحياة الدنيا , ومستمدَّاً قوَّةً لا يستهان بها من قوّة ذلك الفتى. حتى أصبح التكلّم بالرسالة الداهشيّة دأبه الدائم, في حلِّه وترحاله, مُحدِّثاً بالتعاليم الألهيّة, وبالمعجزات الروحيَّة التي تمَّت على يديّ الحبيب داهش,. كما هاجم السحرة والمشعوذين أينما حلّوا, وعلى مسارحهم, وفي عقر دارهم. وكشف كذبهم وتدجيلهم وخزعبلاتهم, التي لا تنطلي الاَّ على الجهلة والأغبياء من الناس. وكان له في ذلك صولات وجولات.
لقد كان الدكتور داهش مثله الأعلى في الأرض كما في السماء. حتى انتقاله الى عالمه البعيد السعيد, ولقاءه حبيبه وهاديه ومُرشده, وكانت الفرحة العظمى.
فسلامٌ الى روحك الطاهرة في ذكرى انتقالك, على أمل اللقاء بك باءذن الله .
حسين يونس الداهشيّ
كوانزو 20 نيسان 2015 .